الكثير يسألني عن تجربتي في اي ثري: كيف كانت تجربتك في المعرض؟ ومن شفت من المطورين؟ هل قابلت كوجيما أخيراً؟ فحبيت أشارك بتجربتي كشخص أول مره يحضر معرض E3.
الحق انها كانت تجربة استثنائية ما لها مثيل. كنت متحمس للتجربة لدرجة صعب يتصوّرها القارئ، لدرجة اني أهوجس مع نفسي وانا رايح المطار وأقول: فيه شي غلط بيصير فجأة وبيمنعني من الروحة لإي ثري. مستحيل هالشي يصير.
من الرياض الى فرانكفورت
وصلت المطار أنا ورفيقي في السفرة، مشعل الصويان من الموقع الزميل زيباد. قابلنا مشهور هناك وقضينا وقت الانتظار بالسوالف عن الرحلة وتجهيزاتها، بالاضافة الى بعض السوالف عن ألعاب الفيديو اللي توها نازلة. وفجأة انتبه مشهور للوقت وقام يتأكد من وقت رحلته، واكتشف ان باقي على اقلاع الطيارة دقايق معدودات. شغّل مشهور المهارات اللي تعلمها من أسانز كريد وبدأ يدخل بين الناس بكل سرعة وسلاسة، الين ما اختفى من نظري.
ركبنا الطيّارة، وبدأت الرحلة اللي حاولت أقنع نفسي انها قصيرة لان وراي رحلة عدد ساعاتها ضعفها. بدأت أسولف انا ومشعل عن كل شي: نجاح The Last of us الساحق، توقعاتنا للمؤتمرات والألعاب اللي بنشوفها واللي بنجربها، Game of Thrones والأحداث الدرامية اللي صارت فيها، الى آخره من سوالف الترفية.
انتهت السوالف كلها ولا راح من ساعات الرحلة الا ساعتين، قدامنا ثلاث ساعات زيادة. طفت لمبات الطيارة وهجد الجو بشكل غريب، الساعة كانت حوالي ٣ الليل. التفتّ على رفيق سفري وألقاه في سابع نومة وبدأت مشكلة أعاني منها في السفر: ما أقدر أنام في الطيارة!
والغريب اني دائماً، وفي كل سفرة، آخذ معي شنطة صغيرة أحط فيها رفقاء السفر: PS Vita، Nexus 10، والجوال، بالاضافة الى شاشة قدامي حاطين فيها شوية أفلام. الأغرب من كذا؟ اني دائماً ما أستخدم ولا شي منها. كل ما طرا على بالي اني أشغل شي منها، أقول في نفسي: لا اصبر شوي الين ما تطفش زيادة. وعلى هالحال الين ما تهبط الطيارة.
وصلنا فرانكفورت أخيراً، محطة الانتظار. رحنا أول شي نحدد موقع البوابة اللي بنطلع منها عشان نتأكد من كل شي. قررنا نتمشى شوي في مطار فرانكفورت الجميل، وأقول جميل لان كان لازم علي اني أقنع نفسي بهذا الشي، قدامي أربع ساعات انتظار في هالمطار.
تمشينا شوي وقررنا نرتاح بما اننا تعبانين من السفر. انسدح مشعل وكمّل رحلته مع النوم، وانا انسدحت وانطلقت في بحر الهواجيس.
جا وقت الاقلاع من فرانفكورت أخيراً! ركبنا الطيارة أخيراً، ولا أدري أفرح عشان انتهت مدة الانتظار في المطار، ولا أحزن لأن رحلة العشر ساعات بدأت؟
من فرانكفورت الى لوس أنجلوس
أمطرت قبل اقلاع الطيارة بدقايق، وشلت هم ان الرحلة تتأجل بسبب الأمطار. تحركت الطيارة وبدأت تقلع وقلت: الحمدلله ما تأجلت الرحلة. وفي اللحظة اللي دخلت فيها الطيارة في السحاب، ضربنا رعد في جناح الطيارة الأيسر! ايه، رعد ضرب جناح الطيارة واهتزت بشكل مخيف، وانطلق منها نور خاطف النتبه له ركاب الطيارة كلهم. انتشر الخوف في الطيارة طبعاً،طالعت في الجناح أنتظر الدخان والنار تطلع منه عشان أطبّق مغامرات Drake على الواقع ولكن ما صار شي للآن! فجأة تكلم الطيار وطمأن الركاب وقال ان الطيارة هذي مصنوعة من مواد مضادة لهذه الأشياء، وان الرحلة راح تكمل مسارها بدون أي مشاكل.
رجعت الأمور الى طبيعتها، وبدأت الرحلة الطويلة، من فرانكفورت الى لوس أنجلوس. كل ما تطالع من القزاز ما تشوف الا بحر مع شوية سحب. عشر ساعات ونص على هالحال، والشي الوحيد اللي يرفع معنوياتي وقت الأكل فقط. كرهت الشاشة اللي تعرض لي الوقت المتبقي للرحلة، وحاطين لي مسار الطيارة على الشاشة كأنهم يقولون: تراك مطوّل.
