“أنا جمعت جميع الخصائص وتكلمت للشخصية الفرعية وقتلت الزومبي لكني مت عند التنانين“، لو عرضنا هذي الجملة لشخص بعيد عن مجتمع اللاعبين ماراح يساوره مجال للشك إن المتحدث مجنون، كيف فتلت الزومبي؟ من متى كان لهم وجود؟! الأغرب كيف أنت تقول إنك مت لكنك حي أمامي، لا ومت عند تنين بعد؟!
لكن عندنا حنا ياللاعبين الجملة مفهومة تماما، نفهم إن هذا الشخص يتكلم عن رحلته مع بطل اللعبة واللي سوى الأمر هذا كله بالواقع هو بطل اللعبة المتحكم فيه من قبل اللاعب.
الجملة هذي رغم بساطتها وكثرة تداول مثيلاتها لكنها تحتوي على معاني رائعة وعميقة بعلاقة اللاعب ببطله، هذي العلاقة اللي أوصلت اللاعب إنه يتكلم عن البطل وكأنه يتكلم عن نفسه، يتكلم عن رحلة البطل المليئة بالمصاعب والتقلبات بين حزن وسرور وملل وحماس وقهر وانتصار وكأنه هو اللي خاضها بنفسه
هذي العلاقة اللي نشأت بين البطل وبين اللاعب لا توجد بأي مكان آخر غير عالم الألعاب، لو تحدث أحدهم عن بطل لقصة كتاب أو فلم أو مسلسل أو أنمي…إلخ ما يقدر يتحدث عنه بضمير “أنا” لأنه أمر غير مقبول، وراح يحس بغرابة فيه إذا نطق “أنا” فهو مجرد مشاهد.
في الألعاب الوضع يختلف كليا، نحن اللاعبين من يشارك البطل جميع لحظاته، ونمر بجميع تقلباته العاطفية، ومب بس نشارك نحن “نصنع” هذه اللحظات، وأحيانا نقرر مصير البطل ونتخذ الخيارات المصيرية بحياته ونبني شخصيته نفسها هل هو صادق أو كاذب هل هو متسامح أو قاسي هل هو طيب أو شرير؟ جميع هذه الأشياء وغيرها يحددها اللاعب لبطل لعبته أحيانا، لذلك كان من حق اللاعب يتكلم عن البطل بضمير “أنا”.
الأبطال في عالم الألعاب لا يختلفون كثيرا عن أبطال باقي الفنون، فبعضهم الآن أيقونات فحتى الأشخاص اللي مالهم علاقة وطيدة مع عالم الألعاب يعرفون أبطال مثل ماريو وسونيك وكثير من الأبطال اللي يعتبرون أيقونه في عالم الألعاب وغيرها، وحتى بعض الأحيان من شدة الإعجاب بالبطل وقصته وعالمه يتم اقتباسه في فنون أخرى، مثل السينما اقتبست ألعاب كثيرة ولا زالت تقتبس والملاحظ غالبا فإن أبطال الألعاب يظلون هم المفضلين بعد اقتباسهم، أيضا بعض الأنميات اقتبست من ألعاب وأبطالها من الألعاب مثل Devil may cry.
الألعاب ليست على طريقة واحدة بتقديم البطل وتختلف باختلاف أبطالها وبالتالي يؤثر هذا الشيء على تجربة وحكم اللاعبين للعبة، واختلاف البطل وشخصيته هو اللي يجعل بعض اللاعبين في الأطوار التعاونية يفضلون شخصية على أخرى، وتلقاهم حتى يختلفون بتفضيل الشخصيات، هذا الأمر كله يرجع لتقديم الأبطال في اللعبة.
طريقة تقديم البطل مهمة، بعض الأحيان ترغب بإكمال اللعب فقط عشان البطل وبعض الأحيان قد تغير من شخصية اللعبة لبطلك المفضل أو شكله، شخصيا فعلت ذلك مرارا وتكرارا وآخرها في لعبة Little Big Plant 3 جعلت شخصية Sackboy (بطل اللعبة) بشكل شخصية Big Boss من Metal Gear مع أنه مجرد “شكل” لكن مستمتع جدا وكأني ألعب بشخصية Big Boss في لعبة أخرى، أيضا أذكر في لعبة Final Fantasy XIII كنت ألعب ب3 شخصيات فقط البقية لأن تقديمهم وشخصياتهم ما أرضاني ماكنت ألعب فيهم إلا مجبر، حتى بالتطوير كنت أسحب عليهم، ما أعتقد إني “نفسية” أجزم أكثر اللاعبين مروا بتجارب مثلي.
