في المقال السابق من ثقافة الألعاب كنا وإياكم باستعراض لبدايات اقتحام Batman عالم الألعاب والذي تعثر كثيراً في مسيرته من الثمانينات حتى الألفية الثانية، لكن مع بنهاية العقد الأول من الألفية الجديدة انقلبت الصورة بشكل كبير وبدأت قصص النجاح تتسطر بحروف من ذهب. كيف ذلك تابعوا معي قصص النجاح أدناه.
LEGO Batman: The Video Game
قد تستغربون من كلامي هذا، لكن نعم النجاحات الحقيقية لباتمان بالألعاب بدأت مع الليجو. ففي 2008 تم طرح LEGO Batman: The Video Game من تطوير Traveller’s Tales لأجهزة بلايستيشن 2 و3 واكسبوكس 360 و Nintendo DS و Wii اللعبة كانت ممتعة للغاية مع تجربة أسلوب اللعب سترسم البسمة على وجهك مهما كان عمرك. وهي تضع اللاعبين في 30 مستوى مختلفاً ويجب على اللاعب التجول في بيئة اللعبة والبحث عن أعداء باتمان المعروفين مثلNightwing, Harley Quinn, Man-Bat وكانت المفاجأة في حصول اللعبة على أعلى تقييم في تاريخ ألعاب باتمان بذلك الوقت حيث وصل إلى %76 و حققت أرباح و مبيعات ضخمة حيث باعت اللعبة أكثر من 11 مليون نسخة بحلول عام 2012. وصدر لها عدة أجزاء لاحقة حققت النجاح أيضاً وفيها أدى تروي بيكر صوت باتمان.
Batman: Arkham Asylum
وأخيراً جاء من يقدر قيمة باتمان ويقدم له لعبة تليق به وبشهرته، إنه فريق المبدعين روكستيدي الذي بعث بالرجل الوطواط من تحت الرماد عبر باتمان أركام. البداية كان بأول جزء من هذه السلسلة وهي Arkham Asylum التي صدرت في 2009 القرار الحكيم للمطور هنا كان باعتماده على القصص المصورة بأحداثها وعدم نسخ سيناريوهات الأفلام، وتسليم كتابة القصة للكاتب المخضرم “Paul Dini” و إخراج “Sefton Hill” وهنا ضمن الحصول على حبكات قصصية متقنة وبناء شخصيات رائع مع التركيز على السينمائية بعالم يسوده الغموض والخوف وطريقة السرد نفسها كانت غير مسبوقة.
كانت اللعبة بالكامل داخل أسوار Arkham Asylum، بعد أن فر معظم السجناء من زنازينهم وفيها أحاك الجوكر مؤامرة ضد باتمان فبعد أن يهزمه الرجل الوطواط يتم نقل الجوكر إلى إحدى السجون ذات الحراسة الشديدة و التقنيات المتطورة ومزود أيضا بمصح الأمراض العقلية Arkham Asylum بأمر من رئيس الشرطة James Gordon. مع الأسف سجن الجوكر لن يدوم طويلا لأن Harley Quinn تقوم بتحريره ولحماية مخططاته يهدد الجوكر بتفجير جوثام. وهنا يبدأ بتحرير أعداء باتمان من المصحة ويتعين على بطلنا مواجهتهم مثل الفزاعة و Poison Ivy, Bane وغيرهم.
بجانب القصة رأينا إبداعاً في تقديم أسلوب اللعب حيث شهدنا نظام قتال ممتع مع معدات كثيرة يمكننا الاعتماد عليها بجانب تقديم أسلوب القتل الخفي حيث ينقض باتمان خلسة على أعدائه لاصطيادهم واحد تلو الآخر بوجود نمط مخصص لمساعدته على ذلك هو Detective Mode، الرسوميات والفيزيائية تم الاعتناء بها كثيراُ أيضاً وهذا يظهر من تصميم الشخصيات أو تفاعل الشخصية مع الحركات مثل عندما يتحرك رأسك مع اللكمات الخاصة بك. هذا كله يضاف إليه تقديم أجواء واقعية ومؤثرات بصرية خلابة أثرت على أعين اللاعبين ساهم في تحقيق اللعبة النجاح الذي كان ينتظره عشاق باتمان منذ سنين فحصلت على معدل تقييم عالي 91% ودخلت كتاب جينيس كأكثر لعبة بطل خارق تقييماً آنذاك. ورشحت لجائزة لعبة العام 2009.
Batman: Arkham City
بعد أن أدرك روكستيدي الذي أعاد للرجل الوطواط هيبته وقوته مجدداً مقومات النجاح والوصفة الصحيحة لتقديم لعبة مقتبسة من مجلات مصورة، عاد إلينا في 2011 بلعبة جديدة أجمل من سابقتها. فانتقلت اللعبة من الإطار المحدود لأشهر مصحة عقلية في مدينة جوثام إلى منح اللاعبين الحرية الكاملة ليستطيعوا التنقل في جميع زوايا المدينة القذرة والمليئة بالجرائم كما يريدون، فمن لعبة أكشن ومغامرات بعالم شبه مفتوح أصبحت أكشن ومغامرات بعالم مفتوح بالكامل مع أفضلية واضحة من جميع النواحي الجيم بلاي والجرافيكس والصوتيات والتقديم.
