على مر السنوات كانت صناعة الألعاب دائماً مليئة بقصص حسن أو سوء انتهاز الفرص، فكم من مرة سمعنا بأن الشركات الكبرى وعلى رأسها نينتندو وبلايستيشن ومايكروسوفت أو Xbox رفضوا، في وقت أو أكثر من وجودهم، دعم مشروع تبين في النهاية أنه كان قنبلة تجارية عندما أطلقه أحد المنافسين. على سبيل المثال لا الحصر، قبل أعوام ذكر مخرج Yakuza أن مايكروسوفت ونينتندو رفضتا مشروع اللعبة سابقاً. وتابع بالقول ممازحاً بأن كلا الشركتين يقولان الآن بأنهما يريدان هذه السلسلة فهما لم يفهما بداية لم أراد تطوير هذه اللعبة.
ولعل الخسارة الكبيرة في السنوات الماضية كانت من نصيب مايكروسوفت عندما رفضت فرصة ذهبية قدمتها لها Marvel لكن سوني انتهزتها بينما مايكروسوفت فضلت التركيز على ألعابها! وأقصد هنا فرصة تطوير لعبة سبايدر مان فحسب مارفل كان لقائهم مع مايكروسوفت غير مثمراً حيث ذكرت لهم مايكروسوفت بأنها ترغب بالتركيز على تطوير عناوينها الخاصة بها وهي لا ترغب بإنتاج ألعاب تخص عناوين مارفل.
نظرًا لأننا احتفلنا للتو بالذكرى السنوية الثانية والعشرين لأول جهاز Xbox، وسنحتفي في ديسمبر بالذكرى السنوية 25 لتأسيس روكستار، دعونا نصبحكم برحلة إلى الوراء لنتذكر أسوأ قرار بتاريخ مايكروسوفت أي اللحظة التي قالت فيها “لا” للعبة GTA III.
رحلة البحث عن الألعاب
لم تكن خطوات Microsoft الأولى في صناعة الألعاب خالية من العثرات والمشاكل، وكان على صناع اكسبوكس الأول أن يقاتلوا لإقناع كبار المدراء بالشركة للحصول على دعم من أجل تمويل صفقات تأمين الألعاب، وازداد الضغط أكثر عندما كشفت مايكروسوفت أنها ستطلق الجهاز في نوفمبر 2001، ولم يكن أمامهم إلا 18 شهرًا فقط للحصول على ألعاب له.
بالحقيقة واجهت مايكروسوفت عدة عقبات عندما أرادت دخول سوق أجهزة الألعاب. لم يكن بعض الصحفيين في ذلك الوقت ينظرون بشكل إيجابي إلى دخول مايكروسوفت إلى المجال الذي كانوا متحمسين له للغاية. ولم تكن الشركة التي يقودها بيل جيتس معروفة بمرحها، بالإضافة إلى أنها كانت موضع شك بسبب وضعها شبه الاحتكاري في قطاع تكنولوجيا المعلومات. وكما يعلم الجميع، قبل إقناع اللاعبين (وبالتالي الصحافة)، يجب أن يكون لديك ألعاب. ولكي تحصل على ألعاب، عليك أن تقابل المطورين والناشرين. بدأ العديد من الأشخاص في فريق Robbie Bach، وهو رئيس قسم الترفيه والأجهزة في Microsoft، في البحث عن مطورين حول العالم.
في ذلك الوقت ناقش العديد من أعضاء فريق Xbox الأصلي استعدادات مايكروسوفت لإطلاق المنصة الجديدة بالأسواق، والتي شهدت قيام المجموعة بجولة ضخمة عبر أمريكا وأوروبا واليابان لإثارة حماس المطورين وإقناعهم بأن المنصة الجديدة يمكنها أن تحقق نجاحًا غير مسبوقًا. بدأ الفريق جولةً كبرى عبر أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان أيضًا، وتم تنظيمها لإثارة الترقب حول منصة اكسبوكس، ولكن أيضًا وقبل كل شيء لإقناع المطورين/الناشرين بالوقوع في حب الآلة ذات علامة “X” الكبيرة.
