قبل كم أسبوع، وصلتني نسخة التقييم للعبة Silent Hill: Book of Memories. قلت لمشهور قبلها اني ماني متحمس للعبة، ولكن كان مكتوب علي اني أقيّمها. لو ترجع فينا السنين عشر سنوات ورا، وقلت لي ان محمد الشريف في المستقبل بيقول هذي الجملة على لعبة سايلنت هيل، كنت بأقولك، وبكل بساطة، هذا ماهو محمد الشريف.
الحماس، والحب، وغيرها من المشاعر اللي فيني تجاه ألعاب سايلنت هيل، وبكل تأكيد، ماهو مثل أول. تحديداً قبل عشر سنوات.
بعد ما حملت اللعبة على الفيتا، أول ما طرا في بالي اسم اللعبة.. “كتاب الذكريات” تدور في بالي هالكلمة.. وكأن كونامي تبغى تعيد لي ذكرياتي مع اللعبة قبل لا أبدأ ألعبها.
قبل 13 سنة بالتمام، وفي محل “ألعاب كمبيوتر” متواضع في الخرج، وكما جرت عادتي في كل صباح خميس، ياخذني أخوي هناك ويرميني في المحل أشوف كل لعبة وأتفحص غلافها وأشوف الصور اللي ورا وأحاول أحكم على اللعبة. ما كان عندنا انترنت وقتها، ولا كان فيه “كيفن فانوورد” من Gamespot يعطي تقييمات غالباً ما توافقني الرأي، ولا كان فيه “جيريمي باريش” من موقع 1UP عشان يحلل اللعبة ويعطيك أفضل تصور تلقاه -حسب رأيي- في الانترنت كله. ما في جيبي الا عشرين ريال، وفرتها من فلوس فسحتي اليومية، وكم ريال “فزعة” من أخوي قبل أنزل من السيارة. وفي النهاية ماهي الا قيمة اشتري فيها لعبتين- الشي اللي يزيد حرصي على كل لعبة أشتريها.
في أحد أيام الخميس هذي، عام 1999، كنت كعادتي في المحل أتفحص كل لعبة بكل حماس وشراهة مراهق في المتوسط. ما كنت أدري اني على ميعاد مع لعبة راح تغير نظرتي لألعاب الفيديو للأبد، وتصير من الألعاب اللي اللاعبين حولي ربطوا اسمي باسمها، وأدافع عنها في كل مكان وزمان. وكيف ما أدافع عنها، وهي اللعبة اللي خلتني -بعد انتظار طويل- أجيب شي جديد على غريمي في الصغر، ولد خالتي اللي كان أفضل واحد فينا في البلاي ستيشن. هو اللي عرفني على رزدينت ايفل أول ما نزلت، وهو اللي عرفني على Tekken أول ما نزلت، ولا اكتفى بهذا للأسف، بل كان له الحظ والنصيب في انه يعرفني على أفضل لعبة في التاريخ بالنسبة لي، ميتال جير سوليد.
طاح اختياري في يوم الخميس المذكور على لعبة Silent Hill. رجعت البيت مع أخوي وانا متقطّع من الحماس. شغلت اللعبة وجربتها. من البداية حسيت بشي بغرابة اللعبة.. واحد يصير له حادث ويلقى نفسه وسط مدينة ضبابية، أمشي شوي وأسمع انذارات تشتغل وتنقلب المدينة خلال لحظات من نهار الى ليل. خلصت أول جزء من اللعبة وأثار فيني رعب وعيّشني لحظات رعب ما شفتها قبل. انتهت اللحظات المرعبة هذي بمناداة اخواني لي: “يامحمد تعال الأكل جاهز”.
