مع زيادة التعداد السكاني حول العالم، ازدادت نسبة الشباب حول العالم زادت وقلة نسبة كبار السن; تسبب في انفجار اقتصادي وقوة شرائية ضخمة دفعت بجميع القطاعات الصناعية للأمام ومنها صناعة الألعاب، مع ذلك تزايدت الأصوات المرددة بخطورة الألعاب وأضرارها وقلة منافعها على المجتمع وأنها لا تجلب إلا الدمار. ومن الملاحظ أن نسبة كبيرة من الشباب تحت سِن الـ 30 يعتبرون ألعاب الفيديو جُزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية.
فـفي هذا التقرير نستعرض معكم هل فِعلاً ألعاب الفيديو تضُر المجتمع والأشخاص ذاتهم؟ أم لها فوائد لم يتطرق لها أحد واكتفوا بآثارها السلبية ؟.
تقنيات سببها ألعاب الفيديو
في صِغري، كنت أحلم بـ دخولي عالم اللعبة وخوض قتالات ملحمية والانتصار للضعفاء أو الانخراط وسط الفخاخ مع مغامرات انديانا جونز. ( أحلام مراهق 🙂
في الستينيات من القرن الماضي صدرت تقنية Sensorama الحجرة الأولى للواقع الافتراضي التي مكنّت اللاعب من الإحساس بوجوده في عالم مختلف. بالطبع كانت البدايات ولم تكن ناضجة تماماً كـ جودة رسوميات أو دقة عرض; ككل ليست بتقنية تطرح للعلن.
الثمانينات كانت ثورة في عالم الواقع الافتراضي من حيث عدد المنافسين والمطورين لها لدرجة مؤسسة حكومية استثمرت ودعمت التقنية الجديدة في أبحاثها. وكالة الفضاء الأميريكية NASA ضخت الأموال لتدريب رواد فضاءها على محاكيات الفضاء قُبيل إرسال المكوكات. فـ بهذه التقنية يستطيع رائد الفضاء إحساس الشعور المحيط به على أنه الفضاء بمساعدة أجهزة مضادة للجاذبية طبعاً كل ذلك لخلق الجو المناسب له. هذه التقنية سُميت لاحقاً بـ الواقع الإفتراضي (Virtual Reality) والتي بالمناسبة مازالت تُستعمل ليومنا هذا.
من أنجح الأمثلة في الألعاب هي لعبة Pokemon Go على الهواتف الذكية. اللعبة جلبت عشاقها إلى نقطة الحنين والمشاعر الآخذة بدمجها للواقع الافتراضي وتمكين اللاعبين خوض تجربة المغامرة والبحث عن كرات البوكيمون في مدنهم. المحظوظ من كان يجوب ويسافر العالم ويجد أنواع نادرة، أغبطك يا صديقي.
بضم مستشعرات الحركة و خوذة الواقع الافتراضي وُجدَ الواقع المعزز (Augmented Reality ) الذي بدوره اغتنمته المؤسسات الصحية لتأهيل المرضى المصابين أو من يعاني من أضرار الحرب النفسية ( هلوسات ما بعد الحدث ). كذلك أستُعملت التقنية لـ ذوي الاحتياجات الخاصة لـ إحساسهم بشعور المشي والقفز الخ. ألعاب التصويب كان لها دور حيث أنها أستعملت التقنية بإحساس اللاعب أنه وسط معركة ملحمية بإحتمائه خلف الجدران ودقة التصويب عدد الطلقات وصدى الإنفجارات حوله ( انغماس كامل ).
لنفترض أنك تريد أن تعيش في العصر الروماني وقت أرخميدس وفيثاغورس ( رياضيات LOL ) أو تزور الأهرامات في زمن الفراعنة، بل تخيّل مشاهدة الديناصورات قُبيل الإنقراض، بفضل التقنيات هذه تستطيع ” السفر عبر الزمن ” ومشاهدة كُلُ مايسرك. أصرح علمية وأكاديمية تبنّت الافتراضيات هذه وحولتها لواقع كـ تعليم ممتع يساهم في تنمية القدرات الذهنية وترسيخ المعلومات في أذهان الطلبة. ناهيك عن صرف مبالغ طائلة في تطوير الألعاب المساعدة للتعلم للأطفال على الأجهزة اللوحية والمنزلية التي بدورها ساعدت الأطفال في الروضة على تهجئة الحروف ونطقها وحفظ الأرقام وأشكال الحيوانات الخ…
وقت صدور جهاز Nintendo Wii كنت أتذكر اجتماع الأصدقاء والأقارب في غرفة المعيشة أمام الشاشة للمشاركة في منافسة لعبة التنس. رغم قلة الألعاب الصادرة عليه وشراسة المنافسين من سوني ومايكروسوفت، لم يستطع الصمود لكنه أُعتبر جهاز العائلة الذي يلُم الأهل والأصحاب أمامه كونه يحفز على ممارسة الرياضة.
