أقرأ الجزء السابق من القصة: في داخل المعرض
قمنا لليوم الأخير متحمسين، قدامنا أشياء كثيرة باقي ما جربناها، وعندنا باقي شوية مواعيد مع بعض الشركات. يمكنها “شوية” لكنها مهمة جداً، عندنا لقاءات صحفية مع مطوّري ألعاب شركة EA. متحمسين جداً لألعابهم، خصوصاً الألعاب اللي أعلنوها في مؤتمرهم. أضف الى ذلك ان بطاقات دخولنا لمعرض سوني صارت جاهزة، بنجرب البلاي ستيشن فور أخيرا!
دخلنا المؤتمرات وحضرناها، كلها كانت جيّدة لا بأس فيها ولكن الأفضل كان Plants vs. Zombies: Garden Warfare. معتنين بالمكان بشكل متناهي، وأنت داخل تشوف المزهريات والورود والنباتات، بالضبط مثل اللي تشوفه في اللعبة. حتى المقدّم دمه خفيف وتعليقاته متناغمة مع فكاهة اللعبة. الكل طلع من اللقاء يضحك مبسوط منهم.
انطلقنا بعدها لزاوية سوني واستملنا بطاقاتنا، وقفت ألقي نظرة على المكان وأشوف أحلام سعيدة تتحقق قدامي: Beyond: Two Souls و Gran Turismo 6 قدامي، KillZone: Shadow Fall وMercenary وTearaway على يميني، وKnack وinFAMOUS: Second Son على شمالي، والأحلى من هذا كله: مافيه الا عدد بسيط جداً من اللاعبين قدامي!
زاوية سوني كانت هي الأفضل بالنسبة لي، جربت كل ألعابها وقضيت أكثر وقتي فيها. والأفضل من هذا كله اني كنت ألعب وجنبي المطوّر يسولف معي عن اللعبة. شعور جميل جداً ان “الشخص” اللي قاعد يسوّي كل هالألعاب، الألعاب اللي أعشقها من صغري، أشوفه قدامي يسولف لي عنها وكيف سوا هذا وليش خلا هذا كذا!
من المصادفات الرهيبة، وياكثرها في إي ثري، اني وأنا أمشي ألقى شخص معروف في مجتمع اللاعبين. لقيت David Cage صاحب استديو Quantic Dream اللي سوا Indigo Prophecy وHeavy Rain وBeyond: Two Souls.لقيته مشغول في مقابلة وسألت واحد من اللي واقفين عند لعبتهم وقلت له هل فيه امكانية أسلم عليه وأتصور معه؟ رد علي بالايجاب وراح يكلم وحدة، أظنها مسئولة عن القاعة حقة سوني أو كذا. انتظرت شوي الين ما خلص المقابلة وتصورت معه وشكرته على ألعابه، شكله في الحقيقة يختلف كثير عن الصور والفيديوات اللي شفتها له!
خلصنا كل المؤتمرات وبقى على اغلاق المعرض حوالي ساعة، رحنا نجرب باقي الألعاب اللي ما اعطيناها أولوية وسجلنا انطباعاتنا عنها. تذكرت لعبة مهمة جداً بالنسبة لي، اللي هي Killer is Dead، للأسف موقعها كان سيء جداً وفي زاوية نائية. وصلنا هناك وسولفت مع واحد من المطورين، وفجأة طرا على بالي أسأله: Suda 51 موجود هنا؟ رد علي وقالي ايه لكنه في اجتماع! سألته عن الاجتماع وقالي بيخلص خلال عشر دقايق! كلمت مشهور وجميل، لعبنا اللعبة لوقت لا بأس فيه الين ما طلع وتصورنا معه. رهيب جداً هذا الشخص، ولو انه ما يعرف انجليزي.
خلصنا كل شي وبدأ وقت الرحيل، أطالع في الناس وهي طالعة، وأطالع في وجيه الناس وألقاها تشاركني الحزن نفسه. المعرض العالمي اللي يحرصون عليه كل الجيمرز وشركات الألعاب، اللي ما يصير الا مرة وحدة في السنة بدأ يقفل قدامي.
انتهى المعرض، وفي الوقت الي حنا راجعين فيه مع الزحمة، وحنا في وسط السوالف عن المعرض وانطباعاتنا واعجابنا فيه، الا وألاحظ ان فيه شخص مألوف واقف معنا عند الاشارة، وألتفت على جميل ومشهور وأقولهم: “شباب هذا ماهو David Hayter مؤدي صوت سنيك!؟” قالوا: “شكله هو لكن ما ندري!” حاولت أدقّق شوي وقلت: “الا والله هو!” اشتغلت الاشارة الا وألاحظ ان فيه واحد دخل بيننا بشكل “جلف” وراح سبقنا يكلمه. ما أظنه يعرف عربي لكنه سمع كلامنا ولقط منه ديفيد هيتر وفهم الحوار. لحقنا ديفيد وكلمناه وتصوّرنا معه، وطلعنا منه بملف صوت وصورة له وهو يقول “This is David Hayter, and you’re watching Saudi Gamer” بصوت سنيك، لعلّك ياديفيد سويت هالفيديو لنا مثل ما سويت عشرات الفيديوات لغير موقعنا، لكن بتبقى هاللقطة محفورة في ذهني للأبد!
