لعل من أهم الأمنيات التي تمناها اللاعبين العرب هو تعريب ألعابهم المفضلة، سواء كان ذلك بترجمة عربية او دبلجة، و لحسن الحظ أصبحنا اليوم نعيش فترة ازدهار للغة العربية في عالم الألعاب و وصلنا إلى مرحلة نرى فيها واحدًا من أكثر الأجهزة شعبية في العالم بقوائم عربية بالكامل.. ذلك هو البلايستيشن ٤. و لكن كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟ هل استفاقت شركات الألعاب فجأة من نومها و فكرت بتعريب ألعابها و استهداف منطقتنا بها؟ أم أن هناك أسباب كثيرة أدت إلى هذا الأمر؟ في هذا المقال سنستعرض رحلة العرب في الألعاب و كيف وصلنا إلى ما نحن عليه الآن و ماهي تطلعاتنا للمستقبل في هذه الصناعة.
بداية دخول العربية على أجهزة الألعاب
لعل أبرز محاولة جادة لإدخال اللغة العربية في الألعاب كانت من الكويتي محمد الشارخ، مؤسس شركة صخر للبرمجيات التابعة لشركة العالمية الكويتية حيث استطاعت الشركة في عام 1982م من اطلاق أبرز جهاز لها بالتعاون مع شركة ياماها اليابانية تحت اسم (AX-170) و الذي كان يستخدم نظام (MSX)، و قد باع الجهاز مئات الآلاف من الوحدات و نجح نجاحا باهرا، إلا أن الأمور لم تدم على هذا الحال، حيث بدأ الغزو العراقي للكويت و اضطرت الشركة لإعادة هيكلة نفسها مما أدى لاحقا إلى ضمور مشاريع أجهزة الألعاب و اختفائها لاحقا.
لم تزدهر صناعة الألعاب في العالم العربي بعد ذلك و لم تكن هناك إلا محاولات خجولة هنا و هناك لا تستحق الذكر، حتى جاء عهد البلايستيشن 3 و الاكس بوكس 360 حيث استطاع اللاعبين العرب إثبات وجودهم عبر القوة الشرائية لهذه الأجهزة و ألعابها. فبحسب موقع (Newzoo) المختص في إحصائيات الألعاب، احتلت السعودية المركز الثاني بعد تركيا في الشرق الأوسط و إفريقيا في الأرباح العائدة من الألعاب بواقع 500 مليون دولار حتى اكتوبر 2016! يأتي بعدها إيران ثم الإمارات و أخيرا نيجيريا. و احتلت السعودية كذلك المركز الثاني و العشرين على مستوى العالم متقدمة بذلك على العديد من الدول البارزة مثل السويد، بلجيكا و النمسا و غيرهم. و تشهد منطقة الشرق الأوسط و إفريقيا توسعا في الأرباح بواقع 26% كل سنة حسب نفس الإحصائية.
ازدهار صناعة الألعاب في العالم العربي
هذه الإحصائية و غيرها تؤكد أن المنطقة، و خصوصا الخليجية منها، تشهد توسعا كبيرا في صناعة الألعاب، و قد يعتبر هذا الأمر طبيعيا بسبب متوسط الأعمار الشابة لهذه المنطقة. هذا الأمر بالتأكيد سيجذب أنظار الشركات و رجال الأعمال لضخ المزيد من الاستثمارات و المحتويات الخاصة للعرب، و من واجبنا كمستهلكين أن نتجاوب مع هذه المحتويات بما يتماشى مع خصائصنا و عاداتنا.
و بسبب هذا الأمر، بدأت العديد من الشركات بإضافة اللغة العربية كلغة أساسية في ألعابها، و على رأس القائمة نجد ألعاب (EA) و (Ubisoft) تتصدر المحتوى العربي سواء بترجمة أو دبلجة او حتى محتويات خاصة.
و لم يقتصر دور العرب كذلك في شراء هذه المنتجات فحسب، بل بدؤوا بالظهور عالميا عبر المسابقات التي تطرحها تلك الشركات أو عبر تطوير الألعاب. فعلى صعيد المسابقات، فاز السعودي عبدالعزيز الشهري ببطولة العالم لكرة القدم التفاعلية في عام 2015م للعبة فيفا. أما على صعيد تطوير الألعاب، رأينا ظهور لعبة “بادية” في معرض (E3 2016) كأول لعبة من تطوير فريق عربي تظهر في معرض عالمي كهذا.
لم يكتف العرب بهذا الأمر فقط، بل بدأوا في تنظيم معارض الألعاب الخاصة بالمنطقة كمعرض “يوم اللاعبين” في السعودية و “معرض الشرق الأوسط لألعاب الفيديو” في الإمارات و في البحرين نجد استضافة معرض (IGN) المختص بالألعاب و الأنمي.
هذه المعارض قامت باستضافة العديد من الوجوه العالمية البارزة في مجال الألعاب و ذلك لجذب أنظار العالم لها. فعلى سبيل المثال، قام مخترع سلسلة ميتل قير سوليد (Hideo Kojima) بزيارة معرض الألعاب في دبي في عام 2013م، و قام كذلك مخترع سلسلة اللعبة القتالية تكن السيد (Katsuhiro Harada) بزيارة معرض يوم اللاعبين بالسعودية. هذا غير الإعلانات الخاصة التي كانت تحدث في هذه المعارض.
كل هذه الأمور تبشر بمستقبل واعد لصناعة الألعاب في المنطقة العربية، و كذلك نجد الآن محاولات جادة من المطورين العرب لإبراز قدراتهم في تطوير الألعاب و نتمنى أن نشهد قريبا لعبة عربية ترتقي لمستوى الألعاب العالمية لتكون بداية للصناعة في عالمنا.
بالنهاية عزيزي القارئ، مازلنا في بداية الطريق الصحيح لمستقبل واعد بإذن الله، لكن ما هو رأيك في الوضع الحالي لصناعة الألعاب بالمنطقة و ماهي التحديات التي تواجهها هذه الصناعة و كيف من الممكن أن نتغلب عليها؟ شاركنا برأيك بالتعليقات بالأسفل.