في المقال السابق استعرضنا لكم معلومات يجب معرفتها قبل مشاهدة مسلسل The Witcher الذي تستعد نتفلكس لبثه في 20 ديسمبر، وذكرنا بالمقابل نقاط مشتركة بينه وبين صراع العروش التي أثارت في بال الكثيرين تساؤلات عن إمكانية منافسة العمل الجديد لمسلسل شبكة HBO. وجعلت المقارنة بين العملين أمر لا مفر منه.
صراع العروش حقق بداية قوية كما نعلم بمواسمه الأولى لكن مع الآسف النهاية لم تكن مشابهة لتلك الانطلاقة، فالموسم الثامن من المسلسل ونهايته خيبت آمال المتابعين بسبب تراجع جودة حلقاته مع سوء كتابة السيناريو وتسريع الأحداث بشكل غير مقبول تماماً وتدمير الشخصيات و جاذبيتها، فالنهاية ابتعدت عن ما ورد في كتب صراع العروش للكاتب العالمي جورج آر مارتن George R.R. Martin
المتابعون وصلوا لدرجة المطالبة بإعادة إنتاج الموسم الثامن عبر عريضة على موقع Change.orgلكن هذا كان غير ممكن خاصة وأن تكلفة إنتاج كل حلقة حوالي 15 مليون دولار، هذا جعل آمال هؤلاء تتعلق بإيجاد البديل في مسلسل نتفلكس، لكن هل فعلاً هذا المسلسل سيحل مكان جيم أوف ثرونز ويحقق نفس شهرته؟ وماهي مقوماته لتحقيق ذلك؟ وهل سيستطيع أن ينجح بالمكان الذي فشل فيه المسلسل الأكثر شهرة عالمياً؟
أول نقطة قد تعطي ويتشر الأفضلية على صراع العروش هو أن هذا العنوان لديه بشكل مسبق جمهور كبير وواسع ينتظره، ويأتي على رأس هؤلاء نحن اللاعبون الذين تعلقنا بشخصية جيرالت ومغامراته بعالم السلسلة بفضل فريق CD Project Red ولاسيما الجزء الثالث الذي يعد من أفضل ألعاب الجيل الحالي، ذلك الجزء قدم شخصيات مثيرة وقصص رائعة عديدة يمكن أن ينسج من كل منها مسلسل أو فيلم بمفردها. أما Game of Thrones فلم تحظى بلعبة فيديو حققت مثل هذا النجاح فمحاولةTelltale مع العنوان لم تقدم تجربة لعب ترقى لشعبية المسلسل أبداً.
لكن طبعاً القلق مازال موجود لدينا بسبب التجارب السابقة بتحويل الألعاب إلى أفلام وفشلها، إنما صناع العمل وبسبب علمهم بهذه المسألة كانوا حريصين على التأكيد بأنهم يقتبسون من روايات الكاتب البولندي Andrzej Sapkowski وسيقدمون حكاية أصلية وليس مباشرة من اللعبة، فالموسم الأول كما ذكرت بالمقالة السابقة سيكون مقتبس من القصص القصيرة Sword of Destiny و The Last Wishالتي تروي الأحداث منذ البداية وتمثل تمهيد للتعرف على الشخصيات وكيف التقت مع بعضها. أما حبكة سلسلة ألعاب الفيديو تقع بعد خمس سنوات من نهاية سيدة البحيرة (الرواية الأخيرة).
الابتعاد عن قصة اللعبة أمر هام هنا فهو يجنب صناع المسلسل المقارنات المباشرة التي ستحدث بينهما وسيعطي المسلسل فرصة تقديم أحداث مختلفة ورؤية خاصة بعالمه دون تكرار ما رأيناه بالألعاب، كذلك أكد صناع المسلسل بأن اقتباسهم للموسم الأول من القصص القصيرة سيجعلهم يقدمون فيه أحداث برتم سريع دون ملل حتى أنهم صرحوا بأننا سوف نتفاجأ بكمية الأحداث التي ستجري في هذا الموسم، علاوة على تقديم العالم وبناءه بشكل أفضل كونها تعتبر بداية الروايات.
كذلك البطل هنري كافل سبق وأكد بأنه محب لهذه اللعبة وسبق له وقام بلعبها لذا فهو سيجسد شخصية جيرالت بعد أن فهم تماماً أسباب تعلق اللاعبين بها ومن منظور لاعب وليس فقط ممثل لا يعرف شيئاً عن خلفية هذه الشخصية. وسيتمكن من تأديتها بشكل صحيح.
