ربما لاحظت أن بعض الألعاب الصادرة في الفترة الماضية يتم وصفها أحيانًا أنها عناوين منتمية لفئة Metroidvania، الكلمة التي ظهرت لأول مرة قبل أكثر من عقدين من الزمن، والتي تصف أي عنوان يجمع بين عناصر ألعاب Metroid و Castlevania سويًا ويقدم آليات لعب مشتركة.
مع النجاح الأخير لألعاب مثل Hollow Knight و Dead Cells و Ori and the Blind Forest، تمكنت ألعاب Metroidvania من العودة للطريق الصحيح واكتساب قاعدة جماهيرية ضخمة تشمل لاعبين جدد لم تسنح لمعظمهم فرصة تجربة ألعاب هذا النوع الكلاسيكي من قبل، وبالرغم من أن تلك الفئة يمكن تتبع أصولها حتى الثمانينيات، إلا أن هذا النوع قد شهد انتعاشًا في عام 2010 بفضل العديد من الألعاب المستقلة التي نالت استحسانا كبيرا، واستكمالاً لمقالاتنا السابقة التي تهدف لتعريفكم بأنواع الألعاب (Geners) وبعد مقال “تعرف على الفرق بين ألعاب Roguelite و Roguelike” حان الوقت لنعرفكم على الـMetroidvania، أحد أكثر الألعاب المستقلة رواجًا في الفترة الأخيرة.
ما هي طبيعة ألعاب Metroidvania وكيف بدأت؟
إذا كان هناك لعبة تنتمي لفئة Metroidvania، فهذا يعني على الفور أنها تقدم مزيج من آليات ألعاب Metroid و Castlevania الأساسية، وغالبًا ما تحتوي على خرائط كبيرة ومترابطة لاستكشافها مع مناطق محظورة لا يمكن فتحها إلا بمجرد حصول اللاعبين على صلاحيات أو ترقيات من خلال الاستمرار في اللعب لعدة ساعات، وعادة ما تنتمي ألعاب تلك الفئة لعناوين sidescrolling (كاميرا التصوير الجانبية وتحرك الشخصية يمينًا ويسارًا)، وتركز بشدة على الاستكشاف حيث يتعين على اللاعبين تتبع خطواتهم لاكتشاف الأسرار التي تم إخفائها باحترافية.
بدأ هذا المصطلح ينتشر في أوائل التسعينات، ولكن قبل ذلك بقليل صدرت Metroid لأول مرة في 1986، حيث كان هدف Nintendo تطوير مغامرة غير خطية على عكس ألعاب تلك الحقبة، وكان التغيير الأبرز هو توفير ترقيات وقدرات للاعب تستمر طوال عمر العنوان عوضًا عن الترقيات المؤقتة المستمرة لبعض الوقت في الألعاب الأخرى، وركزت اللعبة بشكل كبير على الاستكشاف حيث يتحكم اللاعبون في Samus ويبحثون عن قدرات خاصة من أجل الوصول إلى المناطق التي كان يتعذر الوصول إليها سابقًا.
على الجانب الآخر ظهرت Castlevania في نفس الفترة الزمنية أيضًا ووفرت مستويات منفصلة أكملها اللاعب بطريقة متسلسلة، ولكن مع استمرار نجاح اللعبة وحاجة اللاعبين للمزيد من الإصدارات، وجد المطور Koji Igarashi أن العناوين الجديدة توفر لمحبي السلسلة أفضلية في تخطي المراحل المختلفة بسرعة أكبر، بينما عانى اللاعبون الجدد من صعوبة عبور بعض المراحل.
لتطوير عنوان يحظى بتقدير أكبر ويقدم مستويات أكثر تشعبًا، قرر المطور الاستفادة من الأفكار التي قدمتها The Legend of Zelda في تطوير لعبة Castlevania Symphony of the Night الصادرة عام 1997 والتي قدمت عالمًا مفتوحًا كبيرًا لاستكشافه، وضرورة الحصول على عناصر أساسية لدخول مناطق معينة، والقدرة على تحسين قدرات الشخصية الرئيسية كما هو الحال في ألعاب الأر بي جي، وهي التغييرات التي لاقت ترحاب واسع وحققت نجاحًا مدويًا.