دخلنا قارة أمريكا أخيراً، وقررت اني امشي شوي في الطيارة أحرك جسمي، أسوّي نفسي بأروح دورات المياة وارجع، وأمشي مرة ثانية ولأول مرة أنبسط اني أشوف زحمة وطابور قدامي، قلت خلني أوقف معهم، كمحاولة تغيير جو لا أكثر. طلّيت من القزاز اللي جنبي وأشوف جبال ووديان وخضار ومناظر غريبة على شخص عربي من قلب الصحراء. التفت علي رجل كبير في السن ودار بيننا الحوار:
كبير السن: تتوقع هذي أمريكا ولا كندا؟
استغربت من سؤاله ولكني رديت عليه وقلت: أتوقع كندا اذا ماني غلطان.
كبير السن: أظنها أمريكا ماهي كندا!
أنا: والله ما أدري.
التفت علي وصار يطالعني وقال: أنت من سكّان لوس أنجلوس؟
استغربت مرة ثانية من سؤاله وقلت: لا، أنا جاي لوس أنجلوس زيارة فقط، أبغى أحضر مؤتمر إي ثري.
كبير السن: من وين أنت أصلاً؟
قلت: انا عربي، تحديداً من السعودية.
ابتسم ورحب فيني، وانتهت المحادثة على هذا.
رجعت للكرسي المشؤوم مرة ثانية، وهل فيه فكّة من هالكرسي؟ أحاول ألتفت مرة ثانية يمين ويسار أبغى أسولف مع أي احد. الكل حولي نايم أو مشغّل الشاشة اللي قدامه يتفرج على فيلم. استسلمت للطفش مرة ثانية ورفعت راسي للسقف وقفلت عيني وانطلقت أهوجس من جديد.
وصلت الطيارة أخيراً، وبين عدم التصديق بالوصول صفّقت أيادي الناس مع هبوط الطيارة على الأرض واستغربت، ولكني لقيت نفسي أصفق معهم تلقائياً، وكيف ما أصفق، وهذي أطول رحلة ركبتها في حياتي؟
دخلنا المطار وانا مرهق جداً، وشايل هم التفتيش اللي يتكلمون عنه الناس في السعودية: تراهم يفتشونك ويلطعونك في المطار فترة طويلة، وتراك بتدخل في آلة يشوفون فيك كل شي! ومن تجربتي في السفريات، ولو انها قليلة، ان الكل يشوف شكلي ويجزم اني عربي من أول نظرة. ولكن مشعل قالي في الطيارة ان الأمور صارت أخف بكثير عن أول وأفضل.
وصلنا نقطة التفتيش، وجا الدور علي ودار احوار بيني وبين الموظفة:
الموظفة: أنت كاتب في الورقة انك جاي أمريكا عشان بزنس، ايش البزنس هذا بالضبط؟
أنا: أبغى أحضر معرض إي ثري.
الموظفة بابتسامة خفيفة: كل الناس تجاوب علي بنفس الجواب! تصدق اني ما اعرف ايش هو هذا اي ثري؟
انا: هذا مؤتمر لألعاب الفيديو، حسب علمي انه أكبر وأهم معرض ألعاب في السنة.
الموظفة وهي تختم على ورقتي: أهلاً وسهلاً بك في أمريكا!
توجهنا أنا ومشعل لاستلام الشنط، وأنا مبسوط أحسب اننا خلصنا من التفتيش. استلمنا الشنط ورحنا مسكنا طابور ثاني. قمت أهوجس وقت الانتظار، وفجأة طلع في وجهي أمن المطار وبشكل غريب سألني: ممكن توريني اثباتك؟
طلعت جوازي وأعطيته اياه وقلت: تفضل.
أمن المطار: ايش عندك في أمريكا؟
أنا: بأحضر معرض إي ثري.
أمن المطار: كم بتجلس في أمريكا؟
أنا: ست أيام.
أمن المطار: أنت قلت انك بتحضر لإي ثري، هل عندك بطاقة عمل تثبت انك تبع جهة عمل؟
أعطيته بطاقة العمل.
أمن المطار: كم المبلغ اللي معك؟
استغربت من سؤاله وقلت: ما حسبتها كم بالدولار لكنها حوالي ألف ريال بالعملة السعودية.
طالع فيني بنظرات غريبة وأعطاني الجواز والبطاقة وشكرني ومشى. استوعبت انه أمن المطار بعد ما مشى، وانه يسوي اختيار عشوائي للناس اللي واقفة في الطابور، فقط لا أكثر.
طالع فيني مشعل والضحكة على وجهه وقال: ياخي أنت شبهه!
وش صار معنا أول ما وصلنا الفندق؟ ومن قابلنا هناك بالصدفة؟ انتظرونا في الجزء الجاي من القصة!
تحديث: اقرأ الجزء الثاني من القصة: في الفندق، أخيرا!