من خلال الإصغاء لأصوات المعترضين من جمهور بلايستيشن تكاد تعتقد أن سوني قتلت طفلاً من أطفالها بإصدار حصريات PS4 على الحاسب! حتى أن أحدهم قال بأن شعار ‘only on Playstation’ لم يعد ذو أهمية الآن!. وهناك من حطم جهازه بلايستيشن 4 للتعبير عن رفضه للأمر. ردة الفعل العنيفة هذه أغضبت Sam Sharma المنتج السابق بفريق Guerilla فقرر الرد على اللاعب ومن خلفه كل من يؤيده بوجهة نظره المعترضة على طرح اللعبة للحاسب بعد سنوات من طرحها للبلايستيشن 4، فقال له:
ما هي مشكلتكم بحق الجحيم؟ لقد قمنا بصناعة اللعبة وأنتم استمتعتم بها، والآن أشخاص آخرون سوف يستمتعون بها، وبطريقة أو بأخرى هذا سيسلبكم متعتكم؟!. رجاء تصالحوا مع أنفسكم، فإن متعتكم باللعبة لن تنخفض فقط لأن أشخاص آخرين سيحظون بفرصة للعبها.
لكن هل فعلاً انفتاح سوني على الحاسب يعتبر بداية التخلي عن الحصريات؟ وهل ستتبع نهج مايكروسوفت نفسه كما فعلت سابقاً عندما كانت ترفض دعم اللعب المشترك من ثم رضخت للأمر الواقع وقررت السير مع التيار وليس عكسه؟
لنجيب بموضوعية عن هذه التخوفات علينا أن نرى ما هي أسباب ودوافع إصدار حصريات بلايستيشن بالأساس للحاسب؟ أولاً لدينا الحصريات التي طرحت للجهاز من فرق ليست ضمن استوديوهات سوني، Death Stranding مثلاً من الأساس تم الحديث عن نسخة الحاسب منها ولم تكن بحقيقة الأمر سوى حصرية مؤقتة للبلايستيشن 4 لذا فهي كانت ستصدر للحاسب عاجلاً أم آجلاً وليس صحيحاً بأن المبيعات الضعيفة هي من جعلت كوجيما يصدرها للحاسب لأن إعلان نسخته كان قبل طرحها للبلايستيشن 4 أصلاً. ولو كان الأمر مرتبط بالنجاح التجاري فقط لمَ لم تعلن سوني للآن عن نسخة الحاسب من Days Gone التي لم تحقق كذلك النجاح المطلوب؟
نأتي إلى ألعاب Quantic Dream مثل ديترويت الإعلان عن نسخة الحاسب منها كان صدمة للبعض لكن البعض تجاهل تصريح مسؤولي الاستوديو عندما قالوا بأنهم بات لديهم القدرة للعمل بشكل مستقل والخروج من عباءة الشركات الناشرة وبالتالي يمكنهم إصدار ألعابهم على أكثر من منصة، أي أنهم امتلكوا القدرة التي جعلتهم يستغنون عن ميزات التعاون مع سوني كالدعم المادي والتسويقي والرضوخ لإطلاق الحصريات على جهازها. إذاً فرغبة الفرق بالجنوح نحو الاستقلالية وتغير أوضاعها هو سبب آخر لقدوم الحصريات للحاسب وكما تعلمون دوام الحال من المحال.
ماذا عن حصريات بلايستيشن 4 للطرف الأول؟ قد يعتقد البعض بأن طرح لعبة مثل Horizon Zero Dawn هدفها تجاري بحت وأن سوني تريد الحصول على أموال أكثر من بيع هذه اللعبة مرة أخرى للحاسب. وقد تكون فعلت ذلك عبر إتاحة الفرصة للاعبين جدد سمعوا بصيت هذه اللعبة ويودون تجربتها أو حتى لاعبي بلايستيشن 4 أنفسهم الذين يريدون لعبها على الحاسب بإعدادات أفضل. لكن بالحقيقة لا أظن أن المسألة هي مسألة كسب أرباح أكثر، ألم تستغربون كيف أن هذه اللعبة تم قرصنتها منذ صدورها وهل هناك أحد عاقل يعتقد بأن سوني لا يمكنها حماية اللعبة التي تريد حلبها مرة أخرى لتكسب منها ذهباً على الحاسب كما تفعل شركات أخرى وتدرج حماية دينوفو بها أو حتى تعقد صفقات بالسر مع المقرصنين لتأجيل تهكير اللعبة حتى يتم بيعها بالشكل المطلوب، سوني أكيد لديها القدرة لكنها لم تفعل ذلك.
وكما قلت أعلاه لو الهدف تجاري كانت طرحت Days Gone التي لا ندري إن حققت مبيعات أعادت تكلفة تطويرها أم لا أصلاً. بينما هورايزون التي كلف تطويرها 50 مليون دولار تقريباً باعت أكثر من 10 ملايين نسخة عالمياً بغضون عامين أي أنها حققت نجاح كبير جداً. لكن الحقيقة أن ما تريده سوني من هذه السياسة برمتها هو الترويج فحسب. التسويق أولاً للبلايستيشن 5 عند جمهور جديد حيث تقول لهم انظروا لنوعية الألعاب التي نقدمها والتي يفتقدها هؤلاء بشدة وهي ألعاب جيل حالي فلكم أن تتخيلوا كيف ستكون ألعابنا على الجيل المقبل.
