أشعلت لعبة Resident Evil 4 Remake حماسي من جديد لسلسلة طالت قائمة ذكرياتي السعيدة معها، واستطاعت تذكيري بشكل غير مسبوق، وكلما زادت أجزاء السلسلة ابتعدت -نظريًا- عن جذورها وحاولت الأجزاء الأحدث إدخال عناصر جديدة رغبةً في التغيير، وعلى الرغم أن ذلك حدث من بعد إصدار الجزء الرابع في إصداره الأصلي في 2005، ولكن منذ إصدار الجزء السابع، ومع تعديل مسار السلسلة، سلكت سلسلة Resident Evil مسارًا مشابهًا لما كانت عليه في بدايتها لتتقاطع الطرق بين ما قدمته RE4 وRE8. إليكم الدلائل التي تثبت أن Resident Evil Village هي الوريثة الروحية لكل ما قدمه الجزء الرابع من أفكار.
أولًا: من الصعب أن تكون تتمة جزء جديد ووريث روحي لجزء آخر في الوقت نفسه، ولكن RE8 Village نجحت في ذلك
قبل أن نبدأ في استكشاف التشابهات بين جزئي Village وRE4 علينا الاعتراف أن RE8 لعبة ممتعة حاولت تقديم جزء مكمل لأحداث الجزء السابع، وبالتالي استغلال نجاحه والبناء عليه بعناصر مشابهة، بجانب محاولتها حمل الراية من بعد الجزء الرابع في كونها واحدة من ألعاب السلسلة “الأسهل” والأكثر قابلية لجذب اللاعب العادي، اللاعب غير الآبه بألعاب الرعب، وهو ما حدث تمامًا. من الصعب أن يعمل المطورون على لعبة تكون وريثًا لعرش أحد ألعابهم القديمة، وفي الوقت نفسه، إصدار مكمل لجزء سابق نجح بفضل عناصر جديدة تم تقديمها، وهي -باختصار- المنظور الأول، والعودة للرعب وتصميم البيئات والألغاز.
الأحداث في الجزئين تدور في “قرية” منعزلة في أوروبا…وتشابهات رمزية أخرى
إذا أعددنا قائمة بالتشابهات بين اللعبتين، فهناك تشابهات رمزية وأخرى صريحة يمكن الاستشهاد بها لتثبت بأن المطورين تعمدوا الاقتراب كثيرًا من الهوية البصرية والقصصية للعبة RE4 ومداعبة حس النوستالجيا لدى اللاعبين.
على سبيل المثال لا الحصر، كلا اللعبتين تدور أحداثهما في قرية منعزلة في أوروبا، حيث تقع أحداث الجزء الرابع في قرية إسبانية، بينما تقع أحداث الجزء الثامن في إحدى قرى شرق أوروبا، كما أن كلا اللعبتين تقدمان أسلوب إدارة موارد مشابهًا، ونظام تطوير أسلحة يكاد يكون متطابقًا من حيث القوة وسرعة إعادة التلقيم، وحجم حجرة الذخيرة، ناهيك عن التشابه في تقديم التاجر المريب الذي يظهر للاعبين في كل مكان في اللعبة، وأخيرًا تقديم شخصية غامضة تظهر على فترات خلال أحداث القصة، ولا يعرف اللاعب دورها الحقيقي وما إذا كانت من الأشرار أم الأخيار سوى مع ساعات اللعب الأخيرة (Chris و Ada).
بالإضافة إلى كل ذلك، فقصة اللعبتين تبدأ بالبحث عن شخص مفقود، وهو التشابه الجوهري والأكثر وضوحًا بجانب تشابه بيئة اللعب من حيث التصميم البصري، حيث يتضح مع أخذ كل ما تم ذكره في عين الاعتبار أن المطورين تعمدوا اللعب على الوتر الحساس (النوستاليجا) في وضع RE8 في مقارنة مباشرة مع أنجح أجزاء السلسلة لعلها تتسبب في التأثير الإيجابي الذي يطمح له المطورون.
حاول الجزئين تقديم توازن بين الرعب والأكشن مع الميل أكثر نحو الأكشن
لعل Resident Evil 7 تكون واحدة من أكثر الألعاب إخافةً للاعبين، خصوصًا لمن لعبها بطور الواقع الافتراضي، وقد تتفاجأ إذا أخبرتك أنه وقت إصدارها، هناك من شبَّه ساعاتها الأولى بلعبة Outlast أو ديمو لعبة P.T من هيديو كوجيما، ولكن عند النظر إلى ما تقدمه التجربة ككل، يظهر الحمض النووي لسلسلة RE7 بشكل واضح وصريح، وعلينا الاعتراف أن الجزء السابع قد تسبب في إعادة السلسلة إلى كونها واحدة من أعظم سلاسل الرعب بعد أن ابتعدت عنه لسنوات طويلة، ومن بعد الجزء السابع أتى ريميك الجزء الثاني على نفس الشاكلة -في معظم جوانبه- ليكون أيضًا لعبة رعب ممتازة.
