“أبطال الديجتال” مسلسل كرتوني (أنمي)، كان يعرض مدبلج قبل حوالي 13 سنة، كنت ولا أزال معجب بالمسلسل وأعتبر أبطاله هم أبطال طفولتي، قصته تدور حول 7 أشخاص بمختلف الأعمار يتم سحبهم لما يسمى “العالم الرقمي”، ثم تبدأ مغامراتهم مُجبرين لتكوين صداقات مع بعضهم البعض لأجل تخطي العقبات، كان المسلسل يركز على صداقتهم مع بعضهم واحترام كبيرهم ومداراة صغيرهم كانت تأخذ حلقة كاملة للكلام عن أحد هذه الخصال، يمر المسلسل بمنعطفات جميلة تجد فيها التضحية وفيها الغيرة بين المتنافسين، وأيضا الخلافات الحادة بين “الأصدقاء” لكن غالبا ما تنتهي هذه الخلافات برجوع المياه لمجاريها، هذه المنعطفات العاطفية كانت بمثابة دروس للطفل اللي كان يشاهد الأنمي، الأنمي كان يعرض لك إن حتى بطل الأنمي (أمجد) مُعرض للخطأ على أصدقائه، لكن كيفية اصلاح أخطائه بطريقة خالية من المثالية الزائدة هو كان ما يميز الأنمي.
الجيل الماضي أتاحت فيه شركات الألعاب للاعب تكوين صداقات عبر شبكات ألعاب خاصة، ولعل هذا أفضل ما حدث لنا كلاعبين في ذاك الجيل.
تكوين صداقة للاعب مثلي؟ أمر نادر قبل الجيل السابع، ذاك الوقت ينحصر تكوين صداقة اللاعبين على مجتمعات ضيقة مثل المدرسة، ومن الصعب معرفة من اللاعب منهم بطبيعة الحال ماراح تتجرأ تسأل كل شخص “هل أنت تلعب ألعاب فيديو بكثرة؟” فكان تكوين صداقات عديدة أمر صعب بالظروف العادية.
تكوين صداقة مع لاعب هذا هاجس بالنسبة لكثير من اللاعبين، ما ألومهم لأن بمجرد ما تدخل مجتمع اللاعبين فأنت تملك الكثير والكثير عن أشياء تشارك فيها الناس أفكارك وانطباعاتك، مشاعرك والمصاعب اللي تواجهها في عالم الألعاب كلها أشياء ترغب تشاركها مع شخص، وترغب أكثر إن الشخص هذا يفهم اللي مريت فيه، لهذا صار إيجاد صديق لاعب “هاجس” عند الكثير، عالم الألعاب متصدر على جميع العوالم الترفيهية الأخرى بكثرة الأمور اللي تستطيع تشاركها وترغب بمشاركتها.
بدأت صداقتي مع لاعبين على شبكة الألعاب باستحياء فكان عندي فقط 6 أصدقاء لوقت طويل، لا أذكر سبب إضافتي لهم أو اضافتهم لي كنت بتلك الفترة مثل أغلب اللاعبين أركز على الأطوار الفردية ونادرا أجرب الأطوار الجماعية، بداية تكوين صداقات حقيقية وعديدة كانت في لعبة Call of Duty: Modern Warfare 2 لأن كثير من العرب يلعبونها، فكان سهل تلقى فيها شخص تتكلم معه نفس اللغة وهو يملك نفس العادات وأيضا توقيتك منطقتك الزمني.
بدأت أسولف مع لاعبين وهذا الشيء ضايق الوالد -حفظه الله- كانت وجهة نظره إن من الأفضل لي أني ما أكلم ناس ما أعرفهم حرصا على مصلحتي بالطبع، كان أحيانا يسألني من كنت تكلم؟ فكنت أجيبه “ما أدري مجرد واحد معي باللعبة”، فكان يدور نقاش بيننا حول هذه النقطة، كانت وجهة نظري: مجرد أشخاص ألعب ما أعرفهم ما يقدرون يضروني بشيء، بينما الوالد يقول ما تدري ممكن يضرونك من حيث لا تعلم وممكن يأثرون على سلوكك، كان ينتهي النقاش بيننا إن الوالد –الله يحفظه- يقول أنا أشوف هذا الشيء الصحيح وما تكلمت إلا لمصلحتك وأشكره أنا وأطمنه بكلمة “ماعليك يبه” أبتحاشى قدر الإمكان الناس اللي ما يزيدوني إلا نقص.
كلام أبوي صحيح نسبيا أجد أكثر ما يزعجني بشكبات الألعاب هو بذاءة لسان كثير من الأشخاص في الألعاب الجماعية، أحيانا أطفال مجرد جمعوا كلمتين من الشارع ويرددونها طوال اللعبة، المضحك يرددها بصوت خافت عشان ما يسمعه أهله!
مجتمعنا مب استثناء أغلبية المجتمعات مثلنا، لكن كمسلمين المفترض تكون بذاءة اللسان منبوذة عندنا بشكل أكبر، أقدر الحماس والاستياء من الهزيمة، لكن أبدا ما يبرر هذا بذاءة اللسان، بالنهاية جاي أنت تستمتع مب تعكس صورة سيئة لبيئتك، لكن الحمد لله على ابتكار المطورين للـmute (كتم الصوت).
