على مر السنوات تعرض E3 لنكسات فمعرض E3 2007 تضمّن 33 لعبة فقط ومعرض E3 2008 استقبل 5000 شخص فقط بينما في أول معرض E3 1995 كان عدد الزوّار أكثر من 40,000. لكن ما حدث مع المعرض بالسنوات الماضية يمكننا اعتباره فقداناُ للبريق والرونق ولا يمكننا إنكار تراجع شعبية معارض E3 والتي باتت تبدو كمنتج قديم أمام التطور الهائل للتكنولوجيا ومنصات البث.
حيث أن E3 في السنوات الأخيرة لم يعد مثل E3 بفترة الجيل السابع من الأجهزة المنزلية وما قبلها، فشركات عدة قلصت حضورها بالحدث، نينتندو كانت تقيم مؤتمراً مباشراً في الحدث واكتفت بالسنوات الماضية ببث حلقات نينتندو دايركت.
EA كذلك قررت تنظيم مؤتمراً خاصاً بها بعيداً عن المعرض نفسه، وحتى مؤتمرات الطرف الثالث باتت بغالبيتها تعتمد أكثر على ألعاب الهواتف الذكية أو الواقع الافتراضي ولم تعد تقدم هذا الكم الهائل من الإعلانات الضخمة أو الألعاب الجديدة، الأمر الذي يجعل تأثر المعرض والشغف المرتبط به يقل تدريجياً ولم يعد بنفس التأثير الذي اعتدناه في الماضي.
ومع الإعلان عن غياب E3 2022 سواء بالحضور الشخصي أو البث الرقمي. كثر الحديث عن تراجع شعبية E3 وفقدان بريقه ورونقه ونحن هنا لنتحدث عن بعض الأسباب التي أدت لذلك.
غياب سوني
الكثير من المتابعين يقولون بأن أهمية هذا الحدث تقلصت بشكل كبير منذ أن قررت سوني الاستغناء عنه والالتفات لأحداثها الخاصة، هذا بدأ مع E3 2019 حينها بررت سوني قرارها بأسباب تقليل المصاريف والتركيز على طرق جديدة للحديث عن مشاريعها المقبلة. خصوصاً بعد الانتقادات لمؤتمرها في E3 2018 بأنه كان مخيباً كونه لم يحوي مفاجآت.
لكن سوني عادت وأعلنت غيابها عن E3 2020 قبل أن يتم إلغائه بسبب كورونا، ومع عودت عام 2021 بقيت سوني بعيدة عنه. حتى أن الصحفي الشهير جيسون شراير كان قد تحدث عن أن غياب سوني عن معرض E3 2019 تسبب في إفقاده بريقه وكانت الصالات نصف فارغة آنذاك.
غياب سوني بحسب البعض زاد الطين بلة لأن الجميع دائماً ما كان مترقب لما سيحصل في مؤتمر سوني وكان مؤتمرها يرفع دوماً سقف المنافسة، الآن نلاحظ بأن جمهور بلايستيشن خفت اهتمامه كثيراً بالحدث.
جيسون شراير كان قد أخبرنا عن وجود خلافات بالفعل بين سوني ومنظمة ESA حيث أكد وجود خلاف بوجهات النظر بين الطرفين أدى لانسحاب سوني وهذا بسبب قرار ESA فتح باب E3 للجمهور بعد أن كان يقتصر على الإعلاميين فقط.
انتشار البث والتطور التقني
التطور التقني وانتشار البث وخدماته جعل العديد من الشركات تعتمد على بث الأحداث الخاصة بها للجمهور وهي تدرك بأن المهتم بما ستقوله سيتابع ما يتم بثه أينما كان، هذا الأمر اعتمدت عليه نينتندو منذ زمن ويبدو بان سوني أرادت اللحاق بها عبر State of Play التي بدأت بثها سنة 2019 وطبعاً ليست مصادفة آن يكون هذا بنفس العام الذي قررت فيه الاستغناء عن E3. فتجربة نينتندو أثبتت بأنها ليست بحاجة لمسارح مجهزة بأحدث تقنيات الإضاءة من أجل إعلاناتها لجذب اهتمام الجماهير، وحلقة نينتندو دايركت في E3 2019 تغلبت على باقي المؤتمرات لناحية اهتمام اللاعبين وإثارة حماسهم.
ارتفاع كلف المشاركة في E3
لا يمكن إهمال عامل السعر المرتفع لحجز المساحات بأرض المعرض فهذا سيزيد من حجم التكاليف على الشركات بينما لن يكلفها حدث خاص بها مثل تلك المصاريف التي يمكن أن توفرها للحملات التسويقية لألعابها القادمة.
الأسعار المرتفعة لحجز المساحات بأرض المعرض أثرت بشكل سلبي على حجم مشاركة المطورين والشركات بالحدث ففي الحدث المباشر الأخير كانت ESA تطلب مبالغ باهظة لحجز مكان ضمن القاعات الكبرى للشركات يمكن أن يصل إلى مليون دولار. حتى من يريد حجز مساحة صغيرة قد يكلفه ذلك 25 ألف دولاراً وهذا المبلغ للأماكن خارج المبنى الأساسي.