هل الألعاب حقاً مضرة؟
السؤال الذي لطالما واجه اللاعبين من المجتمع، كيف أن ألعاب التصويب مثل GTA ,Call of Duty, Counter-Strike لوّثت المراهقين وغسلت عقولهم بـ صور فاحشة ومشاهد عنيفة وألفاظ نابية لدرجة تحريضهم على قتل آبائهم وأصحابهم ! ودراسات مشاركة عبر وسائل التواصل تُفيد بخطورة الألعاب وضررها على الأطفال والمراهقين و و …
نستعرض في هذه الفقرة هل فعلاً ألعاب الفيديو حقاً مُضرة وهل فعلاً هذه الدراسات حقيقية أم مجرد تكهنات ودراسات على فئات لا يستشهد بها.
الدراسات
دراسة قُدمت من معهد الإنترنت في جامعة أوكسفورد ونُشرت في The Royal Society أُجريت على 1004 لاعب و لاعبة من مختلف الأعمار وعدد مساوي من آبائهم لدراسة سلوك ونمط اللاعبين الملاحظ للبحث عن زيادة في السلوك العنيف. الفرضيات تقول أنه بلعبك ألعاب العنف والقتال ومشاهدتك لـ المشاهدة الدموية قد يزيد من تقُبلك للممارسة العنف سواء تجاه محيطك أو نفسك ذاتها، بل قد يصل الأمر إلى أن اللاعب يُقلد حركات شخصيته في اللعبة.
النتائج أظهرت أنه لا علاقة بين ألعاب العنف وزيادة السلوك العدواني. مع ذلك، الدراسة رجحت أنه في أطوار اللعب التنافسيّ من المحتمل ظهور بعض الانفعالات مثل الغضب والكلمات المسيئة، لكنها ليست ذات نسبة حدوث كبيرة. أظهرت الدراسة أيضاً أن بعض العينات تتجه للعب الألعاب الخطية أو ألعاب العنف كوسيلة لتخفيف الضغط النّفسي والترويح عن ذاتهم أو كـ مكافأة بعد جهد عمل بل قد يصل الأمر لمشاركة أهاليهم اللعب معهم.
دراسة أخرى من جامعة فلوريدا الجنوبية أُجريت على الأشخاص من سن 12 حتى 17 يمارسون لعب الألعاب ذات تصنيف M ( للبالغين 17+ ) حسب ESBR. وجدت أنه هناك علاقة طردية في حال لعب ألعاب العنف; زيادة في السلوك العنيف لدى هؤلاء العينات. بحسب ناشريّ الدراسة، أنه لا يوجد عدد كافي من الدراسات في هذا المجال التي تحكم حكمً نهائياً بخصوص هذه الصناعة وأضرارها على المجتمع، مع ذلك يشدّد الباحثون على ضرورة التقيّد بتصنيفات الألعاب على أنها الوسيلة المناسبة لإبعاد الحوادث عن مرتاديّ ألعاب الفيديو.
هذه الدراسة استعرضت أكثر من 130 دراسة على أكثر من 100000 عينة من كِلا الجنسين وقارنت النتائج بينها البين. أظهرت الدراسات أنه توجد علاقة بين ألعاب العنف والزيادة في التفكير بالأمور العنيفة وزيادة في التفردية أو قلة المشاركات الاجتماعية (Anti-social ) وقلة في التعاطف والسلوك المهذب عند الأطفال مهما اختلف الجنس أو العِرق. اقترح الباحث أندرسون معلقاً على الدراسة ” التعرض لـ ألعاب الفيديو العنيفة عامل يمكن أن يُتحكّم بِه بـ تدخل الوالدين “.