رجعت ألعب اللعبة ووصلت فيها شي بسيط ولكن كان فيه عوائق صعبة لطالب في المتوسط أكبرها اللغة. كنت جيد بالانجليزية من يومي صغير ولكن الألغاز والأسلوب اللغوي المستخدم فيها خلّى الأمور مستحيلة بالنسبة لي. هذا ومن غير ذكر الاحباط اللي عشته من كل شخص شافني ألعبها وشاف الظلام والكآبة والغموض اللي فيها. الكل صار يعيد علي جملة كرهتها: “ياخي وش فيك متعلق في هاللعبة الكئيبة؟”
بين كل هالمصاعب والاحباطات اللي واجهتها قررت أخيراً اني أوقف اللعبة وأحاول أنساها. ولكن كيف أنساها بعد ما تمكنت اللعبة مني؟ حاولت مرات كثير اني أحل ألغاز مرحلة المدرسة ولكن عجزت على كثر محاولاتي. استلسمت أخيراً وبعد فترة، اتخذت قرار انهزامي عنيف ما يفهمه الا الجيمرز واشتريت مجلة “الحل الكامل” اللي ما أعتقد جزء كبير من اللاعبين الجدد أو جيل الانترنت يعرفه أو حتى سمع فيه.
تقدمت في اللعبة وصرت أصارع نفسي وقرار شرائي للمجلة والحل الكامل وصرت أقول في نفسي اني خربت اللعبة على نفسي واني المفروض صبرت ولكن من الصبر يحتاج شوية أمل وهذا اللي كان ينقصني. عموماً، كملت اللعبة وصرت أشوف أحداث تبدو لي انها عميقة وأحتاج اني أفهمها عشان أفهم القصة، ولكن رجعت مهزوم مرة ثانية بسبة اني ما لقيت أحد يترجم لي اللي قاعد يصير، وسالفة اني أجيب مترجم وأترجم كل جملة كانت باختصار مضيعة وقت.
أذكر مرة كنت ضايع في ضباب سايلنت هيل -كالعادة- أدور وين المكان اللي يبغوني أروح له ولا قدرت أعرف على اني ضيعت وقت كثير. وكل شوي أرجع للحل الكامل وأقراه ولكن المعلومات الموجودة كانت ناقصة، ياحسره على “الحلول الكاملة” اللي كانت عندنا أيام أول. وبعد مرور أيام طويلة من الضياع، لقيت بالصدفة المكان اللي أبغاه وكنت بأطير من الفرحة. ولكن دخل علي أخوي الكبير فجأة وصرخ في وجهي: “ما قلت لك لا تطفي لعبتي!؟” ارتبكت لاني كنتى متأكد انه اعطاني الاذن اني أطفي لعبته لكن كان فيه سوء فهم. وكما جرت العادة، انتهت الموقف بهزيمة شنيعة لكاتب السطور بما اني أصغر منه، وراح يمشي بسرعة و”الشرر يتطاير من عينيه” على قولتهم، ومتجه على البلاي ستيشن وانا ماني مصدق انه بيسويها.. والله وسواها ولا عليه مني، طفى البلاي ستيشن وخرب علي جهد أيام من البحث المتواصل!
وأذكر الهزايم المتتالية اللي ذقتها على واحد من زعماء اللعبة كنت أسميه “الفراشة” ولا كان عندي نية أفقد الأمل تحت الاحباط المتواصل اللي كنت متعرض له، سواءاً من الزعيم اللي ماهو راضي يرحمني ويخليني أهزمه وأكمل طريقي في اللعبة، أو حتى اخواني واقرباي اللي كانوا مجتمعين حولي ويسبون في اللعبة ويبغوني أرميها لانها كانت تمنعهم من لعب معشوقة الكل وقتها Winning Eleven 3. أخيراً، تدخل أخوي في الموقف الحرج وقرر يساعدني وفعلاً.. قدرنا نهزم هذا الوحش اللي ذلني قدام نفسي وقدام اقرباي وأخواني.
أنهيت اللعبة بعد المرور بأنواع وأشكال المواقف الصعبة والمخيفة، وزاد الخوف جهلي بأغلب نواحي القصة واني معتمد اعتماد شبه كلي على المشاهد اللي أشوفها وبعض الكلمات اللي أقدر أفهمها. قدرت أفهم ان شيرل أساساً ماهي بنت هاري ميسون، قدرت أفهم ان البنت قصتها غريبة وأهميتها في القصة أكبر بكثير من “مجرد طفلة في لعبة” وغيرها من بعض الأشياء اللي علقتني أكثر وأكثر في اللعبة.
