ذات يوم خرج مهندس بلايستيشن علينا ليقول بأن التيرافلوب ليست كل شيء وهناك أمور أخرى أهم منها بتحديد أداء الجهاز. وانضم إليه عدد من المطورين والمبرمجين وكان من السهل اتهامهم بانهم يحابون سوني. لكن بعد إطلاق الجهازين PS5 و Xbox Series X حانت اللحظة التي كنا ننتظرها لحظة الحقيقة وتكشف الاداء لكل من الاجهزة واذ نكتشف بان اقوى جهاز منزلي ذو ١٢ تيرافلوب كان بمرات كثيرة أضعف بالأداء من منافسه ذو الترددات المتغيرة والتي كان البعض يعيبه بسببها.
وبشكل عام الأداء إما كان متقارب بشكل كبير أو تفوق للبلايستيشن 5 الأضعف على الورق إما بإعطاء دقة عرض ديناميكية أعلى أو حتى ثبات أفضل في معدل الإطارات. فمثلاً في لعبة أساسنز كريد فالهالا التي كان تسويقها مع مايكروسوفت توقع الكثيرون بأن يكون أفضل أداء لها هو على سيريس اكس لكن النتيجة على أرض الواقع كانت مغايرة بالنسبة لسلاسة الرسوم فجهاز بلايستيشن 5 كان أقرب إلى أداء 60 إطار بالثانية من منافسه بمعظم الأوقات وأحيانا كان الفارق 25% بين الجهازين. أيضا في Dirt 5 بلايستيشن 5 كان متفوق بنمطين للرسوم من أصل 3 لاسيما بتقديمه تفاصيل تكتشرز أكثر لكن المطور Codemasters أقر بأن هذا مرده إلى خطأ تقني بنسخة اكسبوكس وسيقوم بحلها بتحديث لاحقاً.
بحسب ما ذكر RedGamingTech فإن بعض المطورين في يوبيسوفت أخبروه بأن مطور ووتش دوقز ليجيون كان أول من استلم عدة تطوير اكسبوكس سيريس لذا فإن الأوبتمايزيشين الخاص بها كان أفضل من فالهالا التي حصل مطورها فريق مونتريال على عدة التطوير الأولية في نوفمبر 2019 والتي لم تكن عدة التطوير النهائية بذلك الوقت.
ليس هذا فحسب بل أيضاً سمعنا بأن يوبيسوفت كانت بالأصل تستهدف تطوير فالهالا بأداء 30 إطار بدقة 4K ولكن هذا التوجه تغير في شهر يوليو وقرروا أن يذهبوا لخيار 60 إطار و بدقة ديناميكية، وأظن بأن السبب هو ردة فعل الجمهور المستنكرة لأداء 30 إطار بالجيل الجديد. ومؤخرا قدمت الشركة تحديث قدمت فيه خيارين رسومين للعبة واحد للأداء والآخر للدقة وأصلح بعض الأخطاء التقنية.
كذلك علمنا بأن مايكروسوفت قامت بإعادة العمل على تصميم عدة التطوير والأدوات الخاصة بها لحل بعض المشاكل وتوحيد بنية التطوير على جميع المنصات ضمن بيئة اكسبوكس بما في ذلك الحاسب وسيريس اس والسحابة بحيث يتم استخدام نفس المعدات للتطوير لأجهزة مختلفة بنظام بروفايلات، مثلاً يتم استخدام بروفايل خاص لتقليل الأداء على سيريس اس. حتى أن مايكروسوفت لم تسمح للمطورين بتقديم ألعابهم للحصول على موافقة إصدارها للـ Xbox Series X إلا في يونيو 2020 بعدما أنهت إعادة العمل على عدة التطوير وتحديثها. ولكن هذا أضاف تعقيدات أمام المطورين الذين يحتاجون لوقت ريثما يتعلمون كيفية استعمال هذه البيئة التطويرية الموحدة. أضف لذلك اعتراف مايكروسوفت بأن أجهزتها لم تدخل عملية الإنتاج الكاملة حتى أواخر الصيف الماضي كونها كانت تنتظر تقنيات AMD الكاملة ليتم استخدامها بالمعالجات وأعتقد بأن هذا سبب تأخر استعراض مايكروسوفت للألعاب التي تستغل قوة الجهاز.
