في عام 2007 أحدثت يوبيسوفت ثورة بعالم ألعاب العالم المفتوح عبر تقديمها أولى أجزاء سلسلة Assassin’s Creed بعد أن قدمت فكرة فريدة من نوعها آنذاك تسمح للاعب بعيش بعض الأحداث التاريخية بأسلوب لعب لم نعهده من قبل، هذه السلسلة استمرت عبر تقديم يوبيسوفت لـ18 لعبة تنتمي لعنوان أساسنز كريد وحققت هذه العناوين نجاح تجاري هائل فوصلت مبيعات نسخها 100 مليون لغاية سبتمبر 2016.
ولكن مع الأسف بريق السلسلة بدأ يخبو شيئاً فشيئ بعد ثلاثية Ezio فكانت الأجزاء اللاحقة بقصة سطحية وأسلوب لعب مكرر دون تجديد، حتى جاءت الضربة القاضية مع جزء Unity المليء بالأخطاء التقنية الأمر الذي أغضب كثيراً عشاق السلسلة وجعلهم يبتعدون عنها.
يوبيسوفت دون شك أدركت مكمن الخطأ وهو إجبارها المطورين إصدار جزء أساسنز كريد جديد كل عام فأعلنت عن امتناعها عن إصدار الجزء الجديد بالعام 2016 حتى تمنح المطورين الوقت الكافي لطرحه بشكل يعيد إلينا تجربة الأجزاء الأولى.
وبهذه المقال أحببت أن أستعرض وإياكم بعض الأمور والتحسينات التي أرغب برؤيتها في الجزء الجديد والتي بنظري ستساهم في إعادة الآلق للسلسلة.
قصة عميقة وغير سطحية محورها نشأة الصراع بين الأساسنز وخصومهم
مر وقت طويل منذ أن حصلنا على لعبة أساسنز كريد بقصة محبوكة جيدا، بمعنى تمتلك بداية ووسط ونهاية تتصاعد فيها الأحداث تدريجياً، ولعل ثلاثية Ezio كانت الأفضل بهذه الناحية لكن الإصدارات التي تلتها احتوت على قصة سطحية نوعاً ما ابتعدت عن جوهر الصراع بين الأساسنز وفرسان المعبد، لتقدم أحداث جانبية فيها بعض المماطلة، وحتى أن الأجزاء الأخيرة باتت أبعد عن لعبة تحكي عن الاغتيال فمثلا Black Flag كانت أقرب إلى لعبة عن مغامرات القراصنة ولعبة Syndicate تمحورت حول قتال العصابات فابتعدت بمضمونها عن الروايات التاريخية وتفاصيلها والصراع المركزي.
بالجزء الجديد إن صحت الشائعات وجرت أحداثه في مصر هنالك برأي فرصة كبيرة لتقديم قصة عميقة تحكي لنا أصل جماعة الأساسنز وكيف بدأ الخلاف بينهم وبين خصومهم، وبنفس الوقت تسلط الضوء على أسرار الفراعنة وحضارتهم المليئة بالغموض وهو أمر شيق الغوص بثناياه وتجربة العيش بتلك الحقبة الغامضة، مع تقديم شخصيات قوية تعلق بأذهاننا مثل Ezio مع تسلسل بتصاعد أحداث قصته إلى جانب شخصيات مساعدة يكون لها دور فعلي ولها أصول تاريخية كما كانت شخصية دافنشي التي ساعت Ezio كثيراً بمغامرته عر تقديم معدات وأسلحة متطورة مع تطور الأحداث.
لايمكن أن أتكلم عن القصة دون أن أعرج على الجزء الخاص بالحاضر الذي يتم تقديمه كل مرة، فبعد انتهاء قصة ديزموند افتقدنا صراحة لقصة وبطل جديد يمثل الجزء الحاضر باللعبة بشكل ممتع ومفهوم مع حبكة مترابطة، لذلك أرى بأنه ينبغي على يوبيسوفت إما التخلص تماماً من ذلك الجزء الذي ماعاد يقدم أو يؤخر بالأجزاء الأخيرة، أو تقديم قصة ممتعة مع بطل جديد يبحث على سبيل المثال عن أسرار حضارة الفراعنة عبر ذكريات أحد أجداده.
الإبقاء على نظام الشخصيتين
الجزء الماضي سينديكيت قدم لأول مرة فرصة للعب ببطلين لكل منهما قدراته الخاصة، هذا الامر ساهم بتقديم تنوع باللعبة نوعاً ما وسيكون من المفيد الإبقاء على هذا النظام وتقديم بطلين مختلفان تماماً لناحية القدرات القتالية والأسلحة والتي يمتلكونها.
