في مقالٍ نشرته العام الماضي بعنوان “5 أسباب تدفعني لعدم شراء PS5 أو Xbox Series X فور صدورها” ذكرت بأن إحدى تلك الأسباب هو الاستمرار بدعم الحصريات للجيلين فالتمهل باقتناء الجيل الجديد لن يحرمني من حصريات PlayStation القوية أبداً، أو مايكروسوفت التي أساساً تصدر ألعابها للحاسب.
وها هي سوني في يونيو الفائت تؤكد مجدداً أن عبارة “نحن نؤمن بالأجيال” التي صرح بها ذات مرة جيم ريان لم تعد قابلة للتطبيق، فيتم الإعلان بأن لعبة God of War الجديدة سيتم تأجيلها والأهم إعلان نسخة PS4، بالنسبة لي شخصياً لم أستغرب أبداً هذا القرار وكنت أتوقعه بالحقيقة، وربما نتفهم تغيير الظروف وبأنه الآن بات من الصعب على البعض شراء بلايستيشن 5 ولكن ما كنا نتمناه هو أن تكون سوني أكثر شفافيةً وتصارح جمهورها بالحقيقة.
عندما أعلنت مايكروسوفت أن ألعابها ستصدر للجيل الماضي والجديد لمدة عامين تعرضت لهجومٍ كبير وحاد، وهنا خرج جيم ريان ليصطاد بالماء العكر ويخبرنا في مايو 2020 عن أهمية تقديم الألعاب فقط للجيل الجديد وبأنه حان الوقت لإعطاء جمهور البلايستيشن شيئًا جديدًا، شيئًا مُختلفًا، ولا يُمكن الاستمتاع به إلا عن طريق Playstation 5. سبنسر سارع للرد على ريان بالقول بأن الجيل الحالي لن يحد قدرات الجيل القادم ومن يروج لهذا متعصب. وتابع بالقول بأن ما يثبت كلامه هو أنه لطالما كانت نسخة الحاسب سواء من ألعابهم أو ألعاب منافسيهم هي الأفضل على الحاسب رغم ذلك فإن منظومة الحاسب الشخصي هي الأكثر تنوعًا من ناحية العتاد. لذا فالمطورون معتادون أساساً على استهداف أكثر من عتاد من ناحية مواصفاته ويعلمون كيف يكيفون محركاتهم وأدواتهم لتطوير نسخ تتأقلم مع تنوع المواصفات بالعتاد.
لِمَ حدثت موجة الغضب هذه فقط عندما وصل الأمر إلى كريتوس؟
عندما أعلنت سوني عن أن هورايزون ومايلز موراليس بطريقهما للبلايستيشن 5 لم نشهد اعتراضاً كبيراً من اللاعبين بخلاف طبعاً استهزاء هؤلاء بتناقض جيم ريان صاحب مقولة “نحن نؤمن بالأجيال”. لكن عندما وصل الأمر للعبة كريتوس اختلف الوضع وباتت الاحتجاجات أعلى بكثير.
لأن God of War تعتبر System Seller لمنصة بلايستيشن أي أنها تساهم في دفع مبيعات الجهاز. وعندما أعلنت عنها سوني في مؤتمر الكشف عن بلايستيشن 5 ألمحت للجميع بأنها لعبة قادمة لهذا الجهاز في 2021 والهدف طبعاً كان تحفيز اللاعب ليضغط على زر الطلب المسبق ويشتري الجهاز، ولم تكلف خاطرها وتوضح أنها كروس جين كما فعلت مع هورايزون ومايلز موراليس حيث كانت صريحة وقتها أكثر وأعلنت بسرعة أنهما سيصدران للجيلين.
لذا البعض يشعر بالخديعة هنا كون سوني بقيت صامتة فكل من اشترى بلايستيشن 5 كان يريد رؤية ميزات أكثر في قاد اوف وور مثل رفع مستوى الذكاء الاصطناعي وهذا غير ممكن الآن مع ضعف معالج جاكوار للبلايستيشن 4.
