الألعاب الإلكترونية هي أي لعبة تفاعلية يتم تشغيلها بواسطة دوائر الكمبيوتر. تُشغَّل هذه الألعاب على عدة أجهزة تعرف بـ “المنصات”، والتي تشمل أجهزة الكمبيوتر الشخصية والمشتركة، أجهزة الأركيد، أجهزة الكونسول المتصلة بشاشات التلفزيون المنزلية، أجهزة الألعاب المحمولة، والأجهزة المحمولة مثل الهواتف الجوالة، والشبكات القائمة على الخوادم. يمكن استخدام مصطلح “لعبة فيديو” للإشارة إلى جميع هذه الأشكال من الألعاب، أو يمكن أن يشير بشكل أكثر تحديدًا إلى الألعاب التي تُلعب على أجهزة ذات شاشات عرض مرئية، مثل أجهزة التلفزيون أو الكونسول الأركيد.
منذ بدايات الحوسبة، كانت فكرة لعب الألعاب على أجهزة الكمبيوتر قديمة تقريبًا مثل الكمبيوتر نفسه. في عام 1950، اقترح عالم الرياضيات والمهندس Claude Shannon إمكانية برمجة أجهزة الكمبيوتر للعب الشطرنج، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت الحواسيب قادرة على التفكير.
تطورت العديد من الألعاب الإلكترونية في مختبرات الجامعات والصناعات. على سبيل المثال، في عام 1958، استخدم William A. Higinbotham في مختبر Brookhaven حاسوبًا تماثليًا لإنشاء لعبة Tennis for Two. كما ابتكر فريق من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 1962 لعبة Spacewar! باستخدام حاسوب PDP-1، وكانت هذه اللعبة تعتبر من أوائل الألعاب التفاعلية في تاريخ الحوسبة.
مع انتشار أجهزة PDP في الجامعات والمختبرات، أصبحت Spacewar! جزءًا أساسيًا من ثقافة الحوسبة. تخرج Nolan Bushnell من جامعة يوتا وعمل على تطوير نسخة تجارية من Spacewar! باسم Computer Space في عام 1971، وهو أول جهاز ألعاب إلكتروني تجاري، رغم فشله التجاري، إلا أنه وضع الأساس لتصميم أجهزة الألعاب في المستقبل.
في عام 1972، قام Nolan Bushnell، و Ted Dabney، و Al Alcorn، بتأسيس شركة Atari Corporation. طلب بوشنيل من ألكورن تصميم لعبة بسيطة مستوحاة من لعبة كرة الطاولة Ping-Pong. كانت النتيجة هي اللعبة الشهيرة Pong، التي أصبحت نجاحًا كبيرًا عندما تم تثبيتها في حانة محلية كأول لعبة تعمل بالنقود. لاحقًا، بدأت Atari في تصنيع أجهزة ألعاب الأركيد بكميات كبيرة، مما أدى إلى إنشاء صناعة ألعاب الأركيد الإلكترونية.
فيما بعد، تأثر تطوير الألعاب المنزلية بالتلفاز. المهندس Ralph Baer بدأ في تطوير ألعاب يمكن لعبها على أجهزة التلفاز في الستينيات، مما أدى إلى تصميم Magnavox Odyssey، أول جهاز فيديو منزلي في عام 1972. نجحت لعبة Pong كنسخة منزلية، وظهرت أجهزة أخرى مثل Atari 2600 التي أدخلت فكرة الكارتريدج القابل للبرمجة، مما أدى إلى فصل تطوير الألعاب عن تصميم الأجهزة.
بحلول عام 1983، تسببت الزيادة الكبيرة في عدد الألعاب المنزلية وضعف جودتها في تراجع حاد لصناعة أجهزة الألعاب المنزلية.
في السبعينيات، ركزت الألعاب التي تم تطويرها للأركيد وأجهزة التحكم المنزلية على البساطة والحركة. كان ذلك جزئيًا بسبب قيود التكنولوجيا المتاحة في ذلك الوقت، مثل المعالجات الصغيرة وذاكرة البرامج المحدودة. ومع ذلك، برزت بعض الألعاب التي تم تطويرها لأجهزة الكمبيوتر في المختبرات الأكاديمية، حيث أظهرت إمكانيات تصميم جديدة، أبرزها الألعاب النصية.