رجعنا الفندق وبدأنا نشتغل، وكالعادة الين ما نتهالك كلنا وننام لا شعورياً.
جهّزت أغراضي في اليوم الأخير، فارقنا E3 والآن جا الوقت الأصعب، والموقف اللي عجزت أتغلب على مأساته من صغري، وهو لحظات الوداع. من بأفارق هالمرة؟ جميل. ومشكلة الفراق انه ما يرحم، ولا يعرف يجي الا في وقت غير مناسب. كنا مستعجلين في أشياء كثيرة، كأن مافيه وقت للحزن. جلسنا مع بعضنا آخر جلسة وسجلنا الحلقة الخاصة الثانية، ولا بقى لي من الوقت الا ساعة بالتمام. الوقت كان ضيق لدرجة اننا نسجل وأنا كل شوي أطالع في ساعتي أحسب الوقت الباقي.
سلمت على جميل سلام حار نادراً ما أسلمه على أحد، ما أدري ليه أسوّي كذا على اني عارف تماماً اني مهما سلمت عليه ما راح يتغيّر من الواقع شي: الرحلة الجميلة جالسة تنتهي قدامي بغض النظر عن أي شي.
انطلقت للمطار وجلست أنتظر رفيق السفرة مشعل يوصل عشان نخلص أمورنا كلها مع بعض. مشيت لحالي أفكر في كل شي صار في الست أيام الماضية، كأنها حلم سعيد مكتوب له ينتهي بسرعة. تذكرت كل هالأحداث، وفي وسط بحر التفكير تذكرت اني لازم آكل زين قبل لا أطلع الطيارة. أخذت طلبي ورحت أدوّر طاولة آكل فيها، التفت يمين ويسار ولا لقيت طاولة فاضية. وقفت شوي لحالي وقلت في نفسي: “يقولون في أمريكا عادي انك تجلس في طاولة مع واحد ما تعرفه اذا كانت الطاولات كلها مليانة!” لقيت طاولة ما فيها الا واحد. وقفت عنده واستأذنت منه. سولفت معه وتعمقنا في الكلام كأننا تفاهمنا بسرعة. تكلمنا عن أمريكا وأطباع ناسها، وبادلته أنا وتكلمت عن الشرق الأوسط وأطباعنا وعاداتنا وتقاليدنا. انتقل الكلام فينا الى مواضيع اجتماعية مثل الرأسمالية والحلم الأمريكي وغيرها من المواضيع اللي تحمسنا فيها بالكلام وكأننا نعرف بعضنا من سنين. خلص الوجبة وطالع فيني شوي بعيونه الزرق، تردّد شوي الين ما مد يديه وابتسم وقالي: “تشرفت بالكلام الشيّق معك، اسمي لوك” تعرفت عليه وأعطيته كرتي وابتسمت وقلت له: “اذا بتزور بلادنا في يوم الأيام، بيكون لي الشرف اني أساعدك اذا وصلت لها” قلت هالجملة وكأني عارف ان هذا الشي ما راح يصير أبداً. نزل لوك من الدرج وهو يطالع فيني بنظرات وداعية، وأنا منتبه له ولكني أطالع في وجبتي وآكلها ونفسي تقول لي: “ترا المحادثة اللي بينك وبينه محفوظة في ذاكرتك للأبد”.
وصل مشعل، خلصنا أمورنا وجلسنا في الانتظار نسولف في كل صغيرة وكبيرة للمؤتمر. ركبنا الطيارة واستسلمنا للرحلة الطويلة من جديد.
وصلنا الرياض، والغريب ان شعوري ما تغير شي كثير، يمكن لأن رحلتي كانت قصيرة من الأساس. وهذا شي يثير استغرابي، كيف رحت الى آخر العالم، حضرت أهم حدث لألعاب الفيديو في العالم ست أيام ورجعت؟ والأعجب من هذا اني بكرة بأرجع للدوام وأداوم ولا كأن صار شي.
الرحلة كانت رائعة وغريبة، غريبة لأنها تحققت فجأة، وأقول فجأة مو لاني ما خططت لها. خططت لها شهور وشهور، ولكن تحقق الأشياء هذي كلها قدامي وبشكل سريع ،كان غريب.
أظن ان هذا هي “تجارب الحياة”، هذي أحداثها وشعورها لكل شخص يمر فيها. والحق اني ما أدري هل بتكرر لي هالتجربة مرة ثانية أو لا، ولكن الشي الوحيد اللي أعرفه ومتأكد منه، اني أنا، ومشهور، وجميل، وفيصل، وأحمد، وسامي بنقدم لكل متابعينا كل ما نقدر. تعجز كلماتي دائماً عن وصف فرحتي اذا كتبت أي شي يتعلق باللي نسويه في المعرض ووصلتني ردود المتابعين “الله يوفقكم” و”عساكم عالقوة وبانتظار انطباعاتكم” والأطرب على القلب من هذا كله: “تراني ما قريت شي، ما أبغى الا انطباعات سعودي جيمر!”
روابط لها علاقة بالمقالة: