(تحديث):
تم التواصل مع شركة Gameloft مطوري لعبة Disney Magic Kingdoms حول الحادثة، من قبل السيد أحمد وهو مدير التسويق لدى شركة Gameloft لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي يقع مقرّها في دبي. إليكم البيان الرسمي من الشركة حول الموضوع:
نحن بشركة جيملوفت نقدم خالص تعازينا لأسرة الطفل عبدالرحمن غفر الله له و أسكنه فسيح جناته, ونحن نشعر بأشد الحزن والآسى نظرا للظروف المتعددة التي أدت إلى هذا الحدث المأساوي لأن سلامة و رفاهية لاعبينا هي أهم أهدافنا. نحن متواجدون إذا احتاجت السلطات إلى أي معلومات.
المقال الأساسي:
الإجابة المختصرة:
لا.
الإجابة المطولة:
لطالما كانت ألعاب الفيديو وجهة الآباء وأولياء الأمور في إلقاء اللوم عليها في حال فشل ابنهم/ابنتهم في مسيرتهم الدراسية أو سوء سلوكهم أو حتى تدهور حالتهم الصحية، فهي تأخذ وقتًا كثيرًا من الابن أو الابنة دون إنجاز أي عمل مفيد وتشغلهم عن إمضاء الوقت مع الأهل، لذلك من السهل وضع اللوم على الجمادات وتجاهل أي تأثير آخر مثل مسؤولية ولي الأمر أو معرفة محيط الطفل بما يفعله في بقية حياته مثل رفقته وبيئته الدراسية واليومية.
لست هنا لذكر فوائد الألعاب، لكن أود أن أذكر لماذا من البديهي أو المنطقي لأي شخص ليس له اهتمام بالألعاب أن ينظر إليها بنظرة سلبية تامة، ولا أتوقع أن يحل هذا الموضوع قريبًا، وحتى إن حصل فسيتكرر الأمر على موضوع أو منتج آخر.
موضوع النظرة السلبية البحتة للألعاب بسيط جدًا، فهي عبارة عن:
- ملاحظة تصرف لا يعجبه من الابن أو الابنة.
- جهل تام حول الألعاب وهدفها.
- الاعتماد على كلام الناس والإشاعات أو الجهات الإخبارية والمؤثرين الذين ليس لهم أي خبرة بالألعاب.
الألعاب هدفها التسلية، ومنها أهداف عديدة مثل التحدي أو أسلوب اللعب أو القصة أو المنافسة أو حتى الاستمتاع بجمال الرسوم والموسيقى. لا يوجد هناك أي لعبة فيديو أو جهاز ألعاب إلكتروني يطلب منك أن تتصرف بعدوانية مع الآخرين، جلب الضرر على النفس أو طلب الانتحار، وذلك لسببين:
- لا يوجد أي عائد أو فائدة لصاحب اللعبة. مطور اللعبة هدفه الأول قبل متعتك هو الحصول على نقودك، وذلك بشراء اللعبة ومحتوياتها وأنت راضٍ عن ذلك. بالتأكيد صاحب اللعبة يهتم لسمعته ولن يقوم أبدًا بتشويهها عن طريق إيذاء الآخرين أو انتشار الإشاعات.
- لنفترض أن هناك مطور أراد وضع مثل هذه الأمور، سواء بشكل واضح أو خفي، توجد هناك هيئات وجهات مختصة لتصنيف الألعاب عمريًا حتى يكون الأب أو الأم على دراية بما يلعب ابنهم. منها PEGI في أوروبا و ESRB في أمريكا ومؤخرًا GCAM في السعودية. كل لعبة تباع في متاجر بلايستيشن ومايكروسوفت ونينتندو يجب أن تصنف عمريًا قبل وضعها في المتجر.
بالنسبة للتصنيف العمري، حتى لو كانت اللعبة مخصصة لمن هم أكبر من 18 عامًا، فستكون بسبب العنف أو المشاهد المخلة بالآداب أو الألفاظ النابية أو استعمال المخدرات وغيرها، وهي مشاهد لا ينبغي على الطفل مشاهدتها وتحرص الهيئات على إعلام الآباء حول ذلك.
مع العلم أنه من الممكن أن يطوّر أحدهم ألعاب بنفسه وينشرها، ولكن من المستحيل أن تتواجد في المتاجر والمحلات الرسمية، وفي حال وجود لعبة تحتوي على تهديد بشكل واضح ستجد بيانًا رسميًا وحظرًا فوريًا لها، بالإضافة إن ثبت وجود لعبة بهذه الصفات فإنه بالتأكيد سيتم التحقيق في الأمر وستتم مساءلته قانونيًا.
ماذا عن تقليد اللاعبين لما يخوضونه في الألعاب من تصرفات خطرة؟
الألعاب ليست وسيلة لغسل الدماغ أو الغزو الفكري لأننا مستهدفون، واللاعب المتوسط بشكل عام ليس ساذجًا لا يستطيع التفريق بين الواقع واللعبة. في حال حصلت حالة تقليد أحد الأشخاص لتصرف خاطئ بسبب لعبة، في الغالب أنه تحت أحد هاتين الحالتين:
- طفل لعب لعبة لا ينبغي أن يلعبها (وهو سبب وجود التصنيف العمري).
- الشخص قد يكون سفيهًا أو معتوهًا غير واعٍ بتصرفاته.
مسألة الخوف من التقليد موجودة في الأفلام والمسلسلات وحتى عروض المصارعة الحرة، ولكنها تُنظر بشكل أخص في الألعاب لأن ولي الأمر قد لا يفهم الألعاب ويرى أنها سلبية على كل حال، عكس الأفلام مثلا والتي تعتبر مقبولة أكثر عند العامة وتجد حتى الآباء يشاهدونها.
حادثة الطفل الذي انتحر في أبها بسبب لعبة إلكترونية
سبب كتابتي لهذا المقال هو توضيح وتوعية عمومًا للقارئ غير المهتم بالألعاب ولا يعرف كيف يحكم على الموضوع، للمهتم بالألعاب الذي يقرأ معلومات مغلوطة ولكنه لا يستطيع تجميع الرد ويكتفي بالتعليق، وللجميع عن كيف من الممكن أن ينتشر الكلام الخاطئ والإشاعات التي تصيب الهلع للجميع وقد تتخذ إجراءات لم يكن لها داعٍ لأسباب غير مثبتة.
القصة بدأت بانتشار تغريدة على تويتر من حساب الأخ عبدالله بن فهيد يوم الخميس 28 يونيو يذكر فيها بأن ابن خاله (عبدالرحمن الأحمري رحمه الله) انتحر شنقًا لأن اللعبة أجبرته على الانتحار لدخول مرحلة جديدة. لم يذكر اسم اللعبة وقتها، لكن التعليقات والحسابات التي نشرت التغريدة أشارت إلى لعبة تدعى “الحوت الأزرق” والتي سأذكر قصتها لاحقًا. بعدها انتشرت الأخبار في المواقع والجرائد الإخبارية مثل العربية وعكاظ وسبق وغيرها، جمعوا فيه خبر الانتحار وربطوه باللعبة المسماة بـ”الحوت الأزرق” التي لم يذكر اسمها صاحب التغريدة من الأساس. بالإضافة إلى تواصلهم مع والد الطفل الأخ سعد الأحمري (أحسن الله عزاه) وروايته للحادثة، والذي ذكر فيها أنهم ذهبوا لتفقده في غرفته ووجدوه مشنوقًا، عندما سألوا أصدقاءه قالوا أن هناك لعبة هي السبب، وذهب الأب لرؤية اللعبة بنفسه بتشغيل جهاز الكمبيوتر ووجد اللعبة مليئة بالسحر والشعوذات والمناطق الملعونة. أُرفق في موقع العربية صور للعبة صورها الأب بنفسه ولكن لم يكن واضحًا ما هي، ومُسحت من الخبر الذي وضع في موقع العربية في اليوم التالي. كذلك حساب قريبهم عبدالله بن فهيد أرفق صور لنفس اللعبة يذكر فيها بأن هذه اللعبة التي كانت يلعبها الطفل عبدالرحمن والتي أجبرته على الانتحار شنقًا، وهو الآخر مسح التغريدة بعد مرور بضع دقائق.
