في الإصدار الأخير من ملحمة Call of Duty، تطرح لعبة Modern Warfare 3 أفكارًا جديدة بهدف نقل طور القصة الفردي إلى أفاق جديدة لم يسبق رؤيتها من قبل، يبدو الوضع مثيرًا في اللحظات الأولى مع ما يعرف باسم “المهمات القتالية المفتوحة”، إذ تعد ساحات القتال المترامية الأطراف هذه بإثارة الاختيار وجاذبية الاستراتيجيات المختلفة، وهي بعيدة كل البعد عن مسارات السلسلة البالية التي تركز على ممرات مليئة بالرصاص ومناوشات مكتوبة بإحكام، ويمكن القول إنها خطوة جريئة، تشبه إعطاء جندي خريطة وبوصلة بدلاً من مجموعة من الأوامر، لكنها لا تعمل بشكل مثالي كما توقعنا جميعًا.
تستكمل قصة MW3 أحداث الجزء السابق، تلتقط الخيوط المتشابكة للعمليات الحربية المعقدة ويعود طاقم الممثلين المألوف، مع الكابتن برايس وفريق Task Force 141 مرة أخرى، في مواجهة فلاديمير ماكاروف، أشهر إرهابي في التاريخ، وتبدأ اللعبة بطريقة معتادة ومثيرة، حيث يتم دفع اللاعبين إلى أولى المهام التي تذكرنا بجذور السلسلة، بدءًا من نظارات الرؤية الليلية، ومرورًا بالنزول خلف معسكرات العدو، مما يعد بالعودة إلى الشكل الذي يطالب به اللاعبون، لكن هذا لن يستمر طويلًا.
كالعادة تحافظ Call of Duty على المرئيات المميزة والأداء الصوتي الواقعي كما يحدث في كل جزء جديد، ستجد ضالتك هنا فيما يتعلق بالانفجارات المدوية على نطاق واسع، والمطاردات التي تحبس الأنفاس من حين لآخر، والمشاهد السينمائية التفاعلية والشخصيات المصممة بإتقان، وتعابير الوجه التي تظهر ما بداخل كل جندي دون أن يتحدث حتى، ويعمل هذا بشكل مثالي مع طريقة التحكم، حيث الرسوم المتحركة أكثر سلاسة وسرعة أثناء المطاردات أو اتباع أسلوب التخفي، مع القدرة على التبديل بين الأسلحة في كل مهمة بشكل مستمر ليتغير أسلوب لعبك بحسب السلاح والملحقات التي قررت الاعتماد عليها.
كما أوضحت سابقًا، ستشعر للوهلة الأولى أن السلسلة عادت للجذور مع تحسينات جيدة تشمل طريقة تصميم المهام والوصول إلى أهدافك، يصلك هذا الشعور على الفور بعد المهمة الأولى، ولكن يتضح لاحقًا أن الأمر يقتصر على تلك المهمة فقط قبل أن تجد نفسك ضائعًا في مهام تعتمد على تصميم يشبه العوالم المفتوح، تحت مسمى المهام القتالية المفتوحة، والتي هي في الأساس تحسينات بسيطة على طور Spec Ops الشهير، حيث يترك لك حرية التعامل مع الأهداف والوصول إلى الأهداف، مع وجود معدات وأسلحة وملحقات منتشرة بكثافة حولك في البيئة، يظهر كسل المطورين بشكل واضح في تصميم تلك المهام، فجميعها متشابهة في الهيكل الأساسي، منطقة واسعة مفتوحة مع تواجد معسكرات الأعداء هنا وهناك، وبعض المباني التي تتضمن داخلها معلومات سرية، أو أسلحة نادرة، والسيارات المدرعة القابلة للقيادة، ومصادر الذخيرة التي تتيح لك تغيير أسلوب لعبك أكثر من مرة في نفس المهمة، يبدو الهيكل العام هذا مشابه لألعاب التصويب الأخرى غير الحربية، لكنه هنا يجعلك تشعر كما لو أنك في Far Cry أو أي لعبة مغامرات أخرى لا علاقة لها بالإعدادات الحربية والجيوش النظامية.
