تاريخ إعلام الألعاب
عام 1974 أصدرت أول مجلة تهتم جزئيا بعالم الألعاب كانت المجلة تغطي في بعض صفحاتها أجهزة الأركيد وتستعرضها، وفي عام 1978 كانت نهضة لأجهزة الأركيد وانعكس هذا الأمر على صحافة الألعاب فزادت عدد الصحف في ذلك الوقت بضخامة في جميع أنحاء العالم، وبدأت المجلات بازدياد ومع تطور الصناعة بسرعة تتطور معها المجلات وتكبر، وظهرت لنا مجلات لها ثقلها ووزنها في الصناعة، مثل في اليابان ظهرت مجلة Famitsu وفي أمريكا Gameinformer (وعندنا مجلة ألعاب الكمبيوتر).
وبعدها تطور إعلام الألعاب إلى مواقع الإنترنت في التسعينات لكن على استحياء، لكن مع نهاية الجيل السادس للأجهزة المنزلية (كونسول) تفجرت مواقع الإنترنت واشتهرت اشتهار واسع وأخذت حصة كبيرة من إعلام الألعاب.
مع الوقت أيضا ظهرت أحداث إعلامية كبيرة مثل حفل توزيع الجوائز السنوي VGX (ويعتبر TGA نسخة جديدة منه) و Joystick، حتى صارت المواقع تعطي جوائز سنوية وبعضها شهرية للألعاب.
مثل ما تلاحظ من اللمحة التاريخية إعلام الألعاب لا يزال ناشئ وماله فترة طويلة مقارنة بباقي المجالات، ولازال “برأيي” غير ناضج وغير كفؤ لصفه مع باقي المجالات، ومب فقط كذا “برأيي” إعلام الألعاب أضر بالصناعة.
بالطبع إعلام الألعاب له منافعة وهو اللي أتاح لي كتابة مقالي هذا وغيره، وأتاح لي متابعة الأخبار بسرعة، وأيضا أخذ لمحة عن الألعاب وانطباعات قبل شرائها، بل عرفني على ألعاب ماكنت لأعرفها لولا الله ثم لولاه.
لكن هذا لا يغير رأيي فيه إنه غير ناضج وإنه أضر بالصناعة، كيف غير ناضج؟
أساس مشكلة إعلامنا
خلني أبدا بالإعلاميين في مجال الألعاب، وإذا قلت “إعلاميين” فأنا أقصد المراجعين والنقاد وكتاب المقالات والتقارير، استثني منهم كتاب الأخبار (لأنهم يقومون بعملهم على أكمل وجه وأيضا عملهم ماله تأثير سلبي على الصناعة).
هذولا الإعلامين وش خبرتهم بمجال الإعلام؟ الغالبية العظمى من إعلاميين مجرد أشخاص يجلسون أمام أجهزة الألعاب قرروا يكتبون ويتكلمون عنها، بمعنى آخر مالهم دراية ودراسة بمجال الإعلام، وفوق هذا غالبيتهم صغار في السن إعلاميا أعمارهم في العشرينات وبداية الثلاثينات؛ فتحكمهم عاطفتهم وطيشهم وقلة معلوماتهم وضحالة ثقافتهم وقلة حكمتهم.
كلامي مب انشائي من واقع، مشكلتنا إن الألعاب مستواها وصل لمستوى أعلى بكثير من الإعلامين، الألعاب تطورت مب محصورة بتفاهة ضغط أزرار وقضاء على الأعداء فقط، أو بتفاهة القصة المعتادة الوحش يسرق أميرة والبطل ينقذها، نعم لا زالت ألعاب ممتعة تمشي بهذا النهج لكنه لم يعد النهج الرئيسي!
الآن الألعاب تقدم رسائل عميقة للإنسانية وبعضها رسائل سياسية ورسائل اجتماعية ما كان لأغلب الإعلاميين أن يفهمونها ويحللونها؛ لأنه مع احترامي للأغلب لازال يركز على التوافه وينسى العمق!، لا زال يركز على كم ضغطة بالأزرار وتوزيعها هل هو مريح ليده أو لا، لا زال يركز على عدد الإطارات بالثانية ويتجاهل فحوى اللعبة والرسالة اللي تقدمها، مازالوا بعقلية اللاعب البسيط وغير ناضجين بانتقاداتهم ومراجعاتهم وتحليلهم، يستطيع أي لاعب متمرس أن يكون من أفضل المراجعين بإعلامنا البسيط.
يجب على المراجع أن يكون ملم ثقافيا ومطلع بعمق على الرسالة اللي توجهها اللعبة، طبعا مب كل الألعاب “يجب” فيها هذا الأمر لأن فيه ألعاب قصتها تافهة ومالها رسالة غير اسعاد اللاعب، لكن على النقيض فيه ألعاب من الظلم تقييمها مع ألعاب بسيطة بنفس المعايير، وهذا ما يفعله إعلامنا، ألعاب مثل Metal Gear Solid , Deus Ex من الظلم أصفها بتقييم مع Mario و Crash اللعبتين الأخيرة ممتعة وما أختلف إنها أيقونات بعالم الألعاب.
