الإعلان لطالما كان السلاح الأبرز بأيدي الشركات لجذب المستهلكين لشراء منتجاتها، وأحياناً تخصص تلك الشركات نسبة كبيرة من الميزانية المخصصة لمنتج معين على الإعلانات والترويج له، وقد اعتدنا أن تلجئ الشركات التجارية لشبكات التلفزة واللوحات الإعلانية من أجل عمليات التسويق. لكن مؤخراً بدأت التقارير تتحدث عن اقتحام الإعلانات عالم الألعاب فأحد التقارير ذكر بأن مايكروسوفت تعمل على برنامج يسمح للعلامات التجارية بالإعلان داخل ألعاب Xbox.
وقبل أيام أكد تقرير آخر مصدرة وول ستريت جورنال بأن ألعاب الفيديو هي المحطة الجديدة للإعلانات الترويجية حيث أن المستثمرين الأثرياء يعملون على ضخ الأموال حالياً في الشركات التي تتطلع لتحويل ألعاب الفيديو إلى منصة ترويجية يمكنها أن تنافس المنصات التقليدية مثل قنوات التلفاز وإعلانات الشبكة. حيث أن شركات مثل HTC Corp و NBCUniversal وغيرها تستثمر المال حالياً لتقديم تقنيات تسمح للعلامات التجارية الشهيرة بالترويج لنفسها داخل اللعب مباشرة عبر عناوين محبوبة و شهيرة.
حكاية الألعاب مع الإعلانات ليست جديدة أو وليدة اللحظة فإذا عدنا لشهر فبراير عام 2021 ظهر خبر يقول بأن ألعاب Sony المقبلة ربما تشهد تواجد إعلانات ترويجية بداخلها تثير انتباه اللاعبين. وهذا على أثر قيام سوني بتسجيل براءة اختراع وهي تخص الإعلانات الترويجية التي يمكن وضعها بداخل اللعبة مع وجود تقنية تتعرف على مستوى انتباه اللاعب لهذه الإعلانات وتفاعله معها. وتنص وثيقة البراءة إلى أن ألعاب الفيديو باتت مؤخراً وسيلة مهمة لنشر الإعلانات الترويجية وإيصالها للزبائن المحتملين. ويبدو بأن الغاية من براءة الاختراع هذه هي إدراج إعلانات ربما في ألعاب سوني المقبلة وجعل اللاعب يتفاعل معها وتثير انتباهه مما يعود بالنفع على الشركات المعلنة.
وبحسب نص تلك البراءة فإن:
“صناعة ألعاب الفيديو سرعان ما باتت من الركائز الأساسية في عمليات الترويج والتسويق للوصول للزبائن الجدد، حيث أن اللاعب عادةً يولي التركيز الكامل للبيئة من حوله أثناء اللعب.. لهذا فإن ألعاب الفيديو تعطي الشركات المعلنة الفرصة لوضع إعلاناتها أمام جمهور صاغٍ بامتياز لما يدور من حوله”.
طبعاً هذه الفكرة ليست بجديدة وسبق وأن رأينا بالفعل ألعاب بدأت تقحم الإعلانات بداخلها مثل لعبة NBA 2K21 حيث تسبب إضافة مطورها لإعلانات في شاشات التحميل بغضب اللاعبين وبعد تعالي الأصوات الرافضة لمثل هذا الأمر تعهد ناشر اللعبة بإصلاح مشكلة الإعلانات. كذلك لا تُعد تلك المرة الأولى التي نشهد فيها إعلاناتٍ داخل الألعاب، إذ سبق لشركة EA وأن قامت بشيءٍ مماثلٍ في لعبة UFC 4 الشهر الماضي، بعد مُضي عدة أسابيع على إطلاقها– حينما عرضت مقطعًا دعائيًّا لمسلسل The Boys الرائع من إنتاج Amazon.حتى أن الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية للرئيس الأسبق أوباما شاركت بإعلان على لوحة بطريق داخل لعبة Need For Speed Carbon عام 2008 !
ومع انتشار تقرير آخر يقول بأن مايكروسوفت ليست الوحيدة المهتمة بهذا الأمر بل حتى سوني تخطط لعرض الإعلانات داخل ألعاب PlayStation على غرار مايكروسوفت. قيل أن الفكرة تهدف إلى تشجيع المطورين على الاستمرار في تطوير الألعاب المجانية (F2P) دون معوقات أو مشاكل مالية، بحيث تظهر الإعلانات كما لو كانت جزءًا من اللعبة نفسها، مثل اللوحات الإعلانية الرقمية في الملاعب الرياضية (مثل ألعاب FIFA) ويمكن أن تتضمن التنسيقات إعلانات تمنح المشاهدين مكافآت مقابل مشاهدة الإعلانات والعروض الترويجية لعناصر داخل اللعبة مثل الصور الرمزية.