(بداية المقابلة في الدقيقة 17:00)
في مقابلة على قناة الإخبارية ظهر الأب في لقاء حول الحادثة وروى لهم القصة ذاتها، وذكر بأن لا علاقة بلعبة “الحوت الأزرق” بالحادثة، وإنما هو برنامج داخله برامج مليئة بالسحر والشعوذة ولم يتحمل لعبها لأكثر من 7 دقائق، من كثرة الأفكار التي تكسر نفسية اللاعب وتشعره بأنه ضعيف وتبث فيه الأفكار السلبية وتجعله يطبقها في محيطه الأسري ويرى المستقبل قاتمًا. في المقابل ذكر بأن ولده لعب أكثر من 3000 دقيقة وتخطى 92% من اللعبة، وذكر أنه أدمن اللعبة. في آخر اللقاء سأل المذيع عن اسم اللعبة ولم يتعرف عليها الأب، ولكنه ذكر بأنه أرسل لهم صور للعبة صورها بنفسه، ورد المذيع “العنوان اللي أرسلته (مملكة ديزني السحرية)“.
(تحديث): نشر عبدالله بن فهيد تغريدة جديدة يوم السبت بتاريخ 7 يوليو تحتوي على صورة لعبة Disney Magic Kingdoms مع رسالة من الأب يوصف فيها اللعبة بأنها “عبارة عن أسحار تنثر في البيوت واستحضار الجن ولا يعرف اللاعب كيف يتعامل مع الجن فينتهي الأمر بأذية الجني للاعب وتصل إلى قتله”.
الحقائق حتى الآن للتبسيط:
- تداول خبر انتحار طفل يبلغ من العمر 12 عامًا في أبها بسبب لعبة إلكترونية، الطفل كان يعيش حياة طبيعية وسعيدة قبل الحادثة.
- لا يوجد ربط لمسمى “الحوت الأزرق” بالحادثة، وإنما فقط ردود متناثرة وتعليقات المؤثرين وذكرَتها النّشرات الإخبارية كرابط للحادثة.
- تصوير الأب للعبة والتأكيد بأنها هي السبب في الانتحار، مع العلم أن الصور وضعت في موقع العربية وحساب قريبهم ومن ثم تمت إزالتها.
- صور اللعبة تعود للعبة تدعى Disney Magic Kingdoms وذلك بإثبات من وصف الأب وتصريح المذيع باسمها. نشر قريبهم لاحقًا صورة للعبة ورسالة من الأب يؤكد اللعبة.
- ذكر الأب أن الطفل لعب اللعبة أكثر من 3000 دقيقة وتخطى فيها 92% من اللعبة وأنه أدمن عليها.
هل من الممكن أن تكون لعبة Disney Magic Kingdoms هي السبب في انتحار الطفل؟
كما ذكرت في بداية المقال، فالجواب لا.
قبل الحكم والتأكيد على جوابي، فلقد بحثت عن اللعبة بنفسي وجربتها لمدة ساعتين حتى أعرف ما بداخل اللعبة، وأفسّر بعض الأمور التي تدور حولها. بالإضافة تم تقييم اللعبة في الموقع لتثقيف الناس حول اللعبة.
إليكم الحقيقة المملة حول اللعبة:
لعبة Disney Magic Kingdoms هي لعبة مجانية متوفرة على أنظمة ويندوز والجوالات من تطوير Gameloft، مع العلم بأن اللعبة مثبتة مع كل جهاز Windows 10 ومتوفرة للعب دون الحاجة للاتصال بالشبكة، مناسبة لأعمار 3 سنوات فما فوق بالتصنيف العمري الأوروبي PEGI. قصة اللعبة بأن الأشرار بدؤوا يستولون على ممالك عالم ديزني بإلقاء اللعنات على المناطق مما سلب عالمها السعادة والمرح، وعليك بأن تعيد للعالم بهجته ببناء مرافق ترفيه لجلب الزوار وتطوير المكان واستعادة المناطق الملعونة بالسحر وذلك برفقة شخصيات ديزني الشهيرة. لا يوجد لعب فعلي أو مهارة متطلبة، فكل ما عليك فعله هو الضغط على قائمة المهام وإعطاء الأوامر والانتظار لفترات طويلة، يتخللها قراءة محادثات مملة والتسليم على شخصيات ديزني بعد إنهاء المهمة بطريقة “كفّك” (High-five)، مما يدفعك لدفع أموال حقيقة في حال أردت تسريع عملية التطوير والإنجاز، وهناك صناديق تظهر بشكل عشوائي تهديك جوائز عشوائية وتتطلب أيضا الانتظار ويمكنك الدفع لتسريع العملية. اللعبة مشابهة لألعاب FarmVille و Clash of Clans.