وما يميز مسلسل ويتشر هو ما ذكرته مشرفة ومسؤولة العمل Lauren Hissrichحيث أكدت بأن المسلسل لن يقدم لنا عدو رئيسي واحد بل سيواجه جيرالت أعداء كثر سواء من الوحوش أو المخلوقات الخارقة للطبيعة أو البشر وتم العناية بتكوين هذه الشخصيات بشكل كبير، ففي بعض الأحيان سيكون هنالك مفاجآت بسياق الحبكة الدرامية على مدار أحداث المسلسل، فبعض الأعداء الذين سيواجهون Geralt ستجعلك القصة تتعاطف معهم في بعض الأوقات وهذا لن يحدث في حالة تواجد عدو رئيسي واحد بالمسلسل.
من ناحية أخرى صناع المسلسل لم يضعوا عند العمل عليه مسألة منافسته لصراع العروش كهدف لهم وهذا أمر جيد دون شك، فبعيداً عن الفانتازيا والعالم الخيالي الذي يربط بينهما هنالك قصة العائلة التي يركز عليها مسلسل ويتشر حيث سيروي لنا حكاية جيرالت وينيفر وسيري التي وجدت نفسها بوقت من الأوقات مفككة وبعيدة عن بعضها البعض، ولكن مع تصاعد الأحداث يجدون بأنهم بحاجة لبعضهم البعض حتى لو لم يرد أي منهم أن يعترف ويقر بهذا الأمر.
هذا العمل سيلعب كثيراً على أوتار مشاعرنا كمشاهدين فتطور الشخصيات فيه سيشهد تحولات كبيرة وغير متوقعة، فحسب Lauren Hissrich الشخصيات التي سنعرفها بالبداية ستكون مختلفة عن تلك التي ستؤول إليها مع نهاية الأحداث، فالشخصيات التي ستكرهها بداية وتظن أنها شريرة ستكتشف بأنها تمتلك دوافع إنسانية ربما لأفعالها، ومن هذا المنطلق سيتغير ولاء الشخصيات الرئيسية في لحظة من اللحظات وستجد بأنك ستضع نفسك بمكان البطل وتتساءل “ما الذي علي فعله بمثل هذا الموقف؟” وقد ينتهي بك الأمر بأن تتعاطف مع شخصيات لم تكن تتوقع بداية أنك ستتعاطف معها.
يقول البعض بأن من أسباب فشل الموسم الأخير لصراع العروش هو أنه ابتعد عن خط سير الروايات للكاتب George R.R. Martin وبأن كتاب الموسم الأخير D.B Weiss و David Benioffكانوا يعلمون كيف يجب أن تنتهي القصة لكنهم أضلوا الطريق ولم يعرفوا كيفية الوصول إلى ذلك. وهذا ربما بسبب عدم اكتمال سلسلة الروايات الأصلية حتى الآن فالكاتب جورج مارتن مازال يعمل على آخر روايتين رياح الشتاء و حلم بالربيع أي أن المسلسل لم يكن يمتلك أصلاً نهاية واضحة تقدمها الروايات ليستند عليها فحدث ما حدث من مشاكل بموسمه الأخير وضياع كتابه.
بالمقابل فإن مسلسل ويتشر لن يواجه مثل هذه المشاكل وهذا بسبب اتباعه لأحداث الروايات التي كتبها Sapkowski والصادرة منذ وقت طويل وتمتلك نهايات محددة سلفاً، والقصص القصيرة التي تتوسع بعالمها وبقصص الشخصيات الثانوية لها لذا فهنالك مصادر عديدة لدى صناع المسلسل للوصول إلى نهاية مرضية ومقنعة للجمهور. بجانب مشاركة الكاتب نفسه بالعمل وهذا سيضمن عدم وجود تحريف عن الرؤية الأصلية وابتعاد يؤدي للضياع بالنهاية.
في الختام هل سينافس مسلسل ذا ويتشر أسطورة صراع العروش؟ برأي الشخصي الإجابة “نعم” والطريق ممهدة أمامه لذلك، فهنالك السحر، والوحوش، والمعارك الملحمية، والشخصيات العميقة المحفورة بذاكرتنا. ناهيك عن جمهور كبير متلهف له وهم اللاعبون وعشاق روايات السلسلة بالإضافة لهم أولئك الذين يعشقون صراع العروش ومتعطشين لتجربة شبيهة به تصلح ما أفسدته مشاكل الموسمين الأخيرين له وجعلتهم خائبين يبحثون عن البديل.