تصريحات المحللين وعدد من المسؤولين في مجال الصناعة كانت تبشرنا بأن الـ 60 دولار التي ندفعها حالياً كسعر للألعاب الجديدة ستكون مجرد ذكرى بالجيل المقبل، وسبق وناقشت معكم حيثيات هذا الموضوع وكيف يمكن أن ينعكس على الصناعة. سواء سلبيات أو مخاطر رفع الأسعار أو من ناحية أخرى وجود بعض النقاط التي يبرر بها البعض مسألة رفع سعر ألعاب الجيل القادم وانعكاس ذلك إيجاباً على الصناعة وكان بينها آنذاك مسألة تقديم أجهزة الجيل القادم بأسعار مقبولة وهذا ما حدث فعلاً.
لكن بعد أن أعلنت سوني رسمياً عن رفع أسعار ألعابها إلى 70 دولار بات تطبيق هذا من قبل الجميع أمر واقع أظن وبات علينا كلاعبين أن نتقبل على مضض هذا السعر لكن ضمن شروط معينة أعتقد بأنه يجب على الشركات الالتزام بها ليكون السعر الجديد عادل للجميع ولا يتسبب بأضرار عكسية على الصناعة بالنهاية.
ألا تطبق الزيادة على كل الألعاب
لنكون منصفين بحق هنالك ألعاب تستحق فعلا أن تحصل على زيادة بأسعارها لأن مطورها يتعب ويبذل جهد واضح وجلي في لعبته مثل مطور ذا ويتشر أو روكستار أو استوديوهات سوني وغيرهم ممن يستخدم أعلى وسائل التطوير تقنية وتطوراً ويعمدون لجلسات التقاط حركي تقدم فيزيائيات وحركات واقعية بتعابير الوجوه مثل ذا لاست أوف أس 2. ويكون محتواها ضخم ومحترم دون حشو بالمايكروترانزكشن طبعاً.
أما ألعاب أخرى كألعاب الرياضة أو ألعاب أونلاين تعتمد على المشتريات أو الألعاب السنوية المحلوبة بشكل عام فلا، تلك لا تستحق الزيادة فما هو الجهد المبذول في تطوير ألعاب فيفا سنة تلو الأخرى!! ليس هناك سيناريو متعوب عليه ولا ممثلين ولاشيء وفوقها هناك مشتريات فهل هذه يجب أن يتساوى سعرها مع الأمثلة بالأعلى؟ أم أن تقديم مزيد من العرق يستحق دفع الزيادة لأجله! أكيد لا. لذا يمكن أن نقبل دفع زيادة لاستوديوهات معينة لقاء تعبها الإضافي حتى لا يشعر هذا المطور بالغبن ويتقاعس عن تقديم نفس الجودة التي عودنا عليها بسبب رؤية غيره كل سنة يحصل على الربح وهو يبذل جهد أقل منه بكثير.
اختفاء المشتريات وصناديق الغنيمة
مع ارتفاع تكاليف التطوير الشركات باتت مضطرة للتعويض عبر إدراج المشتريات التي قد تساعد اللاعب باللعب فمثلاً عبر دفع أموال حقيقية ممكن أن تحصل على أفضلية باللعبة، مثلاً في لعبة فيفا يمكنك شراء كريستانيو رونالدو بمال حقيقي لجعله يكتسح أي خصم أمامه. لذا إن كانت الحجة أساساً هذا الجيل لوجود المشتريات هو ارتفاع التكاليف فمن المفترض أن مع تطبيق الزيادة أن يتم إلغاء هذه العناصر التي تستفز اللاعبين كثيراً. لكن ماذا لو ارتفع السعر وبقيت الاضافات والمشتريات فهنا لن يشعر اللاعب باي تغيير عن الجيل الماضي سوى بالجهاز والرسوم عدا عن شعوره بالغبن وبأن الشركات تريد فقط شفط أمواله!
إعادة إحياء الألعاب الخطية
بات المطورون يجدون أنفسهم مضطرين لتلبية توجهات اللاعبين نحو ألعاب العالم المفتوح لأن اللاعب يرى بأن هذه الألعاب مع عدد ساعاتها الطويل بمهام كثيرة هي ما تستحق الـ 60 دولار ويفضلها على ألعاب خطية بساعات 15 إلى 20 ساعة فقط. وهذا يعرض بعض المطورين للخطر بسبب عدم شراء اللاعبين لألعابهم ذات القصة الخطية وساعات اللعب القصيرة مما يجعلهم يبتعدون عن تطوير هذه الألعاب.