تلك اللعبة تحديدًا بجانب Super Metroid يمكن اعتبارهما المسؤولان عن ابتكار فئة Metroidvania والتي استمرت منذ منتصف التسعينات حتى وقتنا الراهن مع تغييرات وتعديلات مختلفة كل فترة زمنية، وبالرغم من أن جانب الاستكشاف في فئة Metroidvania ينبع من Metroid في الأساس، إلا أن Castlevania Symphony of the Night دمجت العناصر الموجودة في ألعاب الأر بي جي مثل القدرات، وترقية الشخصيات، والتعاويذ، واستدعاء الشخصيات الافتراضية بشكل مميز وغير مسبوق.
لذلك، تشكل هاتان السلسلتان معًا أساس ألعاب Metroidvania الذي يعرفه اللاعبين اليوم، حيث الاستكشاف غير الخطي مع الترقيات وإعادة زيارة نفس الأماكن في الخريطة لفتح طرق سرية، بالإضافة لعناصر ألعاب أر بي جي، وبالرغم من أن العديد من ألعاب Metroidvania الحديثة قد تشعبت في الأنواع الفرعية وآليات اللعب الأخرى، إلا أن تلك الآليات السابق ذكرها تظل جزءًا لا يتجزأ من ألعاب هذا النوع.
إعادة إحياء فئة Metroidvania من خلال الألعاب المستقلة
بينما استمرت ألعاب Metroid و Castlevania في تقديم المزيد من العناوين في التسعينيات، انتظرنا حتى أوائل العقد الأول من القرن العشرين إلى أن ساهم المطورين المستقلين في إعادة إلقاء الضوء على ألعاب Metroidvania، وفي عام 2004، أطلق المطور الياباني Daisuke Amaya لعبة تسمى Cave Story، وهي لعبة بلاتفورمر ثنائية الأبعاد استعارت عناصر اللعب من Metroid و Castlevania، حيث يتحكم اللاعبون في روبوت يدعى Quote يستيقظ مع فقدان الذاكرة ويتوجب عليه استكشاف ماضيه للهروب من الكهف الذي وجد نفسه محاصرًا فيه.
تتميز Cave Story بالتصميمات الداخلية التي تشبه الكهوف و ألغاز ألعاب البلاتفورمر، كذلك جعلت مناطق محددة غير متاحة للاستكشاف في البداية، حتى يفتح اللاعبون قوى جديدة لأسلحة Quote.
اكتسبت Cave Story عددًا كبيرًا من اللاعبين وحققت شعبية جارفة على الإنترنت، وتلقت إشادة من النقاد بسبب حبكتها وطريقة اللعب التي أثبتت للعالم أن الألعاب المستقلة يمكن أن تنافس أضخم العناوين من كبرى استوديوهات التطوير حول العالم، ومهد نجاح اللعبة الطريق لألعاب البلاتفورمر التي ظهرت فيما بعد واستفادت من نجاحها مثل Super Meat Boy و Braid.
على الجانب الآخر، أظهرت اللعبة للمطورين جدوى ألعاب Metroidvania كوسيلة لسرد القصص في عالم متشعب اعتمادًا على الغموض والتشويق وضرورة الاستكشاف، حيث تعتمد ألعاب هذا النوع على منع تقدم اللاعب إلا من خلال الحصول على بعض القدرات والمهارات، الأمر الذي يجبر المستخدمين على التجول والاستكشاف وزيارة كل منطقة أكثر من مرة.
في أواخر الألفينات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبحت فئة Metroidvania عنصرًا أساسيًا في الألعاب المستقلة حيث استخدم المطورون البيئات الافتراضية كوسيلة أساسية لسرد القصة والتقدم في الأحداث، ونظرًا لإصدار المزيد من الألعاب على مر السنين، بدأ المطورون في دمج آليات اللعب من الفئات الأخرى حيث تفرعت ألعاب Metroidvania وظهرت أنواع جديدة تمامًا.