هنا قد يكون من المفيد أن تكشف لنا يوبيسوفت قصة أحد الأساسنز التي طالما ألمحت لوجودهم في الأجزاء الأولى، وهي شخصية Amunet التي وجد Ezio قبرها في الجزء الثاني من اللعبة ثم شهدنا تواجد تماثيل عدة لها في Monteriggioni.، وحينها اعتبر البعض أن هذا تلميح من يوبيسوفت بوقوع أحداث أحد الأجزاء بمصر، وكما علمنا فإن Amunet هي الأساسنز التي قتلت كيليوبترا في 12 أغسطس عام 30 قبل الميلاد عبر سم أفعى لذا أظن من الممتع لو سمحت لنا الشركة بلعب دور هذه الشخصية لنتعرف على دوافعها لقتل كيليوبترا.
عناصر تسلل أكثر وأكشن أقل
اللعبة تحمل اسم Assassin وهو الشخص المحترف بعمليات الاغتيال لذا نريد لعبة تركز على هذه الناحية، ولفعل ذلك يجب تقديم عناصر لعب تعتمد على التسلل أكثر من الأكشن.
وذلك يتم عبر تزويد اللاعب بأسلحة ومعدات تسمح له بالتسلل بين صفوف العدو وقتل خصومه واحد تلو الآخر دون إثارة انتباه باقي الأعداء، إلى جانب توفير مناطق بعالم اللعبة تتيح للاعب الاختباء بشكل أكثر فعالية واغتيال خصومه دون الحاجة للاشتباك المباشر معهم.
إعادة ابتكار أسلوب القتال
طبعاً التركيز على التسلل لا يغني عن الحاجة لوجود مشاهد قتال عنيفة، وهنا تكمن الحاجة لتجديد أسلوب القتال الذي بات مكرراً بشكل كبير، حيث بتنا بكل مشهد قتال بكل جزء من أجزاء السلسلة نقوم بنفس الحركات تقريباً حيث يحيط بنا الأعداء فنصد هجمات بزر معين ثم نوجه ضربة مرتدة لهم بزر آخر وهكذا حتى قتل آخر فرد، هذا النظام أعجبنا به بالأجزاء الأولى لكن مع ظهور ألعاب قدمت أنظمة قتال اكثر تعقيداً مثل Shadow of Mordor لم يعد يرضينا ذاك النظام البدائي.
الشائعات تقول بأن يوبيسوفت ستقدم بالجزء الجديد نمط قتال حر يشبه ذا ويتشر 3، ولكني أتمنى أمر آخر فهذه اللعبة لديها فرصة أن تستفيد من أسلوب القتال Art of Battle الذي قدمته الشركة في لعبة For Honor، والذي يسمح لنا باستعمال السيف بشكل لم يسبق لنا أن شهدناه من قبل و السيطرة الكاملة على حركات شخصيتك أثناء الدفاع والهجوم مع تحكم بالسيف باحترافية مطلقة.
ومما سيحسن من نظام القتال أيضاً تقديم أسلحة متنوعة لكل سلاح ميزاته الخاصة، وهذا الأمر حصل بلعبة Unity ولكني أريد بهذا الجزء أن يتمايز كل سلاح عن الآخر بشكل أكثر وضوحاً بحيث يقرر كل سلاح طبيعة القتال و وتيرته، أو مثلاً تقديم أنواع للشخصيات مثل شخصية تمتاز بامتلاك سلاح ثقيل ودرع قوي لكن حركتها بطيئة بالقتال ونوع آخر أسلحته أخف ولكنه سريع الحركة مع منح اللاعب حرية بالاختيار بين هذه الأنواع من الشخصيات، وسيكون أيضاً من الممتع لو تم التفاعل مع العالم المحيط أثناء القتال بحيث يتمكن اللاعب من الاستفادة من الأدوات المتواجدة حوله لضرب أعدائه والتخلص منهم.
استعارة نظام الأعداء Nemesis System من لعبة Shadow of Mordor
إذا ما أردنا نظام قتال أفضل علينا أن نبحث عن أعداء أفضل لمواجهتهم، وهنا أرغب بأن يتم تقديم أعداء بذكاء اصطناعي أفضل يستطيعون التفاعل مع كل حركة يقوم بها اللاعب، ويقومون أحياناً بحركات غير متوقعة.