اللعبة ستصيبك بالملل بالتأكيد، وفي الغالب لن تستهوي أحدًا له خبرة أو معرفة بتنوّع الألعاب، وإنما سيلعبها لأنها متوفرة على جهازه بشكل مجاني وبها بعض العوامل المرحة.
تحليل حول لعب الطفل للعبة Disney Magic Kingdoms
ذكر الأب بأن اللعبة تدمرك نفسيًا، بالنسبة لي كانت اللعبة مملة للغاية وغير قابلة للعب. لكن دفاعًا عن اللعبة فلا يوجد أي تصوير للضعف أو التدمير النفسي، بل العكس تمامًا، فاللعبة تقوم على إسعاد الزوار وتطوير الملاهي لنشر البهجة، وتحتوي على العديد من العبارات التشجيعية بين الشخصيات وحتى اللاعب نفسه لتحقيقه هذه الإنجازات.
أما عن السحر واللعنة والمناطق الملعونة، فهي مصطلحات عادية تذكر في أي قصة خيالية، ولا يقصد بها اللعن والشعوذة والسحر كما يقصد في الدين. ليس تساهلًا في هذه المصطلحات، ولكنها في القصص الخيالية دارجة وتذكر بشكل عادي فيها، ولربما رأى الأب بأنها عبارات شديدة وتهدف إلى الفساد الفكري أو النفسي.
أما حول لعب الابن لأكثر من 3000 دقيقة وإنهائه 92% من اللعبة، فبحثت في اللعبة عن مكان يخبرني عن الوقت ونسبة الإنهاء ولكن لا وجود لها. تحليلي هو أنه خلط معلومات موجودة في اللعبة وربطها بالوقت ونسبة الإنهاء على أنها حقيقة، وذلك بالنظر للصور التي صورها. بالنسبة للعب لأكثر من 3000 دقيقة، فعدد الزوار في صورة 3543 وأخرى 3546 وأخرى 3458، الزوار يزدادون مع الوقت وذلك ببناء مرافق وتطوير المملكة ولكنها ليست عدادًا ثابتًا للوقت. مثلا أنا لعبت اللعبة لمدة نصف ساعة وكان عدد الزوار 10، بعد مرور يوم وجدتهم حول 900 زائر. أما عن إنهاء اللعبة 92% ففي الصورة يوجد عداد مكتوب عليه 92% وهو عداد السعادة، وهناك 3 مستويات له فكلما اكتمل 100% انتقل للمرحلة التي تليها لتكافئك بجوائز أكثر، حاليا هو في المرحلة الثانية أي يعتبر 192%. هذه المعلومة تثبت بأن الأب أو من علمه عن معلومات اللعبة غير ملم أبدًا بها وأصبح يذكر معلومات خاطئة على أنها حقائق وأنه على دراية بمحتوى اللعبة وأهدافها.
أما عن مسألة الإدمان فلا أعتقد بأنه أدمنها فعلا، بالنسبة لي بعد لعب ساعتين ومرور يوم واحد من بدايتي للعبة استطعت تجميع أكثر من 1200 زائر ووصل عداد السعادة إلى 98% في المستوى الثاني. على هذا المعدل أستطيع بسهولة تخطي 3500 زائر في بضعة أيام دون الحاجة إلى إدمانها، مع العلم أن الأوائل على العالم وصلوا إلى 85 مليون زائر تقريبا. لا ينفي ذلك إمكانية تضييع الوقت في اللعبة دون إنجاز لعدم معرفة ما يمكن القيام به (مع أن اللعبة مبسطة للصغار)، ولكن لا أعتقد أبدًا بأنه أدمنها وإلا لكنّا شاهدنا مستوى الحساب أعلى من ذلك.