تفاعل البطل وإعطائه حيوية أكبر تؤثر بشكل إيجابي على طريقة تقديم البطل، ومن أكثر الإيجابيات اللي تذكر بألعاب استديو Naughty Dog مؤخرا هي تفاعل الأبطال باللعبة، أحببت جدا نكت Nathan Drake اللي يلقيها بين فترة وفترة تعليقاته بشكل عام أعطت جو خاص باللعبة وقدمت البطل بأحلى صورة، أيضا في The Last of Us كان فيه تفاعل وحيوية من البطل Joel لدرجة تظن إنك تشاهد شخصية حقيقية إنه يمر بجنب آلة قهوة قديمة ويعلق ” آه كم أفتقد القهوة” يحسسونك المطورين إن البطل مب بس جسم ميت تحركه مثل ما تحرك مكعب النرد.
وعكس ذلك أحيانا ينفرك من اللعبة ويكون مزعج بالنسبة لك، أحد الأشياء اللي كانت تنفرني من لعبة Demon’s souls هي إن البطل ماله هوية ولا شخصية ولا أحس بحياته مطلقا حتى ما أعرف ليه يقاتل كان ميت لدرجة إني ما أسمعه يتألم حتى! كراش أصدر قبل اللعبة ب11 سنة وتفاعله أكبر بكثير من بطل اللعبة، ومؤخرا أحد الأشياء اللي أزعجبتني بThe Evil Within و Destiny هو قلة تفاعل البطل، وعشان تتضح الصورة ما أقصد إن الألعاب اللي ذكرتها إنها ألعاب سيئة لكن هذي أحد سلبياته اللي أزعجتني.
على الطرف الثاني فيه أبطال تفاعلاتهم مع عالم اللعبة قليل ونادرا يتكلمون مع ذلك أحببت صمتهم وقلة تفاعلهم وحيوتهم، لأن تقديم البطل كان بطريقة ممتازة ويبين إن البطل هذي شخصيته مثل Master Chief بطل Halo.
علاقة البطل باللاعب تحدد وتكرس من قبل المطور، المطور اللي يخاطب البطل ويخاطبك أنت ياللاعب بوقت واحد يحسسك فعلا إنكم أنتم الإثنين مجرد شخصية واحدة، أتذكر تعليمات كثيرة ألقاها علي Isuun من لعبة Okami ألقاها وهو يخاطبني أنا وبطل اللعبة Amaterasu بنفس الوقت، مع أن التعليمات كانت كثيرة لكن مامليت أبدا منها، لأنه كان يخاطبنا كلنا على أساس إننا واحد بالتعليمات فكنت أجد متعة بنفس التعليمات، بعكس تقديم بعض الألعاب اللي يعطيك تعليمات خاصة باللاعب بدون إشراك البطل
تنبيه: الجزئية التالية تتضمن حرق لنهاية لعبة Metal Gear Solid 3
ولما يشرك المطور اللاعب بأفعال وقرارات البطل يحزن اللاعب لحزن البطل ويفرح بفرحه يوصل له مشاعر البطل ويشعر اللاعب فيها كما لوكان هو نفسه البطل، أحسن مثال مر علي كان في MGS3 نهاية القتال الملحمي بين The Boss و Naked Snake بعد ما تعرفت الروابط اللي بينهم وبعد ما تعرفت على حب وتقدير سنيك لمعلمته اللي قال عنها “مثل أمي” و “الشخص اللي نصف ما أنا عليه بفضله”، ويوم عرفت جانبها الحزين من القصة وحبها وتقديرها لسنيك كان صعب …. صعب علي جدا إني أقتلها لكن بالنهاية هذي رغبتها، كوجيما وقف المشهد عند تصويب سنيك السلاح لThe Boss المشهد ماراح يستمر إلا لما أنت ياللاعب تضغط زر إطلاق النار، لازم تحس إنه مثل ما البطل مجبر على قتلها فأنت أيضا مجبر على قتلها، لازم تكون أنت والبطل اللي قتلتوها سوى مب بس البطل، ثم بعد هذا المشهد تنكشف حقيقة The Boss وتشوف الحزن والآسى والدموع من Big Boss عليها بعد ما عرف الحقيقة، لكن ماكان سنيك لوحده هو اللي أحس بالحزن والأسى والندم أيضا جميع اللاعبين، بطريقة ما كنت أحس بالذنب أدري إنها لعبة مبرمجة لكن بالنهاية أنا من “أطلقت” عليها أنا وسنيك كنا متزامنين بإنهاء حياتها، وحتى وأنا أكتب هذي الجزئية من المقال أحس بحزن وأسى على هذي الحادثة.
بالنهاية البطل في الألعاب هو شخصية متحدة مع اللاعب كلهم لا يتفرقون، لو سألت من أبطال ألعابنا؟ أظن الجواب الصحيح راح يكون الشخصيات بدور البطولة مع اللاعبين أنفسهم، لذلك كان من حقنا حنا ياللاعبين فقط من بين جميع الناس الآخرين المغرمين بالفنون الأخرى إننا نتكلم عن أبطالنا بضمير “أنا”.