في هذا الجزء سيعاني صديقنا باتمان من القوى الشريرة المتكاثرة، خصوصا بعد إطلاق سراح السجناء في بعض من ارجاء مدينة جوثام بأمر من العمدة والذين باتوا يعيثون فساد بالمدينة بقيادة الجوكر الذي يعاني من مرض خطير وهنا على باتمان إيقاف الجوكر والبروفيسور Strange ومخططاتهما واكتشاف ما الذي ينوون القيام به. وخلال توالي الأحداث ستجعلك اللعبة تتساءل في داخلك هل أنا من صنع هؤلاء الأعداء حقاً !؟ .
العالم المفتوح بهذه اللعبة حمل معه مهام جانبية يمكن لك تنفيذها ولكل منها قصة خاصة تم العمل عليها بإتقان،
ما يميز هذا الجزء أنه يضم أغلب شخصيات اللعبة الرئيسية باتمان و روبين و كات ومن و ألفريد و أيضاً تواجد الأعداء الأشرار و ظهور أعداء قديمين لم نرهم مُنذ عهد حتى في مجلات الكوميك.
كل زعيم شرير سيحتاج إستراتيجية مُعينة في أداء مهامه والقضاء عليه وكل منهم يقدم لك تجربة فريدة من نوعها ومختلفة عن الأخرى تجعل اللعبة متجددة ومنتعشة بالتغييرات وتُبعد عنك الملل والتكرار.
اللعبة استقبلت بحفاوة غير مسبوقة من النقاد أما تقييم اللعبة فكان 96 من أصل 100 وتم ترشحيها لجائزة لعبة العام أيضاً.
Batman: Arkham Origins
في العام 2013 قرر روكستيدي أخذ استراحة محارب من ألعاب باتمان فتولى فريق WB Games Montréal تطوير لعبة تروي لنا الأحداث قبل قصص لعبتي Batman: Arkham Asylum و Batman: Arkham City. وتتبع باتمان عندما كان شاباً وأقل خبرة حيث يصبح هدف لمجرمي غوثام سيتي عشية عيد الميلاد، بعد أن يضع بلاك ماسك جائزة على رأسه ويبدي ثمانية من أشهر القتلة المأجورين في العالم استعدادهم لهذه المهمة. وبوقت لم يكن فيه باتمان ذلك البطل المحبوب لدى الشعب ولا عند الشرطة، وإنما كانوا ينظرون له كشخص لا يحترم القانون ويحاول إيقاف الجرائم على هواه من دون أي سلطة، وكان شخصاً مكروها لدى الشرطة.
في هذه اللعبة كان ينقص القصة الكثير من الإبداع مع الآسف، وكنت تستطيع توقع الأحداث التي ستجري في اللعبة بشكل واضح جداً، رغم أن اللعبة حاولت تقديم غموض وتشويق بهوية شخصية Black Mask ومن هو بحقيقة الأمر. لكن تبقى القصص بالجزأين الماضيين أفضل.
الجيمبلاي وأسلوب القتال كانا جيدين لكن يعيبهما أنه ليس هناك عناصر جديدة عن الأجزاء السابقة، ما يميز هذا الجزء فقط وجود نظام اللعب الجماعي لكن التطبيق مع الأسف كان سيء جداً يعيبه أنميشن الشخصيات والتصويب وحتى أن باتمان و روبن كانا شخصيات ضعيفة وتموت بسرعة، بالختام هذا الجزء لم يحظى بتقييمات عالية كسابقيه فنال متوسط تقييمات 76% فقط.
Batman: Arkham Knight
روكستيدي عاد ليضرب مجدداً وحتى بعد موت الجوكر لم تنعم جوثام بالسلام، هنا يتحد عدد من الأعداء القدامى لقتل باتمان. قصة اللعبة مثيرة بحق وهي هذه المرة لا تكتفي بمواجهة باتمان لمجموعة من الأشرار إنما تغوص بأعماق عقل Batman بطريقة مثيرة. تحريض الحلفاء ضد بعضهم البعض مع تقديم شخصية مثيرة جديدة هي أركام نايت التي نكتشف هويتها الحقيقية مع التقدم باللعب.
أيضاً المهام الجانبية أضفت روعة كبيرة على التجربة لأن كل منها يرتكز على عدو ومخططاته ولها طريقة خاصة لإنهاء مهامها مثل Two-Faceالذي يقوم بسرقة البنوك ما يضيف جانباً جديداً مع المعارك المؤقتة، ويتطلب القضاء على Man-Bat الاستماع إلى صدى صرخات تحديد المواقع خاصته ومن ثم الهجوم عليه من الهواء. تصبح بعض المعارك.