سام هاوسر يقدم…
بينما كان شيموس بلاكلي (والذي يُعتبر الأب الروحي للاكسبوكس) وفريقه يسافرون حول العالم، تم التوقيع على عدة مشاريع. حيث تم تأمين عناوين مثل Mad Dash Racing وFuzion Frenzy وProject Gotham Racing وRallisport Challenge وDead or Alive 3 وJet Set Radio Future خلال هذه الرحلة. خلال الجولة الأوروبية، التقت Microsoft بناشر صغير جاء لتقديم لعبتين قيد التطوير والتي يمكن أن تضيف إلى كتالوج الألعاب الحصرية للمنصة.
من بين هذه الألعاب، كان هناك لعبة تمثل في الواقع حلقة جديدة من سلسلة موجودة سابقاً بالفعل ولكن مطور هذا العنوان أراد أن يكون لهذا الجزء الجديد مهمة نفض الغبار عن السلسلة عن طريق وضع البعد الثنائي جانبًا لصالح تقديم النمط ثلاثي الأبعاد الجميل. هذا المطور الصغير الذي يحاول إقناع العملاق الأمريكي ليس سوى Rockstar Games، المعروفة سابقًا باسم BMG Interactive. والمشروع المقدم لمايكروسوفت كان لعبة GTA 3.
قال سام هاوسر حينها مخاطباً مايكروسوفت، وفقًا للتعليقات التي أوردها كيفن باخوس (أحد المبدعين المشاركين في Xbox) في تقرير Power On: The Story of Xbox: “سنستثمر في هذا المشروع، ونعتقد أنه سيكون مثيرًا”. حيث كان يخطط لإعادة تقديم أحد عناوينه الناجحة على PC وتحويلها للعبة ثلاثية الأبعاد.
لسوء الحظ، سام هاوسر نفسه لم يعرف كيف يتحدث عن اللعبة التي يشرف عليها. إنه يعلم أن هذا المشروع يمتلك إمكانيات النجاح، لكنه لم يستطيع العثور على الكلمات لإقناع Microsoft بدعم المشروع. يتذكر شيموس بلاكلي الثناء الذي قدمه رئيس Rockstar للعبة أخرى تم عرضها خلال الاجتماع، Austin Powers، التي استمر عرضها طوال الاجتماع بأكمله تقريبًا. “لقد كان متحمسًا جدًا للعبة واحدة، وأقل حماسًا للعبة الأخرى، والتي تم استعراضها فقط في النهاية. “وكانت الدقائق الخمس الأخيرة فقط مخصصة لـ GTA III”.
https://twitter.com/SeamusBlackley/status/1470925298413621250
في الواقع، لم يكن فريق اكسبوكس حينها قادراً على فهم ما رأوه للتو. يعترف شيموس بلاكلي بلمسة من السخرية:
“كنت متشككًا بشأن تحويل لعبة GTA، من لعبة ثنائية الأبعاد، إلى لعبة ثلاثية الأبعاد”. “ولقد كنت مخطئا. لكن الجميع في تلك الغرفة كان لديهم نفس هذه الشكوك أيضاً. هكذا كنا جميعًا خبراء! “.
إضاعة الفرصة وذهاب اللعبة حصرياً للبلايستيشن 2
من جانب المسؤولين التنفيذيين في شركة مايكروسوفت، فإن الحماس لم يكن موجوداً أيضاً. وقال كيفن باخوس مستذكراً دهشته يوم تم رفض لعبة GTA 3:
“لقد شعروا أن الأمر معقد، لم يفهموا حقيقة اللعبة جيدًا واعتقدوا أنها كانت مبنية على لعبة لم تكن ناجحة إلى هذا الحد. انتهى الأمر ببيع 14.5 ملايين وحدة، لقد كانت اللعبة الأكثر مبيعًا في عام 2001”
حتى ساندي دنكان، رئيس Xbox الأوروبي في ذلك الوقت اعترف بإحدى المقابلات بأنه كان ساذجاً لرفضه لعبة GTA III حيث قال:
“لقد حاولنا تجنب قيام شركة Sony بالاستمرار بتقديم الألعاب الحصرية للاعبين على أي شيء وكل شيء. عندما التقيت بـ Take Two في أوروبا، عرضوا عليّ حصرية لعبة GTA III.لكنني لم أدرك ما كانوا يقدمونه لي لأنني كنت ساذجًا. لا أعتقد أنه كان بإمكاننا الحصول على حصرية اللعبة لأنهم أرادوا الالتزام بـ 5 ملايين وحدة، وبالطبع في ذلك الوقت كان لدى PlayStation 2 خمسة ملايين منصة مباعة وموجودة في المنازل وليس نحن”.
