لم يكن إطلاق لعبة Cyberpunk 2077 مع الآسف كما كان يأمل عشاق وجماهير فريق CD Projekt RED فأنتم جميعاً على علم بما حدث وكمية الانتقادات التي طالته حتى اضطراره للخروج و الاعتذار من لاعبي أجهزة الجيل السابق تحديداً ووعدهم بإصلاح اللعبة. ولكن حتى قبل إصدار اللعبة كان هناك مؤشرات تُنْبِئُنَا بذلك وكان واضحا وجليا من خلال آخر العروض أن هناك خطب ما في التصميم والجرافيكس لاسيما بتصميم شخصية جوني سيلفرهاند التي كان من المفترض أن يكون التركيز الاكبر من الفريق على تصميمها بشكل متقن فبدت بمستوى ضعيف وكأنها مبنية بمضلعات قليلة مقارنة مع تصميم شخصيات بألعاب أخرى.
هناك تفسيرات مختلفة لما حدث مع سايبر بانك 2077 من خلل بالأداء سواء على الحاسب أو على أجهزة الكونسول والتي عانت من مشاكل أكبر بكثير. وهناك من اتهم هذه الأجهزة بأنها أصلاً ضعيفة وانتهى أوانها ولم تعد صالحة وآخرون يردون عليهم بأن هذه الأجهزة تمكنت من تشغيل ألعاب عالم مفتوح برسوم لا تنتمي لذلك الجيل ونقصد هنا ريد ديد ريدمبشن 2 فما الذي حدث هنا بالضبط؟ لنحاول أن نستشف الأسباب معاً في هذا المقال النقاشي.
بالبداية على الجميع أن يعلم بأن هذا الاستوديو بدأ كمطور لألعاب الحاسب وعُرِف عندما طرح لعبة ذا ويتشر الأولى خصيصا للحاسب باستخدام محرك Aurora Engine بعد أن حصل على رخصة استخدامه من فريق BioWare من ثم طور الجزء الثاني من اللعبة عبر محرك REDengine الذي جاء بديل لمحرك بيووير وكان بالأساس محرك PC من ثم قام بعمل تحديثات عليه وتعديلات بالبرمجة ليتمكن من نقل ذا ويتشر 2 لجهاز اكسبوكس 360 من والتي لم تطرح للبلايستيشن 3 آنذاك.
بعدها عمل على نسخة جديدة من المحرك REDengine 3 الخاص بذا ويتشر 3 والتحسينات شملت تخصيصه ليقدم عالم مفتوح أكثر مع تحسينات بالأنيميشن ودعم مؤثرات كالدخان والضباب وغيرها. ولكن إطلاقه لهذه اللعبة ولأول مرة على أجهزة اكسبوكس وبلايستيشن 4 والحاسب معا لم يكن أيضا سلس فعانت من مشاكل وأخطاء تقنية كثيرة واحتاج وقت لإصلاحها خصوصاً على الكونسول حيث عانت من قليتشات وهبوط إطارات وأوقات تحميل طويلة.
وعندما حان الوقت لتطوير Cyberpunk 2077 قرر الاستوديو تطوير محركهم حتى يدعم تتبع الضوء ومؤثرات أخرى تلائم أجواء عالم اللعبة. لكن الاختلاف بين ألعابهم السابقة وبين هذه اللعبة هي أكبر من مجرد اختلافات بالمؤثرات الرسومية وهنا احتاج المطور لتغيير كبير في المحرك ليتمكن من تقديم مدينة ذات أبنية شاهقة تعج بالسكان والسيارات بدل من بيئات عصور وسطى تضم قرى ومدن قديمة متوسطة الحجم وأحصنة بالتالي متطلبات بيئة سايبر بانك تختلف عن ويتشر لناحية البرمجة والأكواد الخاصة بالمحرك. فنحن نتحدث عن لعبة بمنظور الشخص الأول بدل الثالث، فضلًا عن إضافة جميع تلك المباني وناطحات السحاب المتنوعة والعمودية في عالم اللعبة. وهذا حتما احتاج لوقت طويل بالعمل أكثر مما يظنه البعض.
أيضا وجود مدينة مثل نايت سيتي بتلك الأبنية الشاهقة وكل هذه الحشود من الناس يعني بأن المطور هنا يتعامل لأول مرة مع هكذا بيئة تضم عدد هائل من البوليجون والمضلعات والمجسمات ثلاثية الأبعاد مما يشكل ضغطاً على العتاد.
إذاً فريق سي دي بروجكت خبرته هي بشكل أكبر مع تطوير نسخ الحاسب ومحركه يلائم أكثر أجهزة الحاسب، ومع الآسف يعاني بتقديم الأنيميشين والفيزيائية وضعف الذكاء الاصطناعي وهي نقاط تم انتقادها في سايبر بانك 2077، وهذا ينجم عنه أخطاء عديدة لا تلاحظ مع ألعاب مطورة بمحركات أخرى تم تصميمها لتستغل بشكل أكبر قدرات الأجهزة المنزلية مثل محرك Decima الذي قدم أداء مبهر في هورايزون زيرو داون لأنه مخصص بشكل كامل ليستغل قدرات بلايستيشن 4، حتى محرك RAGE روكستار وبحكم خبرتها الطويلة قامت بتحسينه مرات عدة وجعلته ملائم لبيئات وعوالم وعناصر لعب منوعة من Max Payne إلى GTA إلى Red dead Redemption ووضعت نصب أعينها جعله متوافق أولاً مع الكونسول.