هنا لا أستطيع إلا أن استحضر لعبة Shadow of Mordor التي اقتبست الكثير من عناصرها من سلسلة أساسنز كريد، لذا لا أرى مانعاً من أن يتم استعارة نظام Nemesis System الشهير بتلك اللعبة وتقديمه في الجزء الجديد من أساسنز، فعبر هذا النظام نحصل على أعداء ينبضون بالحياة ويتفاعلون مع اللاعب ويسعون للانتقام منه بعالم اللعبة، وبحال قام هو بقتلنا سيتحول بحد ذاته إلى زعيم صغير مما يجبر اللاعب على أن يحسب حساب لكل خطوة أو حركة يقوم بها.
هذا الأمر يعني أننا سنحصل كلما تقدمنا باللعب على أعداء بتصنيفات مختلفة ومهارات منوعة طول الوقت، وهذا يضع تحديات كبيرة أمام اللاعب ترغمه على التفكير بطريقة التخلص من كل عدو.
أيضاً من المهم أن تقدم لنا اللعبة زعماء بشخصية قوية تعلق بأذهاننا ربما كما فعلت يوبيسوفت مع شخصية “فاز” بلعبة Far Cry 3 إلى جانب التنويع بطرق اغتيالهم ومنح اللاعب أساليب عدة لفعل ذلك، ربما عبر استجواب بعض حراسهم وجمع معلومات عنهم لاصطيادهم بأوقات معينة أو تجنيد بعض الأشخاص لمساعدتك في مهمتك.
عودة بعض عناصر أسلوب اللعب من الأجزاء الأولى
هنالك عناصر معينة قدمتها لها يوبيسوفت بأجزاء السلسلة الأولى غابت تماماً في الأجزاء الأخيرة، وهي عناصر اشتقنا إليها كثيراً لما أضافته من متعة باللعب آنذاك.
من ضمنها ميزة ركوب الخيل واستخدامه للتنقل بأرجاء عالم اللعبة وبالطبع بحال وقوع أحداث الجزء الجديد بمصر سيكون من الملائم الاعتماد على الخيل للتنقل وحتى أن نشهد معارك بأكملها تجري على صهوة الخيول.
ميزة أخرى هي عنصر الاستحواذ على الأبراج أو الحصون ومن ثم الدفاع عنها بحال قرر العدو استرجاعها بأي وقت، وهذه الميزة هي Den Defense التي شهدناها في جزء Revelations، حيث كان Ezio يتحكم من أحد الأسطحة بمجموعة من أتباعه الأساسنز وبعض الأسلحة الدفاعية من أجل صد هجوم فرسان المعبد، وهذه الميزة ستمنح اللاعبين تجديد بنمط اللعب يكسر من روتين اللعبة.
وأخيراً أود أن تعود ميزة استكشاف المقابر التي شهدناها بالأجزاء الأولى، فوقوع أحداث اللعبة بمصر يفتح الفرص أمام وجود عدة مقابر للفراعنة يمكن للاعب استكشافها وكشف أسرار حضارتهم ومايقال عن وجود لعنة الفراعنة التي تحيط بزائري هذه المقابر، إلى جانب عودة ميزة حل الألغاز التي رايناها في لعبة Creed II و Brotherhood بحيث نفك شيفرات اللغة الهيروغليفية لنتعرف على أسرار الأساسن في تلك الحقبة وما يخبأونه من معلومات غامضة تفيدنا بالحصول على معدات متطورة أو كنز ما.
عالم غني ومهام جانبية قيمة وغير مكررة
تقدم يوبيسوفت من خلال سلسلة أساسنز كريد عالماً شاسعاً بالحجم ولكن سرعان ما يبدأ الملل يتسلل إلينا من تجربة استكشافه ونصبح نركز فقط على إنهاء المهام الرئيسية ونفقد حماسنا بالتجول بهذا العالم، نظراً للتكرار الذي تعاني منه المهمات الجانبية وعدم وجود محتوى غني بعالم اللعبة يشدنا للتجوال فيه فكل ما نفعله تقريباً هو البحث عن صنادق ومقتنيات لا تؤثر بشكل كبير باللعبة أو ننفذ بعض المهام الجانبية المملة.
وهنا أرغب أولاً أن تبتعد الشركة بالجزء الجديد عن مهام التعقب، فهذه المهام تبطئ من رتم اللعبة وبالتالي تفسد المتعة أثناء اللعب فهي تخلو من أي مشاهد قتال أو تحديات ممتعة، وإذا كان الغرض منها جمع معلومة ما يمكن استبدالها بمهمة لاقتحام مقرات العدو والتسلل من ثم استجواب الهدف للحصول على المعلومة.
