بمقال سابق عرفناكم عن Black Friday كيف نشأت وكيف انتقلت لوطننا العربي، لكن مثلها مثل أي موسم تسوق آخر يستغلها بعض التجار لتصريف بضائعهم باتباع حيل قذرة أحياناً لجذب المستهلكين، حيث يقول عدد من العلماء بأن تدافع الزبائن للشراء في مواسم التخفيضات مرده إلى عوامل نفسية، فالكثير من السلع التي ينهال المستهلكون على شرائها لا يعلمون قيمتها الحقيقية قبل الخصم، ورغم هذا نراهم يقومون بشراء البضائع حتى ولو لم يكونوا بحاجة إليها تحت ضغط الإغراءات المكثفة والحملات التسويقية من التجار، لكن ماهي الأساليب المتبعة من قبل أصحاب المتاجر لجذب زبائنهم؟
حسومات مضللة وتلاعب بنسب التخفيض
يعتمد التجار بهذه الحيلة على جهل الزبون لسعر (MSRP) وهو السعر الذي يحدده مُصنع المنتج ليتم فيه بيع السلعة، وهنا يعرض التاجر نسب وهمية للتخفيضات تقل ربما قليلاً عن الحسم على سعر (MSRP) الذي عادة يبيع فيه المنتج طوال العالم، لنوضح الأمر بمثال لنفترض أن هنالك سلعة ما سعر الـ(MSRP) الخاص بها هو 100 دولار قد تراها في موسم الجمعة السوداء معروضة بتخفيض 30% وهنا تعتقد بان الحسم كبير لأنك ستشتريها بـ 70 دولار، لكن بالحقيقة التاجر نفسه كان يبيعها مقابل 80 دولار طوال العالم كحسم طبيعي يمكن أن يقدمه أي محل لزبونه، وهنا يعني بأن نسبة الخضم كانت 12.5% وليست 30%.
رفع أسعار المنتجات قبل موسم التخفيضات
حيلة أخرى يمكن أن يلجأ إليها البعض وهي بالقيام برفع سعر المنتجات قبل قدوم موسم التخفيضات بحيث يتوهم المستهلك بأن السعر انخفض فعلاً في الجمعة السوداء بينما بالحقيقة كل ما فعله التاجر هو إعادة السعر إلى قيمته الأصلية أو أقل بقليل بحيث لا تتخطى نسبة الحسم أكثر من 10% في حين يعرضها بأنها تتجاوز 30%. وهذا لكي يقنعوا المستهلك بأنهم قاموا بتخفيض الأسعار بالفعل وتحفيزهم على الشراء قبل فوات الآوان.
صحيفة وول ستريت جورنال نشرت مقالة بهذا الخصوص بعنـوان “الأسرار القذرة للجمعـة السوداء” قالت فيها بأنها بنتيجة أبحاث قامت بها رصدت زيادة قدرها 8% شملت خُمس البضائع التي قامت بتعقّبها قبل الجمعـة السوداء، وزيادات وصلت إلى 23% بالمتوسّط في بعض المنتجات والألعاب قبل عرض الخصومات في الجمعة السوداء.
أسعار متفاوتة تعرضها المتاجر الالكترونية
تعتمد العديد من المتاجر الرقمية الالكترونية على ملفات تعريف الارتباط المسمّـاة “Cookies” من أجل تتبع العادات الشرائية لزبائنها ومعرفة المنتجات التي تستهوي كل زبون بحيث تعرض له هذه المنتجات التي قد تهمه بالصفحة الرئيسية، لكن هذا قد يستغل من قبل المتاجر بحيلة قذرة حيث ترصد أي الزبائن الذي يقوم فوراً باتخاذ قرار الشراء ويتابع دورياً على التبضع دون انتظار حسومات ويمكن اعتبار سلوكياته التسويقية سخية إلى حد كبير وبالتالي لا تعرض أمامه كل العروض والتخفيضات الكبرى.
المنتجات القديمة هي الأكثر عرضة للبيع
بعض المتاجر تلجأ في موسم التخفيضات إلى عرض المنتجات القديمة المخزنة لديها في مستودعاتها والتي تكون من طرازات وموضة قديمة وهذه ما تعرض بحسومات كبيرة لإنهاء مخزونها من هذه البضائع بدلا من تكبّد خسائر الاحتفاظ بها في المخازن لفتـرات طويلة دون جدوى حقيقية من ورائها.