إحدى أوائل هذه الألعاب كانت Hunt the Wumpus، التي ظهرت بنسخ متعددة. على سبيل المثال، كتب Kenneth Thompson نسخة منها لنظام تشغيل UNIX، بينما كتب Gregory Yob نسخة أخرى بلغة BASIC. كانت هذه الألعاب قائمة على فكرة استكشاف مساحة افتراضية باستخدام أوامر نصية بسيطة.
اللعبة التي عرّفت هذا النوع من الألعاب كانت Colossal Cave Adventure، التي طورها Will Crowther عام 1977. استندت اللعبة إلى تجربته في استكشاف كهوف Mammoth Cave في كنتاكي ولعب ألعاب تقمص الأدوار مثل Dungeons & Dragons، مع عناصر من خيال J.R.R. Tolkien. أصبحت هذه اللعبة أساسًا لنوع جديد يسمى “الأدب التفاعلي”، حيث تتشكل تجربة اللاعب بناءً على قراراته في القصة.
في عام 1977، وجد Don Woods نسخة من اللعبة وقام بتعديلها، مضيفًا عناصر جديدة زادت من شعبيتها، مما أثر على ألعاب أخرى مثل Zork في MIT.
بحلول أواخر السبعينيات، لم تعد الألعاب الإلكترونية مقتصرة على أجهزة الكمبيوتر الضخمة المرتبطة بالجامعات، أو أجهزة التحكم بالفيديو، أو الآلات المخصصة للألعاب الأركيد. فقد تم تصميم جيل جديد من أجهزة الكمبيوتر الشخصية المجهزة بمعالجات دقيقة عامة الأغراض وأنظمة تشغيل قادرة على تشغيل برمجيات مكتوبة بلغات مثل BASIC.
أجهزة مثل Apple II التي ظهرت عام 1977، و IBM Personal Computer عام 1981، قدمت رسومات ملونة وقدرات تخزين مرنة ومجموعة متنوعة من أجهزة الإدخال. كما قدمت أجهزة مثل Atari 800 (1979) و Commodore 64 (1982) ميزات مشابهة، لكنها احتفظت بفتحات للخرطوشة للألعاب على غرار أجهزة التحكم التقليدية. استغل مصممو الألعاب هذه المرونة الأكبر لأجهزة الكمبيوتر لاستكشاف أنواع جديدة من الألعاب، مستوحاة في كثير من الأحيان من ألعاب تقمص الأدوار الورقية مثل Dungeons & Dragons، وألعاب اللوحة المختلفة، ولعبة Adventure الخاصة بـ Crowther.
كان نمط “الخيال التفاعلي” من أكثر الصيغ نجاحًا على أجهزة الكمبيوتر الشخصية، حيث قامت شركة Infocom، والتي تعتبر واحدة من أنجح شركات الألعاب في أوائل الثمانينيات، بتكييف هذا النمط مع مجموعة متنوعة من الأنماط الأدبية مثل الخيال العلمي وألعاب الألغاز. بدأت Infocom بسلسلة Zork الشهيرة التي تم تطويرها في البداية بواسطة مجموعة من طلاب وخريجي MIT.
إلى جانب الخيال التفاعلي، قدمت ألعاب مثل سلسلة King’s Quest من Sierra On-Line، ومحاكاة الحروب والألعاب ذات الأدوار المنشورة من قبل Strategic Simulations Incorporated، وسلسلة Akalabeth/Ultima لـ Richard Garriott، بُعدًا أكبر لقدرات المحاكاة وسرد القصص في ألعاب الكمبيوتر.
أضفت الألعاب المتصلة بالشبكة بُعدًا اجتماعيًا جديدًا، مثل لعبة Empire التي طُورت كجزء من مشروع PLATO في جامعة إلينوي. وألهمت لعبة MUD (Multi User Dungeon) التي طُورت في 1979 بواسطة Roy Trubshaw و Richard Bartle في جامعة Essex، العشرات من الألعاب متعددة اللاعبين التي تعتمد بشكل كبير على التفاعل الاجتماعي داخل عوالم افتراضية.