وكنتيجة لهذه الأسعار بدأت الشركات تنسحب من E3 لتقوم بمؤتمراتها الخاصة، فشركة Devolver Digital بوقت من الأوقات حاولت تجنب المصاريف بإقامة ستاند في الشارع الذي تتواجد فيه شاحنات الطعام.
مع توالي انسحاب الشركات قررت ESA أن تعوض خسارتها من أموال حجز منصات العرض عبر فتح باب المعرض للجمهور ففي 2017 تمكنت من بيع 15,000 تذكرة للاعبين الراغبين بحضور الحدث وهذا أدخل لجيوبها أموال إضافية.
لكن بنفس الوقت زاد بمشاكل E3 وفاقمها مع تعرض الجهة المنظمة لانتقادات من طرف الإعلاميين ورجال الأعمال الذين وجدوا صعوبة بالدخول للمعرض.
الخلاف مع الإعلاميين
لا يمكن إنكار حدوث شقاق بين الإعلاميين ومنظمي E3 بسبب كارثة تسريب بيانات المشاركين بمعرض E3 2019 حيت تم تسريب معلومات شخصية عن 6,000 شخص شارك بالحدث آنذاك، ولتعويض ذلك قررت ESA بتحويل الحدث من مكان مخصص فقط للإعلاميين إلى حدث يجمع الإعلاميين واللاعبين معاً وهذا كان سبباً بامتعاض كبار الإعلاميين بسبب الزحمة والوقوف بالطوابير التي نجمت عن تواجد اللاعبين بأرض الحدث مباشرة، فشهدنا انسحاب الكثير منهم على رأسهم الإعلامي Geoff Keighley الذي قرر الانسحاب من 2020 E3 لأول مرة منذ 25 عاماً ليقرر إقامة حدث خاص به لاحقاً.
كذلك التطور التقني وانتشار البث جعل بعض الإعلاميين يفضلون ربما بأيام المؤتمرات البقاء في الفنادق والاعتماد على الانترنت السريع المتوفر لديهم لمشاهدة المؤتمر وتغطيته ضمن أجواء أكثر هدوء تتيح لهم التنسيق بشكل فعال أكثر مع باقي زملائهم، لاسيما بعد فتح المعرض للجمهور وعدم اختصاره على الإعلاميين مما قد يسبب ضغط على أولئك.
I wanted to share some important news about my plans around E3 2020. pic.twitter.com/EhrreKV9oR
— Geoff Keighley (@geoffkeighley) February 12, 2020
تأجيل وبطء تطوير الألعاب
لعل من الأسباب أيضاً التي تجعل الشركات تتردد بالمشاركة في المعرض هو المصاعب التي تواجهها في سير عمليات التطوير واضطرارهم لتأجيل بعض مشاريعهم، ومشاركتهم في المعرض قد يشكل عامل ضغط عليهم بحيث يضطرون للكشف عن مشاريع ليسوا متأكدين من مدى التزامهم بموعد صدورها أو أن هذه المشاريع ربما تتعرض لتغييرات مقارنةً بالعروض التي نشاهدها في المعرض وهناك أمثلة كثيرة لذلك مثل سايبر بانك، وهناك ألعاب تم عرضها في أي 3 ولم تر النور مثل The Dark Sorcerer و Brothers in Arms: Furious 4 و Agent.
فليس من مصلحة الشركات بهذه الظروف تكرار مثل ذلك الأمر وقد يكون من الجيد للشركات ألا يكون هناك حدثاً بضخامة E3 سيشكل عامل ضغط عليهم لاستعراض ألعابهم ومواعيد إصدارها. وبذلك يمكن أن تقوم الشركات بضبط أفضل لموعد الكشف عن ألعابهم أو تحديد موعد طرحها فقط عندما يكونوا متأكدين من مدى جهوزية مشاريعهم. حيث أن مسألة التحكم بالتوقيت وعدم الالتزام بتواريخ محددة سيمنح الشركة مرونة أكبر وهامش حركة أوسع أمام المنافسين.
تجنب التسريبات
الهالة الإعلامية للمعرض والتغييرات الكبيرة التي طرأت على E3 ربما فتحت المجال بشكل أكبر لاحتمال تسريب الإعلانات الخاصة بالمؤتمرات ورأينا من قبل أمثلة عن ذلك، والشركات لا تريد أبداً أن يفسد أحد إعلاناتها عن ألعابها ومشاريعها السرية وبالتالي تفقد بريقها قبل الموعد المقرر.
إذاً هذه كانت أبرز الأسباب والعوامل التي نعتقد بأنها ساهمت في تراجع اهتمام الشركات بالحدث وبالتالي فقدانه لبريقه، شاركونا بآرائكم وتعليقاتكم حول هذه الأسباب وإن كان هناك أسباب أخرى لديكم غيرها اذكروها أدناه.