الأشهر الثلاث الأخيرة من 2019 تشهد ولادة جبهة جديدة من جبهات الصراع بين أبل وجوجل فبعد المنافسة بالجوالات انتقل الطرفان للصراع فيما بينهما حول صناعة الألعاب، حيث دخل الاثنان ساحة معركة جديدة مع الإعلان عن خدمات Apple Arcade و Google Play Pass.
وسط هذه المنافسة ما الذي ستقدمه أبل لتثبت نفسها بمجال الألعاب وتكون واحدة من الشركات الرائدة؟ وماهي العوامل التي تمكنها من التغلب على منافسة جوجل لها وجذب لاعبين أكثر لخدمتها؟ دعونا نناقش هذا الأمر بمقالنا هذا.
لمحة عن خدمة أبل أركيد
أطلقت أبل خدمتها هذه في سبتمبر الماضي والتي تمكن اللاعبين المشتركين بها من لعب أكثر من 100 لعبة على أجهزتهم سواء كانت هواتف iPhone أو أجهزة iPad و Mac أو Apple TV كل هذا بسعر 4.99 دولار شهريًا، ليس هذا فحسب بل ستدعم أبل إمكانية مشاركة العائلة بالحساب الواحد حيث يمكن مشاركة لغاية ستة من أفراد العائلة الواحدة.
ماهي عوامل قوة Apple Arcade؟
ألعاب جذابة لا تكرر أخطاء باقي ألعاب الجوال
أبل تدرك جيداً بان سر نجاح أي منصة ألعاب ليس في عتادها أو إمكانياتها التقنية ولكن في ألعابها ولنا في سويتش خير مثال عن هذا، لذا ومنذ لحظة الإعلان عن الخدمة حرصت أبل على أن تتحدث عن استثماراتها بمجال الألعاب فأعلنت مباشرة تعاونها مع كبار شركات التطوير حيث رأينا صعود Hironobu Sakaguchi الأب الروحي لسلسلة فاينل فانتسي للمسرح بحدث الكشف وكذلك إعلان التعاون مع Ubisoft, HeadUp Games, Versus Evil, Square Enix, Sega
هؤلاء جميعاً سيقدمون ألعاب منوعة للخدمة ما بين ألعاب الألغاز والأكشن والمغامرات والألعاب الجماعية وغيرها، ووعدت أبل بتوفير ألعاب جديدة كل شهر وبالفعل حققت ألعاب الإطلاق نجاحات هامة مع بروز عدد من الألعاب المتاحة عبر الخدمة مثل Sayonara Wild Hearts التي حصلت على معدل تقييمات عبر Metacritic بنحو 88 أو Grindstone التي حصدت معدل عالي وهو 90.
أبل بألعاب خدمتها هذه تريد أن تكسر القالب النمطي الذي اعتدنا عليه بألعاب الجوال لذا فمكتبة ألعابها تمتلك العديد من التجارب التي تستهدف فئات عمرية مختلفة فهنالك ألعاب بسيطة وهنالك ألعاب لا تخلو من العنف والأهم هو تركيز الشركة الواضح على عناصر السرد القصصي ببعض العناوين وهذه الناحية بالذات تعد نقطة ضعف بألعاب الجوال وعنصر مهمش للغاية.
كذلك تسعى أبل بألعاب خدمتها لمحاربة تلك الفكرة الدارجة عن ألعاب الجوال وهي أنها إما ذات جودة ضعيفة أو تهدف للربح عبر المشتريات أو الإعلانات وشفط أموال اللاعبين، فكما نعلم ألعاب أبل أركيد لن تتضمن أي عمليات شراء أو إعلانات.
استثمارات ضخمة مع كبار المطورين وصفقات مغرية للحصريات
الحصريات طالما مثلت نقطة بيع قوية لأي منصة ألعاب وهنا أبل أيضاً وضعت كل ثقلها فتم الكشف عن رصد الشركة مبلغ ضخم جداً يعادل 500 مليون دولار كميزانية لألعاب الخدمة، ولأن ألعاب الخدمة لن تتضمن إعلانات ومشتريات وهي عادة تمثل مصادر دخل لأصحاب الألعاب المجانية، فإن أبل لابد وأنها أقنعت هؤلاء المطورين بأن يقدموا لخدمتها ألعاب بشكل حصري ولو مؤقتاً مقابل مزايا تحفيزية مشجعة كالتمويل أو منحهم نسبة من العائدات فمن المُتوقع أن يحصل مطورو الألعاب على إيرادات مستمرة استنادًا إلى الوقت الذي يقضيه المستخدمون في لعب ألعابهم كما تفعل مع الناشرين بخدمتها News +.
