في البداية، كان الأمر يتعلق بالاحترام:
صناعة ألعاب الفيديو في التسعينيات لم تحظَ بأي احترام. Tom Kalinskie، الذي قاد شركة Sega أمريكا خلال تلك الفترة، يروي قصتين تلخصان نظرة العالم تجاه الألعاب.
القصة الأولى جاءت خلال جلسات الاستماع الشهيرة في مجلس الشيوخ الأمريكي حول ألعاب الفيديو العنيفة في الفترة من 1993 إلى 1994. استُدعي Kalinskie من قِبَل أعضاء مجلس الشيوخ في ولايته للتحدث عن القضية، وشرح كيف أن الألعاب ليست مخصصة للأطفال فقط.
يتذكر Kalinskie قائلًا: “لقد سخروا. لم يصدقوا ذلك. قالوا: هل تمزح؟ الجميع يعلم أن ألعاب الفيديو مخصصة للأطفال فقط. لا ينبغي لك القيام بهذه الأمور العدوانية. وطردوني من مكاتبهم في واشنطن العاصمة”.
لاحقًا، زار Kalinskie رئيس جمعية الصور المتحركة Jack Valenti، ليسأله عما إذا كان يمكن لألعاب الفيديو استخدام نظام تصنيف الأعمار نفسه الذي تستخدمه صناعة الأفلام، خصوصًا أن الجميع كان مألوفًا به. رفض Valenti. لم يفهم لماذا قد تُقرض صناعة الأفلام الضخمة نظام تصنيفها لصناعة الألعاب الصغيرة.
التدقيق الحكومي الأمريكي على ألعاب الفيديو العنيفة هو ما أدى في النهاية إلى تشكيل جمعية البرمجيات الرقمية التفاعلية (التي تُعرف اليوم باسم جمعية برامج الترفيه)، وهي هيئة تجارية مخصصة أنشأتها صناعة الألعاب في البداية لإنشاء نظام تصنيف للألعاب (وبالتالي تجنب أي تشريع حكومي). توحدت صناعة الألعاب أخيرًا، ومن خلال هذه المنظمة الجديدة بدأت في التصدي. كان من الواضح أن جزءًا من ذلك هو تنظيم حدث خاص بها لعرض الألعاب.
في عام 1994، كانت صناعة الألعاب تتوجه إلى معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في Las Vegas لعرض ألعابها وأجهزة التحكم الخاصة بها على الباعة ووسائل الإعلام.
يتذكر Kalinskie قائلًا: “لم يكن معرض الإلكترونيات الاستهلاكية (CES) يهتم بألعاب الفيديو على الإطلاق. كان الأمر سيئًا بما يكفي عندما كانوا يضعوننا في مؤخرة القاعة الكبيرة، ولكن في أحد السنوات وضعونا خارج الباب تحت خيمة كبيرة. كان عليك المرور بجميع أقسام الأفلام للوصول إلينا. لقد أمطرت في تلك السنة في Las Vegas، وكان هناك تسرب فوق منطقة Sega، وكان الماء يقطر على أجهزة Sega Genesis الخاصة بي”. قلتُ: “هذا يكفي، لن نشارك في هذا مرة أخرى، سنقوم بتنظيم عرضنا الخاص”.
حاولت صناعة الألعاب التفاوض مع CES لتحسين كيفية تمثيل ألعاب الفيديو، ولكن دون جدوى. لذلك تعاونت جمعية البرمجيات الرقمية التفاعلية (IDSA) مع مجموعة البيانات الدولية (IDG)، وهي منظمة تدير مجلة GamePro ومؤتمرات Macworld، لإنشاء معرض تجاري مخصص لألعاب الفيديو. قام CES بمحاولة أخيرة لمواجهة الحدث، ولكن فات الأوان. وهكذا وُلد معرض E3.
“Gary Shapiro -رئيس جمعية تكنولوجيا المستهلك التي كانت تدير CES- أطلق عليه ‘الخميس الأسود’، لأن الجميع كانوا يرسلون إلغاءات مشاركتهم في CES عبر الفاكس كل نصف ساعة”، هكذا قالت Mary Dolaher التي كانت تُدير E3 بفعالية منذ إنشائه حتى عرضه الأخير في عام 2019.
يضيف Peter Moore -الذي عرض أعماله في E3 منذ عام 1999 مع سيجا، ومايكروسوفت، ومن ثم EA-: “كنا نتوق إلى الاهتمام والأهمية. كنا نُنتقد كوسيلة ترفيهية من قِبَل هوليوود، والتلفزيون. أدليت بشهادتي أمام مجلس الشيوخ نيابة عن ألعاب الفيديو في عام 2000، وكانت الألعاب تُعتبر جذر كل الشرور. أتذكر دائمًا عناوين الصحف في المملكة المتحدة مثل ‘قاتل Call of Duty’. كانت ألعاب الفيديو هدفًا سهلًا. كنت متورطًا، وأعمل مع ESA والصناعة في بناء هذه اللحظة المحورية لنقول: انظروا إلينا. انظروا إلى ما نقوم به للترفيه'”.
قد لا يكون أول معرض E3 في عام 1995 جامحًا مثل السنوات التي تلت ذلك، ولكنه كان حدثًا دراميًّا وتنافسيًّا. كانت نينتندو، وسوني، وسيجا جميعها هناك تعرض وحدات التحكم الجديدة الخاصة بها: Ultra 64، وPlayStation، وSega Saturn. كانت وحدة التحكم من نينتندو لا زالت على بُعد عام من الإطلاق، لذا كانت كل الأنظار موجهة نحو سوني وسيجا وأجهزتهم التي تعمل بالأقراص المدمجة.
في ذلك الوقت، كانت سيجا تحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة، لكن كانت هناك مخاوف بشأن القدرات التقنية لجهاز Saturn، وكان هناك حماس كبير حول جهاز سوني. لذا قررت سيجا إطلاق جهاز Saturn بشكل مفاجئ خلال معرض E3 -قبل أربعة أشهر من الموعد المخطط له- لتسبق منافستها الجديدة.
يقول Kalinskie: “لم أكن معجبًا بهيكلية جهاز Saturn، ورئيس قسم البحث والتطوير Joe Miller لم يكن مُعجبًا بها أيضًا. كنا نشعر أنه بحاجة إلى أن يكون خطوة أكبر مما كان عليه. ثم أُجبرت على تقديمه في ذلك المعرض، ولم أكن أرغب في ذلك حقًّا. كان لدي ثلاثة عناوين فقط، وربما لم يكن لدي ما يكفي من الأجهزة، لكن اليابان أجبرتني على القيام بذلك”.
وردَّت سوني بمفاجأة خاصة بها، إذ صعد رئيس بلاي ستيشن في الولايات المتحدة Steve Race إلى المنصة وقال ببساطة: “299$”. كانت ضربة قاضية. جهاز سوني سيكون أرخص بـ100 دولار من جهاز سيجا.
يضحك Race قائلًا: “أقصر خطاب في تاريخ E3. حتى صباح ذلك اليوم كنا لا نزال نناقش السعر. كنا نتصارع مع اليابانيين للوصول إلى سعر 299$ السحري. ليس لدي فكرة عما كنت سأقوله إذا أصروا على 399 دولارًا. كما يمكنك أن تتخيل، لم أكن قد أعددت خطابًا لتلك الحالة”.