مع زيادة نمو الألعاب وصقلها بشكلٍ أفضل ونمو اتجاهاتها وطموحاتها، بدأ المطورون في تضمين الخيارات الأخلاقية فيها، التي تطرح المزيد والمزيد من الأسئلة الأخلاقية الصعبة، مثل اختيار إنقاذ الكثيرين مقابل القلة الذين تحبهم؟ التضحية والخسارة من أجل هدفٍ أسمى؟ وكل خيارٍ له عواقب في حياة الأشرار والأبطال في قصص ألعاب الفيديو هذه.
وتزداد المعضلة خصوصًا عندما يتم إخراج القرار من يد الشخصية وتسليمه للاعب، الذي عليه أن يسترشد باللحظات الطويلة والصعبة من التأمل الرصين، والاضطراب المؤلم، بينما يصارع ويتألم بشأن مصائر الشخصيات والأماكن التي يحبها مع طرح سؤالٍ بسيط: ماذا أفعل الآن؟ من أصعب الأسئلة الأخلاقية المصيرية التي طرحتها ألعاب الفيديو على الإطلاق فلقد بحثنا في الإنترنت عن استطلاعات الرأي وتفحصنا المناقشات، لنرى ما تفكر فيه أنت أو اللاعبون، وبتصويتك نحسم الأمر مرة واحدة وإلى الأبد.
سنسلط الضوء في مقال اليوم على خمسة خيارات أخلاقية مصيرية في الألعاب ضمن سلسلة مقالاتنا Top 5 أو توب 5، علماً أنه سيكون هناك جزء ثاني نستكمل ماتبقى من المقال المشوق. (طبعاً هذا المقال يحتوي حرقاً لبعض أحداث الألعاب أدناه).
تدمير Geth Heretics أو إعادة كتابتهم في Mass Effect 2
شرح الموقف الحرج: قام فصيل من آليين الـ Geth يُعرف باسم الهراطقة، بالتكيف مع فيروس Reaper الذي ينوون استخدامه لإجبار الـ Geth الحقيقي على القتال مع الـ Reapers ضد الحياة العضوية.
وباعتبار مدى قوة عرق آليين الـ Geth الذي طرد مبتكريه من عالمهم الأصلي، قد يكون هذا التحالف قاتلًا للمجرة، لكن كما تبين لاحقًا أن الفيروس يتم تدميره بغض النظر عن الأحداث، ويترك مصير الآليين الهراطقة للاعبين لاختياره.
الاختيارات المصيرية المتاحة للاعب: تدمير الهراطقة ووضع حدٍ للتهديد، أو إعادة كتابتهم، وإجبارهم على قبول وجهة نظر Geth الحقيقية ولكن على حساب جعل الـ Geth أقوى، مع عدم معرفة موقفهم من الحياة العضوية في المستقبل.
القرار الذي اختاره الغالبية: وفقًا لهذا الاستطلاع، اختار اللاعبون إعادة الكتابة، حيث يعتبر تدمير الهراطقة إبادة جماعية، وهو أمر غير مقبول في حياة الكائنات العضوية، فلماذا يكون مقبولاً ضد الكائنات الآلية؟
ولكن في الواقع تعد إعادة كتابتها مسألةً أخلاقية كذلك، فأنت تغسل دماغ كائناتٍ واعية، وتجبرها بقبول وجهة نظر كانت تعارضها بشكل مباشر، لكن من جهةٍ أخرى القيام بذلك يزيد بشكل كبير من قوة الـ Geth، الذين إذا تمكنت من الحصول على دعمهم، سيصبحون حلفاءً لا يقدرون بثمن ضد كائنات الـ Reapers.
إبادة السحرة أو تدمير فرسان المعبد في Dragon Age 2
شرح الموقف الحرج: التوترات تنشب باستمرار بين مدينة كيركوالز ماجيز وفرسان المعبد، حيث أن فرسان المعبد مذنبون بقمع السحرة بوحشية، في حين أن السحرة مذنبون بممارسة السحر الممنوع الذي يزيد من خطر استحواذ الشياطين على الأجساد.
