الكثير يُقال اليوم عن الأجزاء المُكَمِّلة (sequels) في ألعاب الفيديو. لطالما اتُّهمت شركة نينتندو بإصدار ألعاب متشابهة في أكبر سلاسلها، كما تعرضت شركة سوني لانتقادات بسبب تقديم أجزاء مُكَمِّلة لأكبر ألعابها على PS4 دون تغييرات ملحوظة.
عندما تمتلك سلسلة ناجحة، قد يكون من المغري التمسك بصيغتها الناجحة، وهو أمر مؤسف لأن المخاطرة المدروسة قد تكون أكبر مكافأة. هذه الألعاب لم تقم بخطوات صغيرة للأمام فقط، بل حققت قفزات هائلة.
قد تختلفأسباب التغييرات الجريئة في الأجزاء المُكَمِّلة: ميزانية أكبر، أو رؤية فنية محددة، أو ببساطة مرور الوقت وتغير الأجهزة. بعض الأجزاء المُكَمِّلة تُحسن كل جوانب اللعبة لتُشْعِر بأنها جديدة بالكامل، بينما تأخذ أخرى منعطفات غير متوقَّعة تغير النغمة تمامًا، وبعضها يمثل بداية لشيء جديد كليًّا.
حققت الألعاب التالية قفزات حقيقية بطرق مختلفة، وتجسد جوهر ما يعنيه أن تكون تكملة ناجحة.
Half-Life (1998) to Half-Life 2 (2004)
تُعتبر لعبة Half-Life الأصلية علامة فارقة في ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول، حيث ركزت على السرد القصصي، مما وسَّع حدود ما يمكن توقعه من هذا النوع من الألعاب، لتصبح واحدة من أكثر الألعاب غموضًا وإثارةً في وقتها.
لذا من المدهش أن تتمكن Half-Life 2 من رفع المستوى بشكل لافت من خلال ابتكاراتها المذهلة. لم تقتصر اللعبة على استكمال القصة، بل وسَّعت عالمها خارج منشأة الأبحاث Black Mesa، مما منح السلسلة طابعًا أكثر جرأة وقدرة على استكشاف أسئلة فلسفية أعمق حول التطور والمصير.
يمكن وصف Half-Life 2 بأنها “أكثر طموحًا” في كل شيء. بدلًا من كونها مجرد لعبة تصويب في ممرات ضيقة، سمحت اللعبة للاعبين باستكشاف بيئات واسعة ومتصلة دون انقطاع، والخروج عن المسار المعتاد، واستخدام مركبات لاستكشاف مناظر طبيعية مثيرة للإعجاب، لكن التحسين الكبير كان في عمق أسلوب اللعب. محرك Havok الفيزيائي الجديد حوَّل اللعبة إلى صندوق أدوات مفتوح، حيث قدمت أسلحة مثل Gravity Gun إمكانيات ممتعة ومبتكرَة للتفاعل مع العالم.
من اللافت أن كلا اللعبتين تُعتبران من أفضل الألعاب على الإطلاق، خاصةً بالنظر إلى القفزات الكبيرة التي حققتها Half-Life 2 مقارنة بسابقتها.
Jak and Daxter (2001) to Jak II (2003)
تُعَدُّ لعبة Jak II واحدة من الألعاب القليلة على جهاز PlayStation 2 التي استغلت إمكانيات الجهاز بالكامل، حيث قدمت عرضًا بدقة 480p ونسبة عرض 16:9، ما جعلها متميزة تقنيًّا. وعلى الرغم من أن الجزء الأول كان جميلًا بصريًّا، إلا أن هذا الجزء دفع الرسومات إلى مستوى أعلى من خلال تحسينات في جودة التفاصيل، والإضاءة، وعدد الأعداء الظاهرين على الشاشة في آنٍ واحد.
لكن ما يميز Jak II ليس الرسومات فقط، بل القفزة الكبيرة التي حققتها على المستوى الأسلوبي. صدر الجزء الأول: Jak and Daxter: The Precursor Legacy، عام 2001، في وقت كانت فيه صناعة الألعاب تشهد تحولًا كبيرًا مع إصدار Grand Theft Auto III. رغم أن الجزء الأول نال استحسانًا بين فئة محدَّدة من اللاعبين، إلا أنه واجه صعوبة في جذب جمهور أوسع في ظل التحولات الجذرية التي شهدها عالم الألعاب. كان تأثير GTA III على الصناعة واضحًا، وNaughty Dog استلهمت منه عند تطوير Jak II.
بينما احتفظت اللعبة بعناصر المنصات وجمع العناصر، اتخذت السلسلة منحى أكثر جدية في الجزء الثاني، حيث زودت الأبطال بأسلحة نارية، وأضافت حوارات أكثر جرأة، وتناولت قصة أكثر نضجًا. كان هذا التغيير المفاجئ مثيرًا للجدل، حيث لم يتوقعه أحد، لكنه ساعد في إنقاذ السلسلة من أن تصبح منسية في ظل التحولات الكبيرة التي كانت تشهدها الصناعة.
Street Fighter (1987) to Street Fighter II (1991)
إذا كان هناك سلسلة حاولت بكل جهدها أن تُنسي اللاعبين بدايتها المحرجة، فهي Street Fighter. في الواقع، يتعامل معظم الناس مع السلسلة كما لو أنها بدأت مع Street Fighter II (بجميع تعديلاتها)، وذلك لسبب وجيه.
حققت اللعبة الأولى في السلسلة نجاحًا ماليًّا في صالات الألعاب (الأركيد)، لكنها كانت مليئة بالعيوب. كان نظام التحكم فوضويًا، والشخصية الوحيدة القابلة للعب تتحرك ببطء شديد، وجودة الرسومات المتحركة كانت متفاوتة. رغم ذلك، حملت اللعبة لمحة من الإمكانات، كونها أول لعبة تقدم درجات قوة متغيرة للضربات ووجود حركات خاصة خفية، لكنها الآن تعيش في الظل خلف نجاح الجزء الثاني.
عندما صدرت Street Fighter II بعد أربع سنوات، تجاوزت الجزء الأول في كل الجوانب. أصبح القتال مصقولًا وسلسًا ومرضيًا بشكل كبير. استغل الجزء الثاني فكرة البطولات العالمية وأضاف مجموعة متنوعة من المقاتلين من جميع أنحاء العالم. كانت التصاميم الفنية والشخصيات مبهرة.
والأهم من ذلك أن التنفيذ المثالي للعبة Street Fighter II هو ما أطلق ثورة ألعاب القتال، بطريقة لم يستطع الجزء الأول تحقيقها.