البعض يبرهن على اعتراضه بالقول لِمَ راتشيت أند كلانك الجديدة لن تصدر على بلايستيشن 4؟ فالجواب ببساطة هو عدم تمكن هذا الجهاز من دعم ميزة أساسية في اللعبة وهي ميزة التنقل الفوري بين العوالم وهذا ما أكد تحليل ديجيتال فاوندري لأداء اللعبة فقال بنفسه بأن من غير الممكن للبلايستيشن 4 أن يشغل هذه اللعبة.
أي أنه هناك بالفعل تضحيات سيقوم بها المطور دون شك من أجل جعلها تعمل على الجيل الماضي منها التخلي عن أفكار مثيرة بأسلوب اللعب. أتحدث عن ذكاء اصطناعي أكثر تقدماً، عدد NPCs أو أعداء أكثر في المشهد الواحد، وبيئات أكثر تفاعلاً مع اللاعب وغيرها من التفاصيل التي كان من الممكن أن يتم وضعها في God of War إن استغلت قدرات الجيل الجديد ولم تحد بسبب ضعف عتاد بلايستيشن 4.
تخيل كريتوس يتنقل بين العوالم بسرعة فائقة وبدون شاشة توقف، وتخيل في معركته مع ثور مثلاً أن تحدث ضربة قوية كسراً في جدار الزمان والمكان ويتم الانتقال بلمح البصر لعالمٍ آخر، هذا يمكن حدوثه مع SSD بلايستيشن 5 بسهولة. أيضاً هناك إمكانية لزيادة عدد المضلعات بشكلٍ رهيب كما رأينا في ديمو Unreal 5 لتقديم عوالم بتفاصيل أكثر تعقيداً. كل هذا عليكم نسيانه الآن بسبب نسخة بلايستيشن 4.
كيف يحد الجيل القديم الجيل الجديد؟
ألعاب “الكروس جين” قد تبدو لنا أجمل بالفعل على أجهزة الجيل التاسع رسومياً، لكن القيود الكبيرة التي ستحد من جودتها ستظهر في الغالب في تصميم وابتكار أسلوب اللعب من خلال سياسة دعم ألعاب “الكروس جين”، إن النقلة النوعية إلى وحدة المعالجة المركزية Zen 2 الموجودة في أجهزة الجيل التاسع PS5 و Xbox Series X تصل سرعتها إلى 3.5 جيجاهرتز، تعني وجود قدرة لهذه الأجهزة على تقديم فارق كبير في الذكاء الاصطناعي للخصوم والشخصيات، وكذلك تصميم العوالم والبيئات، والتفاعلات في أسلوب اللعب. لكن التمسك بتطوير الألعاب المشتركة سيجعلنا نخسر ربما هذه المميزات من تطور الذكاء الاصطناعي إلى الفيزيائيات بالحركة، وغيرها مما ذكرت أعلاه.
إن تطور قدرات وحدة المعالجة المركزية العالية في أجهزة الجيل السابع هي ما جعل وجود العديد من سلاسل ألعاب تلك الحقبة أمراً ممكناً، مثل Dead Rising و Assassin’s Creed، التي تحوي على عدد كبير أو حتى هائلٍ من الشخصيات أو الأعداء التي تظهر على الشاشة في الوقت نفسه، ولقد كان الفرق بين سرعة معالجات أجهزة الجيل السادس والجيل السابع كبيراً في تلك الفترة مما سمح بتلك النقلة النوعية، على عكس ما حصل عند اطلاق معالجات أجهزة الجيل الثامن التي لم تختلف بشكل كبير عن معالجات الجيل السابع وهذا انعكس بشكل جلي بعدم وجود تغييرات في عناصر اللعب بين الجيلين السابع والثامن.
https://www.youtube.com/watch?v=FCeEvQ68jY8&t=207s
ولتوضيح الفكرة أكثر فإن Far Cry 2 قدمت مستوى التفاعل مع البيئة وفيزيائية تكسير أغصان الأشجار أفضل من الجزء الخامس بسبب ضعف المعالج بالجيل الماضي، لكن مع قوة معالجات أجهزة الجيل التاسع الجبارة يفترض بنا أن نشهد حقبة جديدة في صناعة ألعاب الفيديو لاسيما بناحية أسلوب اللعب كتقديم مدن نابضة بالحياة والشخصيات التي نتفاعل معها.
