تحتفل مايكروسوفت بالعام 2021 بالذكرى السنوية العشرين لدخولها عالم صناعة أجهزة الألعاب المنزلية عبر إطلاقها لجهاز Xbox الأصلي. وبهذه المناسبة سنعود بالذاكرة للوراء لنسرد لكم بعض المعلومات التي قد لا يعرفها الجميع عن قصة نشأة قسم اكسبوكس وكيف قدمت مايكروسوفت أول جهاز ألعاب منزلي لها عبر هذه المقالة من سلسلة ثقافة الألعاب.
الدور الجوهري لسوني وتفكيك جهاز بلايستيشن 2 بولادة اكسبوكس!
عندما تم الكشف عن PS2 عام 1999 قالت سوني وقتها بأن الأجهزة المنزلية ستعيد تعريف عالم الكمبيوتر وهذا لم يرق لمسؤولي مايكروسوفت الذين خافوا من أن تسرق سوني حصة من جمهور الويندوز الذين سيشترون جهازها للعب وربما يستغنون عن اقتناء جهاز حاسب إن كان هدفهم الألعاب فقط، فقرروا استباق الأمور والدخول بسباق صناعة أجهزة الألعاب. وخصوصاً أنها كانت تمر بمرحلة صعبة بعد ما عرف بفقاعة عام 2000 الاقتصادية التي أدت إلى خسائر ضخمة لقطاع التكنولوجيا والإنترنت.
الشركة الأمريكية طبعاً كان لديها خبرة كبيرة بمجال الأنظمة وتطوير السوفتوير ولكنها أدركت بأن نقطة ضعفها هي بالهاردوير. لتجاوز عقدة الهاردوير تم الاستعانة بجهاز بلايستيشن 2 حيث قرر مهندسو اكسبوكس أن يفككوا الجهاز المنافس ونزعوا كل قطع العتاد منه ليتعرفوا على كيفية تصنيعه وكلفة كل قطعة وحتى معرفة عدد البراغي المستخدمة لتثبيت القطع. المحاولة الأولى نتج عنها جهاز يتوقف فيها عن العمل مرة كل أربعة مرات يتم فيها تشغيل الجهاز وكان دوماً يتسبب بخدش قرص الألعاب الذي يتم إدخاله في محرك الأقراص. لكن بنهاية المطاف وبمساعدة بلايستيشن 2 استطاع قسم الهاردوير تصنيع جهاز اكسبوكس بعتاد مميز وبمزايا إضافية مثل الاتصال بالشبكة الذي مهد لولادة اكسبوكس لايف بعد عام من إطلاق اكسبوكس الأصلي.
إحدى التصاميم الأولية للجهاز كانت بشكل حرف اكس فعلي لكنه فشل باجتياز الاختبارات مما أجبر Robbie Bach مسؤول قسم الهاردوير على إعادة العمل على تصميم مختلف يكون أكثر جاذبية للاعبين. النموذج الأولي من الجهاز عمل عليه بعض مهندسو الشركة مستخدمين قطع حواسيب Dell محمولة قاموا بتفكيكها وإعادة تركيبها لمحاولة الوصول إلى إصدار أولي مناسب من جهاز الألعاب المطلوب. مايكروسوفت استثمرت أكثر بهذا النموذج الذي مهد الطريق لولادة اكسبوكس يستخدم x86 architecture الخاصة بالحاسب وهذا كان أمر نادر حدوثه في جهاز ألعاب منزلي بذاك الوقت. كذلك تم الاستعانة ببنية ويندوز kernel من أجل تصميم نظام تشغيل معدل خاص بجهاز اكسبوكس مع مزايا دايركت اكس.
نماذج أولية متعددة وغضب بيل جيتس واتهامه فريق اكسبوكس بإفساد ويندوز!
الفكرة الأساسية التي لمعت بأذهان رؤساء الشركة كانت تقديم جهاز مشابه للحاسب ومخصص للألعاب. وحتى أنهم أطلقوا عليه اسم Windows Entertainment Platform والاسم الرمزي Midway.
بالحقيقة عندما تم اتخاذ قرار صناعة جهاز ألعاب كان هناك تنافس بين فرق عدة من مايكروسوفت لتصميم الجهاز فمثلا كان هناك الفريق المسؤول عن DirectX بقيادة Blackley و Bachus والذي أراد العمل على نموذج يتسق مع رؤية مسؤولي مايكروسوفت بمعنى صناعة حاسب يؤدي دور جهاز منزلي للألعاب. وكان هناك نموذج آخر قدمه فريق سبق وعمل على جهاز باناسونيك 3DO وهو عبارة عن جهاز منزلي تقليدي يمتلك عتاد ونظام تشغيل مخصص له كلياً.
وخلال الاجتماع مع بيل جيتس لاتخاذ قرار حول أي نموذج يجب العمل عليه استطاع فريق DirectX أن يقنع الإدارة بكون مشروعهم أقرب لروح الشركة واستراتيجيتها وتم اعتماد نموذجهم.