طبعاً التسويق الآخر هو للألعاب ذاتها فمع الإعلان عن الجزء الثاني من هورايزون ليس هناك أفضل من إعادة تداول اسم اللعبة عبر الأخبار من خلال طرحها للحاسب وتشويق أصحابه للعب الجزء الثاني على بلايستيشن 5 كي يستكمل مغامرات ألوي. وأعتقد بأنها ستعيد السيناريو مع أي لعبة تنوي طرح جزء ثاني منها على بلايستيشن 5.
هل تخلت سوني عن سياسة الحصريات للجيل المقبل حقاً؟
بشكل قاطع الجواب لا، وهناك عدة مؤشرات تدعم ذلك. أولاً رئيس استوديوهات Sony العالمية Herman Hulst يقول: «لا تتوقعوا إصدار كل حصريات Playstation على الحاسب الشخصي»، وهو تصريحٌ لم ينفِ احتمالية إطلاق مزيدٍ من حصريات الشركة على PC ولم يؤكدها بطبيعة الحال، وترك الباب مفتوحًا للاحتمالات كافَّة. سوني نفسها أكدت من خلال تقريرها الإداري قبل أيام أن سياستها تقضي بتعزيز عناوينها والحصريات من أجل جعل اللاعبين يختارون بلايستيشن كمنصة اللعب الأساسية لهم. إذا كل هذا هو من أجل بلايستيشن 5 وحده وليس ضده.
وعلى المشككين أن يجيبوا على هذا السؤال: إذا كانت سوني ستسير بنهج مايكروسوفت وتنفتح على الحاسب لمَ تحارب للحصول على صفقات وحصريات من الطرف الثالث؟ مثل إضافة سبايدرمان للأفنجرز وكلام المحللين عن عقدها صفقات ضخمة مع تلك الشركات لقاء الحصريات، فهل ستبذخ المال لتحصل على حصرية إضافة أو حصرية مؤقته لتقوم بنفسها بإفساد الأمر وترمي بورقتها الرابحة سُدًى؟
هناك من يقول بأن ضعف مبيعات أجهزة اكسبوكس ون هذا الجيل هو ما أجبر مايكروسوفت لتطرح الحصريات على الحاسب منذ اليوم الأول من أجل تعويض تكاليف التطوير. وبحال لم تكن مبيعات بلايستيشن 5 مثل سلفه فسوني ستتجه لما فعلته منافستها بالجيل المقبل وتوفر حصرياتها بوقت أبكر للحاسب لتصل لشريحة أكبر من اللاعبين وتعوض كلفة التطوير ولكن قد نسي هؤلاء بأن سوني أساساً تعتمد على الحصريات لبيع جهازها وولاء جمهورها بالدرجة الثانية لذا لن تكون مستعدة للتضحية بعامل الحصريات وإغضاب هذا الجمهور، وكذلك لا ننسى أن سعر ألعاب الجيل المقبل سيرتفع دون شك وهذا سيساعد بتغطية التكاليف.
كذلك سوني أكدت تمسكها بالحصريات من خلال إعلان نيتها شراء المطورين لتعظيم مكتبة PlayStation Studios وتسريع إطلاق الحصريات و الاستثمار في شركات تمتلك وفرة من الإبداع والتقنيات المتطورة للمساعدة في بناء استوديوهات عالمية ورأينا مثال على ذلك من خلال استثمار مع شركة Epic مع محرك Unreal Engine 5 والذي يستخدم تقنيات متقدمة تم تصميمها لتكون متوافقة بشكل أساسي وكامل مع إمكانيات جهاز بلايستيشن 5، فهذا المال الذي دفع ليس لأنها تريد تقديم الحصريات على طبق من ذهب للاعبين يختارون الحاسب وليس بلايستيشن 5 كمنصة لعب أساسية.
اقرأ أيضاً: آراء اللاعبين: ما رأيكم بسياسة Sony المُنفتحة اتجاه PC؟ وما أسبابها؟
الزبدة
باعتقادي ما ستقوم به سوني هو إطلاق حصريات بلايستيشن للحاسب بعد مرور سنوات عدة على صدورها للبلايستيشن 5 – فنحن بمثال هورايزون نتحدث عن لعبة صدرت عام 2017 أي قبل 3 سنوات – وهذا لن يضر الشركة بشيء لأن جمهور هذه العلامة لن يطيق الانتظار كل هذه السنوات للحصول على الحصرية على الحاسب دفع عليه مبلغ أكبر من ثمن بلايستيشن 5 بكل تأكيد. فهذه صفقة خاسرة إذاً لجمهورها. وأرشح لعبة Bloodborne لتكون التالية على جدول إصدارات سوني للحاسب.
كذلك قد تطلق سوني ألعاب وتجارب ليست قصصية وإنما تعتمد اللعب التعاوني أو التنافسي على الحاسب، وهذه ربما تكون بالتزامن مع طرحها للبلايستيشن 5 أو بوقت لاحق ليس بالطويل، لتستفيد من جمهور الأونلاين والألعاب التنافسية والتعاونية لاسيما مع رواج اللعب المشترك عبر المنصات ومطالبة اللاعبين به وهي بهذا لن تدع منافستها تأخذ القطعة الأكبر من هذه الكعكة لوحدها.
لذا أعتقد بأن ما تقوم به سوني هو خطوة بالاتجاه الصحيح طالما أنها تطلق الحصريات القديمة للحاسب وتحولها لسلاح تسويقي بيدها من أجل جهازها وحصريات الطرف الأول القادمة. ما رأيكم أنتم هل توافقونني بهذا الرأي وبما جاء بالمقالة بشكل عام؟