في فبراير 2019 تسلم جيم ريان قيادة Playstation وتم تعيينه كرئيساً لسوني للترفيه التفاعلي، لتطوير خدمات الشبكة والبقاء بالصدارة. لكن قرارات ريان منذ ذلك الوقت أثارت الكثير من التساؤلات والانتقادات. والبعض بات يشكك بأنه قادرُ بالفعل على إبقاء سوني بالصدارة، كما كان رئيس شركة سوني Kenichiro Yoshida يريد عندما عينه بهذا المنصب.
الرأسمالية هي المسيطرة
منتقدو جيم ريان لديهم مآخذ عدة عليه، أهمها أنه ينطلق برسم استراتيجية بلايستيشن من منطلق رأسمالي أمريكي بحت، ويتهمونه بأنه قاد المساعي لفرض سيطرة أمريكية مطلقة على بلايستيشن – رغم أنه ليس بأمريكي – عبر صراعٍ داخلي بين الفرع الأمريكي والياباني – بحسب تصريح لمطور سابق بالشركة – كان نتيجتها تهميش سوني اليابان.
ما يهم جيم ريان وإدارته الأمريكية التي نجحت بفرض سيطرتها على بلايستيشن هو الربح أولاً وأخيراً، لذا أعاد هيكلة وتنظيم استوديو «سوني اليابان» وتسبب بخروج المبدعين منه، لأن عناوينه مثل Gravity Rush لم تدر على سوني الكثير من المال مقارنةً بالحصريات واستوديوهات نوتي دوق وغيره.
وهذا بسبب فشل استوديو Japan Studio في تحقيق المكاسب المطلوبة منه لتركيزه على ألعابٍ تستهدف مجتمع اللاعبين الياباني، دون التطرق لتطوير ألعاب عالمية قوية مثلما يفعل بقية مطوري سوني. حيث أراد المطور إنشاء ألعاب تجذب السوق اليابانية أولاً على أمل أن تحظى بشعبية عالمية، بينما تريد سوني نوع النجاحات العالمية التي تنتجها استوديوهات الطرف الأول الأخرى. الأمر الذي تسبب في خسارتنا للكثير من المبدعين الذين غادروا الاستوديو.
داء الغرور والعجرفة يصيب سوني مجدداً؟
جيم ريان يذكرنا ب ken kutaragi الذي أصابه الغرور بعد نجاحات بلايستيشن ٢، فقدم جهازاً غالي الثمن بالجيل السابع وهو بلايستيشن ٣ بمعالج cell الذي صعب عملية التطوير على الاستوديوهات، وعندما سئل عن تبريره لهذا السعر الباهظ قال بأن PS3 يعتبر جهازاً رخيصاً للغاية، فهو منتج ليس له مثيل ولا يقارن حتى بالـ PC، ومن يريد الحصول عليه يمكنه العمل لساعاتٍ إضافية! وبعد أن كاد يحطم بلايستيشن ذلك الجيل جاء كازو هيراي وأنقذ العلامة بالحصريات وتخفيض سعر الجهاز.
صحيح أن بلايستيشن 5 لم يطرح بسعرٍ باهظ – يُقدم أفضل خيار ممكن لناحية القيمة بحسب ريان -، لكن بعض تصرفات وتصريحات جيم ريان توحي بعودة خصلة العجرفة والانتشاء بنجاح بلايستيشن 4. مثل دفاعه عن سعر الـ70$ بالقول أن قيمة ألعاب PS5 واضحة. وإذ بنا نتفاجأ بأن لعبة من تطوير أحد فرق بلايستيشن وهي MLB The Show 21 ستتاح لمشتركي جيم باس باشتراك 10 دولار، أما لأصحاب منصة بلايستيشن فسوف تتوفر بـ 70 دولاراً!.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه شعبية جيم باس لا سيما بعد استقبالها لعدة ألعاب من اليوم الأول، يخرج جيم ريان بتصريحٍ يتجاهل فيه نقطة هامة لمصلحة المنافس، حيث ألمح لضرورة عدم ترقبنا خدمةً مماثلة للـ Game Pass على PS5، لأن “هذه الخدمة لا تناسبهم فألعابهم Blockbuster”!