فكرة وجود صناديق للأسلحة والمعدات منتشرة بالخريطة اثناء المهمة لم تكن موفقة أبدا، وكأن الغرض منها استعراض الأسلحة، المشكلة أن بعضها اسلحة قوية تسهل المهمة بشكل كبير، وأعتقد أن الهدف إعطاء اللاعب حرية التعامل، ولكن لعله لم يكن خيارًا موفقًا في ظل وجود أدوات ومعدات ثقيلة بكثافة تساعد على التخلص من الأعداء بسهولة أكبر حتى على مستويات الصعوبة المرتفعة، باستثناء بعض المهام الجوية التي تتطلب دقة كبيرة في إصابة الأهداف في وقت سريع قبل أن يصلوا إلى هدفهم.
إن جوهر ما جعل قصص Call of Duty جذابة للغاية هو العمل المحكم القائم على السرد، تم تخفيفه في هذه المهام المفتوحة، بدلاً من ذلك، يتم استبدال التوتر الذي ينبغي أن يتصاعد مع كل مهمة بإحساس بلا هدف كما لو أن اللعبة غير متأكدة مما إذا كانت تريد أن تكون مستكشفًا للعالم المفتوح أو لعبة إطلاق نار تعتمد على القصة، الهدف من اختيار التصميم هذا يتمثل في الابتعاد عن المسارات الخطية التي طالما كانت عنصرًا أساسيًا في السلسلة وتوفير تجربة قتالية جديدة وأكثر ديناميكية، ولسوء الحظ، أدى تنفيذ هذه المهام عن غير قصد إلى تخفيف الكثافة السينمائية المميزة للسلسلة، إذ غالبًا ما تؤدي المناطق الواسعة إلى فقدان الأحداث المكتوبة بإحكام والتي تدفع السرد المليء بالأدرينالين إلى الأمام، وبدلاً من توجيههم عبر قصة مصممة بعناية حيث يبدو كل إجراء مؤثرًا، يُترك اللاعبون للتجول عبر مساحات أكبر وأقل تنظيمًا.
حرية اختيار كيفية التعامل مع الهدف تعني أن الإيقاعات العاطفية للقصة تضيع وسط طريقة اللعب بأسلوب العالم المفتوح، ويُلاحظ هذا بشكل خاص بعد المشاهد المليئة بالسرد، حيث يمكن أن يكون الانتقال إلى مهمة Open Combat أمرًا متناقضًا مع تحول الوتيرة من تصعيد يحركه القصة إلى حلقة لعب أكثر هدوءً واستكشافًا.
بالنظر لكونك وحيدًا في عالمًا مفتوحًا، توفر لك MW3 القدرة على التعامل مع الأعداء عن طريق الاشتباكات المباشرة، أو من خلال أسلوب التخفي، وكلاهما تأثر بشكل سلبي بالذكاء الاصطناعي المتدني للأعداء، ففي تبادل إطلاق النار في العلن، يندفع الأعداء نحوك بأعداد مهولة وبشكل عشوائي، خاصة مع وصول الدعم، مما يجعلهم أقرب إلى دمى متحركة بلا أي عقل، في الوقت نفسه، يمكن أن يتم كشف أمرك أثناء اتباع أسلوب التخفي حتى وأن كنت متواريًا عن الأنظار من مسافة بعيدة، كذلك يعتمد بعض الجنود على أدوات محدد بصورة مبالغ فيها، فعوضا عن تبادل إطلاق النار معك من مسافة قريبة يفضل البعض الاستمرار في إلقاء القنابل المتفجرة نحو منطقة تمركزك، أما التغيير الأبرز في تلك الجزئية فهود عودة الجنود المعرضين الذين يمتصون رصاصات أكثر قبل القضاء عليهم، دون ذلك، ستشعر أن كل معركة متشابهة مع سابقتها دون أي تغيير يذكر.