أمثلة من ألعاب أخرى أعاقها أو كان سيحُدها الجيل القديم
أعتقد بأن المثال الواضح والجلي على ذلك هو لعبة راتشيت أند كلانك الجديدة أليس كذلك؟ ففكرة الانتقال بين الأبعاد والعوالم غير ممكنة أبداً على بلايستيشن 4 بسبب اختلاف بنية نقل البيانات.
لكن لدينا أمثلة أخرى أيضاً توضح ذلك، فمن خلال مقابلة في 2015 مع مخرج Dragon Age Inquisition صارحنا بوجود بعض المميزات التي اضطر لحذفها من لعبته بسبب التطوير على جيلين وتلك الأفكار لم تكن أبداً إطارات أكثر أو دقة وتفاصيل أعلى بل كانت أفكار تخص الجيمبلاي بالذات مثل حذف فكرة محاكاة الحرب وتقليل الأعداد في المعارك وتقليل التدمير البيئي في المراحل، وإلغاء التفاعل مع البيئة، وحذف اختيارات أكتر لإنهاء المهمات.
حتى لعبة Deathloop ألم تتساءل لِمَ لم تصدر على بلايستيشن 4 وقررت بيثيسدا الاستغناء عن قاعدة الـ100 مليون لاعب؟ في الحقيقة المطور أجاب عن ذلك حيث وصف معالج الـPS5 بأنه يجعل اللعبة تتنفس أكثر مع عدم التضحية بأي جانب مميز في لعبتهم مثل وجود شخصية جوليانا مع جوانب أخرى في تصميم المراحل من حجمها ومن اعداد الحراس فيها، ولو تم تطويرها على بلايستيشن 4 كان المطور اضطر إما للاستغناء عن وجود جوليانا أو التضحية بحجم المراحل والحراس الموجودين فيها لأن معالج ذاك الجهاز لن يستحمل هذه الأمور.
كذلك The Medium هل تعلمون بأن هذه اللعبة سبق وتم الكشف عنها في عام 2012؟ فآنذاك كشف فريق Bloober عن لعبة رعب ستصدر لأجهزة Xbox 360, PlayStation 3, و Wii U إلا أن السنوات مرت ولم يتم طرح تلك اللعبة حتى على الجيل الثامن. مصمم اللعبة Wojciech Piejko أوضح السبب بأنه لم يكن بالإمكان أن يحققوا رؤيتهم للعبة قبل اليوم، فقوة الجيل الجديد منحتهم الأدوات اللازمة لتحقيق ما يريدون تقديمه مع هذه اللعبة. وقال حينها بأن هنالك ميزة سرية باللعبة كان مستحيل تطبيقها لولا الجيل الجديد والتي تتعلق بطريقة تداخل العالمين مع بعضهما البعض وتفاعل اللاعب معهما.
حتى كوري بارلوج نفسه تحدث في مقابلة مع Easy allies بعد إصدار لعبته في 2018 وأكد بأنهم اضطروا لاقتطاع بعض المحتوى من اللعبة مثل قتالات زعماء أكثر – وهو أمر بالمناسبة كان من ضمن الانتقادات التي طال اللعبة – وعوالم وأفكار بالقتال لم يتمكنوا من وضعها جميعاً بسبب محدودية قدرات بلايستيشن 4.
