في بداية هذا الشهر، راسلتنا شركة بلوتو (موزّع شركة كونامي في المنطقة) تقول لنا فيها ان “هيديو كوجيما” – مخرج ومؤلف سلسلة Metal Gear الشهيرة – راح يزور دبي بمناسبة قرب اطلاق Metal Gear Rising، وأيضاً بمناسبة مرور 25 سنة على سلسلة Metal Gear. وكانت عباره عن فرصه (نادره) للقاء واجراء مقابلة مع هيديو كوجيما، شخص يتمنى الكثير من اللاعبين انهم يقابلونه.
اللي يتابع حلقات البودكاست يعرف موقفي تماماً من كوجيما. نعم اقدّر عمله واحترمه بسبب التحفة الفنية المسماة بـMetal Gear Solid (الجزء الاول على البلايستيشن)، وهو الجزء اللي الهم الكثير من صنّاع الالعاب وساهم في تطوّر الصناعه بشكل ملحوظ، بس ماني من الناس اللي لو يعطس كوجيما يقولون “يخرب بيته وش هالعبقريه”.
ما علينا ..
شركة بلوتو كانت متكفّلة برحلة شخص واحد من كل جهه اعلامية، ومع اني تمنّيت ان محمد الشريف يكون هالشخص (بسبب تقديره الخرافي لكوجيما)، الا انه للأسف كان الهدف اننا “نصوّر” مقابلة، وانا الشخص اللي بفريقنا اللي متخصّص بهالشغلات عادة، يالسخرية القدر! ومع ان محمد حاول يجي معي على حسابه، الا ان توقيت زيارة كوجيما كان مع بداية الاجازة، وبالتالي ما قدر يلقى حجز للأسف. الجايات اكثر يابو حميد 🙁
سافرت الى دبي وجا يوم المقابلة. توجهنا الى فندق الجميرا، وانتظرنا في جلسة خارجيه مجهزة بالكامل للحدث، الجلسة تقدر تميّزها بسهولة بسبب أعلام كونامي وبلوتو، ووجود تماثيل شخصيات ميتل جير، وسماعات تشغل مقطوعات موسيقيه منوعه من السلسلة بصوت خافت. وما ضايقني الا مسألة اني ما جبت جكيت معي على اساس ان “تراني جاي من الرياض اللي مره بارده جوّكم هذا ولا شي”، ما كنت ادري ان دبي فيها هوا بارد، وجلست اتنافض وانا امشي لمكان الحدث.
أول ما وصلنا نبّهنا احد المنظمين ان الرجال (كوجيما) مزاجي شوي. فماله داعي نسأله سؤال محرج او مزعج، لأنه اذا تنرفز ممكن يقوم ويترك المكان على طول بدون ما يقول كلمه. يوم قال لي كذا تذكرت كيف ان كوجيما (حسب حسابه في تويتر) بدال ما يروح للمطعم الفاخر المعد لاستقباله، قرر يروح ماكدونالدز يذوق شي من القائمة المحلية!
وقتها قلت شكلنا راح نتعامل مع واحد نفسيّه وصعب التعامل معه، ورتّبت الاسئلة حقتي بحيث تبدا من سؤال عن صناعة الافلام بما انه شي يعشقه ومستحيل يكرشني اذا سألته عنه، ومن هناك نشد عليه حبه حبه. واحسن شي بالاسئلة اللي كانت معي (اللي كتبها محمد الشريف يعطيه العافيه) كانت ممتازة ومثيرة للاهتمام، وبعيده كل البعد عن “هاه فيه عربي؟ بتعربون؟ بتترجمون؟ تكفي نبي عربي، يرحم امك نبي عربي”، لان شخص شي كذا المفروض -برأيي- نستفيد من فكره ومعرفة وجهات نظرة، مو نسحّب منه معلومات حصرية ممكن تطلع باي لحظه. مجرّد رأي.
وصل كوجيما اخيراً، ومعه رئيس شركة كونامي وعدة مسؤولين من شركة بلوتو المنظمة، وجا الوقت اللي يبدا فيه المؤتمر الصحفي اللي المفروض يتكلم فيه عن Metal Gear Rising وعن زيارته للمنطقة.
بدأ كوجيما بالكلام، كان ملخّص كلامه “كان حلمي اني ازور دبي، وشكرا”. اول مؤتمر صحفي احضره ما يعدي بالكثير خمس دقايق! المفروض ينفتح له تروفي! اذا كان يدعم التروفيز طبعاً (هع).
انلخمنا شوي لاننا ما ندري هل نقوم ولا ننتظره يكمّل، بس المهم عرفنا انه جا الوقت اللي نسوي فيه المقابلات. بس هنا جتنا الصدمة الأعظم: فجأه قررت كونامي انه ما ينفع نصوّر المقابلات مع كوجيما، لانهم ما يبونه يزل لسانه بالغلط ويقول شي المفروض ما يقوله، وبالتالي يبوننا نسجلها صوتياً، وننشرها كنصوص فقط (يعني حتى الصوت ما ننشره). والمضحك في الموضوع انه عرفت ان كوجيما ما يبي يطلع فيديو عشان ما يتصوّر وهو ياكل أو يتثاوب. سلامات؟ سبحان الله الزين ما يكمل. هذا وانا جايب عدّة التصوير معي وانقلها من مكان لمكان.
