بتنزل لعبة ذا ويتشر 3 بكرة (الليلة على ستيم)، وهي لعبة من أكثر الألعاب المنتظرة هذي السنة. شخصيًا هذي ثاني أكثر لعبة أنتظرها بعد ميتل جير سوليد 5، وهي من أكثر الألعاب اللي حبيتها.
كشخص لعب السلسلة بالكامل (وقفت على نهاية الجزء الأول بسبب مشاكل تقنيّة واجهتني، لكني شفت النهايات) واللي متابعني أيام البودكاست ممكن يعرف اني مهووس بلعبة ذا ويتشر.
على شبكة Steam، شريت الجزء الأول والثاني الى حوالي 10 أشخاص وأهديتها لهم وقت التخفيضات الكثيرة اللي صارت للعبة. أظن هذا لحاله ممكن يصوّر لك صورة واضحة لحبّي للعبة. ذا ويتشر 2 كانت من أكثر الألعاب اللي ختمتها، بحيث ختمتها حول خمس أو ست مرات.
اليوم، أشوف اللاعبين متحمسين على الجزء الثالث من السلسلة، وأشوف مطوّر اللعبة صارت تصريحاته -واللي غالبًا تروق للاعبين- سيوف يحارب فيها الجيمرز باقي المطوّرين، ووصل الأمر الى ان الجيمرز يدافعون عنهم ويضربون فيهم المثل.
لعبت فوق 15 ساعة من الجزء الثالث الى الآن، وهذا بيساعدني في مصداقية المعلومات اللي بأذكرها في هذي المقالة.
أخيرًا، كتبنا سلسلة قصة ذا ويتشر باللغة العربية. تقدر تقرا الجزء الأول و الجزء الثاني وتدخل الجزء الثالث وانت مرتاح وعارف الأحداث اللي تحتاجها.
1. قدّمت حلول لمشاكل تعاني منها ألعاب العالم المفتوح
أقدر أقول لك اني ما أحب ألعاب العالم المفتوح، وأفضل اللعبة اللي تكون مفتوحة ولها حدود، أو مفتوحة لكن الى حد معقول. لعبة Tomb Raider و The Witcher 2 و Mass Effect 2 كلهم أمثلة على كلامي. هذي الألعاب ما هي ألعاب عالم مفتوح بالكامل، مناطقها لها حدود واضحة لكنها مفتوحة وفيها مساحة كبيرة للاستكشاف.
لعبة ذا ويتشر 3، لعبة عالم مفتوح بالكامل، حجم عالم اللعبة أكبر من عالم جراند ثيفت أوتو 5 بطولها وعرضها. هذي المعلومة بحد ذاتها تسيل لعاب الجيمرز هاليومين، لكنها تصيبني بالهم والغم لان كل ما كبر الحجم كل ما صار أصعب على المطوّر انه يسيطر على جودة اللعبة ودّقتها وتفاصيلها.
وحدة من الأشياء اللي تطفش في ألعاب العالم المفتوح، هي مهمات أحب أسميها باسم “مهمات التلفيق والتطفيش” بحيث تطلب منك اللعبة انك تمشي جنب الشخصية ويجلس يسولف فوق راسك لفترات طويل *كح كح أساسين كريد* ،بعد مرور وقت طويلة تلاحظ ان فقط ماسك يد التحكم وتوجّه الشخصية الرئيسية بحيث تمشي ورا الشخصية اللي تسولف. إسأل نفسك بكل صراحة، هل هذا ممتع بالنسبة لك؟
أيضاً لعبة جراند ثيفت أوتو، السلسلة المعروفة، تحتوي على الكثير من هذا النوع من المهمات. كثير من المهمات تطلب منك طلبات سخيفة، مثل خذ السيارة هذي ووقّفها هناك، أو تاخذ وحدة من الشخصيات وتدق مشوار الى الطرف الآخر من المدينة واللي راكب معك يسولف فوق راسك.
ما أقدر أقول ان ذا ويتشر 3 خالية من هالخرابيط، لكن اللي أضمنه لك انها حلّت بعض منها. في المهمات اللي تطلب منك اللعبة انك تمشي جنب شخص، تقدر تخلّي شخصيتك تركض بسرعة وبتلاحظ ان الشخصية الثانية صارت تركض معك مباشرة. ما يحتاج تمشي ورا الشخصية اللي تم برمجتها على انها فقط تمشي من نقطة أ الى ب!
أضف الى هذا أغلب المهمات، سواءً رئيسية أو فرعية، غالبًا تحتوي على قصص واضحة ماهي مجرد “خذ الغرض الفلاني وعطه فلان” وبعدها يعطونك مجموعة نقاط XP ويحسسونك انك مسوّي انجاز.
