نتكلم دائماً عن روعة الألعاب، ونوصف كيف ان اللعبة الفلانية كانت قصتها ممتازة، وطريقة اللعب فيها ممتعة ولا فيها تكرار، وان الرسومات فيها خرافية، وغيرها من المدح اللي نسمعه عن أي لعبة ممتازة. كل الألعاب الممتازة تستاهل المديح هذا، ويمكن لو أسمع لاعب يمدح لعبة معيّنة أشاركه في مدحها، ولكن اليوم فيه موضوع مهم جداً سواءً في ألعاب الفيديو أو المنتجات الترفيهية بشكل عام.
مقالة اليوم بتكون عن معضلة وتحدي يواجهها المطورين دائماً وأبداً في ألعابهم: كيف أخلّي اللاعب يهتم باللعبة من البداية؟
لو تروح تشتري لعبة وتلعبها، وتلاحظ ان بدايتها ضعيفة، غالباً راح تترك اللعبة أو انك بتكملها. تكملها مو عشانك معجب فيها، لكن عشانك تبغى تحلل فلوسك لا أكثر. لذلك، مقالة اليوم راح نناقش فيها بدايات الألعاب.
ملاحظة: بأتكلم عن بداية الأمثلة المذكورة بشكل بسيط جداً بحيث ما نخرب عليك شي كبير.
بدايات الألعاب Introduction
وأقصد فيها (مدخل) اللعبة وبدايتها. أول ما يشغل اللاعب اللعبة ويمسك أداة التحكم ويبدأ يلعب، هنا تحدي كبير جداً للمطوّر. هل هو قادر انه يجذب انتباه واهتمام اللاعب بحيث يخليه يكمل اللعبة؟ من المعروف ان من أصعب التحديات اللي يواجهها المطوّر هو كيفية ربط اللعب بالقصة، بمعنى ان اللاعب وهو جالس يذبح ويقتل الأعداء المساكين، هل هو من جد عارف انه جالس يسوي هذي الأشياء من أجل القصة؟ ولا بس يبغى يمشي في اللعبة عشان يوصل نهايتها وخلاص؟
تختلف البدايات على حسب نوعية اللعبة، كثير جداً من الألعاب تبدأ بشكل سريع وآكشني وانفجارات وغيرها، وفيه ألعاب تبدأ بشكل بطيء لكنه مناسب للعبة. والنوع البطيء هذا غالباً يواجه مخاطر كبيرة بما ان الانسان بطبيعته ينجذب للأحداث المثيرة والسريعة في كثير من المجالات، من أهمها المجالات الترفيهية، مثل ألعاب الفيديو.
ايش الألعاب اللي بدأت بشكل ممتاز وقدرت تذهل اللاعبين وتحصل على اهتمامهم؟ وكيف قدر المطور يسوي هذا الشي؟ هذي بعض الأمثلة اللي جمعتها، وفيه غيرها كثير طبعاً. الأمثلة كالعادة بتكون ألعاب حديثة، على الأقل ألعاب نزلت في هذا الجيل:
Gears of War 3
سلسلة جيرز أوف وور المعروفة، يبدأ جزءها الثالث بمقطع فيديو عن البطل وهو يقوم من فراشه، ينتفح عليه الباب وتنحط دروعه قدامه، يطلع يمشي في السيب بشكل بطيء وهو يكلم البنت اللي أعطته الدروع. يستمر يمشي في السيب بهذا الشكل البطيء.
لكن Epic Games يعرفون ان اللاعب راح يطفش لو خلوه يكمل مشي بهذا الشكل، لذلك أدخلوا مقطع قتالي له هدفين:
- خل اللاعب يدخل في جو قتالي آكشني عشان ما يطفش.
- تعليم اللاعب على تحكم اللعبة
بعد ما ينتهي المقطع يلاحظ اللاعب انه رجع يمشي بنفس الشكل البطيء بالتمام، ولكن الآن اللاعب بدأ يعرف ان المشي هذا بينتهي وراح يرجع مرة ثانية للقتال الآكشني، لذلك ما عنده مشكلة يمشي وينتظر لحظات زيادة الين ما يرجع للجو الآكشني من جديد.
بداية ممتازة جداً برأيي، تعرّف اللاعب بأساسيات اللعبة وفي نفس الوقت تخليه يستمتع بنظام قتال اللعبة، بالاضافة الى محاولة ربط اللاعب بالقصة عن طريق شرح حدث صار للماضي لبطل اللعبة.
Mass Effect 2
يبدأ الجزء الثاني من سلسلة ماس ايفيكت بحوار بين شخصيتين، يتكلمون فيه عن بطل اللعبة. يعطيك المقطع فكرة عن أجواء اللعبة ان كانك تلعبها أول مرة، ينتقل المقطع بعدها الى البطل في مركبته الفضائية. تبدأ الأحداث المثيرة، عرفوا مطوّرين bioware ان عندهم وقت محدود الين ما يعرّفون باللعبة، جا وقت اعطاء اللاعب التحكم، ومن هنا يقدر اللاعب يسوي التالي:
- يتعرّف على تحكم اللعبة الأساسي. أول ما يوصل للشخص المطلوب بيلاحظ ان الحوار فيه “خيارات” يختار منها ولها أثرها في أحداث القصة.