المستفاد من تحليل القصة
بناء على ما ذكرته، فلا أعتقد بأن أحد سيصدق بأن اللعبة أجبرته أو كانت السبب على الانتحار، مع العلم بأنه ذكر أنها السبب في الانتحار لسببين:
- سؤاله لأصدقاء الطفل وقالوا أنه يلعبها كثيرًا.
- تجربة الأب للعبة لبضع دقائق دون المعرفة حول اللعبة.
برأيي بأن ربط الحادثة الموجعة بلعبة عادية هو خلط للحقائق ولا يمكن لأحد تصديق مثل هذا السبب، والأسوأ في الأمر هو تداول العامة والجهات الإخبارية بأن هذا الأمر صحيح دون التحقيق وتحري الأمور.
وهنا نتحدث عن انتشار الخبر، فبنظري قوة انتشار الخبر أعطى صدى أكبر لمحتوى القصة مما جعلها سببًا في إثارة الهلع وانتشار الإشاعات غير الصحيحة وغير المعتمدة، وشارك فيها الجهات الإخبارية في زيادة المعلومات المغلوطة.
ما هو “الحوت الأزرق” وما علاقته بالحادثة؟
لم أود ذكر مثل هذه المعلومات لنشر معلومات مغلوطة، ولكن اضطررت لتوضيح الأمور.
لا توجد أي علاقة مباشرة، فقط أصبح مربوطًا به لكثرة ذكره بين الناس وإلقاء التهم على هذه اللعبة.
أما بالنسبة للحوت الأزرق فهي نشاط أو تحدي بدأ في شبكة تواصل روسية تدعو بعض الأشخاص لمشاركتهم في مجموعات انتحار، تستهدف غالبا الأشخاص الذين يميلون لهذه الأفكار من اكتئاب وضعف نفسي وسهولة للتلاعب عليه. خلط الناس بأنها لعبة إلكترونية فقط لوجود كلمة “لعبة”، وظن الناس أنها متوفرة على أجهزة الألعاب والجوالات. من خلال قراءة سريعة على ويكيبيديا بدأ الأمر بنشر خبر عن ضحايا انتحار بسببها، ولكن لم يثبت حتى الآن الربط بينهم، ومع انتشار المعلومة حول العالم اتخذوها الناس مادة إعلامية للتحدث عنها بغرض التشويق. مع العلم أن هذه الأحداث حصلت قبل سنتين ولا يوجد أي دليل يؤكد ربط حالات الانتحار بهذا النشاط.
انتشار وتداول الأخبار غير المؤكدة (مثل حالتنا) تؤدي إلى حالات الهلع والتي تنتج منها إشاعات وتصريحات غير منطقية، يتخذها الناس والمؤثرين وحسابات الأخبار لإثارة القارئ وجعله يتداولها دون التحقق منها. كما ذكر الكاتب Benjamin Radford حول القضية بأنها فقط “حالة الهلع الحالية” التي تتداولها شبكات التواصل، وحلها هو جرعة من التحري والتحقق والتأكد من الأمر.
حالتنا ليست أقل من الدول الأخرى، فعلى ويكيبيديا ذكر فيها ردود فعل الدول عن هذا النشاط، ففي البرازيل ظهرت حالات انتحار وذكروا بأنها السبب ولم تثبت علاقتها بالحوت الأزرق، وفي بنقلادش نفس الحالة تمامًا بالإضافة إلى حجبهم للشبكة لمدة 6 أشهر لباقات الانترنت الليلية تفاديًا لضحايا اللعبة، وفي الهند طلبت المحكمة العليا فيها للحكومة بأن تحجب اللعبة، وردت الحكومة بأنها ليست لعبة أو تطبيق لكي يحجب.
هل حللتم ما الذي يجري هنا؟ كل ما جرى هو تداول وخوف الناس حول الاسم الرنان “الحوت الأزرق” الذي يبث الرعب لكي يتم إتخاذ إجراءات لم يكن لها داعٍ.
التصرف الصحيح عند حدوث مثل هذه الأمور
على الفرد نشر الحقيقة بعد التثبّت منها وعدم نشر الأكاذيب أو الكلام غير الموثوق حتى لا يكون إمعة. هذه بعض النقاط التي أنصح بالأخذ بها قبل الدخول في مثل هذه النقاشات:
- عدم نشر الأخبار قبل التأكد منها ومعرفة تفاصيلها وأنك على ثقة بأن الخبر صحيح، وأن الخبر سيفيد الآخرين عند نشره.