2. أفضل عالم خيالي عرفته
قصة وعالم اللعبة مستوحاة من الرواية البولندية الشهيرة Wiedzmin.
تحتوي اللعبة على عناصر عوالم ألعاب Fantasy الرئيسية، مثل الكائنات Dwarfs (الأقزام أصحاب اللحى الطويلة) وElves (أشباه أوادم لكن أذانهم طويلة من فوق) وغيرها.
الأرهب من هذا كله ان اللعبة أضافت كائن جديد اللي هو The Witcher، وهو عبارة عن انسان تم تربيته تحت ظروف مختلفة عن باقي الناس، بحيث تم اطعامه طعام يختلف عن الأوادم، وتم تعريضه لطقوس غامضة، وعدد لا نهائي من التدريب الذهني والجسماني الشاق. هدف المشروع هذا هو انتاج “صائد وحوش” بحيث يقدر ينقذ البلاد من الأخطار اللي حولهم، واللي سببها التنانين والوحوش والكائنات اللي ما يقدرون عليها البشر العاديين.
أغلب مشاريع تربية الويتشرز تنتهي بالفشل بما ان أكثر الأشخاص اللي يمرون بهالظروف ينتهي فيهم المطاف بالموت، وبكذا صار “ويتشر” عملة نادرة في عالم اللعبة.
أضف الى هذا، ان في واحد من أحداث اللعبة الرئيسية (قبل الجزء الأول) صاروا الناس (خصوصاً الملوك والحكّام) يستخدمون الويتشرز في أغراض شخصية غالبها انتقامية، فاختل توازن العالم وانتشرت الفوضى بما ان الويتشرز ينجحون في تنفيذ مهامهم اللي أهدافها تخريبية. اتفق الناس على التخلّص من الويتشرز والهجوم عليهم هجمة رجل واحد. قدروا يقتلون معظم الويتشرز الموجودين ولكن بقى بعضهم، وأهمهم Geralt بطل السلسلة، واللي صار اسمه Geralt of Rivia.
جيرالت، كونه عملة نادرة، صار شخصية معروفة في عالم اللعبة، معروف انه “رجل المهمات الصعبة”. أطلق عليه الناس ألقاب كثيرة من شهرته، أشهرها The White Wolf (الذئب الأبيض) و Gwynbleidd واللي يحمل نفس المعنى لكن بلغة أحد الكائنات الموجودة في عالم اللعبة، ولقب Butcher of Blaviken (جزّار بلافيكن) بعد حادثة تاريخية اتّهمه فيها أهل البلدة انه ارتكب مجزرة في حكّامها وحرّاسها، بينما في الواقع كانت معركة بطوليّة أنقذ فيها أهل القرية من الفناء على يد أميرة البلدة.
3. من أروع القصص والشخصيات
قصة سلسلة ذا ويتشر أساسها ما يختلف عن باقي الألعاب الخيالية (fantasy) : عصور الظلام في أوروبا، تنانين، أشباه أوادم من الإلف والدوورف، انتشار السحر والقدرات الخارقة. لكن أحداث القصة، والشخصيات اللي فيها هي اللي تميّزها عن باقي القصص. مثل ما ذكرت في النقطة السابقة، لعبة ذا ويتشر مستوحاة من رواية مشهورة في بولندا، وهذا بيوفّر على فريق العمل جهد كبير، بحيث العناصر الأساسية للقصة متوفرة عندهم.
عالم ألعاب الفيديو يعتبر ضعيف من ناحية القصص والكتابة، وهذا يعود لكون فرق تطوير الألعاب تكون مشغولة بتكوين عنصر حاسم وهو عنصر طريقة اللعب (gameplay) واللي ياخذ مجهود هائل من فرق التطوير، عكس الأفلام والروايات اللي ما تتطلب هذا العنصر المجهد، واللي في الأخير يضطر فريق التطوير انه يضحّي بعناصر القصة والكتابة من أجل الجيمبلاي.
لو أشرح بعض الشخصيات بياخذ مني وقت وجهد طويل، لكن اللعبة تحتوي على شخصيات مختلفة، بحيث تلقى شخصيات جديّة سواء طيّبة أو شريرة مثل Iorvith (قائد كائنات Elves المقهورة والمكروهة من قبل البشر، تقدر تشبّهه برجل ثورة) و Roche (قائد عسكري تابع لمملكة Temeria) ، وفي نفس الوقت تلقى شخصيات مرحة وطريفة. لا زلت أذكر أيامي مع صديقي المقرّب Dandelion المطرب الرائع والشاعر القدير، ولا زلت أذكر مغامراتي الطريفة مع القزم Zoltan اللي عاش معي الظروف الصعبة في رحلتي مع ذا ويتشر 1.
