لقد رأينا في الأعوام الماضية أن كثيرًا من الجرائم عامةً -والقتل خاصةً- تُنسب إلى الإسلام أولًا، فإن لم يوجد الدليل، نُسِبت إلى ألعاب الفيديو، في هذا المقال البسيط سأحاول أن استعرض أسباب ذلك من وجهة نظري الشخصية.
عند حديثي عن تلك الظاهرة، سأخُص الولايات المتحدة الأمريكية بالحديث باعتبارها واحدة من كُبرى القوى في العالم، وثالث أضخم دولة في العالم من حيث التعداد السُكّاني، فضلًا عن وقوع غالبية الحوادث هناك.
سأستدلُ بكلامي بحادثة الرجُل الذي دخل أحد المدارس، وبدأ بإطلاق النار على الأطفال، ثم أطلق النار على نفسه في الأخير، وعلى ما أذكُر، سببت تلك الحادثة ضجةً كبيرةً عالميًا، ونُسبت إلى تأثُر ذاك المجرم بألعاب الفيديو التي وُجدت في مكان سكنه.
وعلى ضوء هذه الحادثة، سنناقش ثلاثة أنواع من الأسباب تجعل المجتمع يُلقي باللوم على ألعاب الفيديو عندما تُرتكب مثل تلك الجرائم:
أولًا، أسبابٌ سياسية
من المعلوم لدى الجميع أن المناصب العليا في الولايات المتحدة دائمًا ما تكون عن طريق انتخابات ديموقراطية تُقام لمن يترشح لذاك المنصب، فبطبيعة الحال -وبدون أدنى شك- يسعى كُلُ مترشحٍ لجذب أصوات الناخبين كي يحصل على ذلك المنصب، فلذلك، عندما يُعلق المترشح على مثل هذه الحوادث، لا تراه يلوم المتاجر الكبرى التي تبيع جميع الأسلحة بأنواعها و التي تنتشر في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ولا يلوم القانون الذي يسمح بذلك، بل يُلقي باللوم على ألعاب الفيديو، لأنه إن ساند أحدَ الجانبين سيخسر الجانب الآخر بناخبِيه؛ خصوصًا وأن غالبية مجتمع اللاعبين عامةً غير مهتمين بالسياسة، ولن يلقى ذاك المترشح أي أضرارٍ سياسية منهم.
ثانيًا، أسبابٌ إعلامية
تسعى وسائل الإعلام -سواء كانت قنوات أو مجلات أو جرائد– لجذب الكثير من المتابعين، كي يرتفع سقف ربحها المادي عن طريق الإعلانات أو غيرها، فهي لا تهمها المصداقية بقدر ما يهمها الكسب المالي من وراء نشر الأخبارِ بعيدًا عمّا إن كانت صحيحة أو غير ذلك، وللأسف هناك انتشارٌ كبيرٌ للسذاجة في مجتمع اللاعبين، إذ أن معظمهم ينشر تلك الأخبار ويروِّجُ لها بقصد تعريف الناس و المجتمع أن هذا الكلام غير صحيح، وإبعاد كافَّة الشُبهات عن ألعاب الفيديو، لكنهم بذلك –من غير قصد– يزيدون الضجيج حول الموضوع الذي تستفيد منه وسائل الإعلام بطريقة ربحية و تسويقية؛ بينما من المفترض أن يتركوا تلك الأخبار حتى تُنسى، وبهذا تتوقف وسائل الإعلام عن نشر مثل هذه التفاهات.
ثالثًا، أسبابٌ اجتماعيةٌ
بطبيعة الحال، لا يُريد المجتمع أن يلوم نفسهُ على التقصير في تربية أبنائه و تعليمهم وتثقيفهم، وبدلًا من ذلك، يميل إلى تفاهة لوم ألعاب الفيديو و تأثيرها عليه، وربما يلجأ لإبعادئهم عنها مُتناسيًا أنه لم يعلمهم ولم يثقفهم حتى يمنعهم من ارتكاب مثل هذه الأفعال الشنيعة.
ويُمكن أن يلقى بعضُ اللوم أيضًا على شركات صناعة ألعاب الفيديو، إذ أنها تكُفُ عن حقها في ملاحقة من يتهمُ صناعتها بتربية القتل والسفاحين قضائيًا، حتى تتوقف مثل هذه الاتهامات الخالية من المصداقية عن الظهور.
في الأخير، لن يرتكب هذه الجرائم إلا مجنونٌ أو جاهلٌ، أما ألعاب الفيديو فما هي إلا وسيلة ترفيهية وربما تعليمية ولا يُمكن أن تُأثر بأي شكل من الأشكال على من التزم بشروط اللعب؛ كالسن القانونية عند لعب لعبة معينة.
هذه الأسباب هي من رأيي الخاص، تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ، إن كنت تخالفني أو تتفق معي، أو لديك رأيٌ آخر أو سببٌ آخر، شاركنا به في التعليقات أدناه.