جلست اللعبة في بالي سنوات وأنا أحاول أفهم القصة بشكل كامل ولكن ما تحققت أمنيتي الا بعد ثلاث أو أربع سنوات وبعد ما صار الحصول على الانترنت معقول نسبياً بالنسبة لي. كانت بطاقات الانترنت غالية بشكل خيالي، أضف الى ذلك انك فوق هذا فاتورة التلفون بتزيد عليك، وغيرها من صعوبات بداية الألفية الجديدة.
مرّت سنتين أو ثلاث، دخلت محل ألعاب الفيديو نفسه ومع بداية الجيل الجديد اللي ما دريت انه بدأ الا بعد ما شفت أجهزة البلاي ستيشن ٢ معروضة للبيع، طاحت عيني على الجزء الثاني من سايلنت هيل. سايلنت هيل ٢ نزلت؟ كيف نزلت، ومتى، وكيف بألعبها وانا ما عندي بلاي ستيشن ٢؟
ما أذكر الجهد الخرافي اللي بذلته عشان أقنع أهلي يشترون لي بلاي ستيشن ٢، خصوصاً وان مستواي الدراسي ما كان يشفع لي اني أطلب منهم شي يلهيني عن الدراسة زيادة. ولكن بعد رسم الخطط والاستراتيجيات والكثير من الاقناع لأخواني قدرنا نقنع أبوي اننا نشتري بلاي ستيشن ٢ لنا كلنا. والله وشريناه وكانت من ضمن الألعاب اللي أخذناها Winning Eleven طبعاً، بالاضافة الى لعبة خربوطية جات مع الجهاز.
مثل أي أسرة أفرادها لا زالوا طلاب مدارس، صار فيه تنافس عجيب على البلاي ستيشن. هذا الجهاز العجيب اللي أول ما شغلناه وشفنا الفرق في الجرافيكس بينه وبين الجهاز اللي قبل. ومثل أي لاعب قديم شرا جهاز جديد لأول مرة، قلنا ان هذا الجهاز ما فيه أقوى منه ولا فيه أمل التقنية راح تعطينا شي أفضل من كذا.
وسط الزحمة والتزاحم العنيف اللي صاير على الجهاز الجديد الخرافي عندنا في البيت، كان صعب جداً اني آخذ راحتي حتى لو شريت سايلنت هيل ٢. لكني قررت أشتريها وأدخل في الزحمة وأمرنا لله.
“ياخي اللعبة الكئيبة هذي نزل لها جزء جديد؟ ياخي من جدك تشتري هاللعبة!؟” ويلتفت واحد ثاني من اقرباي على باقي الموجودين: “استعدوا للمرض.. محمد اشترا الجزء الجديد من اللعبة المريضة ذيك اللي كان يلعبها على البلاي ستيشن ون”
واحد من الموجودين: “أي لعبة تقصد؟ لا تقولي ذيك اللعبة المريضة اللي كلها ضباب وصوت راديو يفقع الاذن!؟”
رد علي: “ايييه هذي هي!”
اضطريت اني اتخذ القرار الصعب واني أصير ألعب سايلنت هيل اذا ناموا كلهم، ومن ذاك اليوم وصارت عادتي أحب ألعب لحالي وفي نص الليل أو على طلوع الشمس. ومن ذاك اليوم وطالع، صار وقتي المفضل للعب هو من بعد ١٢ الليل الى ٨ الصبح.