بالمقابل سوني بدأت بإنتاج جهازها قبل مايكروسوفت كما أخبرنا جيسون شراير في ديسمبر 2019 بأن مايكروسوفت متأخرة عن سوني لناحية الاتصال وتوزيع عدة التطوير على المطورين مؤكدا بأن كل من الجهازين يتمتع بقوة كبيرة. كذلك محلل Digital Foundry السيد Richard Leadbetter قال في سبتمبر الماضي بأن كل المطورين الذين تحدث معهم وكانوا يعملون على تطوير ألعاب للبلايستيشن 5 عبروا له عن مدى سعادتهم ورضاهم عن عدة التطوير فالجهاز يتمتع بنفس بنية بلايستيشن 4 لذا التعامل معه سهل للغاية ويمكنهم بسهولة من الاستفادة من مزاياها وتقنياته لتحسين ألعابهم.
كما أن بعض المطورين اشتكوا من معاناتهم بالتعامل مع عدة تطوير اكسبوكس سيريس اكس التي باتت أقرب لبنية التطوير على الحاسب من حيث امتدادها لتشمل أجهزة بعتاد مختلف سواء سيريس اكس أو سيريس اس أو عائلة اكسبوكس ون وحتى الحاسب نفسه فهي بنية مفتوحة ومختلفة عن عتاد أجهزة اكسبوكس السابق.
أي أن المطورون حصلوا على عتاد تطوير بلايستيشن 5 قبل عتاد اكسبوكس سيريس وهذا منحهم وقت أكبر بالتعامل معه ناهيك عن أنه لا يختلف عن عتاد بلايستيشن 4 كثيراً لذا كان المطور يقوم بنفس الخطوات التي اعتاد عليها بتطوير ألعاب الجيل الماضي أما مع عتاد اكسبوكس فهو بحاجة للمزيد من الجهد وتعلم كيفية التعامل معه وهذا ما عقبت عليه مايكروسوفت لاسيما لنقطة تفوق بلايستيشن 5 بالأداء ببعض الألعاب بالقول بأنها على علمٍ بمشكلات الأداء في عددٍ قليلٍ من العناوين المحسَّنة لجهازي Xbox Series وتعمل بنشاطٍ مع شركائها لتحديد وحل تلك المشكلات لضمان تقديم تجربة مثالية. وذكرت بأن المطورون مازالوا يتعلمون كيفية استغلال القوة الكاملة للأجهزة الجديدة على النحو المنشود وهو ما يؤكد صحة ما ذكرناه أعلاه من معلومات.
ديجيتال فاوندري وخلال تحليلاته التقنية لبعض الألعاب حاول أن يفسر هذه النتائج فمثلاً في تحليله للعبة Devil May Cry V Special Edition والتي تفوق فيها بلايستيشن 5 بنمط الأداء بفوارق تصل أحياناً إلى 40 إطار بأن هذا قد يكون بسبب محدودية بالـ API حيث يتم كبح المعالج الرسومي بشيء ما واصفاً ذلك بأنه أمر غريب.
بحسب الإعلامي توم وورين فإن أحد المطورين أخبره بأن انتقال مايكروسوفت لعدة GDK تسبب في بعض الإرباكات حتى في أبسط الأمور مثل التبديل بين البروفايلات والربط مع الgamepad بالمقابل فإن التعامل مع عدة تطوير بلايستيشن 5 كان أسهل حتى لناحية توفير سوني لوثائق أكثر وضوحاً ليتم اتباع الإرشادات الموجودة فيها من أجل التطوير.
هل اعتماد سوني هو فقط على عدة التطوير المألوفة والسهلة؟
طبعاً ما قلناه أعلاه حول حقيقة تأخر تسليم عدة تطوير اكسبوكس سيريس وتعقيدها لا يعني بأن سلاح بلايستيشن 5 يكمن فقط في العدة التي وصلت للمطورين قبل أو تشابهها مع عدة بلايستيشن 4. فهناك أمور أخرى يمكن أن تلعب دور بتفوق الجهاز. والتي تثبت ربما صحة قول مهندس بلايستيشن بأن التيرافلوب ليس كل الحكاية. وهناك بعض النقاط الواجب ذكرها بهذا الصدد:
- التفوق في بلايستيشن 5 يحدث غالباً في نمط 120 إطار أو مثلاً بالمشاهد التي يكثر فيها عدد الشخصيات بلعبة أساسنز فالهالا، وهذه السيناريوهات تزيد الحمل على المعالج المركزي وهنا يتجلى صوابية قرار سيرني بتقديم معالج مركزي بتردد 3.5 GHz ورفع تردد المعالج الرسومي إلى سرعة 2.23GHz واعتماد الترددات المتغيرة وتقنية Smart Shift التي تعمل على توزيع قوة الأداء بين المعالج وبطاقة الرسوم وعندما يكون هناك عنق زجاجة في إحدى المعالجات المركزي أو الرسومي فإنه يتم تحويل الطاقة من أحدهما للآخر من دون أن يتأثر الأداء وهذا يجعل الجهاز قادر على التعامل بمرونة أكبر مع مشاكل عنق الزجاجة. بالمقابل سمعنا بمشاكل عنق زجاجة بالـAPI للسيريس اكس من ديجيتال فاوندري. أي ربما يكون هناك خلل باستغلال الـ API حالياً.