مايكروسوفت توسع قائمة استوديوهاتها وسوني تهمش فرقها!
من أجل إصلاح خطأ قلة الحصريات التي عانت منه مايكروسوفت في الجيل الماضي، بدأت تنتهج خطوات الاستحواذ التي كان أضخمها شراء الشركة الأم لبيثيسدا، وبهذا بات هناك أكثر من 20 استوديو بحوزتها وهؤلاء جميعاً يعملون على حصريات للاكسبوكس. وبهذا باتت مايكروسوفت تتفوق على منافستها بعدد الاستوديوهات.
ومنذ الإعلان عن تلك الصفقة الجميع ينتظر رداً من سوني، ربما بخطوة استحواذ ضخمة مثلاً. لكن هذا لم يحدث، على العكس سمعنا من تقرير جيسون شراير أن جيم ريان قرر التركيز على استوديوهات معينة ألعابها تحقق عائدات ضخمة مضمونة. فهو لم يعد يرغب بالمخاطرة والمجازفة عبر منح باقي الفرق باستوديوهات بلايستيشن الفرصة كي يبتكروا عناوينهم الخاصة بالتالي إمكانية أن يصبحوا بيوم من الأيام من ضمن تلك الفرق الكبيرة.
كما حدث مع Visual Arts Service الذي حاول أن يكون له مشروعه الخاص ولكن سوني رفضت، فما كان منه إلا وأن قرر يعمل على ريميك The Last of Us لكن حتى هذا المشروع سحبته سوني منه وسلمته لنوتي دوق!. أي أن سوني من الآن وصاعداً ستهتم فقط لتلك الحصريات التي تلقى مديحاً من النقاد، وحتى لو كان ذلك على حساب آراء بعضاً من جمهورها. فكلنا يذكر دفاع ريان عن نيل دركمان فهو لم يكترث بالفارق الكبير بين الجزء الأول والثاني من The Last of Us طالما النقاد صفقوا لها.
هذا يتعارض مع سياسات سوني في الماضي، فمثلاً شون لايدن تحدث ذات مرة عن لعبة Vib-Ribbon وبأنها لم تجلب الكثير من العائدات، ولكن هذا ليس بالأمر المهم لهم ولم يكن هو الغاية، كونهم يهتمون أكثر بدعم الإبداع. أيضاً Kenichiro Yoshida سبق وأن تحدث بوضوح عن أن زيادة الأرباح ليست هي الغاية بالنسبة لهم. فإن هدفهم كشركة هو ملئ العالم بالعواطف عبر الإبداع والابتكار والتكنولوجيا، الربح هو هدف والهدف يختلف عن الغاية بحسب يوشيدا.
بالمقابل هناك من يدافع عن ريان ويؤيد سياساته، بناءً على المعطيات التالية:
- البعض راضٍ بسياسة جيم ريان المنفتحة كلاعبي الحاسب الذي رحبوا بقراره جلب حصريات بلايستيشن لجهازهم وإن كانت حصريات مر على صدورها سنوات، وبعض جمهور بلايستيشن يدافع عنه كذلك بالقول بأن هذا الانفتاح يساهم في جلب عائدات أكثر لسوني بحيث تستفيد منها في تمويل مشاريع بلايستيشن. لنعود مرة أخرى لوضع الربحية بالمقام الأول في سياسة هذا الرجل.
- وحول تهميش دور سوني اليابان، هناك من يقول بأنه من المهم التفريق بين السوق الياباني والمطور الياباني. فسوني ما زالت مستمرة في دعم المطور الياباني وتجلب حصريات من مطورين يابانيين مثل سكوير انكس. لكن السوق الياباني لم يعد مهماً بسبب توجه الجمهور هناك نحو ألعاب الجوالات وانخفاض اهتمامهم بأجهزة الكونسل، لذلك عدم تطوير ألعاب موجهة للسوق الياباني والتركيز على الألعاب الضخمة التي تلائم السوق العالمي أكثر هو الصحيح.