وقد أعرب العديد من المطورين عن رضاهم عن هذه الخدمة فمثلا مطور Oceanhorn 2 شبيهة زيلدا ذكر بتصريح له أن الخدمة ستضع حد للمشاكل التي عانت منها الألعاب لاسيما المدفوعة طوال السنوات الثمانية الماضية وتمكن المطورين من الإبداع وتشجعهم على تقديم ألعاب ذات جودة عالية وكثير منها ربما نراها تصل حتى للأجهزة المنزلية.
مميزات تغري اللاعبين
- دعم ربط أيدي التحكم لأجهزة اكسبوكس ون وبلايستيشن 4 مع أي جهاز أبل يعمل بنظام التشغيل الأحدث iOS 13 وهذا يعطي اللاعب تجربة لعب عبر جواله بشكل سلس أكثر من التحكم باللمس.
- بيئة لعب أكثر أماناً لأطفالنا هذا ما تعد به أبل حيث أن تقديم الألعاب من دون أية إعلانات أو مشتريات يجعل الأهل مرتاحين أكثر لما يقوم به أطفالهم على أجهزة الأيباد خاصتهم وبأنهم لن يتسببوا في تغريم الأهل بمصاريف غير متوقعة، وحتى المحتوى سيكون مختار بعناية بحيث يبتعد عن المحتوى غير اللائق والمناسب للأطفال.
- إمكانية استئناف اللعب عند التبديل بين الأجهزة بحيث تكمل اللعبة على جوالك مثلا من النقطة التي انتهيت بها وأنت تلعب عبر Apple TV
- اللعب دون اتصال فلا داعي لأن تقلق من جودة الانترنت لديك حيث يمكن لك تحميل الألعاب وبعدها التمتع بها أينما كنت.
- خصوصية وحماية البيانات بشكل عالٍ وهي نقطة لطالما تفاخرت بها أبل وتجعلها تتفوق على منافستها حيث ذكرت الشركة بأنهلن تتمكن ألعاب Arcade من مشاركة أي بيانات مع المطورين والناشرين ما لم يقدم العميل موافقة صريحة على ذلك.
خدمة Apple Arcade ضد جوجل Play Pass
جوجل كما ذكرت أعلاه تسعى للدخول بقوة بمجال الألعاب وهي تريد منافسة الجميع فعبر ستاديا تهدف لتقديم تجربة تغني اللاعبين عن أجهزة مايكروسوفت وسوني، أما بسوق ألعاب الجوال فهي عينها على خطوات منافستها ولهذا كشفت عن خدمة Play Pass
لكن تلك الخدمة تفتقر برأي لتلك العناصر الجذابة التي تقدمها أبل بخدمتها، كيف ذلك لنتابع هذه المقارنة بينهما:
نقاط مشتركة بين الخدمتين:
- السعر واحد فكلاهما يكلف 5 دولار بالشهر،لكن هنا جوجل تقدم عرض مغري لزبائنها وهو تخفيض لمن يشترك بخدمة بلاي باس بالعام الأول حيث ستكلفه 2 دولار بالشهر ولمدة 12 شهر.
- كلا الخدمتين يقدمان ألعاب دون إعلانات أو مشتريات
- كلاهما يدعم حسابات العائلة لكن خدمة أبل تتيح مشاركة الحساب مع 6 أشخاص من العائلة في حين خدمة بلاي باس مع 5 فقط.
نقاط الاختلاف
- أولاً بالنسبة للألعاب فدائماً ما كان لأبل اليد العليا بهذا المجال وتفوقت على جوجل، وخدمتها ستكون غنية بالألعاب الحصرية بينما جوجل ستقدم بخدمتها إمكانيةالولوج إلى مكتبة كبيرة من الألعاب والتطبيقات تتجاوز 350 لعبة وتطبيق. وستمكّن المشترك بها من لعب ألعاب أندرويد المدفوعة دون شرائها، كذلك ستمكّنه من لعب الألعاب المجانية دون إعلانات أو مشتريات، لكنها تفتقد للألعاب الحصرية التي تقدمها أبل.