بدأت ألعب اللعبة بكل حماس، وواجهت مشاكل أقل بما اني صرت أفهم أكثر بالانجليزي. ولكن العوائق الخارقة موجودة للآن. واحد من الألغاز قدرت أفهم اني لازم أحط واحد من القروش في المكان المطلوب، ولكن باقي قرشين وفيه خمس فراغات ما عرفت وش أسوي فيها. اتخذت القرار الصعب اللي يعرفون مرارته لاعبين الأجيال القديمة. قررت اني أرجع لأيام سايلنت هيل الأول و”أتربّع” وأجرّب القرشين الباقية في كل فراغ الين ما تطلع معي صح. يا انا.. يا هاللغز
تعديت الكثير من الألغاز بهذي الطريقة البدائية بحكم الخبرة والتعذيب اللي تعرضت له من سايلنت هيل ورزدينت ايفل وبارازايت ايف وغيرهم. الكثير من اللاعبين يضحكون اذا سمعوا هذي الطريقة، بعضهم يضحك وفي عينه نوع من الحسرات او الحنين، هذا لاعب قديم وتعرض لـ”حلاوة التعذيب” اللي عشتها، وأما اللي يضحك ويظن اننا بدائيين وأغبياء وقتها، فهذا “لاعب جيل جديد”.
ومرت الأيام وقدرت أخلص اللعبة، حسيت بانجاز كبير بعد انهائي للعبة على اني عانيت من نفس مشكلة الجزء الأول وهو اني ما قدرت أفهم النهاية وهذي المرة كان فيه سببين مو سبب واحد. الأول كان الانجليزي طبعاً، أما الثاني لان كل اللاعبين ما قدروا يفهمون النهاية ويوصلون لحل أكيد. قصة اللعبة كانت بكل تأكيد من أفظع القصص وأرهبها في هالوقت، ونقدر نقول الى الآن.
مرت سنتين ونزل سايلنت هيل ٣، ولكن هذي المرة صار عندي خبرة في السلسلة وقدرت أنهي اللعبة على الأقل في كم شهر. واللي ساعدني وقتها اني اشتريتها على بداية الصيف، فكان عندي كامل الوقت اني أسهر عليها وأعيش روعتها بشكل كامل، على ان روعة اللعبة بشكل عام في هذا الجزء كان أقل بشي بسيط من الأجزاء اللي قبل. أعتقد ان هذا بسبب ان الجزئين اللي قبل رفعت معايير الجودة عند الناس الى حد غير معقول وحط المطورين في موقف محرج، وأعتقد ان هذا الموقف هو أصعب موقف يواجهه أي مطور وأكبر تحدي له.
نفس الشي تكرر مع الجزء الرابع للسلسلة. قدرت أخلص اللعبة في وقت سريع وكنت معجب جداً باللعبة ولكن كنت أحاول أقنع نفسي ان اللعبة مستواها بنفس مستوى الأجزاء اللي قبل ولكني كذبت على نفسي. اللعبة كانت جبّارة، لا تفهمني غلط، ولكن احساس اللعبة تغيّر شوي وصار بعيد شوي عن أجواء سايلنت هيل المعتادة. أتفهم تماماً ان السلسلة كانت بحاجة لبعض التغييرات من هنا وهناك. ولكن للأسف مستوى اللعبة ما كان مرضي لكونامي وقررت لاتخاذ أكثر قرار شناعة وفظاعة في محبي وعشاق السلسلة.. وهو استبعاد فريق التطوير من اللعبة واعطاءها لمطورين “خارج الشركة” عشان “ينوّعون من احساس اللعبة”.
ما كنت مستوعب أهمية الخبر هذا ولكن واحد من “الملهمين” بالنسبة لي في عالم الجيمز قالي ان هذي نهاية السلسلة. استغربت من كلامه وقررت اني اتجاهله وأنتظر أخبار الجديدة عن السلسلة..
خلال السنتين أو الثلاث هذي لقيت لعبة رعب فظيعة مسويها نفس مخترع سلسلة سايلنت هيل، اللي هي Forbidden Siren. جاني هوس عظيم مع اللعبة وأنهيتها واستمتعت فيها بشكل كبير جداً. لكن ما أقدر أنكر ان اللعبة عانت من عيوب مثل ضعف التمثيل الصوتي وغياب الموسيقى الغريبة والعجيبة من آكيرا يوموكا والمبالغة في صعوبة التحكم. أضف الى هذا ان اللعبة كان تعاني من الجرعات الزايدة من الرعب والكآبة. اللعبة كانت مرعبة وكئيبة الى حد لا يطاق بالنسبة للكثير.