تصنيع منتجات أقل جودة ليوم التخفيضات
هذا الأمر منتشر بشكل كبير في المتاجر المخصصة لبيع الأجهزة الالكترونية حيث يطلب التجار من المصنعين إنتاج بضائع بجودة منخفضة لتقليل تكاليف التصنيع بالتالي يتمكنون من بيعها في يوم التخفيضات بسعر أرخص ويوهمون الزبون بأنهم خفضوا السعر في حين أنهم بالحقيقة خفضوا الجودة.
استغلال عامل الوقت النفسي
لعل من أكثر الأساليب المتبعة لدفع الزبون للشراء هو إيهامه بأن هنالك وقت محدد تنتهي فيه هذه العروض بالتالي يتم وضع الزبائن تحت ضغط نفسي وخلق جو عام من الطوارئ والاستعجال للمشتـري، وهذا كفيل بجعله يشتري دون التفكير بأي شيء سواء السعر أو تفحّص المنتج الذي يرغب في شرائه، وهذا يعد تكتيك من أساليب التسويق تعرف باسم FOMO، وهي اختصار لجملة “الخوف من أن يفوتك شيء” (The Fear Of Missing Out)
حسومات على كميات محدودة أصلاً
أحياناً قد تجد بالفعل أن هنالك عروض حقيقية ونسبة تخفيضات مغرية لكن تتفاجأ بأن هذه العروض المميزة متاحة بالأصل بكميات محدودة للغاية، وفي بعض الحالات يعني هذا توافر قطعة أو اثنتين من المنتج.
مع الآسف تغيير اسم هذا الموسم بمنطقتنا إلى الجمعة البيضاء لم يؤثر على تغيير عادة التجار من اتباع نفس أساليب التحايل في جذب المستهلكين حتى أن الأجهزة التنظيمية والرقابية في بعض الدول أصدرت تحذيرات للمستهلكين والشركات على حد سواء من التلاعب في الأسعار والعروض المطروحة.
تقارير تؤكد وقوعنا ضحية وهم التخفيضات
تزعم العديد من المتاجر بينها أمازون أن تخفيضات “الجمعة السوداء” “توفر ملايين الدولارات على المستهلكين لكن هل هذا حقيقي فعلا؟ في السنوات الأخيرة ظهرت تقارير عدة تنفي ذلك.
ففي عام 2016 اتهمت مجلة وول ستريت جورنال المتاجر الكبرى بأمريكا مثل “وول مارت” و”تارجت” و”بست باي” أنها تعيد تقديم نفس العروض بنفس الأسعار كل عام.
وفق وكالة Market Track المتخصصة بتعقب الأسعار فإن 80% من المنتجات التي قدم عليها تخفيض، و43% من الأسعار في منشورات عروض الجمعة السوداء لمتاجر “تارجت” و”وول مارت” و”جيه سي بيني” وغيرها، لم تتغير على مدار عامي 2014 و2015.
مؤسسة which البريطانية قامت بدراسة عام 2017 رصدت فيها أسعار 94 منتج ما بين الأجهزة الالكترونية والأدوات المنزلية ومنتجات العناية الشخصية وغيرها وذلك قبل الجمعة السوداء بستة أشهر وبعدها بستة أشهر والنتائج كانت صادمة فعلاً.
حيث ذكرت بأن %87 من العروض الخاصة بهذه المنتجات كانت بنفس السعر أو حتى أقل تكلفة في أيام السنة الأخرى، وفقط 13% من العروض كانت أرخص فعلاً في أيام الجمعة السوداء. ومن الأمثلة، التي طرحتها المؤسسة، عرض تلفاز من نوع “إل جي” بحجم 60 بوصة، بمبلغ 1025 دولار خلال “الجمعة السوداء”، وانخفض سعره 65 دولار في 62 مناسبة بعد “التخفيض”. وهذا يكشف عن خدعة كبيرة تستخدمها الشركات للتسويق للمنتجات خلال هذه الفترة. حيث توحي للمستخدم بأن الفرصة للحصول على هذه الأسعار لن تتكرر وهنا يتدافع المستهلكون للشراء خوفاً من عامل الندم.