أبوي وجهة نظره التربوية دائما صحيحة حتى لو اختلفت مع بعضها أُقر بعد وقت إنها صحيحة، ووجهة نظره هذي نابعة من خوف انجراف ابنه المراهق (أنا) لأنه بسهولة الانجراف بهذي الفترة من العمر، لكن هذا الموضوع كان استثناء كانت وجهة نظري فيه هي الصحيحة.
بشبكات الألعاب تعرفت على وجه آخر للصداقة، الوجه الآخر من الصداقة هذا ما تحتاج فيه تهتم للبسك أو شكلك أو حتى عمرك، وجه الصداقة هذا أهم ما فيه عقلك وأدبك بالكلام وأيضا اهتماماتك.
تعرفت بهذا الوجه من الصداقة على أعز أصدقائي، كنا مجرد أربعة أشخاص مثل الأشقاء تقريبا ومختلفين بالعمر لكن اهتماماتنا متقاربة يتكلمون بالساعات عن كثير من الأشياء ويلعبون معي مختلف الألعاب، تعرفت على تفاصيل حياتهم اليومية حتى مدرسيهم ومواقفهم حفظتهم، وصلت لدرجة إني ممكن أشغل جهاز الألعاب فقط عشان استمتع بوقتي معهم مب عشان ألعب.
مواقف للعبنا وإنجازاتنا أتذكرها الآن وأنا أكتب هذا المقال وأتبسم، كيف ما أبتسم وهي من أفضل المواقف بحياتي؟ يالله على الحماس اللي كنا فيه لما نحاول نحصل على إنجاز بلعبة جماعية، يا الله على حماسنا لتحقيق الفوز ضد فريق آخر بطور تعدد اللاعبين، يالله على حماسنا وحنا نلعب ضد بعض!
الأمر ما يقتصر على ألعاب جماعية، حتى بطور اللعب الفردي أجد أصدقائي حولي، أفضل تجربة لي لسلسلة Resident Evil الكلاسيكية كانت لما ألعب بنفس الوقت اللي يلعب في صديقي الخبير بالسلسلة ونسولف بنفس الوقت، حتى أن التقارير نقرأها لبعض ونترجمها لبعض بنفس الوقت، كان يعلمني أي شيء أسأله عنه كان يسمع انزعاجي من فجعة أول كلب قابلته في Resident Evil (أعزكم الله) ولازال يضحك عليها، غير هذا العديد من الأصدقاء أحيانا أتسابق معهم في إنهاء الألعاب وفي الجوائز اللي نحصلها في اللعبة.
طبعاً الأمر ما يتقصر على هالثلاثة، كونت صداقات عديدة من مدن وبلدان مختلفة، بعضهم عندهم أبناء وبعضهم يصغرني بسنوات، الأمر ماله أهمية هنا، وللأسف بعضهم ترك اللعب لكن لازالوا يُذكرون بكل خير، وبعضهم يمتد التواصل معه إلى تطبيقات اجتماعية وغيرها.
الأمر ما يقتصر على شبكات الألعاب في الأجهزة، كونت صداقات لأشخاص يكتبون عن الألعاب بمجتمعات تجمع اللاعبين مثل شبكة سعودي قيمر، وهنا أنصحك بشدة عزيزي القارئ إذا شفت شخص يشارك بردود تعجبك في الموقع بعقلية تراها ممتازة لا تتردد أبدا في إضافته على شبكات اجتماعية سواء في الألعاب أو غيره، الأشخاص اللي كونت معهم صداقات أنشئوا قروب ببرنامج محادثات، والله أكثرهم ما أتذكر أصواتهم ولا أشكالهم مع ذلك يوميا نتواصل مع بعض، وأستفيد منهم وأجد متعة كبيرة معهم، وأبدا مب خسارة وقت.
ابي أذكر أيضا صديق لي من الثانوية عرف بعض اللاعبين عن طريق دخوله “لكلان” في لعبة معينة، الآن شبه أسبوعيا يشوفون بعض ويلعبون كورة مع بعض، صدقني عليك فقط إنك تجيد اختيار اللاعبين اللي تضيفهم في شبكات الألعاب وتتعرف عليهم راح تطلع ممكن بأفضل أصدقاء عمرك
أعتقد إنني مررت بتجربة مشابهة لتجربة بطل طفولتي “أمجد”، تعرفت في عالمي الرقمي (شبكات الألعاب) على أصدقاء مختلفين بالعمر ولم تكن توجد فرصة إني أتعرف لولا الله ثم هذا العالم، هذا العالم أنجزت فيه معهم مغامرات عديدة وبالتأكيد كنت فيها (مثل أمجد) أخطئ بحق بعضهم ولازلت أخطئ وأتعلم وأرجوا حقا أن أصدقائي يستمرون بتحمل أخطائي.
بالنهاية هذا المقال ما يوفي حقهم والحقيقة أرغب بشدة إني أُطيل وأعبر عن صداقتي في العالم الرقمي وأذكر مواقفهم، لكن متأكد إني بدأت أُشعرك بالملل فأقف هنا وأشكرك على قراءة مقالتي.