على مر السنوات شهدنا إقدام العديد من شركات الإنتاج السينمائية على تقديم أفلام مستوحاة من الألعاب مثل Mortal Kombat و Super Mario Bros. و Assassin’s Creed وWarcraft لكن مع الآسف لم تتمكن هذه الأعمال من تحقيق النجاح التي كان القائمون عليها يأملون بإنجازه.
ومع تكرار الفشل فيلم وراء الآخر بات اللاعبون لا يتوقعون أبداً أن يحقق أي عمل مقتبس عن ألعابهم المفضلة للنجاح المأمول وكأن هنالك لعنة ما تلاحق هذه المشاريع.
بالمقابل رأينا بأن نتفلكس عندما دخلت هذا المجال استطاعت فعلاً أن تنجح بالمكان الذي فشلت فيه هوليود فرأينا البداية مع مسلسل Castlevania وكيف أنه حصد شعبية واسعة بسرعة جعل الشبكة تنفتح بشكل أكبر على المشاريع الخاصة بالألعاب لتعلن عن تعاونها مع يوبيسوفت لتقديم فيلم ديفجن من بطولة Jessica Chastain وJake Gyllenhaal، وكذلك تحويل The Legend of Zelda لمسلسل تلفزيوني بقيادة Adi Shankar وهو المنتج الذي يعمل كذلك على إنتاج مسلسلات أنمي خاصة بعناوين Assassin’s Creed و Devil May Cry لتصل الشبكة مؤخراً لطرح أحدث مشاريعها وهو مسلسل ذا ويتشر الذي أثبت مرة أخرى قدرة نتفلكس على إمتاع اللاعبين.
هذه المعادلة المحيرة تجعلنا نتساءل فعلاً لما لم تستطع هوليود بكل إمكانياته الضخمة من تقديم مشاريع لاقت إعجابنا كلاعبين أو حتى إبهار المشاهد العادي في حين نجحت نتفلكس بهذا مع ميزانية أقل؟ للإجابة عن هذا السؤال دعونا نطرح أولاً بعض الأسباب التي أراها بأنها تقف وراء فشل أفلام هوليود:
1. في الألعاب يتم وضع اللاعب بتجربة يكون هو البطل فيها ويشعر بأنه هو المسؤول عن تطور الشخصية الرئيسية ويعيش كل تفاصيل الأحداث بنفسه، حتى أنه قد يكون مسؤول عن اتخاذ قرارات مصيرية يتحكم فيها بسير الأحداث وكذلك نجاح المهمة أو فشلها يعتمد عليه هو، أما عند مشاهدة الأفلام فيقتصر دوره على كونه متلقي فقط وفي أحيان كثيرة يشعر بأن هذه الشخصية غريبة عليه ولا يعرفها لعدم ارتباطه بها.
2. مدة أي فيلم سينمائي لن تتجاوز ساعتين أو ساعتين ونصف في حين أن مدة أي لعبة قد لا تقل عن 15 ساعة وتزيد بألعاب العالم المفتوح من لاعب لآخر، لذا عندما يأتي صناع الفيلم يحاولون اختزال تجربة عشناها كلاعبين نحو 15 ساعة أو أكثر بمدة ساعتين فقط وهذا ينتج عنه اقتطاع كبير في أحداث القصة ويشعرنا كلاعبين بأن ما حصلنا عليه بالفيلم لم يشبعنا بشكل كافي.
3. في الكثير من الأمثلة يكون القائمون على العمل على هذه الأفلام أشخاص لم يلعبوا من قبل اللعبة التي استوحوا الفيلم منها لذا عند مشاهدتنا لفيلم ما نشعر كلاعبين بأن المخرج أو كاتب السيناريو قام بالتلاعب في الشخصية الرئيسية التي اعتدنا أن نعيش معها لساعات وأحدثوا تغييرات بالأحداث بشكل يهمل التفاصيل التي شدتنا أثناء اللعبة وهذا ينتج فيلم بقصة سطحية وشخصيات باردة مقارنه بالقصة العميقة التي عشنا معها باللعبة وتكون النتيجة بأن الفيلم قد تجربة ناقصة وغير مرضية.
4. بالأفلام غالباً ما نشعر بأن ارتباطنا بالشخصية غير مكتمل وهذا ناجم عن التزام المخرج بتقديم خط سير أحداث ثابت يقتل المتعة التي اعتدنا عليها باللعبة.
5. إن الاختيار الخاطئ للممثلين دور في فشل الفيلم وعدم نجاحه بين جمهور اللاعبين فجميعنا نذكر الانتقادات التي طالت فيلم Tomb Raider الأخير بسبب عدم تقبل الكثيرين للممثلة أليسيا فيكاندير لاسيما بعد أن حققت أنجلينا جولي نجاح في النسخ السابقة من هذه الأفلام، فاختيار ممثل لا يليق بالدور يجعلنا كلاعبين ننفر من الفيلم حتى قبل مشاهدته.