هنا تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض بشدة لهذا التوجه وبين من لديه تحفظات عليها. لاسيما في ظل الغموض الذي يكتنف طريقة استغلال تلك الإعلانات وتقديمها بالألعاب. فالبعض يقول بأن الإعلانات تميل لتخفيض مستوى انغماس اللاعبين في اللعبة، المنتقدون يقولون بأنه من غير الممتع أن يتم إجبارهم على مشاهدة إعلان ما خلال شاشات التحميل على سبيل المثال لاسيما إذا كانت تلك الإعلانات غير قابلة للتخطي وتجعل اللاعب ينتظر بعض الوقت حتى ينتهي الإعلان. والبعض تهكم على الموضوع قائلاً بأنه في وسط القيم قد تظهر لنا عبارة “سنعود بعد قليل”.
وهناك من يبني رفضه على أساس تخوفه من طمع الشركات، فقد يبدأ الأمر بمجرد إعلانات على اللوحات أو كمنتجات كتلك التي رأيناها في ديث ستراندينق ، لكن الموضوع ربما يتطور فقد يقول لك المطور ادفع 1$ لتتجاوز الإعلانات. وقد يتم التدرج بالموضوع ليصير كحال ألعاب الجوال. خصوصاً بأنه ورد بالتقارير أنه يمكن أن تتضمن إعلانات تمنح المشاهدين مكافآت مقابل مشاهدة الإعلانات والعروض الترويجية لعناصر داخل اللعبة.
على الجانب الآخر هناك من يرحب بالفكرة على اعتبار ان الإعلانات لاسيما إن كانت محصورة بالألعاب المجانية ستعطي مزيداً من الأموال للمطور والناشر. فهذه الإعلانات تعتبر وسيلة لتحقيق دخل إضافي علها تغني المطور أو الناشر عن اللجوء لأساليب مستفزة لتحصيل مال إضافي تغضب اللاعبين مثل بيع لعبة غير مكتملة التطوير بسعر كامل، أو إقحام صناديق الغنيمة التي يشبهها البعض بالقمار، أو اقتطاع جزء من محتوى اللعبة وبيعه كمحتوى إضافي dlc. فبيع المساحات الإعلانية داخل بيئة اللعب فهذا سيتيح له الحصول على أموال إضافية، بهذه الحال سيتحول المٌعلِن إلى زبون واللاعب سيكون هو المٌنتَج. وهذا بالضبط ما تنبئ به تيم كوك حينما قال:
“بعد سنوات مستخدمي خدمات الانترنت سيدركون بأنه عندما تكون هناك خدمة أونلاين مجانية، فهم هنا ليسوا الزبائن، هم المنتج بحد ذاته”.
مؤيدوا وضع الإعلانات بالألعاب يعتبرون أيضاً بأن هذا الأمر سيكون مفيد كونه يعزز الواقعية باللعبة بحال كانت عبارة عن إعلانات موضوعة على اللوحات أو ماركات ملابس أو حتى سيارات أو المشروبات بحيث ستشعر كما لو أنك بعالم أقرب لعالمك من كونه لعبة.
كذلك هذا الأمر قد يكون مفيداً عبر إدخال أموال أكبر مما قد يحسن من جودة اللعبة. فالأهم أن المطور يجني مال أكثر من وراء اللعبة وبالتالي يصرفونها على تطوير ألعاب تستاهل ونخلص من نغمة ارتفاع تكاليف التطوير.
بختام هذه الحلقة من آراء اللاعبين شاركونا آرائكم حول هذا الموضوع عبر قسم التعليقات أو من خلال التغريدة أدناه.
خلاصة الآراء
الغالبية وبنسبة ٣٤٫٤٪ يبدو أنهم مؤيدين إذا لم تخرب التجربة، و ٣١٫٤٪ ذكروا بأنهم رافضين طبعاً خوفاً من الجشع. و٢٦٪ اختاروا “رافض إذا قطعت متعة اللعب”. والباقي ٨٫٢٪ قالوا بأنهم غير مهتمين.