- الابتعاد عن الجدال غير النافع مع المعارضين أو حتى المبالغة في السخرية، لأن كل طرف يعتقد إنه على حق وقد تعتبر السخرية دلالة على ضعف الحجة وعدم المقدرة على الرد. الأفضل هو التجاهل وعدم النقاش عنها في بعض الحالات لأنه قد تصبح أنت من يروج لها بشكل غير مباشر.
- في حال تأكدت بأن المعلومة غير صحيحة وهناك مجال للشك ويستحق الذكر، فمن الأفضل ذكره بصياغة توضح للجميع بأن الهدف من التصحيح هو المصلحة العامة وليس بغرض التقليل من شأن الآخرين أو إحراجهم.
- تذكّر بأن دائرة الإشاعات لا تتوقف، فإن لم تكن الحوت الأزرق فسيظهر الأخطبوط البنفسجي أو الحبار الوردي. لطالما مررنا بحالات تصيب الهلع وبعد انتهاء الناس من الحادثة ومعرفتهم بأنه لم يكن صحيحًا، يظهر أمر آخر يجلب معه نفس ردة الفعل دون التعلم من أخطاء الحالة السابقة.
هل هناك داعٍ للقلق عند ترك الطفل يلعب وحيدًا؟
الألعاب بشكل عام مصممة للاستمتاع ومصنفة لفئات عمرية مختلفة تتناسب معها، ولكن يجب أن تكون هناك رقابة من الوالدين وهو أمر توفره أجهزة الألعاب، مثل خاصية اللعب في أوقات معينة أو منعه من لعب ألعاب فوق سن معين.
المشكلة قد تكون في اللعب مع الآخرين والغرباء، والتي لا تتحمل اللعبة مسؤولية سلوك من تلعب معهم. عمومًا عبر الشبكة ليس كل الناس أصدقاءك، فيجب أن تكون حذرًا عند اللعب والتواصل مع الآخرين. أنصح عموما أن يتحقق الأب أو الأم من الذين يلعبون مع ابنهم، فهم بالطبع لا يريدونه أن يلعب مع من يكبره بعشرات السنين والذي قد يأخذه كهدف للتسلية أو التنمر أو العدوانية بشكل عام.
هناك روابط تعليمات عن كيفية تفعيل خاصية الرقابة الأبوية لكل من ويندوز 10، بلايستيشن 4، اكسبوكس ون ونينتندو سويتش.
الخاتمة
لا توجد لعبة فيديو أو جهاز إلكتروني يجبرك على أذية النفس أو الغير، البشر هم من يتخذ هذه القرارات ويلقي اللوم على الجمادات. مثل الإنترنت والجوال والسيارة والسكاكين كلها أدوات وآلات نستخدمها يوميًا، ولكن استخدامها بشكل خاطئ لا يعني بأن نلقي اللوم عليها دون محاسبة من استخدمها بشكل خاطئ.
موضوع مثل الانتحار أو الأذى النفسي ليس بأمر هين وسهل، وتأخذ عوامل عديدة حتى يصل الشخص إلى هذه المرحلة، ولا توجد هناك لعبة تطلب بشكل مباشر أو بشكل خفي بأن تؤذي نفسك. بدلًا من الانشغال باللوم، فهناك العديد من الأمور التي يجب النظر إليها في حالة الشخص، مثل حالته في المجتمع، أصدقائه وكيفية معاملتهم، الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والعزلة. مثل هذه الأمور على الأهل ملاحظتها ومساعدة من يواجه أي مشكلة فورًا.
أما بالنسبة للإشاعات فإنها لم تفد أحد أبدًا، وبدلًا من نشر الكلام الخاطئ بهدف الإثارة أو حتى اتباع الشخص لعاطفته ونشر الإشاعات بنية بريئة، فعليه التحقق مما ينشر ومما يدافع، وذلك لتكون شخصًا واعيًا يساعد المجتمع على الارتقاء بفكره ويطوره، بدلًا من إضاعة الوقت في تخويف وترهيب الناس.