ناقشنا في عدة مقالات سابقة موضوع استحواذ مجموعة Embracer على استوديوهات سكوير انكس الغربية مع عناوين مثل Tomb Raider و Deus Ex حيث ناقشنا لمَ باعت Square Enix استوديوهاتها الغربية لمجموعة Embracer Group؟ كذلك حدثناكم بمقال آخر حول كيف أصبحت Embracer Group أكبر شركة ألعاب في أوروبا؟.
الآن لنناقش معاً ضمن سلسلة مقالات مستقبل الألعاب ما هو مستقبل عناوين Tomb Raider و Deus Ex مع هذه المجموعة وهل الاستحواذ في صالحها وصالح جمهورها أم أننا سنشهد تراجعاً في مستوى أجزاء هذه العناوين؟ هذا سيكون محور نقاشنا اليوم في هذه الحلقة من مستقبل الألعاب.
عندما استحوذت سكوير انكس على استوديو Eidos عام 2009 كان الأمر بمثابة مفاجأة للجميع، حيث لم تكن الشركة اليابانية آنذاك تعطي أي مؤشرات حول رغبتها بشراء استوديو تطوير غربي. ودون شك كانت تلك ضربة حظ لسكوير انكس لأن قيمة الاستوديو كانت قليلة ووضع العملات بين اليابان وبريطانيا كان لصالح سكوير انكس، آنذاك كانت تلك الخطوة منطقية للغاية فحينها كان سوق الألعاب باليابان يتقلص ولم تكن سكوير انكس واثقة من مدى نجاح عناوينها خارج اليابان.
الاستحواذ على فرق تطوير لها باع طويل في الأسواق الأوروبية والأمريكية بجانب عناوين مثل Tomb Raider و Hitman حول الشركة اليابانية من مجرد لاعب في اليابان إلى لاعب رئيسي في السوق العالمية.
خلال الـ 13 سنة الماضية قامت Square Enix Europe بعدة محاولات لإيجاد علامات جديدة وتحقيق نمو في العناوين التي تملكها مثل Tomb Raider وصحيح بأنها حققت النجاحات لكن عناوينها الغربية لم تحقق عائدات استثمارية ضخمة وكان مردودها ودخلها التشغيلي قليل. بالتالي لم تتمكن سكوير انكس من أن تصل إلى مستوى EA و Ubisoft وTake-Two في العائدات.
بذلت سكوير انكس على مر السنين جهوداً مكلفة أكبرها كان عام 2013 عندما قررت إعادة صنع عنوان Tomb Raider مما جعلها تتكبد الكثير من الأموال وكانت تريد ترسيخ العنوان ضمن أضخم عناوين ألعاب الأكشن والمغامرات. لكن بشهر الإطلاق باعت اللعبة فقط 3.4 ملايين نسخة، وهذا يعتبر رقم قليل بالمقارنة مع ألعاب من نفس الجنرا فمثلاً Assassin’s Creed 3 تمكنت من بيع 7 ملايين نسخة في 6 أسابيع.
بعدها توالت الخسائر على سكوير انكس فهي تصرف الكثير من المال على استوديوهات Crystal Dynamics و Eidos Montreal من مصاريف الأبحاث والتطوير إلى مرتبات 1100 موظف وكلف المنشآت، في آخر 3 سنوات حقق كل منهما إيرادات تقدر بـ 489 مليون دولار، إلا أن النفقات التي تم صرفها عليهما كانت بحدود 474 مليون دولار أي أن المرابح لا تتعدى 15 مليون دولار وهذا مبلغ ضئيل، وتلك الأرقام تعني بأن Crystal Dynamics و Eidos Montreal ينفقون الكثير من المال خلال فترة التطوير.
لكننا نظن بأن ما تقدمه مجموعة Embracer عبر شركاتها المختلفة يستطيع أن يحل المشاكل والمعضلات التي تقف عائقاً أمام Crystal Dynamics و Eidos Montreal.
