صحيح أن الشائعات سبق وأن أخبرتنا عن وجود نية مُبيتة لدى Square Enix ببيع قسمها الغربي لكن كثر كانوا يتوقعون أن تكون سوني أو مايكروسوفت هم المهتمين بشراء الشركة، حتى جاء الخبر الصادم قبل أيام وهو خبر استحواذ Embracer Group على مطوري Tomb Raider و Deus Ex.
تلك الصفقة تضمنت Crystal Dynamics و Eidos Montreal بجانب مطور ألعاب الجوالات Square Enix Montreal وفوقها عناوين Tomb Raider و Deus Ex و Legacy of Kain و Thief وكل هذا مقابل 300 مليون دولار. لكن السؤال الكبير الذي تراود في أذهان الجميع هو لم قامت سكوير انكس ببيع هذا القسم؟ للإجابة عن هذا السؤال إننا بحاجة لإلقاء نظرة أوسع على الشركة وتوجهاتها ومسارها بالمستقبل وكذلك أداء هذه الاستوديوهات التجاري وما حققته من أموال وعائدات.
سكوير انكس – تشتت الطموحات
- إجمالي عائدات سكوير انكس كانت بالنسبة الأكبر من ألعاب الجوالات والألعاب المجانية للعب والمتصفحات.
- الألعاب الغربية تكلفة تطويرها باهظة للغاية.
- بيع الاستوديوهات لتقليل التكاليف، وجعل التركيز أكبر على الأعمال التجارية الأقل خطورة.
إن سكوير انكس شركة طموحة للغاية فرئيسها التنفيذي Yosuke Matsuda ذات يوم وعد بأن الشركة ستتبع كل التقنيات التي عرفتها البشرية من أجل صناعة مستقبلها، حتى أنها بعد الإعلان عن الصفقة قالت الشركة بأن هذه الصفقة ستساعدها بإطلاق أعمال تجارية جديدة بمجال السحابة والـ Blockchain. أي أنها تريد استثمار مبلغ 300 مليون دولار من أجل إطلاق أعمال جديدة مستقبلاً في الاستثمارات في مجالات تشمل Blockchain والذكاء الصناعي AI والخدمات السحابة. بجانب تطوير استوديوهات اليابان.
هذا الطموح دون شك أثر على استثمارات الشركة الأخرى لناحية تقليص التكاليف وتشتت التركيز، مما جعلها ترتكب أخطاء وتتخذ قرارات سوء إدارة أضرت بشكل خاص بمشاريع الفرق الغربية، وبنفس الوقت لا يمكن أن ننكر بأن هذه القرارات الإدارية السيئة أضرت كذلك بعدد من الألعاب الشرقية مثل Left Alive و Babylon’s Fall.
عامل آخر دفع الشركة لبيع الاستوديوهات الغربية هو أن الألعاب الضخمة التي تطورها هذه الفرق لا ينجم عنها عائدات مثل الألعاب اليابانية مثل Final Fantasy VII Remake.
فوفقاً للتغريدة أعلاه نلاحظ بأن الجزء الأكبر من إيرادات الشركة يأتي من ألعاب الهواتف الذكية والألعاب المجانية والـ MMO. لذا فهي تريد أن تتخلص من الفرق التي تكلفها كثيراً لكن عائداتها قليلة لتركيز مصاريفها على الألعاب المجانية والألعاب الضخمة اليابانية مثل فاينل فانتسي وغيرها والتي يعتبر الاستثمار بها أقل خطورة.
استوديوهات Crystal Dynamics و Eidos Montreal – ارتفاع كلفة تشغيلها
- كلاً منهما بالكاد حقق أي أرباح بالسنوات الأخيرة.
- كلاهما صرف الكثير من المال نحو عشرات الملايين على الأبحاث والتطوير وتكاليف عمليات تطوير الألعاب.
- الألعاب الضخمة AAA فشلت في تلبية توقعات سكوير انكس.
إن تخفيض التكاليف كان الدافع الأكبر وراء الصفقة حيث باتت كلفة الحفاظ على هذه الاستوديوهات باهظة للغاية ودورة التطوير تتطلب استثمارات عالية ومرهقة وفوقها النتائج ليست دوماً مرضية.