ثانياً أود ان تركز الشركة على النوعية بدل الكمية بما يتعلق بمحتويات عالم اللعبة، فمثلاً من الضروري تقديم مهام جانبية قيمة تقدم كل مهمة قصة محبوكة درامياً بحد ذاتها متعلقة بعالم اللعبة وأحد شخصياته شبيهة بمهام ذا ويتشر 3 الجانبية التي تجعل اللاعب لايرغب بتفويتها، بدل من مهام فارغة وسطحية تطلب من اللاعب الذهاب لمكان معين –قتل شخص ما أو سرقة شيء معين ثم العودة والحصول على مكافآة.
اختيار اللعب بشخصية Assassin أو Templar
قد يستغرب البعض هذا الطلب ولكن تحقيقه ليس بالامر المستحيل، فليس هنالك من طريقة لتجنب الوقوع بفخ التكرار أكثر من أن يتم منح اللاعب القدرة على اللعب بشخصية العدو في بعض الأحيان والتعرف على القصة من وجهة نظرهم، بالجزء القادم أرغب بأن يتم السماح للاعبين في بعض المهام أو حتى الفصول اختيار اللعب بشخصية Assassin أو Templar، هذا سيمنحنا مسارين باللعبة لكل منهما قصته وخياراته التي تنتهي بآخر اللعبة بعدة نهايات وفق خيارات اللاعب.
عالم متغير وفق تصرفات اللاعب مع وجود عواقب لأفعاله
تخيلوا معي لو أن أي عملية قتل تقوم بها تؤثر على العالم من حولك وتجعل شخصياته تتفاعل مع الأحداث التي قمت بها، هذا الامر سيكون رائع ويضفي على اللعبة واقعية لا متناهية.
مثلا إذا قمت بقتل أحد الشخصيات البارزة والقادة يستجيب العامة لهذا الحدث وربما يدب الذعر بقلوبهم أو يبداً البعض بحركات عصيان ويزداد الشغب.
أو مثلاً أن لا يكون أمر قتل شخص ما أمام أعين الناس موضوع سهل من دون أية عواقب تذكر، سيكون رائعاً لو تفاعل محيطك من حولك مع تصرفاتك، أي أن مشاهدتك تقوم بقتل أحدهم تجعل الناس إما ينقلبون ضدك فيقومون بالوشاية بك للحراس أو يقفون معك ويساعدوك للهرب، وهذا يجعل اللاعب يحسب خطواته جيداً ويقرر فيما إذا كان يريد اتباع نمط القتل المباشر والسهل أو التخفي والاغتيال.
لامزيد من الأخطاء التقنية التي تقتل اللعبة بمهدها
من أكثر الأمور التي قد تفسد أي لعبة مهما كانت رائعة هي وجود أخطاء تقنية فيها كما حدث مع جزء Unity، هذه الأخطاء تتمثل في انخفاض جودة الرسوم أو سرعة الإطارات بشكل كبير ومفاجئ مع أخطاء أخرى بالتكتشرز أو سرعة الاستجابة وهي كلها تبعد اللاعب عن اللعبة، لذا أتمنى أن تكون يوبيسوفت بالفعل تعلمت من أخطائها السابقة وبأن يعمل مطورو الجزء الجديد على إجراء اختبارات مكثفة قبل إطلاق اللعبة لضمان حل جميع الأخطاء قبل طرح اللعبة.
في الختام أعتقد بأننا جميعاً نأمل أن تكون فترة العامين التي انقطعت فيهما الشركة عن طرح جزء جديد من هذه السلسلة كافية لتدخل للجزء القادم أفكار جديدة تعيد إلينا متعة اللعب بالأجزاء الأولى، وأنا هنا لا أستطيع أن أخفي تفاؤلي خصوصاً بعد سماع التسرييات الأخيرة التي تبدو بأنها مبشرة بالخير فعودة اللعبة لحضارة الفراعنة يفتح الكثير من الفرص للتجديد بها، وهنا لا يسعني إلا أن أستذكر مقولة الأساسن الشهيرة “لا شيء واقع مطلق،.. بل كلٌ ممكن“.
وأنتم شاركونا بقائمة أمنياتكم للأشياء أو التحسينات التي ترغبون بها في Assassin’s Creed الجديدة.