أما الجزء الثامن، فقد استشهد بتجربة Resident Evil 4 في تقديم قفزة كبيرة في جانب الأكشن والتركيز عليه بجانب الرعب. حيث تنقسم لعبة RE8 Village إلى أربع مناطق، وفي وسط تلك المناطق تقبع القرية التي تمثل منطقة شبه مفتوحة بتصميم MetroidVania، ولكل منطقة من المناطق الأربعة سمات معينة، وزعيم خاص بها يسيطر عليها، فمثلًا في المنطقة الخاصة بالزعيم هايزنبيرج، ستواجه كائنات بين الزومبي والآليين، بحكم وجودك في منطقة صناعية، وفي مرحلة السيدة ديميتريسك سيكون التركيز على القصر الخاص بها، ويقترب أسلوب اللعب من أسلوب الجزء السابع كثيرًا. أما في منطقة الزعيمة Donna Beneviento
فلا صوت يعلو فوق صوت الرعب والظلام. ذكرتني تلك التنوعية الكبيرة فيما تحاول تقديمه RE8، بالجزء الرابع، كما أن الفصول الأخيرة التي تعقب هزيمة الزعماء الأربعة تركز أكثر على الأكشن وتعطيك كمًّا هائلًا من الذخيرة والأسلحة الفتاكة تمامًا كما تفعل RE4 في بعض فصولها، فهذا الكم من الذخيرة والأسلحة لم يكن أبدًا من أولويات مطوري السلسلة قبل الجزء الرابع، حيث كانت دائمًا الذخيرة شحيحة والبحث عنها يتطلب تكبد عناء السير في مناطق مظلمة والتعرض لأهوال مرعبة، وليس بسهولة الحصول عليها في RE8 أو Resident Evil 4.
المنظور الثالث في Resident Evil 8: Village تمهيدًا للريميك
مع أخذ كل ما ذكرته في عين الاعتبار، لا أظن أن إتاحة المنظور الثالث للاعبين في Resident Evil VIII: Village قبل إصدار ريميك الجزء الرابع بشهور قليلة هو محض صدفة، وإنما تمهيدٌ لعودة اللاعبين لتجربة الجزء الثامن بعد تجربة الريميك، أو استخدام الجزء الثامن كعنوان تحضيري للريميك، وكل الطرق تؤدي إلى المزيد من الشعبية لـ كابكوم.
أخيرًا: ريميك الجزء الرابع..هل تأثر بنجاحات Village؟
بعد تجربتي لريميك الجزء الرابع، يمكنني القول بأن التشابهات أصبحت أكبر من ذي قبل بين الجزء الرابع والجزء الثامن وكأن الريميك هو جزء مكمل -مباشر- للجزء الثامن، أو العكس، وهو ليس شيئًا سيئًا بالطبع إذا اُستغل بشكل صحيح، وهو ما نجحت فيه كابكوم بالفعل.
تقديم نظام لصد الضربات، وردها، وإضافة إمكانية التبديل بين الأسلحة دون الحاجة لفتح حقيبة الأمتعة خاصتك، كلها عناصر نجحت في جعل أسلوب اللعب في RE8 Village متوازنًا، وتم نقلها في الريميك بنجاح.
تصميم البيئات أيضًا تأثر بأسلوب التصميم المتُبع في Village حيث قدم الريميك أجزاءً كبيرة من البيئات المصممة بنظام شبه مفتوح، والتي تؤدي كلها إلى القرية وتتصل مع مرور الوقت والحصول على الأدوات أو المفاتيح المناسبة للتقدم فيها، كما أن السرد القصصي في الريميك أصبح أكثر اعتمادًا على المقاطع السنيمائية الصريحة، وهذه أيضًا أحد تأثيرات الجزء الثامن.
في النهاية، لا يمكن إنكار التشابهات بين لعبتي RE8 و Resident Evil 4 حتى بالريميك الجديد. تلك هي أجزائي المفضلة من السلسلة على الرغم من ضعف القصة في الجزء الثامن، ولكن القصة المتواضعة لم تمثل لي عائقًا في طريق الاستمتاع، بتصميم البيئات وتنوع أسلوب اللعب الرهيب الذي قدمه الجزء الثامن، وعلى نفس الوتيرة يسير الريميك في جعل الأكشن، بجانب البقاء والتوتر المستمر، عنصرًا أساسيًا في تجربة تتوج مجهودات المطورين القدامى للإصدار الأصلي، وتأتي به بأفضل صورة لتضعه بين يدي اللاعب المعاصر.