لذا هناك من يعتقد بأن ما حدث قد يكون بسبب تطوير الاستوديو لهذه اللعبة للحاسب بشكل أساسي دون أن يضع بعين الاعتبار محدودية عتاد الجيل الماضي الذي أصلا أعلن اللعبة عليها وسوق لها بنسخ الكونسول. بعد ذلك قام بتقليل الإعدادات لتتلائم مع عتاد تلك الأجهزة فتخلى عن الكثير من الميزات الرسومية بها وقلل من كثافة العالم وعدد الشخصيات به كتضحيات لجعل اللعبة تعمل عليها وهنا تفاجئ بأن ذلك نجم عنه نسخة غير قابلة للعب وأقل رسومياً من ألعاب عالم مفتوح أخرى شغلتها أجهزة الجيل الثامن بشكل مثير ورائع.
بالنسبة للتفسير التقني فقد أجاب عليه فريق ديجيتال فاوندري الذي اتهم معالج الجيل السابق بأنه هو السبب بالأداء المزري للعبة وساق دليل على ذلك أن جهاز اكسبوكس سيريس اس يمتلك معالج رسومي أقل قوة من اكسبوكس ون اكس ولكنه يقدم أداء أفضل منه. وبحسب الفريق مشاكل هذه النسخ تظهر أكثر عند قيادة السيارة بسرعة حيث يحدث ضغط على المعالج المركزي بتحميل خلفية العالم والمجسمات وغيرها. لذا إصلاح نسخ الجيل السابق يتطلب قيام المهندسين بالفريق العمل على تعديل النسخ وضبطها كي تتلائم مع معالج الـ Jaguar بحيث تعمل على الجيل السابق بسرعة 30 إطار دون قلتشات أو أخطاء بالأداء.
هناك من يسوق تبرير مختلف لما حدث عبر القول بأن المشروع كان أكبر من الاستوديو بحيث أن عناصر هذه اللعبة كانت تتطور عبر سير عملية التطوير لتصبح معقدة أكثر فأكثر يكفي أن نعلم بأن هناك أكثر من 1000 شخصية في اللعبة سيكون لها أنشطة يومية والعديد من القصص المختلفة التي تتغير مع قرارك فعالم اللعبة بات مكون من طبقات مختلفة ببيئة معقدة للغاية. وصول اللعبة لمستوى بهذه الضخامة ربما ولد ضغط على الاستوديو الذي بات لديه وسواس قهري مما ابتكره حيث كبرت اللعبة لدرجة جعلت الفريق لا يستطيع التحكم فيها. استشفينا ذلك من تصريح الفريق عندما أرسل اللعبة للإعلامين لنشر انطباعاتهم عنها الصيف الماضي حيث استخدم وقتها عبارة “We Are Stressed for your opinion” والتي تدل على أنهم كانوا متوترين حيال رأي الصحفيين عنها. وهذا مرده لحرص الفريق على تقديم لعبة مثالية وهذا بعد أن حفر بالصخر ليصنع اسم لامع بالصناعة مع ذا ويتشر 3. ولكنه تفاجئ بأن هذا التوسع والتعقيد نجم عنه مشاكل بالأداء لتصبح اللعبة أكبر من قدرة الأجهزة التي أعلن بأنها ستستقبل مشروعه المقبل منذ 2012 أي قبل إطلاق الجيل الثامن بعام كامل وهنا بدأنا نرى تلك السلسلة من التأجيلات المتتالية.
بالختام تعددت الأسباب والنتيجة واحدة بكل آسف اللعبة صدرت للجيل القديم – الذي مازال يضم القاعدة الجماهيرية الأكبر بحكم مشاكل نقص شحنات الجيل الجديد – بشكل غير قابل للعب وربما كان الاستوديو يحتاج وقت أطول ليكمل اللعبة بشكل أكبر وهو اعترف بعظمة لسانه بأنه لم يبذل جهدًا كافيًّا في نسختيّ PS4 و Xbox One ولم يقض وقتاً كافياً بالنظر لمشاكلها والتركيز كان منصبًا على أداء نسخة PC وأجهزة الجيل الجديد. علماً أن المطورين أنفسهم يبدو بأنهم غاضبون بشدة من إدارة الاستوديو ويلقون اللوم بما حدث على قرار هذه الإدارة كونها استعجلت وأصدرت اللعبة رغم علمها بأنها غير جاهزة، ربما تحت ضغط اللاعبين والمستثمرين. وأخيراً نود أن تشاركونا النقاش حول تفسيركم لما حدث مع تطوير هذه اللعبة وأدائها: هل يتعلق بعتاد الأجهزة؟ أو بمحرك التطوير نفسه؟ أو عدم خبرة الفريق الكافية لتقديم لعبة بهذا الطموح على الكونسول كغيره من المطورين المخضرمين؟ أو أن المشروع ككل كان أضخم منه وكبر وتوسع لدرجة وجد المطور نفسه متورط معه؟ شاركونا النقاش بقسم التعليقات.