أعلنت كونامي عن Silent Hill: Origins على البي اس بي. طرت من الفرحة بسبب اختيارهم الصحيح للجهاز، أخيراً صرت أقدر ألعب سايلنت هيل في أي مكان في العالم!
بعد انتظار طويل، نزلت اللعبة. شريتها على طول طبعاً، انتهت أيام المآسي اللي كنت أعيشها كطالب متوسط وصار عندي قدرة اني اشتري اللعبة اللي أبغاها من مكافأة الجامعة. رجعت البيت وبكل حماس شغلت اللعبة وجلست ألعبها طول الليل. أعجبتني اللعبة على اني لاحظت الكثير من التغييرات البسيطة والمزعجة جداً. ياخي ليه الأسلحة تتكسر؟ وليش تصميم الوحوش صار بايخ كذا؟ كثير من الأسئلة حاولت أتجاوزها بسبب عشقي الغير محدود للسلسلة. أنهيت اللعبة وأقنعت نفسي انها ممتازة لكن اذا فيه شي أضر فيها فهو البي اس بي بسبب قدراته المحدودة.
مرت الأيام ولا زال صاحبي “الملهم” يعيد ويزيد على اللعبة وانها “فاشلة” وكنا نتناقش فيها نقاشات عنيفة وماني راضي أقتنع ان اللعبة أقل من مستوى السلسلة.
تأخر دخولي للجيل الجديد بسبب تخرجي من الجامعة، وساعدني هذا الشي في اني ألعب الجزء الثاني من Forbidden Siren. بدأت أحس ان محبتي لسايلنت هيل بدأت تنتقل لهذي السلسلة.
أعلنت كونامي خلال هالفترة عن أول جزء لسايلنت هيل في الجيل الجديد Homecoming تحت تطوير استديو غربي ما قد سمعت فيه. شفت التريلرز والصور وبدأت أستسلم لأول مرة وأعترف لنفسي وأقول ان السلسلة تغيرت. مظهر اللعبة ما يشجع أبداً، من متى سايلنت هيل تركز على القتال؟ وين راحت أيام التحكم الثقيل اللي كان من أكبر عوامل الخوف في اللعبة؟ وليش شخصيات اللعبة تبدو لي “مصطنعة” من الأجزاء اللي قبل؟
بين هذا الحدث وغيره من الأحداث الحزينة اللي تصير قدامي للألعاب اللي استمتعت فيها كثير، مثل Fatal Frame اللي صارت حصرية للـ Wii وغيرها الكثير، كانت الأسطورة الرابعة من سلسلة ميتال جير سوليد تحت التطوير وتحت منظار كل المواقع. كانت بمثابة شمعة الأمل الوحيدة اللي أخبارها كانت ايجابية.
نزلت Homecoming وأسمع انطباعات الناس. الغالبية قالت ان اللعبة “عادية جداً” وان فيها عيوب كثيرة. الجرافيكس ضعيف، نظام القتال يحاول بشكل يائس انه يصير آكشن ولكنه فشل بشكل كامل، القصة سيئة ولا فيها غموض كبير. أضف الى ذلك الظهور الغير لائق لـPyramid Head من سايلنت هيل ٢ اللي أثبت لي ان السلسلة تحت تطوير مجموعة من الجاهلين اللي ما يعرفون السلسلة مثل عشاقها.
بين كل هالتشاؤم اللي سمعته وقريته، وبين كلام الكثير من الناس حولي، قررت للمرة الأولى اني ما أشتري سايلنت هيل. سايلنت هيل ماهي “لعبة عادية”، سايلنت هيل المفروض تكون اسطورة بالنسبة لعشاقها مثل الأجزاء السابقة. كان المفروض على كونامي انها تحترم عشاق السلسلة وتقدم لهم شي يرضيهم. ولكن طبعاً القرار هذا ما جا بدون بديل، عندي بعض البدائل اللي بتساعدني على قراري.