المثير للاهتمام حقًا أن الفئة الجديدة المستوحاة من Dark Souls وتعرف باسم ألعاب Souls وتعتمد على مستوى الصعوبة المرتفع وموت الشخصية الرئيسية باستمرار مثل ألعاب Rougelike، اتحدت بالفعل مع آليات ألعاب Metroidvania لإنشاء مغامرات مميزة مثل Salt and Sanctuary و Rogue Legacy، وبالتالي، أصبحت العوالم المتشعبة الغنية بالتفاصيل والتصميمات الفنية الرائعة هي القاعدة الأساسية للألعاب المستقبلية مثل Hollow Knight و Ori and the Blind Forest.
لاستكشاف حجم التغييرات التي خضعت لها ألعاب هذا النوع في العقد الماضي، يكفي أن تعلم أن Koji Igarashi الذي يعتبر مسؤولًا عن ابتكار فئة Metroidvanias في الأساس، عاد وقدم مغامرة مختلفة تحت مسمى Bloodstained Ritual of the Night كخليفة روحية لألعاب Castlevania بسبب الاهتمام المتزايد بألعاب هذا النوع والأفكار الجديدة التي تم التطرق لها.
مستقبل ألعاب Metroidvania كيف سيكون؟
في الوقت الحالي، وبالرغم من عدم تفضيل فئة Metroidvania من قبل العديد من فرق التطوير الكبرى المتخصصة في ألعاب AAA، فقد أصبحت هذه الفئة أحد أكثر الأنواع المحبوبة والشعبية في مجتمع الألعاب المستقلة، ومع المشاريع القادمة مثل Hollow Knight Silksong، يبدو أن هذا النوع لديه مستقبل مشرق، ومع ذلك، لن يكون من المستغرب أن نرى ألعاب Metroidvania تستمر في التطور وتتأثر بالفئات والألعاب الأخرى.
المميز حقًا أن ألعاب تلك الفئة مرنة تمامًا في فلسفة التصميم الخاصة بها، وهو ما يمكن المطورين من تقديم سرد بأسلوب لعب مألوف لمختلف أنواع المستخدمين، على الجانب الآخر، احتفظت أشهر ألعاب Metroidvania في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بعناصر اللعب الأساسية من Metroid و Castlevania وتأثرت بالعديد من الألعاب الأخرى، وتحديدًا ألعاب البلاتفورمر والأر بي جي والألغاز و Rougelike، وبالرغم من أن ألعاب مثل Hollow Knight Silksong و Axiom Verge 2 تحظى بترقب هائل بين عشاق هذا النوع، فمن الصعب في النهاية تخمين الاتجاه الذي ستسلكه تلك الفئة في السنوات القليلة القادمة.
نظرًا لأن معظم المطورين المستقلين لا يستطيعون إنشاء لعبة ثلاثية الأبعاد بتكلفة إنتاجية ضخمة، سيضطرون غالبًا إلى إعادة استخدام المواقع والتصميمات المختلفة، وبما أن فئة Metroidvania تسمح لهم بسرد القصص المميزة دون الحاجة إلى ميزانية كبيرة، ستستمر ألعاب هذا النوع في الازدهار للمطورين المستقلين لأنها توفر طريقة مثالية لتقديم لعبة مميزة بحبكة درامية وأسلوب سرد فريد وآليات لعب تلقى استحسان كبير بين مجتمعات اللاعبين.
تلك هي أبرز المحطات في تاريخ ألعاب Metroidvania منذ نشأتها وحتى وقتنا الراهن، وفي حين أن مستقبلها يبدو واعدًا للغاية، فإنه يفتح الباب على مصراعيه أمام عشرات الأفكار وآليات اللعب المستوحاة من فئات أخرى.
يمكنكم مشاركتنا أرائكم بخصوص ألعابكم المفضلة لهذه الفئة في قسم التعليقات أدناه، ولا تنسوا الاطلاع على مقالنا السابق “15 حقيقة قد لا تعرفها عن Resident Evil” ضمن سلسلة مقالات ثقافة الألعاب.