لم يلحظ أحدٌ قدرة أو مؤهلات لعبة Genshin Impact الصينية المجانية على النجاحِ الكبير عندما صدرت في السنة الماضية، حيث بدت لعبة جيدة وعادية، يُمكن أن تُنسى بعد صدور لعبةٍ صينية مجانية أخرى، تستعمل نظام ” Microtransactions ” أي الدفع مقابل الحصول على بعض المحتويات المهمة أحياناً”،وتملك المزيد من المرافقين الخياليين المدهشين.
لكن الذي لم يكن واضحاً آنذاك هو كيف ستتجاوز سلبياتَ الأفكار النمطية، وتستمد الإلهام من ألعابٍ مشهورة محبوبة مثل “Nier: Automata” و “The Legend of Zelda: Breath of the Wild“، لتخلق لعبة RPG تجمع ما بين الإبداع ومشاعرِ الحنين، وقد تألق استوديو “MiHoYo ” المطور من خلال هذا العمل، وجسد صناعات ألعاب الفيديو الصينية النامية بأفضل الصور.
أُسس استوديو “MiHoYo” على يد ثلاثة أشخاصٍ يعشقون الأنمي، “Cai Haoyu” ،”Liu Wei”، و”Luo Yuhao”، بعد تخرجهم من الجامعة بفترةٍ بسيطة، وأصبح خلال شهور قليلة أحد أفضل الاستوديوهات المرموقة في الصين، حيث جلبت Genshin Impact منذ صدورها عام 2020، عائداتٍ تخطت حاجز المليار دولار، ما زالت تجني قرابةَ 175 مليون دولارٍ شهرياً، وهذا من نُسخ المحمول فحسب!، ولتوضيح الفكرة أكثر، استغرقت نُسخة المحمول من لعبة مشهورة مثل Fortnite سنتين لتتخطى عتبة أرباح 1 مليار دولار. والمذهل في الأمر بحسب تقرير فإن Genshin impact كلفت مطورها 100 مليون دولار و200 مليون سنوياً كلفة دعمها!
جنشن إمباكت ليست مجرد لعبةٍ عادية بل هي لعبة مذهلة ومتقنة الصنع، حيث تعتبر أكبر إطلاقٍ عالميٍ لألعاب الفيديو الصينية في التاريخ. وتعد Genshin Impact لعبة العام 2020 على الجوالات وأيضاً هي اللعبة الأكثر شعبية على تويتر في 2021، وإذا كنت ممن يهتمون في التفاصيل وتريد أن تتعمق أكثر فيمكنك قراءة مقالنا في الموقع حيث سلطنا الضوء هنا على أهم 5 مميزات للعبة Genshin Impact تجعلها أفضل من Breath of the Wild
سنتكلم في مقال اليوم ضمن سلسلة ثقافة الألعاب عن أفضل الأوجه والمميزات التي تحلى بها الاستوديو المطور، وما أوصل Genshin Impact إلى ماهي عليه اليوم، حيث تعتبر قفزةً كبيرةً إلى مستقبلٍ تكون فيه الألعاب حرةً من حواجز وحدود الأجهزة أو الكونسول، وتتعادل فيها بالجودة سواءً كانت نسخةَ حاسب شخصي أو جهاز محمول.
وقد أخبرنا المطورون الثلاثة أنَّ إلهامهم ونجاح أعمالهم جاء نتيجة شغفهم الكبير للتكنولوجيا والأنمي والقصص المصورة بالإضافةِ للألعاب المتعلقة بها وثقافتها، وقد رغبوا بمشاركة هذا الشغف مع العالم، وكذلك افتقاد اللاعبين في كل مكان لألعابٍ قوية متعلقة بالأنمي، لذا كان هدفهم إنشاء شركةٍ متخصصة للعمل على تطوير ألعابٍ أنمي قوية مثيرةٍ بالنسبة لهم ولكل من يهتم بالأنمي.
دع “Otakus” ينقذون العالم
كلمة Otakus كلمةٌ يابانية تعني الأشخاص الذين يهتمون بشكلٍ كبير بالأنمي وفتياته ويهملون كافة نواحي حياتهم الأخرى، حيث حاول المطورون الثلاثة تحويل هذه الكلمة المكروهة لاسيما في اليابان إلى وسام شرف، من خلال وضعهم لها في شعار الاستوديو “فريق Otakus ينقذون العالم”.
وإنَّ ذلك التركيز على صنع ألعابٍ لفئة الـ Otakus حدد هوية ألعاب الاستوديو الأولى بشكل صريح، وقد عمل المطورون الثلاثة حتى قبل الإعلان عن إنشاء الاستوديو بشكل رسمي على لعبة FlyMe2theMoon، التي تعتبر لعبة محمولٍ بسيطة يقوم اللاعبون فيها بالتحكم بفتاةٍ مع جهاز نفاث على ظهرها لتتمكن من الطيران، وتضم العديد من الخرائط التي تطير الفتاة عبرها لتجمع المجوهرات والنجوم.