لكن يصل الأمر إلى ذروته عندما يقوم الساحر Anders، الذي يكون أحد أعضاء مجموعة اللاعب، بتدمير الـ Chantry، مما يشعل قتالاً بين الفصيلين، ويجعل اللاعب مسؤولاً جزئياً عن العواقب، ويُجبر على قتل بعض الشخصيات المحبوبة.
الاختيارات المصيرية المتاحة للاعب: يجب على اللاعبين الاختيار بين إعدام Anders شخصيًا والوقوف مع فرسان المعبد، أو السماح له بالإفلات والهرب والوقوف إلى جانب السحرة.
القرار الذي اختاره الغالبية: كما يظهر في هذا الاستطلاع، فإن الأغلبية تحالفوا مع السحرة، حيث يُنظر إلى الانحياز مع فرسان المعبد على أنه مشارك في مذبحة الأبرياء، الذين ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا بقدرات السحر الخاصة، وعانوا من اضطهاد رهيب في حياتهم بسبب ذلك.
في حين يقر اللاعبون أن هناك بعض السحرة خارج نطاق السيطرة، وقد اتبعوا أساليب شديدة الخطورة في أداء السحر، لكن هذا لا يعتبر مبررًا للقتل الجماعي الذي يفعله فرسان المعبد بحق عرقهم، لا سيما أن القيام بذلك دفع الكثيرين إلى أسلوب الشر والعنف للانتقام من الاضطهاد الذي يمارس بحقهم باستمرار.
الأسرة ،الأبرياء، أو الثروة في Fable 2
شرح الموقف الحرج: يشرع بطل اللعبة خلال مجريات اللعبة بمهمة للعثور على برج الـ Spire، وهو برج ضائع يتمتع بالقدرة على تحقيق الأمنيات، لكن خلال الرحلة يفقد أخته وكلبه وربما عائلته، كما يشهد موت مئات العبيد الأبرياء الذين أجبروا على إعادة بناء برج الـ Spire، وفي الواقع يمتلك البرج القدرة على إحياء البعض، ولكن ليس الجميع.
الاختيارات المصيرية المتاحة للاعب: يمكن للاعب اختيار التضحية، والتي تعيد العبيد إلى الحياة ولكن على حساب أسرته وكلبه، وكذلك يمكن له أن يختار الحب الذي يعيد الحياة لأخته وعائلته وكلبه، ولكن على حساب العبيد، أو يمكن للاعب اختيار الثروة، وفي هذه الحالة يحصل على مليون قطعةً ذهبية لكن أحبائه والعبيد يظلون ميتين.
القرار الذي اختاره الغالبية: اختار غالبية اللاعبين في الاستطلاع الحُب، والسبب مثير للدهشة: على الرغم من عدم اعتراف الكثيرين منهم بأن ألعاب الفيديو تؤثر بعواطفهم، إلاَّ أن غالبية اللاعبين أحبوا الكلب والعائلة خلال مجريات القصة كثيرًا، وقد كان هذا كافيًا ليزرع فيهم رغبةً هائلةً بعودتهم.
كان الارتباط بهم قوياً لدرجة أنه حتى بين اللاعبين الذين اختاروا التضحية، مستشهدين بها على أنها الخيار المثالي وأبعد ما يكون عن الأنانية وحب الذات، قد أعادوا تحميل ملف التخزين السابق واختاروا الحب بدلاً من التضحية!.
احصد الأخوات الصغيرات أو حررهن في Bioshock
شرح الموقف الحرج: من أجل البقاء على قيد الحياة في مدينة Rapture المعادية، يحتاج اللاعبون إلى ترقية قدراتهم وشراء قدرات جديدة، لكن هذه القدرات تأتي على حساب مادةٍ تُعرف باسم Adam، وهي مادة تصنعها الفتيات الصغيرات المعدلات وراثيا في منشآت تصفية مادة الـ Adam المخيفة، والمشكلة تكمن في أن حصد هذه المادة يقتل الأخت الصغيرة.