- الوحدة الإضافية بالهاردوير التي وفرتها سوني من أجل فك الضغط دور إيجابي وفعال بإزاحة بعض الحمل عن المعالج المركزي، وهي تقوم بهذه المهمة بوقت اسرع مما يقوم به عادة المعالج المركزي والرسومي بالحاسب وبالتالي يتم توفير جهد وقدرة وموارد لهذه المعالجات للقيام بأمور أخرى. أي أن هناك أعباء أكثر على كاهل معالج اكسبوكس سيريس اكس حالياً مقارنة بما يقوم به معالج بلايستيشن 5.
- بالنسبة للأوبتمايزيشين فإن مطورو الألعاب لن يحتاجوا لضبط سرعات معالج بلايستيشن 5 لتحسين أداء ألعابهم لأن نظام الجهاز سيضبط كل شيء تلقائيًّا. وأكد سيرني أيضًا أن هناك أطوار تشغيل مُقفلة في عدة التطوير على ترددات ثابتة تُساعد المطورين على تخصيص ألعابهم للجهاز.
- سوني اعتمدت على زيادة تردد المعالج الرسومي وكذلك تكبير وحدات الـCU في معالج بلايستيشن 5 وهذا لن يؤثر فقط على اداء المعالج ولكنه سيؤثر أيضاً على حجم الطاقة المستهلكة وتقليل الإزعاج الناجم عن ارتفاع صوت مروحة التبريد.
- مارك سيرني أكد بأنه كان حريص على الاستماع لشكاوي المطورين لذا صمم الجهاز بحيث يقدم بيئة تطوير سهلة لهم، بجانب تقليل الزمن اللازم للمطور كي يستفيد من الطاقة العظمى للجهاز (أي الوقت الذي تصل فيه الرسوم والأصوات والعناصر الأخرى لأقصى حدودها باستخدام طاقة الجهاز الكاملة) والتي أسماها “dead time” هذا الوقت كان يتراوح في جهاز بلايستيشن 3 بين 6 لـ12 شهر وهذا ما أزعج الكثير من المطورين طبعاً أما في بلايستيشن 4 فهو كان بين شهر وشهرين وفي الجهاز الجديد سيكون أقل من شهر. هذا سيترجم لسرعة أكبر بالتطوير وسهولة بتعامل المطور مع الجهاز نظراً لاعتيادهم على بنيته كونها تشابه نوعاً ما بنية بلايستيشن 4. بالمحصلة سنحصل على ألعاب بسرعة أكبر وهذا قد يفسر سبب تقديم سوني لحصريات كنا نتوقع قدومها بعد أعوام مثل هورايزون 2 و God of War Ragnarok
- سوني قدمت للمطورين تقنية Geometry Engine الجديدة والتي يستطيع المطور الاستفادة منها أثناء عملية ضبط الأداء واستغلال قدرة المعالج الرسومي بشكل برمجي باستخدام المثلثات بشكل سلس وبسيط لخلق عناصر ومؤثرات خاصة أفضل وتحتوي المزيد من التفاصيل للمجسمات. هذه التقنيات تذكرنا بتلك المستخدمة بمحرك أنريل 5 حيث علمنا بأن استهلاك ديمو Unreal 5 لجهد المعالج الرسومي يماثل ما تستهلكه Fortnite والحديث هنا طبعاً عن خاصية Geometry Rendering أي إظهار وتجسيد المجسمات والتفاصيل بالبيئة وغيرها. كذلك ميزات مثل Nanite الخاصة بالمحرك يمكن أن تأخذ بعض الأعباء عن كاهل المعالج الرسومي وتقوم بتحميل الـ assets ذات الجودة العالية المماثلة لجودة الافلام بسلاسة كبيرة معتمدة على سرعة الـ SSD من دون أعباء إضافية على المعالج. وهذا يعني بأنه يمكن لسرعة الـSSD أن تساعد في الحفاظ على التفاصيل و دقة عرض أعلى من خلال تدفق البيانات بسرعةٍ أكبر.