إصداراتُ الألعاب المحمولة الأولى للاستوديو مثل undead brawlers Zombiegal Kawaii و Guns GirlZ برهنت على شيئين: الأول هو وعي الاستوديو وذكائه في اختيار ما يرغب فيه جمهور اللاعبين في ألعاب الفيديو، “لاسيما أنَّ اللعبتين صدرتا بنفس الوقت الذي ازدهرت به ألعابُ نجاةٍ من الزومبي مثل DayZ، والأمر الثاني هو الموهبة الكبيرة في الفن والرسم لدى كفاءات الاستوديو.
وأوضح “Cai” في بدايات الاستوديو أنَّه قد وجد النجاح من خلال التزامهم بما يعرفونه ويحبونه، عوضاً عن تقليد أو اتباع النهج الذي تسير عليه الكثير من ألعاب الفيديو الصينية المجانية، التي كانت تنافسية لكن تحتاج لدفع المال لكي تربح وتتفوق، حيث اتبع الاستوديو نهجاً مختلفاً وراهن بكل شيءٍ على عشقِ فئةِ الـ otakus لفتياتِ الأنمي.
وصف Liu منهجهم في التصميم خلال مجريات مؤتمر صناعات ألعاب الفيديو السنوي الصيني، على أنه الدفع مقابل الحُب، حيثُ أنَّ تصميمهم للفتيات الجميلات في اللعبة كان مقصوداً لجعل اللاعبين راغبين بشرائهم وصرف المال، مع الاهتمام بتصميم الشخصيات وجعلها واقعية، وبالطبع جعل ألعاب الاستوديو مرغوبة لجمهور اللاعبين خارج آسيا أيضاً.
الترقي والتطور
ألعاب الفيديو في الصين لها شأنٌ كبير، ولكنه من المهم شرح مدى ضخامةِ شأنها، حيثُ أنَّ المحللين يتنبؤون أن عدد لاعبي الـ PC في الصين سيطغى على عدد سكان الولايات المتحدة قريباً، والمذهل في الأمرِ أنَّهم فئةٌ صغيرة من مجمل عدد اللاعبين الهائل هناك وخصوصاً لاعبي المحمول، وتعتبر صناعة ألعاب الفيديو من أكثر الصناعات تنظيماً في العالم، مع العلمِ أنَّ تكلفتها باهظة الثمن تصل إلى 40 مليارِ دولار.
قبل بيع أيِّ لعبةٍ في الصين، تخضع اللعبة إلى عملية تدقيق و رقابةٍ صارمة قد تأخذ شهوراً حتى تتم الموافقة عليها، وإذا كانت اللعبة عنيفة أو تحوي بعض المشاهد الإباحية أو مضموناً سياسياً قد تتعرض للرفض ولا يتم السماح بها.
وكمثال على ذلك، إصدارُ المحمول من لعبة PlayerUnknown’s Battleground تمت إعادة تصميمه لجعل اللعبة مسالمة للغاية، حتى إن إطلاقك النار على الشخصيات يجعلهم يلوحون لك مبتسمين عوضاً عن ضربكِ أو توبيخك، وهذا النوع من الرقابة والحظر خلقَ حاجةً ماسة إلى ابتكار ألعابٍ لاتصب كامل اهتمامها على اتجاه السوق الصينية التقليدي، لكن العقبات التي تقف في وجه ذلك متعبةٌ للغاية.
تحتاج الألعاب إلى موقعٍ مناسب ومواصفاتٍ تجذب اللاعبين خارج الصين، ولكن ليس ذلك فحسب، حيث أنَّ تطوير الألعاب في الصين يجري بسرعةٍ كبيرة، وكما قال “Daniel Ahmad” المحلل الرفيع المستوى في “Niko Partners” لسنواتٍ أنَّ المطورين الصينين علقوا بين تطوير ألعاب MMO مجانية و ألعابِ محمول تقتضي صرف المال من اللاعبين للفوز، أو يعملون كمرتزقةٍ لاستوديوهاتٍ ذو ميزانيةٍ عالية خارج الصين، وحتى استوديو Ubisoft في مدينة Shanghai الذي أُسس في 1996، كان مساعداً للفرق الرئيسية في Montreal و Toronto في كندا.