- أول ما يمشي اللاعب بيلاحظ انفجارات حوله في الطيارة، يدخل بعدها في مجال تنعدم فيه الجاذبية. يقدر اللاعب يتعلم أكثر وأكثر عن اللعبة.
لكن هذا كله احتمال كبير انه ما يكون كافي لجذب اهتمام اللاعب، خصوصاً ان أكثر الأشياء اللي بيسويها مجرد مشي الين ما يوصل للشخص المطلوب ويبدأ حوار معه. لذلك اتخذت اللعبة مسار خطير واللي خلاني أعتبر بداية Mass Effect 2 هي أفضل بداية.
البطل يموت بعد نهاية الفيديو. ايه، يموت البطل وتنفجر الطيارة بعد ما ينقذ أخوياه ولا يقدر يلحقهم. يشوف اللاعب جسم البطل قدامه يعوم في الفضاء وينجذب لأقرب كوكب له الين ما يختفي.
الحدث هذا لحاله يحتاج مقالة كاملة لتحليل الأبواب اللي فتحتها bioware للاعب سواءً من ناحية جذب اهتمامه أو حتى ربط تكوين الشخصية بشكل واقعي جداً.
The Last of Us
تبدأ ذا لاست أوف أس بداية مختلفة عن باقي الألعاب. يتفرج اللاعب على مقطع فيديو يشوف فيه البطل وهو يمازح بنته الصغيرة. تقوم البنت الصغيرة من النوم بعدها تدوّر عن أبوها ولا تلقاه، يمشي اللاعب ويدخل الغرفة ويلاحظ ان التلفزيون فيه أخبار عن انتشار مرض معدي بين الناس، ينزل اللاعب للدور الأرضي وتبدأ الأحداث المثيرة. يدخل الأب البيت بسرعة وبشكل مخيف، يدخل وراه شخص يمشي بطريقة غريبة. الشخص هذا يعرفه البطل ويحاول يكلمه ويقنعه ولكن يلاحظ اللاعب ان الشخص الثاني ماهو انسان طبيعي. يضطر البطل انه يطلق على هذا الشخص الغريب ويموته.
تخف الأحداث ويلقى اللاعب نفسه في سيارة، يحاولون يطلعون من المدينة. ترجع الأحداث المثيرة من جديد بعد حادث، يلقى اللاعب نفسه بعد كذا انه يتحكم بالشخصية الرئيسية! لكن كل اللي يقدر يسويه انه يركض ورا الناس. تتابع الأحداث الى ما يوصل لنقطة مهمة جداً في اللعبة وهي موت بنت البطل. من هنا يقدر المطوّر يحاول يسوي التالي:
- اللعبة ما هي قتالية، ولكنها تعتمد على التأنّي والاسكتشاف.
- ربط اللاعب مع الشخصية الرئيسية وكسب تعاطفه معها بسبب موت البنت الصغيرة.
لو نقارن بدايتها ببداية الأمثلة اللي قبل، راح نلاحظ انها البداية الأبطأ بينهم. هذا بسبب طبيعة اللعبة وانها لعبة تخفّي وتسلل، ماهي لعبة آكشن وتصويب. مشكلة البدايات البطيئة هذي ان اللاعب العادي احتمال كبير انه يمل منها بسرعة، أقدر أتخيّل عدد كبير من اللاعبين العاديين يتركون اللعبة بسبب بدايتها، أو يمكن يعطيها لأخوه الهاردكور يكمّل عنه وهو جالس جنبه يتابع القصة.
الزبدة
كل الأمثلة المذكورة لها هدف مشترك وهو تعريف اللاعب بنوع اللعبة، وتحكمها وأجواءها وغيرها من الأشياء الأساسية. غالباً يحاول المطوّر انه يجذب اهتمام اللاعب من خلال وضع حدث قوي في اللعبة يجذب اهتمام اللاعب. تقريباً نشوف هذا الشي في جميع الألعاب حتى السيّء منها.
فيه ألعاب ثانية تتخذ شي مشابه لجذب انتباه اللاعب وهو اعطاءه كل الأشياء الرهيبة في اللعبة لفترة معيّنة بعدين يسحبها منه، مثل God of War. تبدأ اللعبة وانت معك كل الأسلحة الرهيبة لكن بعدها تلقى نفسك ما معك الا سلاح واحد، من هنا تقدر تقول ان هذي البداية الفعلية للعبة. هذي الطريقة كانت ناجحة من زمان، لكن ما أتوقع ان اللاعب الحالي بيتقبلها مثل أول.
عموماً، الجيل القادم جاي قريباً. متحمس أشوف اذا فيه تغييرات من هذي الناحية في الألعاب لانها فعلاً مشكلة تحتاج الى حل. كثير من الألعاب الرهيبة خسرت اللاعب بسبب بدايتها.
يبقى السؤال الأخير للقارئ: وش اللعبة اللي ما أعجبتك بدايتها لكن اكتشفت ان اللعبة رهيبة بعدين؟ ووش اللعبة اللي أعجبتك من البداية؟ شاركنا برأيك في التعليقات!