- خدمة جوجل ستقدم للمشتركين تطبيقات مدفوعة وليس ألعاب فقط بينما أبل تقتصر على الألعاب.
- خدمة أبل متوفرة حالياً بأكثر من 150 بلد بما فيها بلدان عربية، أما خدمة جوجل فهي متاحة فقط في أمريكا على أن تتوافر ببلدان أخرى بشكل تدريجي لاحقاً، بمعنى أن أبل أركيد متاحة لشريحة أكبر من الجمهور بالوقت الحالي.
- يمكن لعب ألعاب أبل أركيد عبر التلفاز فهي تدعم Apple TV بينما لا يمكن فعل ذلك مع خدمة جوجل لأنها متاحة فقط على الجوالات والتابلت.
- خدمة أبل أركيد تمتاز بدعمها للعب دون اتصال بالإنترنت فكل الألعاب متاحة للتحميل المسبق، أما خدمة بلاي باس فإن بعض الألعاب والتطبيقات قد لا تدعم اللعب دون اتصال بالإنترنت.
- أبل أركيد تتيح لك تجربتها لمدة شهر مجاناً عند بداية الاشتراك بها، في حين أن Play Pass تتيح لك 10 أيام مجانية فقط.
لما قد تفشل خدمة جوجل مقارنة مع منافستها؟
إذا بالخلاصة جوجل تقدم لمشتركي بلاي باس ألعاب قديمة مثل Stardew Valley, Reigns, Star Wars Knights of the Old Republic, Terraria وغيرها، بينما أبل تركز على الألعاب الجديدة والحصرية والتي لن تتوفر على الأندرويد، كذلك الألعاب بخدمة جوجل يمكن أن نجدها بمتجر جوجل بلاي وشرائها بشكل منفصل دون الحاجة للاشتراك بالخدمة أما الأبل أركيد فألعابها لا توجد بالمتجر للشراء المنفصل وفقط متاحة للمشتركين.
ولاننسى أن جوجل لم تعلن عن استعدادها لتمويل الألعاب لخدمتها هذه كما فعلت أبل حينما خصصت مبلغ 500 مليون دولار لدعم تطوير الألعاب الحصرية، وأيضاً أبل لديها نقطة قوة إضافية وهي أن ملاك أجهزتها دائماً ما كانوا مستعدين للإنفاق أكثر من ملاك الأندرويد على الألعاب فحسب إحصائيات بالعام 2017 فإن مستخدمي أندرويد شكلوا 70% من إجمالي الألعاب التي تم تحميلها من متاجر التطبيقات لكنهم ساهموا بما نسبته 34% فقط من العائدات للصناعة بتلك السنة لذا فإن مهمة جوجل لإقناع لاعبيها بإنفاق المال للاشتراك بخدمتها أصعب من مهمة أبل.
بالختام دخول شركتين من كبرى الشركات العملاقة مجال الألعاب هو أمر يجب أن يسعدنا نحن اللاعبين لأن هذا يرفع من حدة المنافسة ويزيد من الخيارات لدينا، لكن بنتيجة المقارنة أعلاه بين خدمتي أبل وجوجل نلاحظ أن أبل اتخذت خطوات متقدمة أكثر لجذب اللاعبين بمجال ألعاب الجوال فهي تتعامل مع خدمتها الجديدة بطريقة تشبه الشركات المصنعة للأجهزة المنزلية حيث ترصد لها مبالغ هائلة وتجلب الحصريات لمشتركيها وهي تعي تماماً بأنها تستهدف لاعبين جدد يبحثون ربما عن تجارب لعب ممتعة وسريعة وذات جودة عالية بنفس الوقت.
ومع هذه الخدمة تمتلك أبل الفرصة للانتقال إلى مستوى مختلف تماماُ لتجربة اللعب عبر الجوال فهي جمعت أهم المطورين وأمنت لهم وسائل الإبداع والتطوير من أجل تقديم ألعاب حصرية ممتعة ومناسبة للجميع، لكن إن أرادت أبل الاستمرار بشكل قوي فعليها التوجه لشراء الاستوديوهات كي لا تضع مصير خدمتها بيد المطورين ورغبتهم في عقد صفقة معها أم لا.