أكثر شي ضايقني في هذا الموضوع مو أنه ما نقدر نصوّر المقابلة (بالعكس كنت مبسوط شوي لاني ما احتاج اشتغل على مونتاج وترجمة الفيديو بعد الحدث)، بس اللي ضايقني انه كان يمديني اخلي محمد يروح بدالي لو علمونا من بدري ان التصوير ممنوع. لكن قدّر الله وما شاء فعل. قلت يالله خلني انتظر دوري في هالبرد عشان اسوي مقابلة مع كوجيما الله يعينني عليه.
اكتشفت ان مقابلتنا هي ثاني مقابلة، يعني مافيه فرصه حتى اسأل الشباب عن نفسيّة واسلوب الرجال بعد ما يسوون مقابلة معه، فوقفت بعيد شوي عن اللي جالسين يسوون مقابله حالياً عشان اول ما يخلصون اجلس اسوي معه مقابلة، وانا ميت برد.
جا دوري، وصافحت كوجيما ومترجمته وجلست. كان اول شي يقوله لمترجمته “شوفي كيف بردان!” وجلس يضحك، قلت في نفسي “والله كويس مروّق الرجال”، وبديت بالاسئلة حقتي معه:
السؤال الأول: دائماً تذكر عشقك للافلام وكيف انها ألهمتك في اخراج سلسلة Metal Gear Solid، ومع ذلك ما فكّرت انك انت اللي تخرج فلم Metal Gear المستقبلي في هوليوود، وش السبب؟
الجواب: مع اني اعشق الافلام، الا اني ألّفت وصممت سلسلة Metal Gear كلعبة، وتدور احداثها في بيئة لعبة، فكل شيء مهيء للالعاب، وبالتالي ما اعتقدت انه من المناسب انه انا اللي اخرج الفلم. صنّاع الافلام جداً مهتمين في هذي اللعبة وفي الطريقة المناسبة لتحويلها الى فلم، واعتقد ان هذا شيء رائع. ولهذا السبب افضّل اني اكون منتج للفلم مثلاً وليس مؤلّف أو مخرج.
السؤال الثاني: اشتكى كثير من الناس من طول العروض السينمائية في الجزء الرابع من السلسلة، والآن فيه توجّه جديد للالعاب في انها تسرد لك القصة خلال لعبك بدون ما تحتاج انها توقّفك. هل تفكّر تستخدم هذي الطريقه في Ground Zeroes؟
الجواب: *يضحك* اعرف اعرف. بس اضطريت اطوّل العروض لان الجزء الرابع كان نهاية السلسلة، ولازم آخذ وقتي لشرح جميع الاحداث. بالمناسبة حتى في Metal Gear Rising بتشوف نفس الشي، بس ترا مو ذنبي! لكن عموماً في Ground Zeroes جالسين نطبّق طريقة جديدة لسرد احداث القصة اتوقع انها بتعجكم.
السؤال الثالث: نشوف أيضاً توجه جديد لبعض الالعاب مثل Mass Effect و The Walking Dead وهو اعطاء اللاعب المجال لتغيير احداث وسير القصة حسب قراراته، بدال الطريقه التقليدية اللي تجبرك على قصة معينة. هل تفكّر انك تطبّق شي زي كذا في اجزاء ميتل جير القادمة بما ان السلسلة تركّز بشكل كبير على القصة؟
الجواب: شخصياً ما اعتقد ان هذي هي الطريقة التقليدية. اعتقد ان الطريقة التقليدية هي انك تجبر اللاعب على خط معيّن في اللعب نفسه بغض النظر عن القصة. اللي احاول اسويه الآن اني اعطي اللاعب حرية أكبر في انه يسوي اللي يبي، ويحصل على الاحداث بالترتيب اللي يحدده هو باسلوب لعبه واختياره للمهمات، ولكن في النهايه توصل له الرساله اللي انا صممتها من الاساس بدون ما تتغير.
—-
في هذي اللحظة قاطعني احد منظّمين الحدث بسبب قرب انتهاء الوقت المخصص لي، وللأسف ان جزء كبير من المقابلة ضاع في ترجمة جواب السؤال الثالث لان المترجمة ما كانت ملمّة بالالعاب وافكارها، واضطر كوجيما يفهمها جوابه اكثر من مره.
هنا قررت استغل باقي الوقت في اني اعطيه هديه بسيطة وهي شعار سعودي جيمر مصنوع من الخرز. اعجبه الشعار جداً واعجبه اكثر انه مصنوع بهالطريقه، لانها حسب كلامه طريقة تصميم مشهوره عندهم باليابان. واخذت له صوره (مع الشعار) كانت من الصور المؤثرة بالنسبة لي لاني ما توقعت انها ممكن تصير في يوم من الايام:
https://twitter.com/saudigamer/status/291912272698290176″ data-datetime=”2013-01-17T14:18:04+00:00
انتهى لقائي معه وجلست من فتره لفتره القي عليه نظره من بعيد وهو يسوي المقابلات انتظر انه يتنرفز او يرد باسلوب سيء، لكنه كان انسان جداً بسيط ورايق ومبتسم طول الوقت، ومستحيل يرد اي احد يبي يتصوّر معه حتى يوم جا الوقت اللي المفروض يتعشى فيه.
قبل ما يمشي كنت واقف بعيد اسولف مع واحد من الشباب وانا حاس اني ناسي شي، وفجأه تذكرت: Zone of the enders! رحت عنده على طول ووقفته قبل ما يمشي، وضميت يديني على بعض وقلت له: مستر كوجيما، ارجوك، Zone of the Enders!. ضحك وقال “يمكن!”، وضحك وطلع من المكان المخصص للحدث بعد ما اعطاني شوية أمل ان جزء جديد من احد العابي المفضلة راح ينزل. بلا Metal Gear بلا هم!
مع احترامي لمحمد الشريف طبعاً ..