لأنَّ صناعة الألعاب الصينية اعتمدت على ألعابِ المحمول أو MMO وأنفقت كل الميزانياتِ عليها، أصبحت أكثر تشابهاً وتقليداً بالمقارنة مع بقية البلدان في العالم، وإنَّ انتشار ألعابِ الـ indie في 2010 الذي أثَّر على صناعات الألعاب في العالم، كان شيئاً منعشاً للعديد من المطورين الصينيين، لكن ذلك التغيير مع نضوج الصناعة وظهور تقنياتٍ جديدة مثل محرك “Unity” ، الذي تعمل به Genshin Impact أصبح أكثر انتشاراً، وأصبحنا اليوم في مكانٍ يستطيع فيه المطورون الصينيون الوصول إلى قلوب جميعِ فئاتِ اللاعبين في كل مكان، ليس فقط على ألعابِ المحمول في الصين أو العالم، لكن في ألعاب الحاسب والكونسول على نفس كفاءةِ المطورين الغربيين.
وكما نشاهد اليوم الكثير من ألعاب الـ indie الصينية الجديدة تسيطر على قسم الألعاب التي حققت أعلى نسبةِ مبيعاتٍ في متجر Steam مثل Dyson Sphere Program و Tale of Immortal، لكنَّ ذلك يعني أيضاً أنَّ المطورين الصينيين المستقلين مثل MiHoYo أصبح لديهم أخيراً الموهبة والأدواتُ اللازمة لمجاراتِ أكبرِ الاستوديوهاتِ العالمية، وكلُّ ما احتاج إليه الاستوديو هو ابتكارُ لعبةٍ تجذب أكبر عددٍ ممكن من اللاعبين حول العالم على مختلف الأجهزة.
حرب الاستنساخ
إذا كان هناك وصفةٌ سرية لكلِّ ألعاب MiHoYo، فستكون هي الأفكار الحرةَّ القوية التي يستمدها من مجموعةٍ الألعابِ والأنماطِ المحبوبة، مثل لعبة Honkai Impact 3rd التي صدرت في 2019 على الـ PC واعتبرت خليطاً من الألعاب يجمع ما بين عناصر التصويب وإطلاق النيران والـMMO وصولاً إلى أسلوبِ المواعدة في سلسلة sims الشهيرة.
Genshin Impact تجربةٌ أكثر تركيزاً، لكنَّ أكبر جزءٍ من جاذبيتها الحالية يعود لتشابهها مع بعض الألعابِ الأخرى المحبوبة، وفي البداية عندما تمَّ الإعلانُ عن اللعبة لم يجد أحدٌ ذلك الاستنساخ أو التقليد للألعاب المحبوبة شيئاً مغرياً، وفي الواقع أغضبَ تشابهها الواضح مع Breath of the Wild بعض اللاعبين في البداية، بالإضافة إلى وجود الكثير من المشاكل التقنية على الشبكة، وتكلم Cai أنَّ الاستوديو لم يتوقع ردة الفعل الأولية السلبية هذه.
لم يرغب فريق التطوير بجعل Genshin Impact لعبة مستنسخة أو مشابهة للألعاب المشهورة في الأصل، لكنهم اعتبروا ذلك رسالة شكر وحب لهذه الألعاب، ولقد شارك مطورو Breath of the Wild سابقاً خلال مجريات مؤتمر مطوري الألعاب 2017 عن أفكارهم الاستثنائية التي خلقت ذلك التصميم الإبداعي لعالم اللعبة وأسلوب اللعب والفن في اللعبة، وتكلموا عن تحويل اللعبة إلى شكلٍ فعال أكثر، وإزالة الحواجز والقيود ومنح اللاعبين إمكانية التجول والذهاب إلى أي مكانٍ في خارطة اللعبة، مما منح اللعبة العديد من الإمكانيات اللامحدودة في استكشاف عالمها المفتوح، والتمتع بكل شيء وجعل التجربة واقعيةً أكثر، وأخبرنا Cai أن ذلك ترك انطباعاً كبيراً على فريق التطوير خاصتنا ومنحنا الإلهام الكافي أثناء ابتكارنا لعالم Genshin Impact المفتوح.
التشابه مع الألعاب الأخرى عنصر قوةٍ في Genshin Impact
المفاهيم الخاطئة لم تستمر بعد إطلاق Genshin Impact ورؤية اللاعبين لها بشكلٍ فعلي، بينما بقي بعض اللاعبين يسخرون من أخذ Genshin Impact دون خجل لمعظم المزايا المبتكرة في Breath of the Wild، من جهةٍ أخرى تحمس الكثير من اللاعبين حول ذلك التشابه، وإمكانيتهم للعب لعبةٍ تضاهي جودة ألعاب نينتيندو دون حاجتهم لجهاز Switch، بالإضافة أنَّ Genshin Impact أكثر من مجرد استنساخٍ تقليديٍ لـ Breath of the Wild.