نصائح للتسوق كي لا تقع في فخ احتيال المتاجر
- قم أولاً بتجهيز قائمة باحتياجاتك ورتبها بحسب الأهمية كي تتمكن من التركيز على شراء المنتجات المفضلة أولاً، ولكي لا تضيع أموالك على شراء المنتجات الغير هامة وسط كمية العروض الهائلة.
- البحث بشكل دقيق والتحقق من الأسعار القديمة للمنتجات قبل التخفيضات للتأكد من سعرها الحقيقي وكم هي نسبة التخفيض. فمثلا يمكنك عبر هذا الموقع الاطلاع على تاريخ الأسعار للمنتجات عبر أمازون.
- استخدم مواقع التسوق على الإنترنت للمقارنة بين أسعار المنتجات.
- تحقق من سياسات الاسترجاع لأن بعض المتاجر تعمد لتغييرها مستغلة انشغال الزبون بالشراء لذا عليك السؤال إن كان بإمكانك إرجاع المنتج بعد التأكد من سلامته.
- التأكد من محتويات المنتجات لأن بعض المتاجر ربما تلجأ لسحب مرفقات تأتي عادة مع المنتج لبيعها منفصلة مثل شاحن أو سماعات وغيرها.
- تنصح مؤسسة ويتش المستهلكين بعدم الشعور بالندم في حال عدم الحصول على الصفقات المطلوبة، لأنها ستكون بسعر أقل لاحقاً.
- التريث ومعرفة متطلباتكم بدقة، وعدم الشراء لغرض الشراء فقط.
مواقع تفيدك لاقتناص عروض الجمعة السوداء
إذا ما أردت العثور على أفضل العروض عليك أن تتمكن من الوصول بسرعة إلى قوائم التخفيضات وتقارن بين المتاجر وعروضها وهنا يأتي أهمية موقعي BlackFriday وموقع BestBlackFriday.com فهما يستعرضان قوائم بالحسومات والعروض من مختلف المتاجر.
كن أول من يعلم بالعروض
لتتمكن من التعرف على العروض الخاصة بمنتجاتك التي تنوي شرائها ننصحك بما يلي:
- الاشتراك في تحديثات البريد الإلكتروني ونشرات الأخبار التي تقدمها المواقع الخاصة بالمتاجر لتصلك رسائل بالعروض
- تابع صفحات المتاجر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- تنزيل تطبيقات المتاجر على جوالك ووضع المنتجات التي ترغب بها ضمن قائمة المفضلة لتظهر أبرز العروض عليها.
- مايكروسوفت تنصح عشاق اكسبوكس بأن يضيفوا ألعابهم المفضلة إلى قائمة Wish List وإذا كان أي من المنتجات التي ضمن قائمة أمنياتك عليها عروض بالجمعة السوداء سيصلك إشعار تنبيه.
كيف تتسوق بأمان؟
حتى لو كنت تثق بالمتجر الذي تتسوق منه ثقة عمياء فعليك توخي الحذر في يوم الجمعة السوداء لأن هذا اليوم يكون فرصة عظيمة للقراصنة الذين يحاولون السرقة بسبب الإقبال الهائل على مواقع التجارة الإلكترونية، من أجل هذا عليك أن تكون يقظًا بشأن الأمان وحماية الخصوصية عبر الإنترنت.
أول ما يجب فعله بأنه بحال قمت بإنشاء حسابات بهذه المواقع يجب عليك تعقيد كلمة السر ولا تستخدم نفس الكلمة بكل المواقع، و احرص على استخدام شبكة افتراضية VPN عند الاتصال بشبكات الواي فاي العامة في هذا اليوم.
كذلك قم بشكل دائم من التحقق في هذا اليوم من معاملاتك وتحويلاتك البنكية. كما عليك التحقق جيداً من عمليات شرائك، وأن يكون المبلغ في بطاقتك لا يزيد عن قيمة الشراء.
هذه كانت بعض النصائح التي نقدمها لكم للاستفادة منها بموسم التسوق الأضخم، ولمن يرغب بالتعرف أكثر على أصل الجمعة السوداء وتحولها للجمعة البيضاء بعالمنا العربي بجانب التعرف على أفضل العروض التي تقدمها الشركات ندعوكم للاطلاع على هذا المقال.