في الفترة القليلة الماضية، اجتاحت متاجر الألعاب الرقمية على البلايستيشن 4 والاكس بوكس ون تخفيضات عديدة، وقد استوقفتني لعبة ماس ايفيكت اندروميدا (Mass Effect Andromeda) بتخفيض جيد، فكرت واحترت قليلا ثم قررت عدم شرائها لأسباب كثيرة أبرزها وأكبرها ان اللعبة تعاني من مشاكل كثيرة ولا تستحق التجربة. لكنني تساءلت، لماذا لعبة كبيرة كماس ايفيكت تفشل هذا الفشل الذريع؟ ما الذي يجعل شركة عريقة كـ(EA) ومطور محترم مثل بايو وير (BioWare) أن يصدروا اللعبة بهذا الشكل السيء؟ ألم يجربوا اللعبة قبل صدورها ويعرفوا بالمشاكل العديدة التي تحتويها؟ هكذا كانت تساؤلاتي وقد قرأت عن قصة ماس ايفيكت وغيرها من الألعاب، ثم أضفت بعض التحليل المنطقي في ضوء ما أعرفه عن الألعاب و تطويرها و أحببت أن أشارككم إياه في هذا المقال البسيط.
لعل واحدة من أكثر المشاكل المنتشرة في عملية تطوير الألعاب اليوم هي الخلافات التي تدور بين المطور (Developer) والناشر (Publisher)، ومن المهم معرفة الفرق بين الاثنين.
المطور أو المطورين، هم الأشخاص الذين يقومون بصناعة اللعبة باستخدام برامج الحاسوب وغيرها، أما الناشر فهو الذي يقوم بتمويل فريق التطوير، ومن مهامه كذلك التسويق للعبة وتوزيعها إلى أنحاء العالم وتصميم الغلاف وكذلك ترجمة اللعبة للغات مختلفة في بعض الأحيان. وباستثناء بعض الحالات النادرة، اللعبة تكون مملوكة للناشر وليس للمطور، وللناشر الحق في تغيير المطور او تقليص فريق العمل، فبالنهاية هو من يدفع الأموال لصناعة اللعبة والمطورين ليسوا إلا كالموظفين عنده.
المطور عادة ما يكون أقرب للاعبين، فهو يعرف ما يريدونه لأنه ينظر إليهم كلاعب أيضا، أما الناشر فينظر للأمور من وجهة نظر ربحية، فبالنهاية هو من سيدفع الأموال ومن المهم لديه أن تأتي اللعبة بعائد مالي وفير. هذا هو أهم نقطة خلاف بين المطور والناشر، وفي لعبة ماس إيفيكت أندروميدا أفضل مثال.
ماس إيفيكت من السلاسل العريقة في عالم الألعاب، وبعد نهاية الثلاثية الأولى قررت الشركة الناشرة والمالكة للعبة (EA) تطوير جزء جديد وبداية لسلسلة جديدة من الأجزاء، ولكنها مع الأسف فرضت الكثير من القيود على فريق التطوير، أبرزها إجباره على استخدام محرك فروست بايت (Frostbite) والذي تم تطويره من قبل الشركة الناشرة وبالتالي توفير بعض المال بدلا من استخدام محرك آخر من شركة أخرى. مع الأسف المحرك لم يكن مخصصا لهذا النوع من الألعاب، فقد عانى فريق التطوير أشد المعاناة لتطوير لعبته على هذا المحرك، وقد كانت لدى فريق التطوير أفكار عديدة لجعل اللعبة ضخمة ومبنية على الاستكشاف ولكن مع الأسف لم تنجح هذه الأفكار باستخدام محرك شركة (EA) الخاص. وبعد مرور سنوات على عملية التطوير، وقبل ما يقارب السنة والنصف تقريبا من إطلاق اللعبة، قررت الشركة شطب كل ما تم تطويره والبدء مجددا والسبب في ذلك كما تذكر بعض التقارير أن اللعبة لم ترتق لطموح الناشر ولم تكن لتناسب اسم اللعبة العريق (Mass Effect).
المطور الآن اصبح في ورطة، فهو مضطر لإعادة صنع لعبة ضخمة في وقت وجيز جدا، وعندما حان وقت الإصدار، أصدرت اللعبة بالشكل السيء الذي شاهدناه كلنا. أما الناشر فقد كان أمام خيارين مرّين، فقد كان عليه أن يستمر في تمويل اللعبة الضخمة للوصول لما كان يطمح إليه وبالتالي خسارة الكثير من المال ودفع رواتب المطورين أو التضحية باسم اللعبة والكسب السريع من إصدار اللعبة وإغلاق ملف لعبة ماس إيفيكت للأبد، وقد كان الخيار الثاني.
ماس إيفيكت كانت مثال واحد من العديد من الأمثلة التي أصبحنا نراها اليوم في صناعة الألعاب، فالمطور عادة ما يكون لديه فكرة ضخمة لتحقيق لعبة رائعة أما الناشر فهو دائما ما يفكر في المال والمكسب، وهذا في الحقيقة من حقه، فمجال الألعاب ليس فقط للترفيه ولكن للكسب أيضا.
ومن الأمثلة الأخرى التي نرى فيها تعارضا بين رؤية المطور والناشر هي اللعبة الشهيرة ديستني (Destiny) في جزئها الأول، حيث قام الناشر أكتيفيجن (Activision) باستقطاع بعض أجزاء اللعبة وجعلها كإضافات قابلة للتحميل مقابل مبلغ من المال.
ومن هنا نستطيع القول أن المشكلة في إصدار بعض الألعاب بشكل سيئ يعود الى الرغبة من الناشر في الكسب السريع أو عدم قدرته على تمويل اللعبة بعد الآن، ولذلك نجد اللعبة السيئة تتحسن مع الوقت بعد الإصدار وذلك يرجع في تحليلي أن الناشر قد استخدم مكاسب اللعبة في تمويل إصلاحات اللعبة وجعلها مصقولة أكثر.
لست في الحقيقة مطور ألعاب ولا أملك شركة نشر، ولكني أعتقد أن عدم وضوح الرؤية بين المطور والناشر هو ما يجعل بعض الألعاب غير قابلة للعب وبالتالي الخسارة الحتمية في النهاية.
ماس إيفيكت كانت خسارة كبيرة للاعبين، وكذلك غيرها من الألعاب، وأنت عزيزي القارئ، ما تحليلك لمشكلة الألعاب التي تصدر بشكل سيئ؟