استعرضنا لكم في مقال سابق موضوع ارتفاع تكاليف تطوير ألعاب الفيديو التي يشتكي منها الكثير من الشركات وتحدثنا عن أسباب الارتفاع وتداعياته. اليوم حان الوقت لنناقش معكم جدلية رفع سعر الألعاب من 60 إلى 70 دولار كحل لتغطية تلك التكاليف المرتفعة.
هذا نجم عنه آراء مختلفة ما بين مؤيد ومعارض لذا سنصحبكم في مقالين منفصلين بنقاش مفصل لوجهتي النظر ونستعرض كافة الآراء حول هذا الموضوع الشائك. بمقال اليوم سأتناول إيجابيات رفع السعر ومبررات يسوقها البعض لذلك.
اقرأ أيضاً: رأي: ارتفاع أسعار الألعاب سيصب في مصلحة Xbox Game Pass
ارتفاع التكاليف يدق ناقوس الخطر بصناعة الألعاب
يرى البعض بأن صناعة الألعاب بخطر فشركات الطرف الثالث مهددين إما بالذهاب لسوق الأونلاين والألعاب الخدمية أكثر وبشكل كلي، أو يعتزلوا الصناعة. لأن التكاليف تتزايد فالألعاب يجب أن تحقق مبيعات تكفي أن ترد كل التكاليف + أرباح لصناعها، فمثلاً فريق Eidos Montreal سبق وكشف بأن لعبة Shadow of the Tomb Raider أو أي لعبة قصة خطية تكلف ما بين 75 إلى 100 مليون دولار وهذه كلفة إنتاج فقط يزيد عليها حوالي 35 مليون دولار تكاليف تسويق مما يرفع الكلفة الإجمالية إلى 135 مليون دولار. هذا يشكل تحدي ومجازفة على المطور فهو يحتاج لأن تحقق لعبته مبيعات بنحو خمسة ملايين نسخة مثلاً كي تكون مشروع رابح.
وإذا كان أحد منكم سارع لضرب 60 دولار برقم 5 مليون أقول له لا تتسرع فهذه العملية خاطئة لأن عائدات بيع اللعبة تكون موزعة على أكثر من جهة حيث يذهب قسم منها للشركات أصحاب الأجهزة مثل سوني ومايكروسوفت أو ستيم مع نسبة للناشر ونسبة للمطور مع الأخذ بعين الاعتبار أن اللعبة لن تبيع بسعر 60 دولار لكامل الخمسة مليون نسخة فالألعاب تعرض بعد فترة بتخفيضات وتباع بأسعار أقل ويوزع الإجمالي على هذه الجهات.
حل مشكلة الـ Crunch
مبلغ 10 دولار قد يكون بالنسبة للبعض قليل ولكنه سيضيف الكثير لعائدات المطور بالتالي قد يسمح لهم هذا بتوظيف أشخاص أكثر والتخلص من مشاكل إرهاق المطورين وإجبارهم على العمل لساعات طويلة ومرهقة، ورأينا مشاكل كثيرة من هذا النوع بالجيل الحالي وانتقادات تعرضت لها روكستار ونوتي دوق وغيرهم. كذلك قد تساهم هذه الزيادة في زيادة رواتب العاملين بالاستوديوهات بالتالي تعويض تعبهم الكبير وعملهم لساعات إضافية بالتالي نحصل نحن على ألعاب أفضل.
الـ10 دولار قد تساعد بتخفيض سعر أجهزة الجيل المقبل
نعم لا تستغربوا ذلك فقد رأينا تقارير كثيرة تقول بان كلفة عتاد أجهزة الجيل المقبل من سوني ومايكروسوفت ليست رخيصة. حتى أن سوني استخدمت حلول تبريد باهظة الثمن في جهازها وهذا دفع البعض يتوقع أن يكون سعر هذه الأجهزة مرتفع فوق 600 دولار حتى. لكن زيادة سعر الألعاب إلى 70 دولار قد يساعد مايكروسوفت وسوني بطرح أجهزتهم بخسارة وتعويض هذه الخسارة من أرباح بيع الألعاب فهي كما تعلمون لا تقتصر مرابحها من ألعاب استوديوهاتها فحسب بل تأخذ نسبة من الناشرين والمطورين أيضاً. بالتالي اللاعب يضمن حصوله على جهاز جيل مقبل بسعر معقول.
التضخم
قبل عدة سنوات نشر موقع IGN مقال عن تأثير التضخم على أسعار الألعاب وحينها ذكر بأن لعبة لجهاز NES صدرت عام 1990 بسعر 50 دولار لو حسبناها على أسعار 2013 بفعل التضخم فهي تعادل $89 وكانت كلفة أشرطة N64 نحو $70 وهي تساوي 100 دولار على أسعار العام 2013.
التضخم نفسه تسبب في ارتفاع أسعار المجالات الترفيهية الأخرى مثل سعر تذكرة السينما التي ارتفعت بنحو 39% والفيلم مدته ساعتين إلى ثلاث ساعات تقريباً بينما اللعبة قد تمنحك ترفيه قد يمتد لخمسين ساعة أي أن كلفة الساعة بسعر 70 دولار مازالت أرخص من ثمن التذكرة فلم لا تحتجون على أسعار التذاكر وارتفاعها! هذا ما يقوله مؤيدو رفع أسعار الألعاب طبعا،ً وليس أنا. وقد رأيتم آثار التضخم بشكل جلي في مقالنا حول أغلى أجهزة الألعاب المنزلية على مر التاريخ وكيف أن تلك الأجهزة يعادل سعرها الآن سعر 3 أجهزة جيل حالي بفعل تضخم العملة.
اقرأ أيضاً: نسخة الجيل القادم من Black Ops Cold War ستكلفك 70 دولارًا!
تحفيز الاستوديوهات على تطوير ألعاب أفضل
يأمل البعض من مناصري الزيادة أن تؤدي إلى رفع جودة الالعاب عبر مساعدة الفرق بزيادة الميزانية والاستثمار بالتقنيات الحديثة واستعمالها. بجانب أنها قد تؤمن بيئة عمل مريحة أكثر للمطور وزيادة رواتبهم وبالتالي تحسن الألعاب. وأن نشهد إصدار ألعاب مكتملة غير ناقصة لأننا عانينا هذا الجيل من قيام المطورين باقتطاع محتويات من اللعبة وطرحها ضمن محتويات إضافية ليزيد من عائداته.
بالختام قد تكون مسألة زيادة أسعار الألعاب أمر محتوم وشر لابد منه لكن باعتقادي على شركات النشر وشركات صناعة الأجهزة أن تكون ذكية بكيفية إيصال الأمر للاعبين وتحقيق هذا الانتقال بسلاسة. أولاً يجب بيع PS5 و Xbox Series X بأسعار معقولة والحديث بشفافية عن كيفية صرف هذه الزيادة مثل منح رواتب أفضل للعاملين أو تحسين تقنيات التطوير. وإلا سيشعر اللاعب بأن ما دفعه من زيادة قد ذهب لجيوب كبار الإداريين ولم يستفيد هو بأي شيء من هذا. الشركات بيدها أن تصور نفسها كأبطال أو كأعداء بنظر اللاعبين.