لتجديد أسلوب اللعب أضاف المطور سيارة باتمان التي يمكننا القتال بها مع ترسانة خاصة من المعدات البعض لم تعجبه هذه الإضافة لكني رأيتها خيار موفق لأنها جلبت عنصر جديد على القتال، وإلا كيف ينتقدون أوريجن لأنها لم تجدد بعناصر اللعب وعندما قدم روكستيدي التجديد تم انتقاده؟
أحب النقاد هذه اللعبة واصفين إياها بأنها “رسالة حب” لعشاق باتمان بالنهاية حصلت على مراجعات ممتازة من النقاد بلغ متوسط تقييم اللعبة 87% فازت اللعبة بجوائز عديدة وهناك من يعتبرها أفضل لعبة بطل خارق حتى الآن والبعض الآخر يرى بأن Arkham City تفوقت عليها. بالنسبة لي أنا استمتعت بأركام نايت أكثر من أي لعبة أخرى لاسيما بأحداث قصتها المتسارعة والصراعات التي تعيشها فيها بجانب روعة المهام الجانبية التي لم تقل عن مهام القصة وكانت مقدمة باتقان وليس مجرد مهام لتمضية الوقت وكسب نقاط كما تفعل ألعاب عالم مفتوح أخرى دون أن نسميها.
Batman: The Telltale Series
Telltale Games الفريق المتمرس بسرد القصص والاقتباس من المسلسلات والأفلام لصنع ألعابه، بعد أن رأى ما فعلته القصة بألعاب أركام وكيف حقق روكستيدي النجاح فيها قرر أن يقدم لنا تجربته الخاصة وبأسلوبه الروائي المميز. فحصلنا على ألعاب روائية تتبع نمط رسومي عودنا عليه هذا الفريق قبل أن يغلق أبوابه قبل عامين. ومع هذه اللعبة غصنا أكثر فأكثر مع قصص باتمان وبشكل أكثر عمقاً حيث تركز على تقديم جزء لباتمان وجزء يخص بروس واين ومعاناته من ثقل المسؤولية وحجم القرارات التي يتخذها، فحاول المطور أن يجعلنا نشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا عندما نرتدي بذلة باتمان وبالضعف عندما نخلعها ونعيش كبروس. وبفضل وجود الخيارات شعرنا بأن لكل قرار ثقل وأهمية تنعكس على الأحداث ولكل فعل نقوم به رد فعل وهذا شكل تجربة جديدة لنا بعالم باتمان وغير مسبوقة. ما زاد المتعة أكثر هو نظام اللعب الأونلاين ولاسيما ذاك الذي يسمح لكن أن تتيحوا للاعبين الآخرين مشاركتكم في الاختيارات عبر التصويت بجوالاتهم.
Batman: Arkham VR
واحدة من أفضل تجارب الواقع الافتراضي التي صدرت عام 2016 فهي سمحت لنا أن تعيش بشكل غير مسبوق بعالم باتمان بحق وتغمرنا بالتجربة بشكل عميق فهي تجعلك تشعر وكأنك باتمان. فلا يوجد شيء مثل النظر إلى العين لشخصيات أخرى والتفاعل معها. وبالرغم من تقديمها قصة قصيرة إلا أنها كانت مثيرة لن أقوم بحرقها، بتفاصيل وأحداث تهم عشاق الشخصية والسلسلة. وقدمها روكستيدي كتجربة ذات جودة عالية للغاية مع عناصر التحقيق والتحري وحل الألغاز.
إذاً مقارنة بالألعاب القديمة والتي تحدثنا عنها سابقاً فإن هذه الألعاب السبعة تمكنت من تحقيق النجاح وأعطت باتمان القيمة التي يستحق، فعادة الألعاب المقتبسة من الكوميكس والأبطال الخارقين لا يتم الاهتمام بهم كثيراً وألعاب الأبطال الخارقين دائماً ما نجدها ذات مستوى متوسط إلى سيء، لأن المطور يشعر بثقة بأن لعبته ستحقق المبيعات المرضية بسبب القاعدة الجماهيرية الكبيرة لهذه الشخصيات المخلدة في الذاكرة بناء على شعبيتها المكتسبة خارج أسوار ألعاب الفيديو، فنراه يتقاعس ولا يبذل الجهد بخلاف ما فعل فريق مثل روكستيدي مثلاً. وهنا العيون شاخصة لمشروعه القادم لعبة Suicide Squad Kill The Justice League بجانب مشروع WB Montreal لعبة Gotham Knights فهل ستستكمل المسيرة برأيكم ويتم تقديم لعبة أبطال خارقين تستحق أن تشرف أبطالها أم أن التوجهات الجديدة بالصناعة ومرض الألعاب كخدمة سيقتلها في مهدها؟