عودة أجهزة ألعاب الفيديو
بعد انهيار صناعة أجهزة الألعاب المنزلية في أوائل الثمانينيات، قدمت شركتان يابانيتان، Nintendo و Sega، جيلًا جديدًا من وحدات التحكم في الألعاب، وهما Nintendo Entertainment System (NES) الذي صدر عام 1985 وSega Genesis في 1989. كانت الرسوميات التي قدمتها هذه الأجهزة تعادل أو تتفوق على قدرات أجهزة الكمبيوتر الشخصية في ذلك الوقت.
ما جعل نظام NES مميزًا هو تقديمه للخراطيش التي تعمل بالبطاريات، والتي أتاحت للاعبين حفظ تقدمهم في الألعاب واستكمال اللعب لاحقًا من حيث توقفوا. وقد استخدمت هذه التقنية بشكل كامل في ألعاب مثل Super Mario Bros (1985) وThe Legend of Zelda (1987). هذه الميزات سمحت بتطوير أعمق للشخصيات وبيئات تفاعلية أكثر تعقيدًا، مما فتح المجال لظهور مقارنات بين الألعاب والفنون السردية الأخرى مثل السينما.
وفي التسعينيات، واصل قطاع الألعاب المنزلي تحقيق تطور كبير، حيث ظهرت منصات متطورة مثل PlayStation 2 (2000) و Nintendo GameCube (2001) و Microsoft Xbox (2001)، والتي ركزت بشكل كبير على الرسومات ثلاثية الأبعاد وقدرات الاتصال بالشبكة.
في نفس الفترة، شهدت الألعاب المحمولة تقدمًا كبيرًا مع إطلاق Nintendo Game Boy في 1989، الذي كان جهازًا محمولًا مع شاشة أحادية اللون. ومن خلال لعبة Tetris الشهيرة، أصبح هذا الجهاز نجاحًا عالميًا، واستمر نجاحه مع إطلاق Game Boy Advance في 2001، و Nintendo DS في 2004.
في أوائل القرن الحادي والعشرين، أصبحت الهواتف المحمولة منصة جديدة للألعاب بفضل التطور الكبير في مواصفاتها التقنية. ومع إطلاق iPhone في 2007 وApp Store في 2008، أصبح بإمكان المطورين توزيع ألعابهم على نطاق واسع. تطور هذا السوق بسرعة، وقاد نجاحات كبيرة مثل لعبة Angry Birds (2009) التي طورتها شركة Rovio Mobile.
خلال التسعينيات والعقد الأول من الألفية الثانية، استغل مصممو الألعاب ثلاثية الأبعاد، والمعالجات الدقيقة الأسرع، والتقنيات الشبكية، وأجهزة الألعاب المحمولة واللاسلكية، والإنترنت لتطوير أنواع جديدة من الألعاب لأجهزة الألعاب المنزلية، وأجهزة الحاسوب الشخصية، وبيئات الشبكات. من بين هذه الأنواع، برزت ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول، مثل Wolfenstein 3D (1991)، وDoom (1993)، وQuake (1996) من تطوير id Software، وألعاب مثل Halo (2001) من مايكروسوفت، التي سمحت للاعبين برؤية العالم الافتراضي من منظور الشخصية الرئيسية، مما زاد من التجربة التفاعلية.
كما برزت ألعاب الألعاب الجماعية عبر الإنترنت (MMOGs)، مثل Ultima Online (1997)، و EverQuest (1998)، و World of Warcraft (2004)، والتي جمعت بين خصائص ألعاب MUDs ودور اللعب الرسومي، حيث تمكن آلاف اللاعبين من التفاعل في عوالم افتراضية مستمرة من خلال إنشاء شخصيات (أفاتار) واستكشاف هذه العوالم.
الألعاب الشبكية متعددة اللاعبين أصبحت مجتمعات تلتف حول فرق متعددة اللاعبين (“عشائر”)، وظهرت مواقع مخصصة لهذه الألعاب، حيث قام اللاعبون بمشاركة التعديلات على الألعاب المنشورة، بل وحتى أفلام وتصويرات مصنوعة من اللاعبين أنفسهم.