إذاً كيف يمكن لسوني أن تُرضي الجميع؟
عندما يقرر مطور ما أن يقدم لعبته لأجهزة بمواصفات متباينة أي جيل قديم وجيل جديد لديه سيناريوهين للعمل، الأول أن يقوم بتطوير الألعاب مستهدفاً الجيل الأضعف بعد ذلك يقوم بترقيتها للجيل الجديد ويقدم سلاسة أكبر ودقة أعلى ومزيد من التفاصيل، ولكن هذا لا يرضي جميع ملاك الجيل الجديد.
السيناريو الثاني وهو الأفضل برأي أن يتم تطوير نسختين مختلفتين لكل جهاز، وبالمناسبة هذا ما وعد به جيم ريان أصحاب بلايستيشن 5 عندما قال لهم بأن حصريات PS5 يتم تطويرها من الصفر للجهاز الجديد، وإذا بنا نفاجئ بتصريح مناقض لهذا تماماً من المطور جوريلا جيمز بأن قسم كبير من عملية تطوير Horizon Forbidden West تم على PS4، رغم استدراكه الأمر لاحقاً بالتأكيد بأن التطوير للـ PS4 لم يحد من أفكارهم ورؤيتهم للعبة.
هذا السيناريو الثاني ليس جديداً فلقد حرص المطورون على استغلال كل قدرات الجيل السابع بألعابهم وبنفس الوقت لم يتجاهلوا الجيل السادس فألعاب مثلاً Call of Duty استمرت بالصدور على الجيلين لكن قام المطور بتقسيم جهوده حيث طور نسخ الجيل السادس بشكل يتوافق مع قدراته وقسم آخر من الفريق كان مخصص لتطوير نسخ الجيل السابع بشكل يستفيد من إمكانياته الكاملة وعدم التضحية بما يمكن تقديمه من مزايا آنذاك.
البعض يقول بأن المطورين لا يمتلكون الوقت والقدرات والتمويل من أجل استهداف عدة أجهزة بنفس الوقت واستغلال قدرات كل منها كما كانوا يفعلون بالأجيال القديمة حينما كانوا يطورون نسخة مختلفة بحسب عتاد كل جهاز مثل نسخة للجيم كيوب ونسخة للبلايستيشن وكانت تختلف بمزايا اللعب نفسه، لكن القدرات الكبيرة للجيل التاسع، بدءاً من تضاعف سرعة المعالجة إلى نوع محركات الأقراص SSD فائقة السرعة، وسعة الذاكرة العشوائية الهائلة، وتشارك بلايستيشن 5 مع بلايستيشن 4 ببيئة وعتاد التطوير سيسهل هذه المهمة على مطوري الطرف الأول لدى سوني لتقديم الفوائد الفريدة لأسلوب اللعب مع القدرة على عرض أجود الرسوم والتفاصيل الدقيقة في بيئة الألعاب.
طبعاً سوني تمتلك المال والموارد والتقنيات اللازمة التي تمكن سانتا مونيكا من تطوير اللعبة بنسختين وهي فرصة لتظهر بالفعل مدى النقلة النوعية للجيل الجديد والتي كما قلنا أعلاه لا تقتصر أبداً على مجرد الدقة والسلاسة وبضعة تفاصيل أكثر، ورأينا بلعبة Battlefield 2042 كيف أنها تقدم مزايا أفضل على الجيل الجديد تتعلق بدعم 128 لاعبًا في المباراة مع خرائط بمساحات أضخم مقارنة بالجيل الماضي. لذا قيام سانتا مونيكا بذلك ليس مهمةً صعبة حتى وإن تطلب الأمر زيادة بوقت التطوير فلا أظن بأن الجمهور سيمانع وهو الذي أساساً لم يحبذ فكرة الاستعجال بطرح اللعبة لأنه يريد الحصول على أفضل تجربة ممكنة. ومن لا يملك بلايستيشن 5 سيكون له نسخة خاصة به لكن مع إزالة مزايا جيمبلاي منها.
والآن أود سماع آرائكم أنتم وتعليقاتكم حول هذا الموضوع…