- البعض يعتقد بأن التركيز على العناوين الضخمة AAA إن صحت التقارير موجهة للتفوق على سياسة مايكروسوفت كونها تعتمد بشكل أكبر على مشاريع AA فقط لحشو الجيم باس بألعاب كثيرة وفق تعبيرهم.
- بالنسبة لرفع الأسعار فهناك من يبرر ذلك بارتفاع كلفة التطوير، وبكون ألعاب سوني تحتاج ميزانيةً عالية بسبب اعتمادها على تقنيات الالتقاط الحركي والممثلين. وحتى أن سوني تتكبد كلفاً عالية لقاء دعم السيرفرات والمتجر وإتاحة إمكانية تحميل الألعاب للاعبين.
- هناك من يعتبر بأن البعض يبالغ بانتقاداته لجيم ريان وبأنه يهتم فقط بالألعاب الكبيرة، فهذا غير صحيح بدليل حلقات State of Play أغلبها تكون من مطورين مستقلين. وكذلك سوني ما زالت مستمرة في دعم المبدعين كما حدث مع الإعلان عن أن Jade Raymond مُنتجة Assassin’s Creed السابقة تعمل على حصرية للبلايستيشن.
- المدافعون عن ريان يقولون بأن سوني ما زالت تصدر ألعاباً ضخمة، وتدعم ألعاب المطورين المستقلين، وتعقد اتفاقيات من أجل حصريات الطرف الثالث. كما أن جهاز PS5 كان أفضل بالأداء بكثير من الألعاب على منافسه. وحصل على ألعاب إطلاق أفضل من اكسبوكس سيريس اكس.
- صدور الحصريات للحاسب ليس بالأمر الخاطئ فسوني قبل أن توفر لملاك الحاسب ديز جون قدمتها مجانا لمشتركي البلس. وحتى هورايزون تتوفر مجاناً للجميع عبر مبادرة اللعب من المنزل. فهذه الالعاب لم تعد تبيع على بلايستيشن فلم تحتفظ بها سوني هناك إن كان يمكن الاستفادة منها بجلب مزيد من الأرباح لاستغلالها بتطوير مشاريع جديدة، وكذلك تعريف جمهور جديد على حصريات بلايستيشن.
- بالنسبة للاستحواذات، جيم ريان ربما يرى بأنه لا داعٍ لدفع مليارات لقاء الاستحواذ على شركة كاملة للرد على استحواذ مايكروسوفت على بيثيسدا، طالما الشركات تأتي إليهم كونهم أصحاب الأجهزة التي تبيع فوق ١٠٠ مليون، بالتالي هو يفضل دفع بضعة ملايين لقاء عقد حصرية مؤقتة مثل صفقتهم مع سكوير انكس أو كينا أو حتى تمول مشروع مثل Returnal بدلاً من شراء مطورها. أما مايكروسوفت فهي مضطرة للاستحواذات الكاملة بسبب تخبطات جيل اكسبوكس ون.
إذاً هناك من ينتقد جيم ريان وسياساته ويرون بأنه ربما يهدد سيطرة سوني على هذا الجيل، باعتماده على ولاء الجمهور فقط رغم أن هذا الولاء لم يسعفهم أبداً بجيل بلايستيشن 3، لا بل يتيح الفرص أمام المنافس للاستفادة من أغلاطه، خصوصاً عبر التمدد أكثر باليابان مع ظهور تقارير عن تبني مايكروسوفت لمشروع كوجيما بعد رفض بلايستيشن له. وهذا عكس ما حصل الجيل الماضي حيث أجادت سوني بذكاء الاستفادة من أخطاء Don Mattrick. بالمقابل هناك من يدافع عنه ويرى بأن سياسته هي الأفضل كونه يدعم الخدمات أكثر، ويركز على العناوين الناجحة كونهم يفضلون ألعاباً أقل لكن بجودة عالية، على أن يتم تقديم ألعاباً أكثر بجودة أقل. فأنتم مع أي طرف؟ ولماذا؟