هذا ربما يفسر اختفاء عدد من العناوين التي نطالب بها دوماً مثل ماكس بين فإذا ما قارنا بين ماكس بين 3 التي كلف تطويرها نحو 105 مليون دولار لكن مبيعاتها كانت 4 مليون بالسنة الأولى بينما لعبة مثل GTA 4 كانت مبيعاتها نحو 23 مليون نسخة وكلفت 100 مليون دولار أي أنها حققت ربحية أكبر من اللعبة الخطية فعائدات أول يوم وحده كانت بقيمة 310 مليون دولار!.
وهذا دفع روكستار لتطوير ألعاب بعالم مفتوح أكثر. فمهما كانت الألعاب الخطية عظيمة فأرباحها لن تصل لنصف أرباح لعبة عالم مفتوح متوسطة وهذا جعلنا ندفع الثمن بفقدان ألعاب غالية على قلوبنا مثل Splinter Cell أو Prince of Persia مقابل سطوع نجم اساسنز كريد ذات العالم المفتوح والبعض يلوم يوبيسوفت على هذا بينما الملام نحن كلاعبين واختياراتنا. فإن كانت الزيادة ستساعد المطورين بإعادة إحياء هذه الألعاب فأهلا وسهلاً بها.
وجوب تطبيق أسعار اقليمية حسب كل بلد ووضعه الاقتصادي
تعاني دول كثيرة من أزمات اقتصادية خانقة جداً واللاعبون في هذه الدول يجدون صعوبة في دفع الـ 60 دولار فما بالك بالـ 70 لذا على الشركات أن تفكر ملياً بهذا الأمر. فيجب مراعاة تفاوت الأحوال الاقتصادية والسعي لمنح اللاعبين فرص للحصول على ألعاب بأسعار بمتناول أيديهم، والحل تطبيق فكرة الأسعار الإقليمية بالمتاجر الرقمية – كما تفعل بعض متاجر الحاسب – التي أصلاً لا تكلف مثل نسخ المتاجر فهنالك مجال وهامش حركة لدى الشركات لمساعدة اللاعبين ذوي الدخل المنهك. قد أكون متفائلة بعض الشيء في هذا الطلب أقر بذلك ولكن تحقيقها غير مستحيل لو وجدت النية لذلك.
تقديم ألعاب جيل جديد بمعنى الكلمة
الألعاب بالفترة الأخيرة باتت تقريباً متشابهة وتقلد بعضها فإذا كانت الزيادة ستساهم في تحقيق القفزة المرجوة من الجيل الجديد فقد نتقبلها كلاعبين. ما أعنيه هو تقديم مستويات جديدة من الأداء سواء بسرعة الإطارات أو التفاصيل الرسومية والأهم بالنسبة لي تقديم أساليب لعب مبتكرة وليس تكرار لألعاب هذا الجيل كعناصر العالم المفتوح والأربي جي والنسخ واللصق بين الألعاب والسلام. كذلك يجب الاهتمام بالذكاء الاصطناعي وتطويره لتقديم عوالم حية أكثر قابلية للتفاعل معها فهذا أمر مهم لتحقيق متعة أكبر وسيشعرنا بحق أن هناك قفزة قد أنجزت بألعاب الجيل المقبل ستنسينا الزيادة التي دفعت. أما من سيزود لنا معدل نقاط العرق للشخصية فلا شكراً لا يهمنا هذا كثيراً فهو لن يحدث فرق بتجربتنا.
هذه الشروط الخمس ربما تكون كفيلة بحسب اعتقادي بامتصاص غضب اللاعبين وتقنعهم بعض الشيء بالزيادة ووجوب حدوثها وبأنهم حصلوا على إيجابيات بالمقابل. لكن بصراحة لن أرفع سقف آمالي عالياً فلا أثق بأن الجميع سيلتزم بهذا ولا يسعني بالختام إلا أن أدعوا بأن تتحقق أمنيتي بأن نمر من بطش شركات الطرف الثالث بالأخص وجشع بعضها على خير في الجيل القادم.