- مايكروسوفت تقدم ذاكرة عشوائية مقسمة لأجزاء بينها 10جيجا مخصصة للألعاب و6 للتطوير وأمور أخرى مع سرعات متغيرة لكل جزء، أما سوني فاعتمدت سياسة تقديم ذاكرة عشوائية ثابتة الأداء وهذا قد يكون أفضل لأن مع السرعات المختلفة سيكون تركيز المطورين على الجزء الأسرع بالتالي ستكون الكمية الإجمالية للأشياء التي يرغبون في وضعها في الجزء السريع كثيرة لدرجة أنها قد تسبب مشاكل. وإذا ما أرادوا دعم 4K فهذه ستكون قصة أخرى تماماً، لذلك قد يكون هناك شيء سيوقف تشغيل معالج الرسوم ويكبحه للوصول للأداء المثالي الموعود بحسب رقم التيرافلوبس.
- اعتماد سوني سياسة تقديم ترددات متغيرة للمعالج المركزي والرسومي مقابل تقديم مايكروسوفت تردد ثابت، وبعض المهندسين يرى بأن ما فعلته سوني أكثر منطقية من خيار مايكروسوفت، لأنه مع الترددات المتغيرة يمكن للمطور تعديل أداء الجهاز وفق الحاجة فمثلاً عند الـLoading يتم توظيف قدرة المعالج أما عندما تقترب الكاميرا لوجه شخصية ما فهنا نحن بحاجة لأداء أكبر من المعالج المركزي لذا فـ سوني تمنح هنا المطور حرية بالتعامل مع الجهاز وهذا سيكون له شأن كبير.
بالختام يمكن القول بأن الجولة الأولى كانت لصالح بلايستيشن 5 نوعاً ما نظراً لكون مايكروسوفت هي من تغنت وتباهت أكثر بقوة جهازها الذي أسمته أقوى جهاز منزلي بالعالم وبما أنه صدر دون حصريات طرف أول كان الكل ينظر له إلى أنه على الأقل سيكون المكان الأنسب لتشغيل ألعاب الطرف الثالث بأفضل أداء ولكن على أرض الواقع هذا ليس صحيح تماماً. لكن هل سيستمر ذلك؟ لا أعتقد هذا فمع الوقت سيعتاد المطورون على عدة تطوير اكسبوكس الجديدة وسيتمكنون من استخراج قوة أكبر منه ولكن لا ننسى بأن هذا سينطبق كذلك على منافسه لذا سنكون على موعد مع جولة أخرى بالألعاب المطورة فقط للجيل الجديد. وربما فعلا يكون هناك بذلك الوقت تفوق للسيريس اكس لكنه باعتقادي لن يكون بنفس النسبة التي كان يتوقعها البعض وهذا أيضاً سيعتمد بشكل كبير على اللعبة والمطور وأي جهاز يعمل عليه كمنصة أساسية.
لأنه كما يبدو فإن كل جهاز يعتمد طريقة معينة لتقديم الأداء الأفضل بحسب وجهة نظر الشركة المصنعة لألعابه، ولكن للمطورين طبعاً الدور الأبرز في كيفية الاستفادة من القوة الكاملة لكل جهاز من أجل تقديم التجربة المثالية. فمثلاً بلايستيشن 3 ورغم امتلاكه معالج قوي جداً لكن عانى المطورون كثيراً بالعمل عليه وأقصد هنا الطرف الثالث طبعاً بسبب طبيعته المعقدة. لكن سوني جعلت الأمور أفضل مع بلايستيشن 4. لهذا السبب لا يمكنك الاهتمام بهذه الأرقام كثيرًا وعلينا أن نعلم بأن قوة المعالجة النظرية تعتبر معياراً افتراضياً لقوة الأجهزة، وتفترض بأن المعالج لجهاز ما في الحالة المثلى سيعمل بهذا المعدل، لكن تلك الحالية المثالية لا تتحقق بكثير من الأوقات فمن أجل تحقيقها يجب أن تعمل كل قطع العتاد بكفاءة عالية مع المعالج الرسومي فإذا لم تعمل أي من هذه القطع بالسرعة الكافية فإنها ستساهم في انخفاض الأداء في القطع الأخرى.