لكن لو أصف الأربع بجانب بعضهم بيظهر عندي:
لعبتين تناقش خطر النفايات النووية وهيمنة أمريكا على العالم والعنصرية المقيتة بهذا العالم وضحايا الحرب، وتجنيد القاصرين، وعلاقات الشرق والغرب زمن الحرب الباردة، ويطرح بعمق كيف الحرب الحديثة صارت منفعة اقتصادية تقوم على مبدأ “اقتصاد الحرب”، وكيف الطبقية اللي تتوسع بالمجتمع العالمي، والتحكم بالمعلومات وتوجيه المجتمعات، وتفسير ظواهر غريبة بالتاريخ، وتطبيقات لنظريات فيزيائية صحيحة لكن لم تخضع لمختبرات التجريب.
ولعبتين راح تناقش…. بالضبط ولا شيء خطف أميرة أو تجميع جواهر؟! راح تظهر اللعبة بمظهر تافهة أمام الرسائل اللي كانت تناقشها الألعاب العميقة.
ولاتفهمني خطأ التركيز على القيم بلاي والرسوم مطلوب لأنها بالنهاية “لعبة”، لكن إغفال الرسائل المهمة بألعابنا جريمة يرتكبها إعلاميّنا بحق ألعابنا، لذلك أقول مستوى الألعاب وصل لمستوى أعلى بكثير من الإعلامين،ما المانع إذا استعان المراجع بشخص أخبر ومطلع ثقافيا أكثر منه عشان يتكلم بعمق رسالة اللعبة؟، تماما مثل باقي المجالات الإعلامية الإعلامين يستدعون “خبير” مرة اقتصادي ومرة اجتماعي ومرة نفسي للكلام فقط عن جزئية معينة ليه إعلاميّنا ما يطبقون هذي الخطوة؟ الأمر ما يقتصر على الألعاب اللي تقدم رسائل عميقة حتى الألعاب اللي تقدم لمحات إنسانية مثل The Last of Us لازالت أعلى من مستواهم.
أيضا من الأشياء اللي تدعو للحزن التحيز المقيت للإعلاميين الشرق والغرب، على الجانب الشرقي تجد لعبة مثل Resident Evil 6 تأخذ علامة شبه كاملة من مجلة فاميتسو اليابانية فقط دعم للصناعة اليابانية، وعلى الجانب الغربي تجد تقديس عجيب لألعاب الأستديوهات الغربية ومحاربة لألعاب يابانية، لا ينكر هذا التحيز إلا مكابر أو جاهل غير متابع للإعلام.
وأيضا الإعلام تنقصه الإحترافية، خلني أضرب لك مثال: تجد الإعلامي ما يذكر عيب القصة في ألعاب لها ثقلها وجمهورها مثل Mario (وهذا شيء حسن لأنها مب لعبة قصة)، لكن على النقيض لعبة ناشئة مثل Knack تجده يشبع قصتها انتقادا طيب وماريو يالطيب؟ وش معاييرك على انتقاد الألعاب؟ ردة فعل اللاعبين؟، تظلم كثير من الألعاب بسبب عدم احترافيتهم، أحيانا احترافيتهم معدومة بنفس عالم الألعاب، تصور معي موقع شهير جدا (متابعين حسابه بتويتر 2,3 مليون) قيم لعبة Mortal Kombat وأحد العيوب اللي ذكرها اللعبة كانت صعبة!، اللعبة موجهة لمحبين القتال وموفرة مستوى صعوبة سهل والصعوبة ببعض الألعاب نفس الموقع وضعها كإيجابية تناقض وقلة احترافية تجدها حتى بأضخم المنشئات الإعلامية بالألعاب.
كلاعبين أيضا نتحمل جزء من المسؤولية على وضع إعلامنا، اللاعبين يعظمون أمر تقاييم الإعلامين وكأنها الفيصل بشراء ألعابهم!، هذا الشيء أضر بالصناعة بشكل كبير لا أكاد أحصي كم لعبة أقول عنها “مظلومة إعلاميا” تجارب رائعة يحرمها الإعلام للناس، أكتفي بمثالين Vanquish و Remember me أحد أفضل تجاربي بالجيل الماضي، لكن كلهم ما حظوا بمبيعات بسبب تهميشهم وتقليل قدرهم إعلاميا؛ الأمر اللي جعل اللاعبين يعزفون عنهم بسبب سوء إعلامنا.
أيضا نقطة مهمة نظام الترقيم للتقاييم لدى اللاعبين والإعلامين مضروب!، “لو تقول لشخص لعبة جيدة أنصحك فيها أقيمها 7,5” كان استغرب، كيف جيدة وتقييمها 7,5؟ صار كثير عندهم لعبة جيدة إذا هي مآخذه 8,5 وطالع، وهذا نظام خاطئ تكون اللعبة سيئة إذا انتصفت درجتها وصارت 5 من 10 وعلى هذا الأساس المفترض يكون تقييم الإعلاميين واللاعبين وهذا مايمليه المنطق ويتبعه مقيمين الكتب والأفلام والمسلسلات..إلخ.
بالنهاية أكره أكون شخص صاحب نظرة سلبية، لكن إعلامنا ما أتاح لي مجال إني أتغاضى عن حالته وإساءاته للصناعة، أتمنى بمرور الوقت ينضج الإعلام ويصبح أداة لتقويم الصناعة مب لهدمها.