6. بعض الأحيان تكون المشكلة تقع علينا نحن كلاعبين لأننا عندما نشاهد الفيلم نتوقع فوراً أن نرى نفس أسلوب اللعبة والشخصية والأحداث التي عشناها باللعبة وتحقيق ذلك بفيلم مدته ساعتين أمر شبه مستحيل.
ماذا عن مشاريع نتفلكس؟
بعد تعداد تلك العوامل التي تتسبب بفشل مشاريع الأفلام المنتجة في هوليود لنلق نظرة حول تجارب نتفلكس، بداية يمكن القول بأن هذه الشبكة خطت الخطوات الأولى الصحيحة اتجاه تقديم أعمال ناجحة مقتبسة من الألعاب، لماذا؟ لأنها ببساطة أدركت كيف تستهوي اللاعبين وتجذبهم، فعملت على معالجة كل نقاط الضعف التي عانت منها التجارب الفاشلة بالأفلام فرأينا مثلاً بأنها مع مسلسل ذا ويتشر تعمدت القول بأنها لن تقدم قصة تنسخ ما عشناه نحن كلاعبين داخل الألعاب، حيث تم اقتباسها من الروايات القصيرة للكاتب أندريه سابكوسكي.
فبدأت مع حكاية تعرفنا بها عن الشخصيات الرئيسية وكيف أن الدرب قادهم للقاء معاً، وبنفس الوقت تم إخراج المسلسل ليشعرنا كلاعبين بأننا فعلا نعيش بأجواء تشبه لحد كبير أجواء الألعاب من مشاهد القتال حتى الأصوات والموسيقى لدرجة أني شعرت وأنا أشاهد المسلسل بأنني أمسك بيدي أداة تحكم وأريد أن أساعد جيرالت بقتال خصومه، وما زاد من تفاعلنا معه هو الأداء الأكثر من رائع للممثل هنري كافل الذي أيضاً تعمد إخبارنا بأنه قام بلعب اللعبة وهو يعشقها مثلنا تماما لذا أتقن شخصية جيرالت، لا بل لبس الدور بكل تفاصيله من الشكل حتى نبرة الصوت التي اعتدنا سماعها باللعبة.
بالعموم بت أشعر بأني متفائلة حيال ما تقوم به نتفلكس من مشاريع لاقتباس الألعاب وتحويلها لمسلسلات إن أكملت بهذا الدرب لكن بالمقابل لا أظن أني أمتلك نفس درجة التفاؤل هذه مع مشاريع الأفلام لأن هذه الشبكة أيضاً لديها سجل غير جدير بالثقة فيما يخص الأفلام الأصلية لكن من يدري ربما تستطيع نسخ وصفتها الناجحة بتجاربها بالمسلسلات إلى مشاريع الأفلام وبالتالي تحقيق النجاح.
في الختام يمكن القول بأن المشكلة الأكبر التي يواجهها منتجو هوليود تحدث عندما يقرر صناع الفيلم الغير مطلعين على تفاصيل الألعاب نسخ تجربة اللعبة بأحداثها وشخصياتها لداخل الفيلم، كما أن تأدية أدوار هذه الشخصيات من قبل ممثلين بعيدين كل البعد عن اللعبة المقتبس منها الفيلم يزيد الطين بلة، أو أنهم يقدمون فيلم بقصة مختلفة لكن أيضاً يتم سردها بشكل متسرع ومن دون حبكة روائية صحيحة حينها لا يستطيعون جذب المشاهد العادي ولا حتى اللاعب ويفشلون فشلاً ذريعاً كما حدث مع فيلم أساسنز كريد الذي لم يوضح اصلاً من هم الأساسنز ومن هم خصومهم وقدم قصة غير واضحة ومشتتة وسطحية.
بالمقابل لا يمكن أن ننكر بأن البعض استطاع تحقيق نجاحات بهذا المجال عبر تقديم أفلام تبتعد عن محاكاة الألعاب وتكون إما تكملة للعبة أو بداية قصة لها مثل فيلم Kingsglaive المقتبس من لعبة فاينل فانتسي 15 وهو فيلم أنيميشن حقق النجاح بين اللاعبين وهو من إنتاج سكوير انكس التي ربطته بأحداث اللعبة بشكل صحيح. أو أفلام Resident Evil التي تمكنت من جذب المشاهدين العاديين إليها كأفلام أكشن قدمت تجربة جيدة نوعاً ما عبر حبكة روائية مفهومة للجميع وغير معقدة.
هذه كانت رؤيتنا لأسباب فشل الأفلام المقتبسة عن الألعاب فما رأيكم أنتم وهل هنالك أسباب أخرى للفشل؟ وما هي توقعاتكم للمشاريع المقبلة مثل فيلم أنشارتد المتعثر أصلاً أو ديفجن أو حتى Sonic the Hedgehog القادم في 14 فبراير 2020.