الاختيارات المصيرية المتاحة للاعب: يمكن للاعبين حصاد الأخوات الصغار، وكسب كمية كبيرة من مادة الـ Adam على الفور، أو يمكن للاعبين تحريرهم، والسير في الطريق الأكثر صعوبة مقابل وعدٍ دون ضمانة بمكافأة أكبر في المستقبل.
القرار الذي اختاره الغالبية: حسب هذا الاستطلاع جاء التصويت بأغلبية ساحقة لصالح تحرير الأخوات الصغيرات، على الرغم من أن بعض اللاعبين اتخذوا الخيار العملي وجادلوا كثيرًا بأن BioShock مجرد لعبة فيديو وليست واقعًا، وأنهم يريدون الحصول على أكبر قدر ممكن من القوة بأسرع وقت ممكن، ليصبحوا أقوياء قدر الإمكان ويتمتعوا أكثر باللعبة وحتى لو كان ذلك على حساب حصد الأخوات الصغيرات.
لكن في المقابل اتخذ غالبية اللاعبين الخيار الأخلاقي والعاطفي، باعتبار الأخوات مجرد أطفال، تم إفسادهم بالقوة من قِبل أولئك الذين كان ينبغي أن يحموهم في المقام الأول، وفكرة قتلهم من أجل منفعة شخصية يثقل كاهل اللاعبين بشكل كبير.
لأي جماعةٍ ستنحاز؟ الـ pro-Synth Railroad ،Institute ،Brotherhood، أو الـ Minutemen؟ في Fallout 4
شرح الموقف الحرج: عندما تؤدي ممارسة جماعة الـ Institute في إنتاج واستخدام شبيهات بشرية اصطناعية واعية تُعرف باسم Synths ككشافة وجنود إلى مواجهةٍ شرسة مع جماعة الـ pro-Synth Railroad المؤيدة لـ Synth، يجذب الصراع انتباه أخوية Brotherhood of Steel التي تعتمد على التكنولوجيا، وهذا يخلق معركة ثلاثية سرعان ما تُجر لها أيضًا الميليشيا المحلية “Minutemen”، والنتيجة بعد الصراع سيطرة الجماعة المنتصرة على Commonwealth، وتحديد مصير مواطنيها.
الاختيارات المصيرية المتاحة للاعب: يجب على اللاعبين اختيار التحالف إما مع جماعة الـ Brotherhood أو pro-Synth Railroad أو Institute أو الميليشيا، وهو خيار يصبح أكثر صعوبة بسبب حقيقة أن قائد جماعة الـ Institute يكون ابن شخصية بطل اللعبة.
القرار الذي اختاره الغالبية: حسب هذا الاستطلاع، اختار غالبية اللاعبين الوقوف إلى جانب الـ Brotherhood، باعتبار أن جماعة pro-Synth Railroad تركز وينصبُّ جلُّ اهتمامها على الـ Synths، بينما تركز جماعة الـ Institute على تعزيز التجارب العلمية، وتعاني المليشيا المحلية من نقص الموارد باستمرار، لذلك اتخذ اللاعبون موقفًا عمليًا وانحازوا إلى الـ Brotherhood بغالبية عظمى.
حيث أنه وعلى الرغم من قسوة أساليب الـ Brotherhood بعض الشيء وكراهية الأجانب في نظرتهم، إلا أنها تعتبر الوحيدة التي تمتلك التدريب والمعدات والانضباط والإرادة وقواعد الشرف لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين في Commonwealth.
في الختام … قدمنا لكم 5 خيارات أخلاقية صعبة للغاية، لاسيما إن كنت شخصًا عاطفيًا يتأثر بألعاب الفيديو، ما القرارات التي اتخذتموها، وهل سبب لكم ذلك حزنًا أو ألمًا فيما بعد؟ وهل قمتم بإعادة اللعبة واتخاذ قرارٍ نهائيٍ مختلف. تلك كانت قائمتنا لأول خمسة خيارات أخلاقية، وسنستكمل القائمة في الجزء الثاني من هذا المقال …… ترقبوا نشره قريبًا.
شاركونا بآرائكم عن خيارات أخلاقية أخرى صعبة للغاية لم نذكرها في مقالنا هذا.