بالنسبة لعشاق كرة القدم، فإن سلسلة FIFA، التي أصبحت مؤخرًا EA Sports FC، كانت واحدة من أبرز الألعاب التنافسية على الساحة لسنوات، وأفضل لعبة كرة قدم متاحة من حيث المحتوى والتنوع، ولكن كل ذلك كان في الماضي، أما الآن فهي أشبه بالدخول في علاقة سمية، تقترب منها وتعاني من مشكلات لا حصر لها، وتبتعد لبعض الوقت قبل أن يجذبك الشوق مرة أخرى، ولكن تتطور هذه العلاقة بشكل مستمر نحو الأسوأ، ولم تعد مقبولة في الوقت الراهن لدى طبقة عريضة من اللاعبين اعتادوا أن يكونوا عشاق لألعاب كرة القدم في المقام الأول.
أصبحت انطلاقة كل موسم في منافسات كرة القدم العالمية مرتبطًا بألعاب FIFA وإصداراتها الجديدة، دعنا نقول FIFA وليس EA Sports FC وإلا فسيصبح الأمر معقدًا.، إذ يتم ربط أهم المباريات كل أسبوع وأبرز اللاعبين بالتحديات والبطاقات الجديدة التي تغزو اللعبة بشكل مستمر محاولة استنزاف جيوب اللاعبين عن طريق حزم اللاعبين المدفوعة مقابل أموال حقيقية، والسبب الرئيسي هو طور Ultimate، طور اللعب الرئيسي والأكثر إثارة للاهتمام، لكنه أصبح مؤخرًا الأكثر نهبًا للأموال أيضًا.
يظل طور Ultimate Team بمثابة الإوزة التي تبيض ذهبًا لشركة Electronic Arts، ولكنه مسؤول أيضًا عن أسلوب التحكم المعطوب، والمشكلات التقنية التي لا تنتهي، وخروجك عن شعورك في أوقات كثيرة بسبب سوء الاتصال أو رفض لاعبك تنفيذ الأوامر الصادرة منك في لحظات معينة من عمر المباراة، كل ذلك بسبب “الميتا اللعينة” التي تثير كراهية الجميع، في الواقع، لكي تنجح في الحصول على مستوى جيد في FIFA، عليك أن تفعل مثل أي شخص آخر: استخدام المهارات الفنية ولاعبي كرة القدم رفيعي المستوى وإتقان بعض الحركات المثيرة للجدل والتي تكفل لك الوصول للمرمى في مواقف محددة تتكرر كل مباراة.
الشعور بالاشمئزاز لدرجة الاستسلام
لعبة EA Sports FC 24 الجديدة ليست استثناءً من القاعدة، الاستخدامات غير المناسبة للمهارات المأخوذة مباشرة من مسلسل الرسوم المتحركة Galactik Football تجعلك تشعر أنك تلعب كرة قدم من عالم آخر، هل سبق ورأيت لاعبًا يقوم بتنفيذ هذا الكم من المهارات وصولًا للمرمى؟ يحدث ذلك نادرًا مثل هدف ميسي الشهير في فياريال أو معجزة مارادونا في مرمى المنتخب الإنجليزي، كل ذلك يعمل بشكل مثالي في صالح من يستغل تلك الثغرات التي تدعى “مهارات” بهدف التغلب على الذكاء الاصطناعي للخصم والوصول للمرمى بسهولة، مما يسمح له بالبقاء على قمة منافسات Ultimate Team، وهو ما سيضطرك عاجلًا أم آجلًا لفعل المثل.
هذه التفاصيل التي قد يراها البعض بسيطة تفسد التجربة حقًا، في الحقيقة، هناك أخطاء معينة تسمح بإلغاء المباراة في أي وقت، حتى عندما يكون الخصم متقدمًا، أما بالنسبة للاعبي FIFA الأكثر تحقيقًا للانتصارات، فكل الوسائل جيدة للفوز بغض النظر عن مدى النزاهة في أسلوب اللعب، سواء قام باستغلال ثغرة بداية المباراة لينفرد مهاجمه بالخصم، أو قرر اللعب بضغط مستمر طوال 90 دقيقة دون أن يشعر لاعبيه بأي إرهاق كما لو أنهم آلات، لنأخذ المهاجمين كمثال، للفوز في منافسات FIFA حاليًا يجب أن يكون لديك إحصائيات معينة حتى تصل لمرادك، والنتيجة هي نهج يتبعه الجميع بلا استثناء (أكثر من 90 في السرعة، و80 في التوازن وخفة الحركة، وأربعة نجوم من أصل خمسة في المهارات) وهو ما يجعل اللعبة تفقد الأساسيات الخاصة برياضة كرة القدم، فهناك مئات اللاعبين الأقل سرعة والأثقل في الحركة لكنهم أكثر تأثيرًا من أصحاب السرعات العالية، مثل المهاجم الإنجليزي هاري كين الذي يخوض موسمًا استثنائيًا، رغم ذلك، ستجد الاعتماد عليه شبه منعدم في ألعاب FIFA بسبب كونه أبطأ من المهاجمين الآخرين وأصعب في التحكم، وبالمثل، يفقد العشرات من نجوم اللعبة أي ميزة في لعبة EA بسبب أنهم لا يمتلكون السرعة الكافية فقط، مما يجعل اللعبة ككل أقرب إلى ماراثون ركض ولا علاق لها برياضة كرة القدم.
الحنين إلى الماضي
من يتذكر الوقت الذي كان فيه أفضل ثلاثي هجومي في اللعبة هو إيباربو وجيرفينيو ودومبيا؟ لقد كان وقتًا رائعًا، حيث لم تكن الميتا والفوز هما السبب الرئيسي للعب FIFA، بالنسبة للكثيرين (وأنا منهم)، يمثل هؤلاء الثلاثة ذكريات دائمة، إنها تجسيد للأفعال والأهداف المسجلة في FIFA 15 ضد لاعبين مثل كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي وغيرهم من أساطير كرة القدم، وفي ذلك الوقت، كان بإمكان كل لاعب أن يلعب كما يريد، ولم يتم فرض أي حدود بواسطة أي ميتا. يعتبر عصر الفيفا القديم هذا – حتى FIFA 17 – هو العصر الذهبي للسلسلة، لكنه فقد روحه مع مرور الوقت، فهل تتخلى EA عن تركيزها الدائم على المادة والترويج للحزم المدفوعة في مقابل إعادة السلسلة للطريق الصحيح عوضًا عن كونها مسابقة ركض لا تنتهي؟ هناك شكوك في العودة لهذا النهج، خاصة مع المليارات التي تحققها اللعبة كل عام.