خير مثال على ذلك هو ما حدث مع IO Interactive بعد أن أصبح مستقلًا، وحقوق Hitman عادت ملكًا له، فعندما كان هذا الفريق مع سكوير انكس تراجعت شعبية لعبته هيتمان مع إصرار سكوير انكس طرحها بنظام الحلقات الفاشل، لكن ما إن تحرر IO Interactive من قبضتها حتى عاد عنوان هيتمان ليحقق الانتشار من جديد ونال الرضى عبر تواصل الاستوديو مع جمهور اللعبة والاستماع لما يريدون، وتعلم كذلك كيف يقوم بتطوير الألعاب بشكل أسرع وضمن الميزانية، والآن وضع هذا الاستوديو بات أفضل وهو يعمل حالياً على عنوان 007 جديد.
وهذا بالضبط ما الذي ينبغي أن يقوم به كل من Crystal Dynamics و Eidos Montreal تحت مظلة مجموعة Embracer وطبيعة هذه المجموعة يسمح لها بذلك.
خصوصاً وأن هذه المجموعة تحقق نجاحات ونمواً تجارياً دون خسائر، ففي أحدث تقرير مالي لها، للربع الثالث من عام 2021، أعلنت Embracer عن زيادة بنسبة 135 في المائة في صافي المبيعات إلى 5 مليارات كرونة سويدية مقارنةً بالعام السابق، وزيادة بنسبة 70 في المائة في الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك إلى 1.5 مليار كرونة، كما أعلنت عن نمو بنسبة 16 في المائة في قسم الألعاب، بغض النظر عن عمليات الاستحواذ الأخيرة.
وصف كين رومف، محلل الألعاب في مؤسسة Jefferies، استراتيجية Lars Wingefors مالك Embracer بأنها لا مركزية، مما ميزها عن غيرها من الشركات عالية الاستحواذ في هذا القطاع، ووصف الأمر بـ”مجموعة من استوديوهات تطوير الألعاب مجمعة معًا”، مضيفًا أنه في بعض الأحيان بدا Wingefors “مرتاحًا بشكل غريب” في رفضه إيجاد طرق لتجميع أعماله سويًا عندما يكون هناك تداخل واضح بين الشركات المختلفة التي يسيطر عليها.
في المقابل، يعتقد Wingefors أنه “ليس من الصعب” إدارة شبكة معقدة ومتنامية من 112 استوديو للترفيه في جميع أنحاء أوروبا، مما يسلط الضوء على الاستراتيجية التي يتبعها في عمليات الاستحواذ تلك، والتركيز على “رواد الأعمال ذوي السجل الناجح” واعطائهم كامل الحرية لإكمال أعمالهم كما هي دون أي تدخل، وفسر وجهة هذه موضحًا:
“من وجهة نظر تجارية، ليس لدينا مركزية تجارية لصنع القرار، بالنظر إلى الشركات الأخرى، فقد واجهوا صعوبات عندما وضعوا عددًا كبيرًا جدًا من المسؤولين والمديرين وتحكموا في منشئي المحتوى، وبسبب ذلك بدأوا في الانهيار”.
الأمر الأكثر إثارة للاهتمام أن تلك الشركة العملاقة ترفض إنشاء هيكل مع مركزية السلطة وتسلسل هرمي محدد جيدًا كحال أي شركة استثمارية، بل تفضل ترك حرية إبداعية كبيرة للفرق الفردية، والتي غالبًا ما تكون منظمة بالفعل ضمن مجموعات أكبر على نطاق أوسع.
بالختام إن هذا النموذج المتبع ضمن مجموعة Embracer عبر منح حرية للمطورين للعمل وكأنها استوديوهات مستقلة مع منحهم ميزانية أكبر للتطوير، بجانب أهمية التخلص من ضغط إدارة سكوير انكس التي كانت تجبرهم على تطوير ألعاب لا يريدون العمل عليها. سيؤدي لجعل استوديوهات سكوير انكس الغربية تفك القيود التي كانت تكبل إبداعها عبر طرح أفكارها بحرية وبنفس الوقت الاستفادة من كونها جزءاً من مجموعة ضخمة، دون أن تكترث لضرورة تقديم ألعاب غربية تحقق أرباحاً عالية ترضي الشركة اليابانية الأم.
وأنتم هل تشاركوننا الرأي بأن هذا الاستحواذ سيكون لصالح Deus Ex و Tomb Raider؟