في الصور التالية تظهر بيانات سكوير انكس المالية أرقام العائدات والنفقات وهوامش الربح الخاصة بكل من Crystal Dynamics و Eidos Montrealحيث تبين بأنه في آخر 3 سنوات وبالرغم من تحقيق هاذين الاستوديوهين إيرادات ضخمة إلا أن هوامش الربح كانت قليلة والدخل التشغيلي منخفض للغاية.
في آخر 3 سنوات حقق كل منهما إيرادات تقدر بـ 489 مليون دولار، إلا أن النفقات التي تم صرفها عليهما كانت بحدود 474 مليون دولار أي أن المرابح لا تتعدى 15 مليون دولار وهذا مبلغ ضئيل، وتلك الأرقام تعني بأن Crystal Dynamics و Eidos Montreal ينفقون الكثير من المال خلال فترة التطوير، لكن لماذا؟
Crystal Dynamics
- 272 موظف.
- تكاليف تخص محركات التطوير.
- تشغيل استوديو للالتقاط الحركي والمشاهد السينمائية.
- 3 مقرات في كل من San Mateo, Bellevue, Austin.
Eidos Montreal
- 481 موظف.
- 4 فرق تطوير إبداعية.
- قسم خاص للأبحاث والتطوير R&D.
- 3 مقرات في كل من Montreal, Sherbrooke, Shanghai.
ونتيجة لذلك أظهرت البيانات المالية لشركة Square Enix بأن Crystal Dynamics حقق إيرادات بآخر 3 سنوات تقدر بنحو 240 مليون دولار كندي (نحو 187 مليون دولار أمريكي) ولكن الدخل التشغيلي للاستوديو كان فقط 10.1 مليون دولار كندي أي قرابة 8 ملايين دولار أمريكي. والدخل التشغيلي يسمى أيضاً “الدخل من العمليات”، وهو ربح الشركة قبل خصم الفوائد والضرائب، ويحتسب من خلال طرح الإيرادات من تكلفة البضائع المباعة والتكاليف التشغيلية مثل الأجور وتكاليف التشغيل كالكهرباء وغيرها من النفقات.
أما Eidos Interactive الذي يضم كل من Eidos Montreal و Square Enix Montreal فقد حقق إيرادات نحو 248 مليون دولار كندي أي 193 قرابة مليون دولار أمريكي بآخر 3 سنوات. لكن الدخل التشغيلي من هذه الإيرادات كان فقط 10.3 مليون دولار كندي أي قرابة 8 ملايين دولار أمريكي. وهذه الأرقام تعتبر منخفضة وغير مرضية تجارياً.
ألعاب لم تلبي طموحات سكوير انكس بمبيعاتها
كما تذكرون قام كل من Eidos Montreal و Crystal Dynamicsبإصدار 3 ألعاب Tomb Raider خلال 5 سنوات وهي Tomb Raider (2013) و Rise of the Tomb Raider (2015) و Shadow of the Tomb Raider (2018). وخلال تلك الأعوام أيضاً أصدرت هذه الفرق كل من Avengers بالعام 2020 و Deus Ex Mankind Divided في 2016.
كل من ثلاثية توم ريدر وآخر جزأين من Deus Ex تمكنا من بيع 50 مليون نسخة وهذا الرقم بالمبيعات لا يعتبر قليل أبداً ولكن المشكلة التي يجهلها الكثيرون بأن كلفة تطوير هذه الألعاب مرتفعة جداً مما يؤدي لشفط الأرباح بصورة كبيرة.
إنتاج كل تلك الألعاب خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً 5 أو 6 سنوات يتسبب بضغط على ميزانية التطوير، حيث أن دورات الإنتاج السريعة تزيد من مستوى المصاريف مما يعني بأن الشركة بحاجة لمبيعات أكبر من أجل استعادة كلفة التطوير من ثم تحقيق الأرباح. على سبيل المثال لعبة Shadow of the Tomb Raider كلفت نحو 135 مليون دولار من أجل تطويرها وتسويقها، وبنهاية المطاف اعتبرتها سكوير انكس بأنها مخيبة للآمال لناحية أرقام المبيعات و استغرقت ما يقارب 3 سنوات من أجل تغطية كل ما تم انفاقه عليها.