ومع بدء العمل على هذا النموذج اكتشف الفريق بأنه من الصعب تقديم جهاز منزلي بنظام ويندوز نفسه ويحتاجون لبناء نظام خاص باكسبوكس وكان عليهم أخذ موافقة من رؤساء الشركة على هذا القرار ولكن خلال الاجتماع غضب بيل جيتس بشدة حيث اعتبر بأن الفريق خدعه عندما صور له أن هناك إمكانية بتقديم حاسب كجهاز منزلي يعتمد على ويندوز. وحتى أنه ضرب بيده على الطاولة وصرخ بوجههم قائلاً بأنهم يفسدون ويندوز وبأن ما يقولونه هو إهانة لكل ما حققه بهذه الشركة. وقد وجد فريق اكسبوكس صعوبة بإقناع رؤساء مايكروسوفت آنذاك بوضع استثمار كبير وضخم بتطوير جهاز منزلي دون نظام ويندوز ولكن بالنهاية وبعد عدة اجتماعات اقتنع بيل جيتس بالفكرة وقرر منح فريق اكسبوكس ما يحتاجونه من مال وعرض تقديم 500 مليون دولار للتسويق وهذا كان بالطبع نابع من خوفهم من شبح اسمه بلايستيشن 2 وسوني التي عظم تهديدها عبر غزوها بأجهزتها لغرف معيشة الكثير من محبي الألعاب.
الانتقال لمهمة تأمين الألعاب للجهاز
بعد تجاوز عقبة الهاردوير ظهرت أمام مايكروسوفت عقبة جديدة هي الألعاب فكان عليهم ضمان طرح ألعاب لجهازهم وهنا لمعت لديهم فكرة الاستحواذات وعقد صفقات مع كبرى الشركات. بداية توجهوا للقاء Larry Probst المدير التنفيذي لشركة EA ولكنه استقبلهم ببرود وقال لهم “من تكونون أنتم” وعندما ذكروا بأنهم مسؤولين بقسم اكسبوكس من مايكروسوفت أخبرهم رئيس EA بأنهم لا يعرفون أساساً ما يجب فعله لتطوير كونسول. وحتى أنهم لم يكن لديهم ثقة بمايكروسوفت بذلك الوقت لذا كان جوابهم الرفض تماماً.
من ثم حاولت مايكروسوفت أن تستحوذ على نينتندو قبل 20 عامًا ولكنهم «ماتوا من الضحك» ونقصد هنا نينتندو التي أمضى مسؤوليها ساعة كاملة من الضحك خلال ذلك الاجتماع. وفي يناير من العام 2000 عرضت مايكروسوفت عرض آخر على نينتندو وهو أن تشاركها في صناعة جهاز ألعاب بحيث تستلم مايكروسوفت شق العتاد والهاردوير وتستلم نينتندو مسألة تطوير الألعاب ولكن حتى هذا العرض قوبل بالرفض.
حظ مايكروسوفت لم يكن بأفضل حال عندما توجهوا لمحاولة الاستحواذ على سكوير (سكوير انكس حالياً) ولكن الأخيرة رفضت لأن السعر لم يعجبها. وأيضاً كانوا سيستحوذون على استديو Midway المُطور للعبة Mortal Kombat والذي استحوذت عليه WB لاحقا، إنما مايكروسوفت قررت التخلي عن الأمر. هكذا حتى حالفها الحظ بالصفقة مع بنجي الذين قدموا لها أيقونة الاكسبوكس Halo رغم أن الكثير انتقدوها آنذاك وقالوا بأنها لن تنجح ولكن حدث العكس تماماً.
لحظة الكشف – ولمَ اختاروا The Rock؟
بالنهاية استطاعت مايكروسوفت تجاوز كل الصعاب وتم الكشف عن أول اكسبوكس في 5 يناير من العام 2001 بمعرض Consumer Electronics حيث وقف إلى جانب بيل جيتس بلحظة الكشف The Rock وإذا كان أحدكم يسأل عن سبب اختيار مايكروسوفت لمصارع قوي ليشارك بحدث الكشف فإن الأمر كان لعكس مدى قوة جهاز الاكسبوكس ذلك الحين وأنه قادر أن يصرع المنافس تماماً مثل ذا رووك.
الإصدار ونقاط تميز بها على منافسه رغم فارق المبيعات
وأخيراً تم إصدار الجهاز في نوفمبر 2001 بعد حوالي عام من منافسه PlayStation 2 واستخدم إصداراً معدلاً من معالجات Intel Pentium III يعمل بتردد 733 MHz وذاكرة مشتركة للتخزين العشوائي والرسوميات بحجم 64MB، ومع أن هذه المواصفات تبدو ضعيفة للغاية اليوم، فقد كانت من النخبة بالنسبة للحواسيب حينها من ناحية، كما كانت أفضل بمراحل من مواصفات المنافس PlayStation 2.
بالمقارنة بالمنافس PlayStation 2 فقد كان جهاز Xbox متفوقاً بوضوح مع بطاقات ذاكرة أكبر وإمكانية حفظ التقدم ضمن اللعبة على القرص الصلب الموجود ضمن مشغل الألعاب حيث كان أول جهاز منزلي يتضمن قرص صلب داخلي حجمه 8GB والذي كلف الشركة الكثير من المال.
كما أن احتواء الجهاز على منفذ شبكة محلية (Ethernet) سمح بخلق شبكات كبيرة للألعاب الجماعية بشكل غير مسبوق، فبدلاً من قسم الشاشة لعدة لاعبين، كان من الممكن ممارسة الألعاب الجماعية بشكل أفضل، حيث أن ألعاب Halo التي تدعم اللعب الجماعي واستخدامه في صالات الألعاب كانا من الأسباب الأساسية التي حولته من مشروع صغير إلى واحد من أنجح أجهزة الألعاب حتى الآن. وقد تمكنت مايكروسوفت من بيع أكثر من 24 مليون وحدة من الجهاز. صحيح بأن مبيعاته هذه لم تصل لنقطة ببحر مبيعات منافسه الأضعف تقنياً منه لكنه كان الخطوة الأولى لمايكروسوفت بهذا المجال ومهد لصدور أجيال أخرى من اكسبوكس آخرها كان Xbox Series X|S.