حول هذي الفترة، نزلت Siren اللي هي أساساً الجزء الأول لكن تم اعادة تطويرة للبلاي ستيشن ٣ وتم تغيير أشياء كثيرة في اللعبة عشان تكون “مناسبة” للاعب الغربي اللي ما يحب غير الآكشن. تغيرت اللعبة واستبدلوا بعض الشخصيات اليابانية بالأمريكية، وتم تسهيل نظام القتال ولكن اللعبة طاحت في فخ المطور الياباني اللي يحاول يرضي اللاعب الغربي على حساب اللاعب الياباني، وخسرهم الاثنين.
تغيّرت أشياء كثيرة في هذا الجيل، حتى ذوقي اضطريت أغيّره وصرت أتقبل العدد الهائل من الشوترز اللي ما كنت أعرف منها الا Medal of Honor، بالاضافة الى السقطات المتتالية للمطورين اليابانيين وظهور المطور الغربي بشكل غريب.
أعلنت كونامي بعد Homecoming بفترة عن الجزء الجديدShattered memories للسلسلة ولكن هذي المرة على الـWii تحت تطوير استديو غربي. ليش كونامي تتخذ هالقرارات الغريبة؟ قضية اني ألعب هذا الجزء صارت معقدة. أشتري جهاز كامل عشان لعبة وحدة؟ مستحيل، حتى لو كانت سايلنت هيل.
هذي المرة، كونامي أعلنت عن Downpour لكن أشوى انهم رجعوا للبلاي ستيشن والاكس بوكس. وعدوا انها بتكون عالم مفتوح وانها بتكون مختلفة جداً عن السلسلة.. ونزلت اللعبة وشفنا آراء الناس اللي كانت غالبها سلبية جداً، ومن العدل اننا نقول ان فيه عدد لا بأس فيه من الناس مدحوا فيها بعض العناصر الجيّدة.
مشكلتي مع السلسلة ان معاييري لها عالية جداً. ما أقدر ألعب لعبة سايلنت هيل آراء الناس فيها أغلبها سلبية جداً. أتفهم تماماً اني ما أقدر أحكم على لعبة الين ما ألعبها وأخلصها، ولكن ما أقدر أغامر وألعب لعبة سايلنت هيل من غير تطوير الفريق الأساسي اللي ضيعته كونامي.
في خلال هالفترة، صار شي غير عادي. معرض ترو جيمينج للموقع الزميل، أعلن عن معرضه الخاص فيه وأعلن برضو عن حضور Akira Yamaika في المعرض. حضروا اللاعبين عشان يجربون الألعاب الجديدة، وأنا حضرت وكان من أهم أهدافي اني أقابل الرجل اللي اسلوبه الموسيقي ميّزه عن باقي، الشخص اللي عرضوا عليه فرقة انه يصير عازف الجيتار الرئيسي فيها ولكنه رفض. رفض لسبب واحد وهو لانه يفضل انه يكون مرتبط بمجاله وهوايته: ألعاب الفيديو. ذاك اليوم كان مميز جداً في حياتي لأني قابلت أكيرا يوموكا، ويا كم استغربت من بعض اللاعبين الجدد وهم يقولون: من هذا أصلاً؟ معطينه هالأهمية آخرتها عازف؟
للأسف، أكيرا يوموكا، مصيره كان مصير اخوانه من Team Silent – الفريق الأسطوري اللي صنع الأربع أجزاء الأولى لسلسلة سايلنت هيل. أكيرا عرف ان كونامي، البيت اللي سكن فيه ١٦ سنة، ماهو بيت الابداع اللي تعود عليه. لذلك، ترك الشركة وراح اشتغل مع سودا ٥١، المجنون اللي يخترع أفكار ألعابه وهو في دورة المياة – أعزكم الله.