4. عندها امكانية انها تصير أفضل عمل يراعي الثقافة العربية
كشخص متخصص في اللغويات ويعمل في هذا المجال لحوالي 7 سنوات، أقدر أقول لك ان ترجمة اللعبة مثل لعبة ذا ويتشر هو عمل صعب للغاية. لعبة ذا ويتشر تحتوي على مصطلحات قديمة غريبة، بالاضافة الى انها لعبة خيال وتحتوي على مواد وأشياء مالها ترجمة عربية على الاطلاق.
ترجمة لعبة خيالية مثل The Witcher عمليّة صعبة ومعقدة، هذا غير ان هذا النوع من الألعاب يدخل في مواضيع تعتبر حسّاسة بالنسبة لنا، مثل القدرات السحرية والجن والإنس والقدرات الخارقة وغيرها.
أحد أصدقائي المقربين يقول: “جرّبت اللعبة بالعربي من باب التجربة فقط، وكنت أحسبها مثل باقي الألعاب اللي تدعم العربي بشكل بسيط. لكني انصدمت بمستوى الترجمة العالي، ولاحظت بعدها اني كمّلت اللعبة بالكامل باللغة العربية ورفضت أرجع للغة الانجليزية”.
… صاحبنا ما ينكر انه واجه بعض الترجمات الغريبة واللي من غرابتها خلّته يضحك. لكن هذي مجرّد أشياء بسيطة.
أضف الى هذا كلّه، ان جميع المشاهد اللي تحتوي على تعرّي أو غيره من المقاطع الغير مقبولة في مجتمعنا تم تعديلها خصّيصًا للشرق الأوسط. ما فيه لعبة سوّت شي مثل كذا قبل ذا ويتشر 3.
كل الألعاب اللي تدعم اللغة العربية كانت عبارة عن ترجمة اللعبة من اللغة الانجليزية الى العربية فقط، دون مراعاة المشاهد اللي ممكن ما تكون مقبولة في مجتمعنا.
لعبة ذا ويتشر 3 نقلت هذا النوع من العمل الى مستوى جديد.
5. أفضل نظام خيارات شخصية (Morality System)
هنا يكمن ابداع السلسلة بشكل عام، بحيث حتى في الجزء الأول من اللعبة، واللي عانى من المشاكل ما عانى، الا ان قليل اللي يختلفون على جودة نظام الخيارات الشخصية. معظم الخيارات اللي تتخذها تكون واعيها وعارف بالضبط وش القرار اللي بتسويه، ووش النتايج المحتملة اللي ممكن تطلع معك. واحد من أهم أسرار هذي الدقة هي عمق الشخصيات في عالم اللعبة.
وحدة من المهمات الجانبيّة حسستني اني بطل قومي بعد ما ساعدت فلاحين في قرية، واللي قدموا لي مكافأة رفضتها وقلت لهم انهم يحتاجونها أكثر مني، ولكنهم رفضوا ولزّموا علي اني آخذ ولو جزء بسيط منها! في مهمّة جانبيّة ثانية، ساعدت رجل في مأزق له متعلق بزواج بنته، حلّيت له مشكلة وجا بيكافئني لكني رديته وقلت له انه أكيد يحتاج هالفلوس عشان زواج بنته، رفض بشدة ولزّم انه يكافئني ولو بشي بسيط.
بالاضافة الى هذا، نظام الخيارات فيه ماهو واضح مثل بعض الألعاب. بعض الألعاب توضّح لك الخيار الطيّب والخيار الشرّير بشكل يوصل للسخافة، مثل وضع الاختيار الطيب باللون الأخضر، والاختيار الشرّير باللون الأحمر، وفيه ألعاب وصل فيها مستوى السخافة في هالموضوع الى مستوى جديد: قبل لا تعرض عليك اللعبة الخيارات، يعرضون لك بالصوت والصورة النتايج المحتملة من كل اختيار تختاره!
في ذا ويتشر، الاختيارات واضحة بشكل معقول وبعيد عن هذا النوع من الوضوح الزايد والمزعج. اللعبة تعرض لك القصة أو المهمّة بشكل واضح، وبعدها أنت تقرر وش تبغى تسوي بالضبط: هل تبغى تسلّم الحرامي الى صاحب البضاعة المسروقة ويعطيك مكافأة لا بأس فيها، ولا بتتفق مع المجرم لمن يعرض عليك عدم تسليمه مقابل مبلغ أكبر من المال؟ تخيّل انك تسوي هذا الشي في الحياة الواقعية، وابني النتايج عليها.
أخيرًا، أتمنى ان اللعبة تكون قد المستوى اللي نتأمّله منها. سلسلة ذا ويتشر -حسب رأيي- تستاهل التقدير أكثر من ألعاب كثيرة غيرها.