يشير الرئيس السابق لـ Xbox Europe، بلمسة من المرارة:
ربما كان هذا مشروعًا لم نكن لنتمكن أبدًا من تحقيقه، أعتقد أنه لو كان بإمكاني فعل أي شيء بشكل مختلف، لكان بيع المزيد من أجهزة Xbox. (وخلص إلى أن هذا كان من شأنه على الأقل أن يجعل من الممكن تقصير حصرية Sony في GTA III).
الاعتراف بالخطأ ومحاولة تصحيحه
إذا كان المديرون السابقون لفرع Xbox يندمون بشدة على سلسلة القرارات التي تسببت، بطريقة ما، في حصرية GTA 3 لجهاز PlayStation 2، فذلك لأن لعبة Rockstar/Take-Two قلبت كل شيء رأسًا على عقب. فعندما تم إطلاق اللعبة عام 2001. ودعت السلسلة النمط ثنائي الأبعاد والكاميرا العلوية والسفلية، لتستبدل ذلك بالنمط ثلاثي الأبعاد مع منظور الشخص الثالث بما يتماشى مع العصر. جلب هذا التغيير في المنظور شعورًا بالانغماس لم يسبق له مثيل في لعبة من هذا النوع في ذلك الوقت. حيث كان يمكن للاعب أخيرًا أن يضيع في مدينة كبيرة ويفعل (تقريبًا) ما يريده. كما تسببت GTA III بإطلاق موضة ألعاب العالم المفتوح.
النجاح المذهل لهذا الجزء الثالث دفع Take-Two إلى إصدار أجزاء أخرى لاحقاً باستخدام نفس المحرك مع GTA Vice City (2002) وGTA San Andreas (2004). تم إطلاق هوس GTA.
أصبحت اللعبة التي نشرتها Take-Two هي اللعبة الأكثر مبيعًا في عام 2001، وكان من الممكن أن تنتهي في قمة المبيعات في عام 2002 إذا لم يتم إصدار Vice City في ذلك الوقت. وصفت صحيفة نيويورك تايمز لعبة GTA III بأنها “واحدة من أكثر الألعاب تأثيرًا ونجاحًا على الإطلاق”.
ذلك كان دون شك خطأ كبير ارتكبته مايكروسوفت لأنه تسبب في جعل لاعبي Xbox الأمريكيين ينتظرون حتى نوفمبر 2003 حتى تمكنوا من وضع أيديهم أخيرًا على اللعبة. وإدراكًا لخطأها الفادح، بذلت Microsoft كل ما في وسعها لتقديم العنوان على أجهزتها لاحقاً. فحرصًا منها على عدم تكرار نفس الأخطاء، ذهبت مايكروسوفت إلى أبعد من ذلك لعقد صفقة مع روكستار من أجل ضمان الحصرية المؤقتة لإضافتي Grand Theft Auto IV على Xbox 360، وهما The Lost and Damned وThe Ballad of Gay Tony.
عموماً وكما يقولون الخطأ المعترف به هو نصف مغفور، على الأقل مايكروسوفت اعترفت بغلطها وحاولت تصحيحه لاحقاً عبر صفقة GTA 4.
للمزيد عن قصة السلسلة أدعوكم للاطلاع على مقالنا السابق “حكاية ولادة سلسلة GTA وترتيب أجزائها حسب التسلسل الزمني لأحداثها“.