كما ذكر Cai أن فريقه أخذ ملاحظات ونقاط من لعبة Gta 5، عن كيفية تقديم القصة دون إجبار اللاعبين على مشاهدة مقاطعٍ سينمائية طويلة معروفة في ألعاب RPG اليابانية، وكذلك درس الفريق سلسلة The Elder Scrolls خلال تصميمه لمهمات العالم المفتوح وجعلها تُقدم في أفضلِ صورة، وفي النهاية أخذت أيضاً اللعبة من أسلوب القتال اليدوي المحبوب في لعبة Nier: Automata الغنية عن التعريف.
لكن جوهر جمالية Genshin Impact يكمن في تقديمها لشخصيات اللعبة وإضافتها للمزيد باستمرار، وتعلمها من الألعاب السابقة المشابهة في النمط، بالإضافة إلى أنها لعبةٌ مناسبة للعائلة كباراً وصغاراً رغم أنَّ مطوري الاستوديو من هواة فتيات الأنمي الجميلات.
وأضاف Cai أن عملية تصميم الشخصيات الجديدة ليست سهلةً أبداً حيث تأخذ كل شخصيةٍ منها نحو تسعة أشهر للإنجاز، وأصعب جزءٍ فيها هو جعلها محبوبة لدى عشاق اللعبة، ومراجعة الآراء وتغيير ما يلزم باستمرار، ولقد علق استوديو MiHoYo في تلك الدوامة منذ إطلاقه لأول لعبةٍ له.
الإقبال على Genshin Impact يعود إلى أنها لعبةٌ تجمع الكثير من عناصر القوة التي تحدثنا عنها، تؤهلها بسهولة لاستحقاق تعرفة الألعاب البالغة 60 دولاراً، ومع ذلك تجدها مجانية بالكامل، وكذلك إمكانية لعبها على الحاسب الشخصي ثم الإكمال من جهازك المحمول عندما تشاء، بالإضافة أنَّ المحتويات التي تتطلب الشراء بنقودٍ فعلية في اللعبة يمكنك الحصول عليها في اللعب وهي اختيارية، ولن تحتاج لشراء شيءٍ خلال أول 30 ساعةً من اللعب.
في الختام … تعتبر Genshin Impact رغم إطلاقها السنة الماضية ما تزال في بداياتها، حيث حصلت على 4 تحديثاتٍ ضخمة تضيف شخصياتٍ جديدة، فعالياتٍ محدودة زمنياً أهم تحديث للعبة صدر في 9 يونيو وحمل رقم 1.6 تحت مسمى Midsummer Island Adventure شمل مغامرة جديدة وشخصية جديدة قابلة للعب يدعى Kaedehara Kazuha، وهو أول شخصية قابلة للعب من دولة Inazuma.
أيضاً يوجد فعالياتٍ محدودة زمنياً، مهماتٍ وزعماء، ومنطقةٍ جديدة هائلةِ الحجم، وحصل كل ذلك بسرعةٍ كبيرة تهزم الكثير من الألعاب المشابهة بقوة، ويصب اهتمام الاستوديو على استمرار دعم اللعبة على المدى الطويل، بشتى الوسائل والإضافات الممكنة والمحافظة على إعجاب اللاعبين الكبير ولعبهم المتواصل للعبة Genshin Impact.
وصرح Cai عن أنَّ خطة واستراتيجية فريق التطوير منذ إطلاق اللعبة هو ابتكار 7 مناطق كبيرة في عالم اللعبة، ولدينا لغاية الآن منطقتين فقط، مما يعني أنَّ اللاعبين سيستمرون في اللعب لسنواتٍ عديدة لإنهاء القصة الكاملة للعبة. وفي الواقع السوق الصينية لألعاب الفيديو في أوجها الآن، وستحتاج Genshin Impact واستوديو MiHoYo إلى التطور بوتيرةٍ أسرع للبقاء في المنافسة والمحافظة على عشاقهم،
أكَّد Cai أن غاية الاستوديو هي جلب المتعة اللانهائية لعشاق ألعابهم، ومنحهم تجربةً سحرية متعددة الاحتمالات والجوانب والخيارات الحرة، من خلال التجول في عالمٍ افتراضي جذاب نهرب فيه من الواقع لنجد بعض الراحة والرضى. ولايخفى على أحد أن اللعبة تعرضت لانتقادات لاذعة من اللاعبين، بالإضافة إلى حملة مقاطعة لعبة Genshin Impact تصدرت وقتها التريند على تويتر
يُشار إلى أن لعبة Genshin Impact متوفرة الآن على PC و PS4 و iOS و Android و Nintendo Switch. ومطورها لا يخطط لتوفيرها على Xbox One. في الوقت الراهن، ونذكركم أن اللعبة ستعمل بمعدل 60 إطارًا على جهاز PS5.