“لا يمكن أن تكون الألعاب بهذا الكمال ! ” صحيح، لكن لا تنسى أن اللعب لساعات طويلة يُجهد العينين ويُرخي العضلات وقد يسبب لك التصلب من الجلوس لفترة طويلة ناهيك عن آلام الظهر والرقبة دون حركة أو ممارسة الرياضة من وقت لوقت. وبالطبع ليست كُل الألعاب مناسبة لجميع الفئات، كما ذكرت الدراسة أنه هناك زيادة سلوك عدواني لدى المراهقين عندما يلعبون ألعاب فوق أعمارهم أو مصنّفة للبالغين.
بمناسبة ذِكر تصنيفات الألعاب، كثير من الأباء يجهل هذه التصنيفات عالمية. الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بالسعودية قد أصدرت تصنيفات ألعاب الفيديو وشددت ناشريّ الألعاب ومنتجيها على ضرورة التقيّد بها كما حرّصت الآباء على ضرورة مراقبة أبنائهم عند شرائهم من المحلات التي لا تتقيد ببيع الألعاب لمن دون تصنيفها.
ملاحظة شخصية من الكاتب : أعزائي الآباء، رغم محاولات الهيئة ووزارة التجارة والإستثمار في مراقبة السلع ومراقبة المحلات المخالفة المحاولة لبيع الألعاب الممنوعة لصغار السِن ( كما يعرف بالسوق السوداء ) مراقبة الأبناء عند قدومه بلعبة جديدة والتأكد من محتواها أو على الأقل تصنيفها يحمي إبنك من أعراض ومضاعفات الألعاب خاصة إن كانت ليست مخصصة له. فـ بعض الألعاب تأتي بتصنيف أوروبي الذي يُعرف بـ PEGI أو الأمريكي الذي يُعرف بـ ESRB . وكان الزميل صالح بازرعة قد ناقش فيها إحتمالية انتحار اللاعب وإرتباطها بـ الألعاب.
الفوائد
إن نظرت للموضوع بنظرة إيجابية مِثالية، متيقن بأن هناك كم هائل من الفوائد سيطفوا أمام عيناك. سـ أحصي ماخطر على بالي:
- إتخاذ القرارات المصيرية باللعبة يُحسن من قدرتك على الاختيار
- التعرّف على أصدقاء جُدد يكسر حاجز الخجل ويطور مهارة التواصل
- قراءة النصوص والإستماع المتكرر للحوارات في اللعبة يزيدك تقدماً في اللغة بالإضافة لمخاطبة الأجانب في الأونلاين
- إن كنت موهوباَ في اللعبة قد يؤهلك لخوض المنافسات العالمية والفوز
- الألعاب الإستراتيجي والألغاز تطور من مهارتك في حل المشاكل والعقبات.
- الصغار يحبون الألعاب وبذلك يمكن تعليمهم الحروف وتهجئتها منذ الصغر على هذه الألعاب
وكان هنالك دراسة تتحدث عن استعمال ألعاب الإلكترونية لتحسين ذراع فتى يبلغ من العمر 13 سنة مصاب بشلل إرب والتي صرَفت إنتباه الفتى عن الألم بل حفزته للاستمرار.
ماذا نتوقع بالمستقبل؟
وقت صدور أنمي Sword Art Online تبادر إلى ذهني مسألة لِما لا ننقل الوعي الكامل لداخل اللعبة مثل هذا الأنمي، الأمر الذي يعوقنا عن هذه الأمور التقنية الحالية والإمكانيات الضعيفة بهذا العصر حيث أننا نفتقد للتقنية التي تؤهلنا للإحساس بـ الآلام الناتجة من المبارزات والاشتباكات الجسدية ورصاص الأسلحة، كذلك رائحة العُشب والغابات ودخان النيران المشتعلة. كل هذه الأمور مستحيلة بـ وقتنا الحالي، لكني أتكهن قطعاً لمستقبل هذه التقنية وبوجود مِثل هذه الميزات في الأجهزة التي ربما لن تكون في الجيل القادم من الأجهزة المنزلية لكن ما أن يبلغَ الخبر عِند الملحقات العسكرية لـ دول العالم، حتما ستراها أبكر مما تخيلت خصوصا أنها السباقة في تطوير التقنية العظيمة هذه.
شاركونا آرائكم حول هذه الدراسات، وماهي الفوائد التي تجدونها بالألعاب؟