انفجعت اليوم بنبأ وفاة واحد من أقدم أصدقائي على شبكة بلاي ستيشن. توفّى اليوم شخص ما أعتبره صديقي فقط، ولكنه شقيقي من أمي وأبوي. شخص كنت أقضي أيامي معه نلعب جميع كل لعبة أونلاين مع بعض، وصارت أجمل أيامي معه. عاش سلطان حياة مختلفة عننا، كان مقعد طول حياته، وبكذا صار بلاي ستيشن نافذته الوحيدة للعالم. تعرفت على هذا الرجل العظيم في بلايستيشن هوم بالصدفة في عام 2008. كان من اللاعبين الوحيدين اللي يستخدمون المايك بدل الكتابة. حبيت سلطان من سمعت صوته، سلطان من الخرج، سلطان من البلدة اللي ولدت وعشت فيها معظم حياتي. سلطان يتكلم باللسان اللي افتقدته من طلعت منها، وصار بهذا من أقرب الأقربين.
حبينا بعضنا لدرجة أننا صرنا متنافسين ألدّاء، فكلنا يحاول يسبق الثاني في انهاء الألعاب، بل وانتقل التنافس الى أن صرنا نتنافس في التروفيز. سلطان يشوفني صديقه العزيز وعدوّه اللدود اللي لازم يهزمه في عالمنا الخاص، عالمنا اللي ما يفهمه الا أنا وياه، وبعض من اللاعبين. البعض ممكن يعتبرني لاعب ماهر، ولكنهم ما شافوا سلطان وهو ينزل بي شر الهزائم في كل مكان، ويحصل على جميع الجوائز وأوقف أنا حائر ومذهول من اللي أشوفه. وليتكم شفتوه وهو يقولي انه أنهى ذيك اللعبة وحصل على البلاتينيوم، بل ويطالبني أبارك له بفوزه، فأعترف وأبارك له من قلبي..
…من جد هذا سلطان اللاعبين
وصل تعلقنا ببعضنا الى حد غريب، فكلنا يرسل للثاني رسايل عن طريق شبكة بلاي ستيشن طول وقت لعبنا، وكان ينزعج مني كثير لاني ما أرد عليه بالسرعة اللي يبغاها، فصار يتهمني بعدم الاهتمام فيه واني ما أحبه. والله وسوّاها سلطان وحذفني من قائمة أصدقاءه، بعد ما قالي انه ما يبغاني وأني مقصر في صداقتنا. حبني سلطان أكثر من حبي له، وهذا فوز ساحق ثاني له ما أقدر أنكره. بعد مرور عدة شهور، اكتشفت ان حياتي تنقص هذا الشخص البريء، فأرسلت له اعتذار واعترفت له اني مشتاق له واني أبغاه يصير صديقي مرة ثانية، وسامحني قلبه البريء للمرة الألف.
عشنا الكثير من الأوقات الممتعة، ولا أظني أبالغ اذا قلت اني استمتعت معه أكثر من أصدقائي الحقيقيين، عشنا مغامرات ما راح أعيشها أبداً مع أي أحد. ليتكم شفتوني ذيك المرة يوم فزت عليه فوز – في واحد من انتصاراتي القليلة- وقلت له أن فوزي هذا هو فوز ساحق، وأني بأعتبره فوز عن عشرين فوز، وبكذا صار مجموع عدد مرات الفوز لي أعلى منه.
الله يرحمك ياسلطان اللاعبين
أكتب هذي الحروف وأحاول أرسم على وجهي علامات العمل قدام زملائي ، وأروح لدورة المياة بعد كل سطرين أكتبها عشان أنزف دموعي، واللي عجبت منها عجب كبير، فهي كل ما قلت في نفسي انها قضت ورجعت أجلس في مكتبي، أكتشف اني لازم أرجع مرة ثانية وأنزفها من جديد. وكم تمنيت أني مثل اللي يواسونهم الناس في أحزانهم وينسونها، ولكني أخاف كل الخوف اني أقولهم باللي صاير فيجون يواسوني بقلوبهم الطيبة، وينزل دمعي قبل لا يبدأ كلامه، وهذا واحد من أطباعي الغريبة اللي عجزت أفهمها.
عجبت من نفسي كثير، عجبت من نفسي وأنا أقضي آخر أيامي متفاني التفكير في لطيفة، ذيك الأميرة اللي قالت لي انها تواجه مرض ماله علاج عند البشر، وأنا أحلف لها وأوعدها أنها بتكون بخير، ووصل فيني الحد اني أرسل لها هديّة في العيد، وكل هذا عشان تتفاءل وتصدق أنها بتشفى من المرض. ما كنت أعرف ان الموت ما يبغى لطيفة، ولكنه كان يبغى سلطان اللاعبين.
انتقلت ياسلطان اللاعبين للعالم الآخر، ولكنك ما راح تنتقل أبداً من قلبي، طالما قلب صاحب هذي الكلمات لا زال ينبض. يصعب علي ان ذيك النبرة الخرجاوية البريئة، وذيك اليدين اللي كانت تلعب معي بلاي ستيشن كل يوم، هي الآن ترقد تحت التراب بلا حراك.
أوعدك أنني بأدعي لك ليل نهار ما حييت…