مرّت الأيام وأعلنت كونامي عن الجزء القادم للسلسلة وهو Book of Memories بالاضافة الى Silent Hill HD. ما همّني بوك أوف ميموريز بقدر ما اهتميت للاتش دي بسبب الذكريات اللي بأستمتع فيها من جديد. سايلنت هيل ٢ و٣ على البلاي ستيشن ٣ بجرافيكس عالي وتروفيز؟ ليش لا!
بعد الكثير من التخبطات، قررت كونامي عدم اظهار أي شي لبوك أوف ميموريز وتأجيلها بالاضافة الى تأجيل سايلنت هيل اتش دي. لكن لحظة.. لعبة عبارة عن “اعادة اصدار” من البلاي ستيشن ٢ تتأجل؟ هذي ما قد صارت. حاولت أنسى تشاؤمي بما ان ما فيه لعبة في العالم مرّت بهذي المشكلة. هذي God of War وShadow of the Colossus وغيرها من الألعاب سووا لها اعادة اصدار وطلعت بشكل ممتاز.
نزلت اللعبة عندنا بدري واشتريتها وأول ما أدخلت الديسك طلع لي أبديت حجمه حوالي ٣٠٠ ميجا الهدف منه “يحل مشاكل تقنية”.. مشاكل تقنية للعبتين عمرها عشر سنوات؟ لعبة جاهزة لها عشر سنوات ما عرفتوا تسوون لها اعادة اصدار زي الناس؟ خلصت الأبديت وأشغل اللعبة وألقى نفسي مضطر أسوي انستول حجمه ٤ جيجا للعبة. اي نعم، انستول ٤ جيجا للعبتين من “الجيل اللي راح”، لعبتين الأولى منهم نزلت في ٢٠٠١ والثانية في ٢٠٠٣.
مشكلتي اني كنت مقتنع بأن هذا الخطأ لا يمكن يصير، ولكن أي شي في العالم نقدر نحط له احتمالات ونبني عليها – ماعدا كونامي.
اللعبة، بطبيعة الحال، كانت كارثية من جميع النواحي. الضباب مختفي واستبدلوه بـ “جدار” وهمي قدامك عشان يحل محل الضباب اللي ما عرفوا يحطوه، الفريم ريت ينزل الى درجة مستحيلة الى درجة ان الشاشة تصير بطيئة بشكل فظيع. حتى Masahiro Ito من فريق تطوير الألعاب الأربع الأولى عبّر عن صدمته تجاه هذي الكارثة.
رجعت كونامي بعدها الى Book of Memories. كنت شبه متأكد انها بتكون كارثة ثانية. وفعلاً، كشف المطور المسكين عن أول فيديو للعبة – الفيديو اللي من المرات النادرة في حياتي أشوف فيديو عدد اللي سووله ديس لايك “عدم اعجاب” أكثر بكثير من اللي أعجبهم.
ونزلت اللعبة وكان مصيرها متوقع من أي عشاق للسلسلة، لعبة عادية مثل باقي الألعاب. جرافيكس متواضع جداً، موسيقى متكررة ومتواضعة جداً، كل شي في اللعبة متواضع جداً.
كان من سوء حظي اني مكتوب علي اني ألعب هذا الجزء، مو لأني أبغاه، ولكني لأن جاني الدور في التقييمات وأنا الأكثر خبرة في السلسلة بين أعضاء فريق العمل. تعمقت في اللعبة ولاحظت المستوى المأساوي اللي وصلت له اللعبة. من متى صرنا نكوّن شخصيات في بداية لعبة سايلنت هيل؟
كتاب الذكريات..
لعل لعبي لهذي اللعبة له حسنة وحدة، الحسنة هذي ان اللعبة أثارت ذكرياتي الجميلة والحزينة مع السلسلة. السلسلة اللي عايشت أحداث كثيرة من حياتي الشخصية، السلسلة اللي أعتبرها أكثر من مجرّد سلسلة ألعاب. سلسلة بدأت ثائرة مثل باقي الألعاب الثائرة في المنتصف الثاني من التسعينات. لعبة لا تقل أهميّة عن Resident Evil، أو Parasite Eve، أو حتى Clock Tower وغيرها من الألعاب اللي “عشناها” مو بس لعبناها.