ويمكن القول بأن فشل ألعاب مارفل كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث ذكر محلل بأن Square Enix خسرت 200 مليون دولار بأقل من عامين، فعكس الاستوديوهات الخاصة بسكوير انكس في اليابان أو ما يعرف بالقسم الشرقي للشركة، فإن الفرق الغربية لم تتمكن من تحقيق أداء تجاري مرضٍ للشركة في السنوات الماضية وربما يكون فشل Avengers التجاري هو ما جعل الشركة الأم تنفر من الفرق الغربية وتتردد في توكيل مهمة تطوير عناوين ضخمة لها.
فالشركة كانت تتوقع بأن شعبية شخصيات وأبطال مارفل ستساهم في جعل لعبة أفنجرز تحقق النجاح المطلوب لكن هذا لم يحصل واللعبة فشلت حتى في استرداد كلفة التطوير، حيث قيل بأن شركة Square Enix تكبدت خسائر كبيرة جراء فشل Avengers وعدم تحقيقها الأداء المرجو منها وحينها قيل بأن خسائرها وصلت إلى 62 مليون دولار.
وكان هذا الفشل جلياً من خلال تراجع أعداد اللاعبين عبر ستيم بأكثر من 96% في شهرين. وكونها لعبة خدمية فهي تعتمد بشكل كبير على استمرار اللاعبين بلعبها وارتباطهم بها رغم ثقة المطور من عودة اللاعبين إليها. لكن مع الآسف قرارات الخاطئة للمطور وتقديمها كلعبة أربي جي مع وضع مستويات للأعداء كان من أسباب الفشل فأنت بالنهاية تتحكم ببطل خارق ورغم هذا يتم حد قوة ضرباته عبر ذلك النظام التعيس كله كرمى عيون تحويل اللعبة للخدمات واستغلال اللاعبين أبشع استغلال.
أما لعبة Guardians of the Galaxy فرغم أنها حازت على إعجاب النقاد لكن حتى هي لم تحقق آمال الشركة حيث علمنا بأن مبيعات افتتاحية Guardians of the Galaxy كانت أقل من المتوقع، وهذا استمر حتى أبريل الماضي حيث«وجدت اللعبة جمهورها» بعد البداية البطيئة وفقًا لتصريحات فريق التطوير.
هل لـ Sony علاقة بهذه الصفقة؟
كما قلت بالمقدمة فالجميع كان يرشح سوني أن تكون هي من ستكون صاحبة النصيب، لكن هناك من يخبرنا الآن بأن بيع تلك الاستوديوهات الغربية ليس نهاية المطاف. حيث سمعنا من الإعلامي Jeff Grubb أن Square Enix تمهد لإتمام صفقة الاستحواذ عليها من قبل PlayStation لأن سعر سكوير انكس ككل بات أرخص الآن مع التخلص من الاستوديوهات الغربية. الوضع كأنه تم تقسيم Square Enix بين سوني و Embracer Group. كذلك الإعلامي الموثوق Greg Miller أكد بأنه سمع من عدة مصادر أن عملية الاستحواذ على الناشر Square Enix ستكون من نصيب شركة سوني.
أي أن سوني ربما يكون لديها رغبة في شراء الاستوديوهات اليابانية وعناوينها والتخلي عن عناوين هي أصلاً تمتلك بديلاً لها مثل توم ريدر التي تملك سوني أصلاً عنواناً مشابهاً لها هو أنشارتد. وتريد أن تحصل فقط على العناوين التي تهم السوق الياباني مثل سلسلة Final Fantasy.
بالختام إن ارتفاع تكاليف التطوير لمشاريع كريستال داينمكس وإيديوس بجانب انخفاض هوامش أرباحها هو أمر لا يرغب أن يراه أي مستثمر أو مالك أسهم. ناهيك على أن Embracer Group أغرت سكوير انكس بدفع مبلغ 300 مليون دولار كاش ستستغلها الشركة باستثمارات في مجالات البلوكتشين وهي مجالات تعتبرها تمثل مستقبل الصناعة.
لكن بنفس الوقت لا يجب أن نخفي حقيقة أن فشل بعض عناوين هذه الاستوديوهات تقع على عاتق سكوير انكس نفسها وسوء قراراتها الإدارية مثل إجبارهم على تطوير ألعاب خدماتية أو طرح آخر جزء من توم ريدر بوقت سيء غير مدروس نهائياً أو ضعف الحملة التسويقية للعبة حراس المجرة.