تم إصدار العرض الأول للعبة GTA 6 بعد طول انتظار، وحقق نسبة مشاهدات قياسية كأسرع فيديو يحقق مشاهدات في 24 ساعة على شبكة يوتيوب مع أكثر من 144 مليون مشاهد في الوقت الراهن، ولكن دعونا نتساءل، هل كان العرض مرضيًا ويبرر الانتظار كل تلك السنوات؟ أم أنه مخيب للآمال حيث أن السلسلة أصبحت صورة متكررة تسخر من كل شيء بصورة مبالغ فيها؟
لوضع الأمور في نصابها الصحيح، وتجنب إثارة الجدل بدون داعٍ، ما هي لعبة GTA الجيدة؟ هل هي نهج واقعي ونقد للحلم الأمريكي مثل Grand Theft Auto 4؟ أو أي شيء آخر مبهج حيث يذهب كل شيء سدى كما في الجزء الخامس؟ دعونا نرجع بالزمن للوراء، تحديدًا في زمن Vice City و San Andreas، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت تلك الألعاب بمثابة جنة العالم المفتوح للاعبين في ذلك الوقت، حيث محاولة البقاء على قيد الحياة قدر الإمكان ضد الشرطة، وتدمير دبابتين أو طائرة مروحية، أغلب اللاعبين لم يكن لديهم الصبر الكافي لاستثمار وقتهم في قصة تومي أو CJ، ولكن مع إصدار GTA 4 تغير الوضع بدرجة كبيرة، وأصبح اللاعبين أكثر إدراكًا، مع لعبة تعد بقصة درامية مليئة بالمفاجآت والمشاعر، ومستوى رسومي غير مسبوق يستفيد من إمكانيات PS3 وشاشات العرض المنزلي الكبيرة عالية الدقة.
بالتأكيد مازالت تتذكر ضخامة Liberty City وشوارعها المكتظة بالسيارات والمارة، والأجساد التي تطير بعيدًا بعد الاصطدام بسيارة أخرى، وقبل كل شيء، صوت نيكو بيليك، بطل Grand Theft Auto 4 القادم من أوروبا الشرقية والذي عانى من ماضي مرير باعتباره أحد قدامى المحاربين في الحروب اليوغوسلافية، وكبداية جديدة، غادر إلى الولايات المتحدة، تحديدًا مدينة الحرية، حيث يعيش ابن عمه – رومان – الحياة الأمريكية الكريمة المزعومة، ولكن بمجرد الوصول إلى هناك، يصاب بخيبة آمل، فالرجل غارق في الديون ويطلب من نيكو مساعدته لتجاوز أزمته المالية، ثم يبدأ بطلنا السعي المرير لتحقيق الحلم الأمريكي، بين الاختلاس وخيبة الأمل والجرائم والانتقام بنتيجة نهائية غاية في الروعة والإتقان.
باختصار، إنها قصة أكثر إثارة للمشاعر من قصة GTA 5، حيث تنجذب الشخصيات الثلاثة الرئيسية – فرانكلين ومايكل وتريفور – إلى شيء واحد فقط وهو المال، ولنكن واضحين، كان الجزء الخامس ممتع بدرجة كبيرة في أسلوب اللعب، مثل إحدى المهام حيث انتهى الأمر بمايكل إلى تدمير منزل مدرس تنس عن طريق ربط رافعة بعمود شرفته، ومن الواضح أن هذه الفوضى المحيطة لها سحر، ولكن في الوقت نفسه، لها حدودها، وهذا هو المكان الذي يبدأ فيه العرض الأول للعبة GTA 6.
السبب المحبط الأول في عرض GTA 6 هو أنه يذكرك على الفور بأسلوب Grand Theft Auto 5، نفس لوحة الألوان، ونفس المدينة الأمريكية تقريبًا مع نفس التركيز على منصات التواصل الاجتماعي، باختصار، نفس الروح ولكن “أسوأ”، ومع هذا الإفراط في المحتوى الجنسي والذي يسبب عدم الارتياح باختلاف السن والتوجه، من المؤكد أن Rockstar تريد المبالغة في ملامح أمريكا المنحطة، حيث الإفراط وعبادة الذات هما الملوك، لكن ربما كانت تستحق اللعبة المزيد من ضبط النفس، خاصة في هذا العصر الذي يتميز بالرسومات الواقعية للغاية، والذي يجعلها تبدو في المجمل كلعبة “منحرفة” مخصصة للبالغين.
كعادة Rockstar في مشاريعها، تتضمن GTA 6 الكثير من التفاصيل المثيرة للاهتمام وخريطة تبدو مهولة مع محتوى ضخم، لكن العنصر الأهم الخاص بالقصة والحبكة الدرامية مازال غامضًا، يمكننا رؤية انقسام اجتماعي واضح في هذه المدينة بالإضافة إلى المجتمعات المختلفة التي ستتصادم مساراتها في النهاية، لكننا لم نعرف المزيد عن شخصية لوسيا ورحلتها إلى السجن وكيف تخلت عن مولودها بحسب التسريبات.
لكن الأمر الواضح حاليًا أن GTA 6 لن تأخذ اتجاهًا مختلفًا تمامًا كحال إصدارات السلسلة الرئيسية قبل GTA 5، وإنما ستستفيد من نجاح الجزء الخامس – الغير قابل للتصديق – لتقديم تجربة مشابهة لأنه سيكون من الأسهل إعادة تقديم منافسات اللعب الجماعي على نطاق أوسع في تصميم عام مشابه للجزء الماضي عوضًا عن تطوير إعدادات وأجواء مختلف كليًا عن ما شاهدناه سابقًا.